محمد نجيب محمد علي - بكاء منفرد..

اَلآنَ أَسْمَعُ مَا تَبُوح
وَأَرَى انْحِسَارَ الضَّوْءِ عَنْ رَعْدِ الْفُؤَاد،
وَغُرْبَةَ الْبَرْقِ الْمُجَنَّحِ فِي الْفَضَاءِ الرُّوح
وَأَقْرَأُ عَاصِفَاتِ الشَّوْقِ تَهْمُد
فَوْقَ أَكْتَافِ الْكَلَام
لَا أَنْتِ أَنْتِ،
وَلَا أَنَا..
ذَاكَ الَّذِي جَرَفَتْهُ أَمْوَاجُ الْهُيَام
هَلْ كَانَ حُلْماً كَاذِبا،
أَمْ كَانَ حُلْماً مِنْ غُبَار؟
أَمْ كَانَ مَاءً أَسْوَداً يَجْتَاحُ أَنْهَارَ النَّهَار؟
كُنَّا عَلَى رَمْلِ الْحَصَى نَعْدُو وَنَجْمَعُ مَا تَبَعْثَرَ مِنْ بُكَاء
كُنَّا نَطُوفُ عَلَى رَمَادِ الذِّكْرَيَاتِ وَنُشْعِلُ الْكِبْرِيتَ مِنْ قَدَحِ الْغِنَاء
كُنَّا بِبَابِ الْكَهْفِ نَرْقُبُ فِي ثُغَاءِ الْمَاعِزِ الْجَبَلِيِّ فِي غَابِ الثُّلُوج
شَجَرٌ مِنَ الطَّمْيِ الْيَبَابِ، يَلُفُّ وَحْشَتَنَا،
وَأَشْبَاحٌ، ظِلَالٌ، وَمُرُوج
وَضَبَابُ الْوَجْدِ زَوْبَعَةٌ تَطِيرُ بِذَيْلِهَا وَتَغِيبُ فِي أَمَدِ الْفَضَاء..
مَنْ أَنْتَ؟
صَاحَ الْقَلْبُ أَيْقَظَنِي.. رَأَيْتُ الْقَلْبَ مُحْتَرِقاً، وَوَحْدِي كُنْتُ أَرْكُضُ
فِي مَتَاهَاتِ النِّدَاء.
ظِلُّ النَّوَارِسِ لَايَزَالُ مُحَلِّقاً، وَأَنَا أُحَدِّقُ لَا أَرَى؟
مَاذَا جَرَى؟
أَيْنَ النَّوَارِسُ، أَيْنَ صَفْصَفَ طَائِرُ الْأَحْلَام،
أَيْنَ الْبَحْرُ، صَيَّادُ الْبَرَاكِينِ الْعَمِيقَة؟
أَيْنَ حُرَّاسُ الْحَقِيقَة؟
أَيْنَ الْحَدِيقَة؟
أَيْنَ الشَّوَاطِئُ، أَيْنَ أَنْتِ؟ وَأَيْنَ إِيقَاعُ الصَّدَى فِي مَسْرَبِ اللَّهَبِ النَّعِيم؟
وَجَعٌ وَنَافِذَةٌ، هَدِيلُ حَمَامَةٍ تَبْكِي عَلَى جُرْحِ النَّدَى
وَتَغِيبُ فِي الْأُفُقِ الْبَهِيم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى