- نحن في الواقع نحصل على معاشنا مبكراً، هكذا هي الدول النامية، فعندما تعمل بلا أجر يكفي تغطية كافة إحتياجاتك، وبلا طموح في التطور، فأنت في الواقع تعيش في سن المعاش. وقد تجادلني، وتقول بأننا رغم كل شيء نقدم خدمات مهمة للجماهير، حسنٌ، وهذا ما يفعله المتطوعون أيضاً. لذلك فباعتباري كنت أحد المعاشيين الصغار، جلست مع نفسي طويلاً، وعندما أقول طويلاً فأنا أعني طويلاً طويلاً..طويلاً جداُ..قضيت أكثر من أربع سنوات أفكر بكل براغماتية، حاذفاً من قاموسي تلك الأحاسيس التي تزيف الحقيقة..قرأت في الكتب التي تعمل على التحفيز، لكنها كانت أكثر خيالية من خيال فتاة مراهقة ترى كل تلٍّ حصاناً وكل حجر فوق التل فارسَ أحلامها، فنحيتها جانباً. وأمضيت سنتين أُخرتين أيضاً.
انتظر قليلاً حتى يدون الكاتب الشاب ما أملاه عليه، وترك له مساحة أخرى ليرتشف القليل من عصير البرتقال، ثم واصل:
- لقد فكرت -بجديةمخلصة- في أن الطرق المشروعة لن تجعلني مليونيراً؛ فقد طرَقَتها أقدام مليارات البشر من قبلي..ولكن فمن يملكون تسعين في المائة من ثروة العالم لا يتجاوزون أربعة في المائة من مجموع سكان الأرض..أليس كذلك؟.. لذلك ركزت في أولئك الاربعة في المائة، لأعرف إن كانت الطرق المشروعة هي التي جعلتهم على ما هم عليه من ثراء فاحش.
ارتعش قلم الشاب فتوقف عن الكتابة ثم أخرج منديلاً من جيب الجاكيت ومسح عرق جبهته وهو يغمض عينيه ويفتحهما بتوتر.
- لا شك أنك متفاجئ من أنني قد اخترتك لتنال كل هذا المجد رغم أنك كاتب مغمور..كاتب ينشر كتبه على أمازون ولا يجني سوى مشاهدة واحدة كل خمس سنوات..
وضع الشاب كأس البرتقال، وحمل ورقته ليكتب فقال الرجل:
- لا تكتب ملاحظتي الأخيرة عنك، ففي كل الأحوال، لن يكون اسمك على هذا الكتاب حسب العقد، فعشرون ألف دولار ليست أجراً سيئاً بالنسبة لكاتب لم يقرأ له أحد من قبل.
قال الشاب بحنق وهو يتأتئ:
- لماذا تهينني باستمرار؟
قال الرجل:
- هل تود المغادرة بدون مال لتشبع كرامتك؟
عض الشاب على أضراسه وهو يدير جمجمته في الناحية المعاكسة لوجود الرجل، ثم عاد فركز في الكتابة.
- جيد..يجب دائماً أم تتعلم أن الكرامة خدعة تافهة ليبقى الفقراء فقراءً..
قال الشاب بغضب مكبوت:
- سأكتب هذا الكتاب وسأنتهي منه وأحصل على أموالي ولن تراني مرة أخرى..
ضحك الرجل وهو يترك مقعده الوثير ثم ليرقد بعدها على أريكة بسنادتين من العاج ممداً قدميه باسترخاء.
- المال كالمخدرات..ما أن تتذوق طعمه فلن تستطيع الاكتفاء.. سوف تعود وتقبِّل حذائي كما فعلت قبل يومين..ثم تدعي الآن بأن لديك كرامة..
ثم صاح:
- هيا..هيا غادر مكتبي وحافظ على كرامتك أيها الفتى.. إن لم تفعلها الآن فلن تفعلها بعد ذلك.. فما أن تعتاد على تجزئة القيم حتى تتبخر تلك القيم..
همهم الفتى:
- لن أفعل..
- هل أنت متأكد؟
قال الشاب بصوت حاسم:
- لن أغادر.. لن أغادر..
قال الرجل:
- من أجل عشرين ألف دولار فقط؟
صمت الشاب فأضاف الرجل:
- وماذا لو أعطيتك مائة ألف؟
التفت الشاب نحوه متسائلاً فقال الرجل بعينين لامعتين:
- مقابل أن تصبح امرأتي ليوم واحد فقط؟
قال الشاب بصوت مرتعش:
- أنت مجنون..
قال الرجل بسرعة:
- مائة وخمسون ألف..
هز الشاب رأسه بدهشة ورعب فأضاف الرجل:
- مائتا ألف دولار..مأتان وخمسون..ثلاثمائة ألف.. هيا..كرامتك أم ثلاثمائة ألف دولار...أيها الوضيع الذي تركته حبيبته لأنه لا يستطيع شراء وجبة غداء جيدة لها..
ندت آهة دهشة من فم الشاب:
- هل تعتقد أنني قبلت توظيفك في هذا العمل دون أن أفتش عنك وأعرفك جيداً.. أعرفك منذ كنت تتحرش بذلك الصبي ذو الخدود المنتفخة...وقضيتك..القضية التي حكمت عليك فيها محكمة الأحداث بالوضع لسنة في دار الإصلاح؟ لقد جعلت من ذلك الغلام امرأتك..كما سأفعل اليوم..
هبط قلب الشاب واتسعت عيناه:
- يا إلهي..
قال الرجل:
- أيها المجرم..لقد هتكت كرامة ذلك الغلام..
هز رأسه بخوف:
- كنت مراهقاً..مجرد مراهق لا عقل لي..
أخرج الرجل دواء الأزمة فبخ منه في فمه ثم أعاده إلى جيبه وأغمض عينيه وهو يهمس:
- ستصبح امرأتي..بلا مقابل..وستكتب هذا الكتاب بلا مقابل وإلا فسأدمرك..فأنا اعرف كل شيء عنك..
ازدرد الشاب لعابه وقال:
- ولماذا كل هذا؟...
فتح الرجل عينيه وقال:
- لأنني اعتدت على ذلك.. لقد بحثت خلف هؤلاء الأثرياء..واكتشفت جرائمهم..هكذا عرفت الوظيفة التي ليس فيها أي سن يحيلني إلى المعاش. الابتزاز...
خلع الرجل بنطلونه وهو راقد ثم أنزل سرواله وهو يقول:
- الآن أيها الشاب..
وضع الشاب القلم فوق الدفتر وعيناه ذاهلتان..ثم زحف بركبتيه حتى وصل لأريكة الرجل...
(تمت)
انتظر قليلاً حتى يدون الكاتب الشاب ما أملاه عليه، وترك له مساحة أخرى ليرتشف القليل من عصير البرتقال، ثم واصل:
- لقد فكرت -بجديةمخلصة- في أن الطرق المشروعة لن تجعلني مليونيراً؛ فقد طرَقَتها أقدام مليارات البشر من قبلي..ولكن فمن يملكون تسعين في المائة من ثروة العالم لا يتجاوزون أربعة في المائة من مجموع سكان الأرض..أليس كذلك؟.. لذلك ركزت في أولئك الاربعة في المائة، لأعرف إن كانت الطرق المشروعة هي التي جعلتهم على ما هم عليه من ثراء فاحش.
ارتعش قلم الشاب فتوقف عن الكتابة ثم أخرج منديلاً من جيب الجاكيت ومسح عرق جبهته وهو يغمض عينيه ويفتحهما بتوتر.
- لا شك أنك متفاجئ من أنني قد اخترتك لتنال كل هذا المجد رغم أنك كاتب مغمور..كاتب ينشر كتبه على أمازون ولا يجني سوى مشاهدة واحدة كل خمس سنوات..
وضع الشاب كأس البرتقال، وحمل ورقته ليكتب فقال الرجل:
- لا تكتب ملاحظتي الأخيرة عنك، ففي كل الأحوال، لن يكون اسمك على هذا الكتاب حسب العقد، فعشرون ألف دولار ليست أجراً سيئاً بالنسبة لكاتب لم يقرأ له أحد من قبل.
قال الشاب بحنق وهو يتأتئ:
- لماذا تهينني باستمرار؟
قال الرجل:
- هل تود المغادرة بدون مال لتشبع كرامتك؟
عض الشاب على أضراسه وهو يدير جمجمته في الناحية المعاكسة لوجود الرجل، ثم عاد فركز في الكتابة.
- جيد..يجب دائماً أم تتعلم أن الكرامة خدعة تافهة ليبقى الفقراء فقراءً..
قال الشاب بغضب مكبوت:
- سأكتب هذا الكتاب وسأنتهي منه وأحصل على أموالي ولن تراني مرة أخرى..
ضحك الرجل وهو يترك مقعده الوثير ثم ليرقد بعدها على أريكة بسنادتين من العاج ممداً قدميه باسترخاء.
- المال كالمخدرات..ما أن تتذوق طعمه فلن تستطيع الاكتفاء.. سوف تعود وتقبِّل حذائي كما فعلت قبل يومين..ثم تدعي الآن بأن لديك كرامة..
ثم صاح:
- هيا..هيا غادر مكتبي وحافظ على كرامتك أيها الفتى.. إن لم تفعلها الآن فلن تفعلها بعد ذلك.. فما أن تعتاد على تجزئة القيم حتى تتبخر تلك القيم..
همهم الفتى:
- لن أفعل..
- هل أنت متأكد؟
قال الشاب بصوت حاسم:
- لن أغادر.. لن أغادر..
قال الرجل:
- من أجل عشرين ألف دولار فقط؟
صمت الشاب فأضاف الرجل:
- وماذا لو أعطيتك مائة ألف؟
التفت الشاب نحوه متسائلاً فقال الرجل بعينين لامعتين:
- مقابل أن تصبح امرأتي ليوم واحد فقط؟
قال الشاب بصوت مرتعش:
- أنت مجنون..
قال الرجل بسرعة:
- مائة وخمسون ألف..
هز الشاب رأسه بدهشة ورعب فأضاف الرجل:
- مائتا ألف دولار..مأتان وخمسون..ثلاثمائة ألف.. هيا..كرامتك أم ثلاثمائة ألف دولار...أيها الوضيع الذي تركته حبيبته لأنه لا يستطيع شراء وجبة غداء جيدة لها..
ندت آهة دهشة من فم الشاب:
- هل تعتقد أنني قبلت توظيفك في هذا العمل دون أن أفتش عنك وأعرفك جيداً.. أعرفك منذ كنت تتحرش بذلك الصبي ذو الخدود المنتفخة...وقضيتك..القضية التي حكمت عليك فيها محكمة الأحداث بالوضع لسنة في دار الإصلاح؟ لقد جعلت من ذلك الغلام امرأتك..كما سأفعل اليوم..
هبط قلب الشاب واتسعت عيناه:
- يا إلهي..
قال الرجل:
- أيها المجرم..لقد هتكت كرامة ذلك الغلام..
هز رأسه بخوف:
- كنت مراهقاً..مجرد مراهق لا عقل لي..
أخرج الرجل دواء الأزمة فبخ منه في فمه ثم أعاده إلى جيبه وأغمض عينيه وهو يهمس:
- ستصبح امرأتي..بلا مقابل..وستكتب هذا الكتاب بلا مقابل وإلا فسأدمرك..فأنا اعرف كل شيء عنك..
ازدرد الشاب لعابه وقال:
- ولماذا كل هذا؟...
فتح الرجل عينيه وقال:
- لأنني اعتدت على ذلك.. لقد بحثت خلف هؤلاء الأثرياء..واكتشفت جرائمهم..هكذا عرفت الوظيفة التي ليس فيها أي سن يحيلني إلى المعاش. الابتزاز...
خلع الرجل بنطلونه وهو راقد ثم أنزل سرواله وهو يقول:
- الآن أيها الشاب..
وضع الشاب القلم فوق الدفتر وعيناه ذاهلتان..ثم زحف بركبتيه حتى وصل لأريكة الرجل...
(تمت)