د. خالد عبدالغني - خالد النجار ونظرية التدافع

تبين لنا - في الأجزاء السابقة الأول والثاني - أن نظرية التدافع ليست منبتة ولكنها ذات جذور عميقة في التراث النفسي وعندما نبحث في التدافع في شخصية المؤلف اد.خالد النجار نجد ما يلي، كانت دراساته الاولى حول عالم الفئات الخاصة ثم أكمل بحوثا كثيرة حولها و سيكولوجية الرسوم وقدم قراءات عميقة لنصوص من تراثنا الفكري والثقافي ممثلا في نص لابي حامد الغزالي ، وفي هذا تدافعا على نحو ما من التدافع الفكري والايديولوجي فهو بدأ من منطقة فكرية وقضايا علمية محددة وتنقل في عديد من القضايا ، ثم ها هو يصدر كتابين حول الفئات الخاصة وتشخيصها وفهمها وهما في ظني كتاب واحد من جزئين استخدم فيهما مقدمة واحدة وذلك عام 2016 وهما اعاقات النمو الشامل ، والتقويم والتشخيص في التربية الخاصة ، ثم جاء كتاب نظرية التدافع لنجد نفس مقدمة النظرية هي نفس مقدمة المرجعين السابقين ، ولا يظن ظانٌ أن هذا تكرار ، ولكنه انشغال مبكر وديمومة تفكر في نظريته التي لم تكن ضرب من التسرع ولا الالهام الحادث عن طفرة في الوجدانات بل عمل جاء على مهل وتأمل واطلاع وجهد استغرق سنوات من البحث المضني والعمل المرهق وكان له ارهاصات مبكرة كما سنرى في جزء بسيط من تلك المقدمة لنحيل القارئ الكريم الى قراءة المقدمة كاملة في متنها من النظرية والتي سيكون لنا معها وقفة أخرى ودعونا ألا نطيل حتى نكون مع كلمات صاحب النظرية ليقول لنا :" كان العلم ولا يزال هو ذلك الفكر الرائع والإبداع الإنساني الذي يعبر عن ديالكتيك الوجود البشري في علاقته بالتاريخ، عامدًا إلى جملة نتاجاته صاعدة في بعض الأحيان محققة أسمى أشكال الوجود الإنساني في العالم، تواصلاً يتيح ديمومة الحوار وإنجازًا يدفع بحركة تطور العلم والعالم، وكشوفًا تعمل على معرفة الإنسان لنفسه وبنفسه. والتي قد تنحدر حينًا آخر إلى تلك الصور الحصرية التي يصرُّ عليها البعض بالنسبة للبحث العلمي أو تنحرف عن أهدافها هابطة إلى صور الدوجماطيقية (الجمود العقلي) التي لا تعمل على إقلاق العقل وتنشيط عادات المعرفة العلمية، بل والتي قد تعمل على تجريد وإلغاء للدراما الإنسانية، أي فضّ الخبرة من طابعها الإنساني، أو حديثًا باللجوء إلى ذلك الارتداء إلى جملة ما اخترعه الإنسان من أساليب بحثية تستهدف السيطرة والتحكم في الإنسان باعتباره عنصرًا من عناصر الطبيعة، مستخدمة في ذلك أشكال الضبط التجريبي الذي لا تتدخل فيه سوى ظواهر "مدبرة" تقوم المعامل والأدوات بإنتاجها بدلاً من تسجيلها.فالعلم إذ يتناول الأشياء والموضوعات، فإنه كذلك يتخلى عن الإقامة فيها؛ذلك لأن حركة تطور العلم لا تتوقف، فلا ثابت ولا مطلق، بحيث تكون الموضوعات العلمية المتناولة فى حقبة زمنية هي التي تعبر عن هذه الحركة الديالكتيكية (الجدلية) لروح التطور ومن ثم يكون التاريخ هو تأريخ لتلك العلاقة بين الإنسان وجملة ما حوله من ظواهر والتي تفرض نفسها وفقًا لمتغيرات كل حقبة زمنية.
فالوجود الإنساني هو وجود جدلي يمتزج فيه الفعلي بالممكن، والإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يعيش عالمين؛ عالم الأشياء وعالم الأفكار، وأنه يتحرك حركة بندولية دائمة وعبر مراحل النمو النفسي يتطور النشاط العقلي البدائي ليصبح خيالاً مفكرًا يسعى الإنسان إلى تحقيقه وتنفيذه على أرض الواقع، ويلتحم النشاط العقلي الإبداعي بالنشاط العملي الإنتاجي، وتستمر الحركة البندولية صاعدة وهابطة معلنة عن واحدة من أخطر حقائق الوجود الإنساني وهو الوجود الراغب، والذي هو في الحقيقة انتقال من الوجود بالقوة إلى الوجود الرمزي إلى النشاط المتخيل. فالوجود الإنساني، هو وجود في حضرة الآخرين،معهم وبينهم وجود يمنح الرغبة الإنسانية معنى إنساني لا يمكن وجودها خارجه أو تصورها بمعزل عنه، فهي رغبة فيآخر أو هي رغبة فى رغبة أخرى، تولد فى وجوده وتستهدفه بل وتتخلق ملامحها وقسماتها باعترافه وموافقته، ومعنى ذلك ببساطة أن رغبة الإنسان لا وجود لها بدون موضوعها الإنساني، أي بدون الآخر.
"


1612468641895.png

إ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى