د. نعيمة عبد الجواد - مصيدة وشريحة ووباء

التعجل والتكاسل عن رؤية ما هو أبعد عما يدور في محيطنا القريب أحد أهم أسباب نكبة الأفراد والشعوب والإمبراطوريات الراسخة البنيان. فلا يمكن أن يتصور أحداً أن أحفاد الحضارتين الرومانية واليونانية نخر الفقر أسس حضارتهما وجعلهما في أذيال الدول الأوروبية التي كانت قديماً تتلمس نور التقدم من حضارتيهما. فالبشر يدور في دائرة مفرغة تتأرجح بين صعود وازدهار يليه تواري واندثار، وكأنهم لا تتعلمون مما حدث للأسلاف. وكما أكدت إنديرا غاندي Indira Gandhi (1917- 1984) رئيسة وزراء الهند الراحلة "التاريخ خير معلم، لكن تلاميذه هم الأسوأ على الإطلاق."
في مستهل كل قرن من الزمان تُزل قدم الشعوب في شرك من مشكلات وتعقيدات تبدو لا نهائية، ويستمر الحال على هذا المنوال حتى قبيل النصف الأول من ذاك القرن، وحينئذٍ يتم ترسيم ملامح نظام عالمي جديد تصعد فيه قوة أو قوتين لسدة إحكام الهيمنة على العالم بأسره. وفي كل مرة من يمهد لحركات الصعود والسقوط لوناً من ألوان الحروب، سواء أكانت بمعناها الحَرْفِي أو في شكل ابتلاء أو وباء – أو كليهما – ثم يشتبك العالم بأسره في تلك الحرب الشعواء. وبالمقارنة، كان التمهيد لترسيم ملامح القرن العشرين حربين عالميتين أنهكت قوى العالم بأسره، وأما في القرن الواحد والعشرين تبدلت الحرب إلى حروب عصابات ومعلومات وحروب بالوكالة – وجميعها تتميز بقدراتها على نزف دماء الشعوب دون إراقة قطرة دمٍ واحدة. ومؤخراً، أضيف إليها وباء الكورونا الذي أسقط العالم بأسره في حبائله، وعبَّد الطريق لمُجُون "مصيدة ثيوسيديديز"Trap Thucydides" جديدة من شأنها اقتلاع عالمنا القديم من جذوره.
و ثيوسيديديز Thucydides (460 - 400 قبل الميلاد) هو مؤرخ الحضارة اليونانية القديمة الذي أرخ للحرب بين أثينا واسبرطة منذ أكثر من 2400 سنة، وانتهت بفوز اسبرطة. أما مصطلح "مصيدة ثيوسيديديز"Trap Thucydides" فلقد صاغه المفكر والعالم السياسي الأمريكي جراهام أليسون Graham Allison ويشرح فيه أن " ثيوسيديديز" لفت الانتباه لنقطة غاية في الأهمية، وهي أن طوال المناوشات السابقة للحرب لم تشعر اسبرطة أن أثينا تمثل عنصر تهديد، بل اعتبرتها تحركات استفزازية لدولة ناشئة لا يمكن أن تماري سلطانها. لكن لم تلبث أن قوت شوكة أثينا، عندئذٍ استشعرت اسبرطة الخطر وتقينت من خطأ سياستها السابقة، فلجأت لشن حرب طاحنة ضد أثينا لتحجيمها، لكن فوز اسبرطة فقد قيمته بعد أن أجهزت الحرب على سطوة كلا القوتين المتناحرتين التي أنهتها الإمبراطورية الفارسية التي هزمت كليهما.
وفي عصرنا الديجيتال الحالي، مصيدة ثيوسيديديز صارت مُضاعَفة، حيث تجري على المستوى السياسي – بين الولايات المتحدة والصين - والإنساني بين أباطرة التكنولوجيا والعنصر البشري، وأخطرهما المصيدة الثانية. فبعد العقد الأول من الألفية الثالثة دأب العلماء على محاولة تهميش البشر بإنزالهم لمرتبة أدنى من الآلات الروبوتية. وأخيراً، تراءى لهم أهمية الإطاحة بعقل الإنسان؛ للتحكم في البشر بشكل يضمن عدم التمرد. وحديثا، قدم إيلون ماسك Elon Musk اختراع لزرع شريحة في مخ الإنسان؛ لتجعله فائق الذكاء وله القدرة على التغلب على الأمراض الدماغية كالشلل والزهايمر، بأن تجعله قادراً على التحكم في كل ما يحيط حوله من آلات أو أطراف صناعية بمجرد التفكير فقط، دون تحريك عضلة واحدة. وبما أنه لا يوجد شيء مجاني، الثمن المنتظر تكبده هو تحويل المخ إلى ملف ديجيتال مفتوح يمكن التحكم فيه ،وزرع أفكار بداخله، وتوجيهه لتنفيذ الأفعال التي تخدم مصالح من يسيطر عليه. وبهذا، يتم القضاء على ميزتين التفكير والإرادة التي وتجعل العنصر البشري متفوقاً ومائزاً لى باقي المخلوقات وأذكى الروبوتات، حتى ولو كان محدود الذكاء.
بيد أن تنبه البشر لخطر هذه المصيدة البيو-تكنولوجية. وبالتزامن مع المعركة العاتية بين أباطرة الرقمنة والبشر ذوي الإرادة الحرة، تفجر وباء يقتل الأفراد ويجهز على اقتصاد العالم ويعصف بأعتى الحكومات بسبب عدم القدرة على التوصل لعلاج فاعل للقضاء عليه أو وجود مصل للوقاية منه. وبعد جهود مضنية توصل العالم ليس فقط للقاح واحد بل لثلاثٍ، وجميعهم في الطريق لتلقيح شعوب العالم للوقاية من الإصابة بفيروس الكورونا. وفي غمار الفرحة بهذا الاكتشاف، علت أصوات العديد من الأطباء على الصعيد العالمي محذرة من مخاطر اللقاح وتشكك أساساً في وجود فيروس الكورونا. ومن أهم مخاوف المختصين أنه لأول مرة يتم اختراع لقاح يباشر عمله من خلال التخلل في الشفرة الجينية لدى البشر RNA Vaccine. ومن يتلقاه يتم إصابته بفيروس كورونا في شكل عدوى عابرة Trans Infection ينجم عنها تغيير الحامض النووي لدى البشر. أضف إلى ذلك، أن اللقاح مستخرج من الحامض النووي لبعض الحيوانات مثل القردة والخنازير، مما يحول البشر إلى فصيل هجين الأحماض النووية Chymer. وكما يردد الخبراء أن أكثر ما ينطوي عليه اللقاح من مخاطر احتواءه على عدة معادن سامة لأجهزة روبوتية تحول الجسد البشري إلى هوائي Antenna لالتقاط إشارات الجيل الخامس من الإنترنت 5G، ومن ثم يتم معرفة من تلقى اللقاح من عدمه، لأن تلك المعادن تحتوي على نوع من الصبغة المسجلة في براءة اختراعها تحت اسم "صبغة الشيطان" Luciferase، علماً بأن اللقاح لا يمنع إلا حالات الخفيفة لعدوى الكورونا، ويجب تجديد تناوله مرة كل ثلاثة أشهر. ويذكر الخبراء أن من خلال التطعيم لسوف تتم معرفة وحفظ الوظائف الحيوية والأنشطة الفيزيائية لدى البشر وتخزينها في سحابة ديجيتال ضخمة Cloud، يتم فيها تمييز كل فرد برمز شريطي (باركود) Barcode يتم ربطه بعملات مشفرة Crypto-Currency. وعلى هذا، يتحول البشر حرفياً إلى عبيد للنظام محرومين من الخصوصية، والحرية والإرادة الحرة، ويدلل على ذلك براءة اختراع بيل وميليندا جيتس Bill & Melinda Gates في 26 مارس 2020. وذلك ناهيك عن شرائح الألومنيوم السامة التي تسبب الخرف والزهايمر وتؤثر سلبياً على وظائف العقل بوجه عام فيما بعد.
لا يمكن للأفراد العادية تبين مدى صحة أو خطأ هذه الأقاويل المتواترة؛ فالحقيقة لا يعلمها إلا المتخصصين. أما الأفراد فصاروا في حاجة ملحة للتخلص فيروس لعين بأي طريقة لمزاولة نهج حياتهم السابقة دون خوف. لكن صوت مخاوف الخبراء يحذر من الوقوع في حبائل مصيدة اللقاح التي سوف تسفر عن وجود قوة ثالثة خفية تستعبد البشر. وعلى هذا يقفز إلى الأذهان مقولة المفكر ناعوم تشومسكي Noam Chomesky "إن أردت غزو شعب فاصنع لهم عدواً وهمياً، يبدو لهم أخطر منك، ثم كن لهم المنقذ." فهل سيتحول البشر إلى ضحايا مصيدة ثيوسيديديز رقمية؟

د. نعيمة عبد الجواد



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى