محمد نجيب محمد على - الهروب..

إِنَّنِي أَبْحَثُ عَنِّي
كُلَّمَا اقْتَرَبَتْ خُطَايَ إِلَيّ
أَهْرُبُ مِنْ تَصَاوِيرِي وَمِنِّي
لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَدُلُّ عَلَيّ
أَوْ يَعْرِفُ أَنِّي
هَارِبٌ مُذْ جِئْتُ لِلدُّنْيَا
وَأَجْهَلُ مَنْ أَكُون
عَاقِلٌ أَمْ يَا تُرَانِي
لَيْسَ لِي عَقْلٌ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون
نِصْفُ مَجْنُونٍ.. بَلَى
قُولُوا كَمَا أَبْدُو لَكُمْ
فَأَنَا أُفَاخِرُ بِالْجُنُون
عِنْدِي مِنَ الْحِكَمِ الْعَظِيمَةِ كُلُّ مَا لَا تَعْرِفُون
أَدْرِي بِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ الْمَوْت
أَنَّ الْحُبَّ لَيْسَ الْحُبّ
أَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَرْض
وَأَنَّا غَافِلُون
هَذِى الظِّلَالُ تَغِيبُ إِذْ مَا تَغْرُبُ الشَّمْس
لِمَاذَا لَا نَرَى فِي اللَّيْلِ ظِلّا
أَمْ سَوَادُ اللَّيْلِ يَسْكُنُ فِي الْعُيُون
إِنَّنِي أَبْحَثُ عَنِّي
فِي الْأَزِقَّةِ.. فِي نِدَاءِ الْهَائِمِين
وَفِي غِنَاءِ التَّائِهِين
وَفِي التَّمَنِّي
فِي حُرُوبٍ تَخْطِفُ الْأَبْصَار
تُحْرِقُ فِي مَرَاجِيحِ الصِّغَار
فِي بُيُوتٍ لَا تَنَامُ وَتَسْهَرُ اللَّيْلَ وَتَنْتَظِرُ النَّهَار
فِي صُرَاخٍ يَحْتَمِي بِالْخَوْف
يُرْعِدُ فِي عُيُونِ الْأُمَّهَات..
أَيُّهَا الْجُنْدِيُّ خُذْ ثَمَنَ الرَّصَاصَةِ مِنْ دَمِي
فَأَنَا جِرَاحُ الْأُمْنِيَات..
إِنَّنِي أَبْحَثُ عَنِّي
بَيْنَ شَقْشَقَةِ الْعَصَافِيرِ الَّتِي كَانَتْ تُغَنِّي..
قَبْلَ أَنْ تَأْتِي الرِّيَاحُ بِغَيْرِ مَا تَهْوَى السُّفُن
قَبْلَ أَنْ تَعْدُو الْبلِاَدُ لِكُلِّ نَاصِيَةٍ وَتَبْحَثُ عَنْ وَطَن..
قَبْلَ أَنْ تُولَدَ جَائِحَةُ الْمِحَن.
وَنَرَى الْحُلْمَ يَمُوت..
وَالْفَرَاشَاتِ تَعَلَّقْنَ بِخَيْطِ الْعَنْكَبُوت
وَالشَّوَارِعَ فِي خِضَمِّ الصَّمْتِ عَارِيَةً، تُغَازِلُ فِي السُّكُوت.
يَا بَنَاتِ الشَّوْقِ مَا مَعْنَى الْغَرَام..
حِينَمَا يَهْرُبُ مِنْ شَفَةِ الرُّؤَى صَوْتُ الْكَلَام..
حِينَمَا تَجْفَلُ مِنِّي
دَوْزَنَاتُ الرُّوحِ فِي لَيْلِ الدُّجَن..
إِنَّنِي أَبْحَثُ عَنِّي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى