الكلب
الحضيرة الأكبر للماشية في المخيم كانت في بيتهم،بيت المختار الذي ورث هذه الصنعة أبا عن جد، عندما كانوا في أرضهم في بلدة المنسي، واستمرت بعد أن فقدوا الأرض وعاشوا لجوءا انتهى بهم في مخيم جنين، طارق الشاب الصغير لهذه العائلة يتنعم بهذه الثروة، ويهتم بها بالرغم من دراسته وحضوره بين أقرانه،فقد كان حسن الهدام، عالي النفس،تعيش في داخله ثقة مرتفعة، ذات يوم، عثر على جرو صغير بين أيدي أطفال المخيم، كان الجرو الصغير يستصرخ المارة لتخليصة من عبث الأطفال الأبرياء، تقدم طارق منهم، وانتزع الجرو الصغير، وأرضى الأطفال ببعض الشواكل حتى يتركوه وأخذه ليربيه، ويعتني به في بيتهم ليكون مرافقا للماشية عندما يخرجها الراعي صباحا ويعود بها مساء في رحلة الرعي اليومية.
كبر الكلب، وأصبح أكثر ركنا أساسيا في حضيرة الأغنام، أعتقل طارق على يد سلطات الاحتلال، وقضى في السجن حكما فعليا دام سنتين، ولما أفرج عنه، دخل البيت من باب بعيد عن الحضيرة، حيث كان بيتهم يمتاز بالسعة، وبعد أن عناق أهله وجالسهم، تذكر الكلب، فطالب من والده عباءته، وكوفيته ليدخل على الكلب بشكل تنكري، ليتفحص، هل من الممكن أن يعرفه، وفعلا، لف جسمه بالعباءة، ورأسه بالكوفية، ودخل الحضيرة يتهادى بخطواته ويتجه نحو الكلب، من بعيد ،أصاب الكلب نوبة من جنون العواء الشديد، ومحاولات الانفلات من قيده للانقضاض على هذا " الغريب" المقتحم لحضيرة الأغنام، ... اقترب طارق أكثر... فأكثر.. ومع إحساس الكلب المفاجأ انه هذا المتسلل هو طارق صمت وهدأ فجأة، ومد يديه أمامه وراح يخرج أصوات ضعيفه وكأنه يستقبله بحنية ..
بعد أن قرر طارق الابتعاد عن المجتمع،وشعر بتقدم والده في السن، قرر ان يعتني بالماشية، يخرج بها الى المراعي، يطعهما ويسقيها، والدته تحلبها ووالده يبيعها في البيت الذي كان الناس من المخيم وخارجة يحضرون صباحا ومساء لابتياع الحليب الطازج
لم يكن الرعي في الجبال التي تحيط في المخيم عملا روتينيا عند طارق، كان يحمل معه كتابا يقرأه، ويحضر كتابا آخر كلما انتهى من الأول، كان يرقب تصرفات الكلب ليعيش فعل الوفاء الكامن في الحيوان، أصبح الكلب يفهم على إيماءات طارق، فيقوم بِرَدْ الأغنام عندما تجنح لمكان بعيد، ثم يحضر هازا ذيله ويجلس بجانب طارق وكأنه يتلذذ في مسحة يد طارق على رأسه وظهره... كان ينطلق إلى ارض مجاورة لدبابة معطوبة منذ العام 67 في الجبل المترفع فوق المخيم،، يجلس على ترابها ويبدأ يحفر بقدمه، ويصدر اصواتا أشبه بالرجاء، لم يكن طارق يفهم مغزاها.. كان تقليد هذا الكلب متواصل عند هذه القطعة من الأرض وفي نفس المكان..
بعد أشهر،نحل جسم الكلب وأصابه الضعف،ولم يعد قادرا على مرافقة الغنم حتى مات، تقدم منه وهو ملقا على الأرض، فحمله على كتفه بعد الغروب، وصعد به الى حيث كان يحفر بقدمه، سار فيه مسافة 800م صعودا، وحفر له بقطعة من خشب حيث كان يرثي نفسه قبل حين، ودفنه... كانت آخر نظره إليه وهو يقرأ الوفاء في عينيه قبل أن يهيل عليه التراب ويعود..
الصقيري
متلازمة المساء في حياة طارق قصة بل قصص، كان لغياب الشمس في حياته صراع،قدر، موعد مع حدث، وهذه المرة مع طائرة "الصقيري"، كان عائدا مع صديق له من منطقة الطواحين في أول سهل المدينة في ذلك اليوم، كانا يسيران في طريق طويل يوصل للمخيم، شاهد طارق طائر الصقيري مكسور القدم يقفز بصعوبة، وكأنه لا يستطيع الطيران، اقترب منه،وامسكه بلطف،وسار به الى المخيم، حار في البداية في كيفية إسعافه، وانهاء معاناته، كان في المخيم رجل خبير في تجبير الكسور ، يتوجه إليه الناس عندما يحصل كسر في طرف أي منهم، فقرر أن يذهب إليه، وكان،فطالب من ابو حسني أن يجبر له كسر الطائر المسكين، استغرب الحاج أبو حسني في البداية، لكنه أمام الحاج طارق، وافق، وقام بصناعة عجينة صغيرة، وضعها على قدم الطائر المكسورة ، وثبت حركتها بقطعة خشب صغيرة، وشدها بخيط من الصوف، وقال لطارق:-
لا تحل الرباط إلى بعد أسبوعين.. وأنصحك بمراجعة الطبيب البيطري أيضا
أنهى حاجته عند الحاج أبو حسني وتوجه للطبيب البيطري، والذي أعطاه مرهما لمسح القدم المكسورة، تدهن به أثناء وجود الرباط وبعدها،. ومرت أيام الأسبوعين سريعا ليتعافى الطائر الذي كان طارق يقاسمه حصته من اللحم والأكل، حتى أن ذلك الطائر كان ينتظر عودة طارق من العمل على حافة البيت المرتفع المطل على الطريق العام،وعندما يلمح طارق من على بعد مئات الأمتار، كان يطير من عمود إنارة لأخر، ومن جدار بيت لآخر، حتى يحط على كتفه مزهوا بصديقه الذي انقذه.
حتى في الصباح كانت له طقوس ذكية، حيث كان يحث طارق على الاستيقاض من النوم بأن يحمل بمنقاره علبة الكبريت ويبدأ يحركها شمالا ويمينا حتى يحدث صوتا يصحوا بفعلها، وان لم يوقظه ذلك الصوت كان يقرب تلك العلبة من وجهه ويحركها فيصحو ،ويحضر له طعامه ويتناولا الإفطار معا...
ذات يوم، حدثت مشكلة مع أقارب لطارق يسكنون في نابلس، فهب طارق واصدقاءه واقرباءه من المخيم لنجدة أقاربه هناك، وبعد أن وصلوا، حضرت الشرطة لفظ النزاع، وقامت باقتيادهم وتوقيفهم لمدة ثمان وأربعين ساعة، ثم أطلق سراحهم بكفالة...
عاد طارق إلى البيت ، فلم يجد الطائر، بحث عنه في كل مكان، ولما أيقن ان الطائرة فُقِدَ حقا، ذهب إلى صديق له يعتني بالطيور، ليس للبحث عن طائره المفقود ،بل ليحتسي معه كأسا من النبيذ،وما أن وصله وجلس على كرسي مقابله، حتى سمع صوت تغريد "الصقيري" الذي كان يقف على رأس الثلاجة في حانوت الرجل..
قفز الطائر ووقف على قدميّ طارق.. ذهل الرجل وذهل طارق..
قال طارق: هذا طيري.. من أتى به إلى هنا ؟؟!!
قال الرجل : لقد ابتعته من صبي من حارتكم قبل يومين بثلاثة شواقل
مد طارق يده على جيبه واخرج الثلاث شواقل وعاد بالطائر إلى البيت من جديد..
القطة الجميلة
كان الطقس ماطرا وباردا، الجميع مندسون في بيوتهم يلتفون حول مدافئهم، طارق الذي يجلس في زاويته في اعلي البيت، يقرأ بنهم ويكتب كلما حانت في ذاكرته فكرة ما، لفته صوت الهرة التي تستنجد من البرد، وكأنها تبحث عن أمها، صبر قليلا لعلها تصمت، لكن صوتها المستنجد لم يهدأ، بل علت نبرته أكثر فأكثر، فوضع الكتاب جانبا ،وخرج إليها بعد أن نزل السلم فوجدها تلوذ بالحائط من المطر، رق قلبه لها، فحملها، وتحسس ظهرها، فإذا بها غارقة بماء المطر، أدخلها ، ووضعها بالقرب من مدفئته الخاصة،واحضر بشكيرا واخذ يجفف لها فراءها حتى شعرت بالدفيء، وذبل صوتها، وعندما أدرك أنها تتضور جوعا، احضر لها قطعا من لحمة كانت عنده، فأكلت واستكانت، وهو ينظر إلى وجهها الجميل .... ولما نام دخلت تحت غطاءه لتكمل حاجاتها من الدفء ...
أصبحت هذه الهرة التي اسماها "سها" رفيقته في كل ذهاب واياب، قام بشراء حلق لإذنيها حتى تزداد إشراقا، وكذلك جمل رقبتها بطوق وميدالية مذهبة، فكانت مختلفة عن باقي القطط، حتى أن احد المعجبات به من بنات الحي والتي كانت تطلب وده، كانت تغار منها ومن اهتمامه بها، كانت قطة مدللة في مأكلها وملبسها وحماملها حيث كان يمارس طقوس الاستحمام الخاص بها خطوة بخطوة.
وذات يوم ،تم توقيفه على ذمة جهاز الشرطة،امضي بسبب ذلك ثلاثة أيام في الحبس، واخلي سبيله وعاد إلى البيت، فلم يجد قطته، لقد اخبروه أنها ماتت مسمومة... خرج للحي.. حدق في عيني غريمته التي تتمنى أن ينشغل بها... قرأ فيها دلائل جريمة دس السم للقطة التي كان يجب من فرط غيرتها منها، فأدرك أنه كان على حق عندما رفض التعاطي معها بأي شكل من الإشكال..
طارق هذا الذي قلما يقترب من الناس من حوله، وجد ضالته في الوفاء في الحيوانات الثلاثة الذي افتقدها بعد اختبار.
عصري فياض
الحضيرة الأكبر للماشية في المخيم كانت في بيتهم،بيت المختار الذي ورث هذه الصنعة أبا عن جد، عندما كانوا في أرضهم في بلدة المنسي، واستمرت بعد أن فقدوا الأرض وعاشوا لجوءا انتهى بهم في مخيم جنين، طارق الشاب الصغير لهذه العائلة يتنعم بهذه الثروة، ويهتم بها بالرغم من دراسته وحضوره بين أقرانه،فقد كان حسن الهدام، عالي النفس،تعيش في داخله ثقة مرتفعة، ذات يوم، عثر على جرو صغير بين أيدي أطفال المخيم، كان الجرو الصغير يستصرخ المارة لتخليصة من عبث الأطفال الأبرياء، تقدم طارق منهم، وانتزع الجرو الصغير، وأرضى الأطفال ببعض الشواكل حتى يتركوه وأخذه ليربيه، ويعتني به في بيتهم ليكون مرافقا للماشية عندما يخرجها الراعي صباحا ويعود بها مساء في رحلة الرعي اليومية.
كبر الكلب، وأصبح أكثر ركنا أساسيا في حضيرة الأغنام، أعتقل طارق على يد سلطات الاحتلال، وقضى في السجن حكما فعليا دام سنتين، ولما أفرج عنه، دخل البيت من باب بعيد عن الحضيرة، حيث كان بيتهم يمتاز بالسعة، وبعد أن عناق أهله وجالسهم، تذكر الكلب، فطالب من والده عباءته، وكوفيته ليدخل على الكلب بشكل تنكري، ليتفحص، هل من الممكن أن يعرفه، وفعلا، لف جسمه بالعباءة، ورأسه بالكوفية، ودخل الحضيرة يتهادى بخطواته ويتجه نحو الكلب، من بعيد ،أصاب الكلب نوبة من جنون العواء الشديد، ومحاولات الانفلات من قيده للانقضاض على هذا " الغريب" المقتحم لحضيرة الأغنام، ... اقترب طارق أكثر... فأكثر.. ومع إحساس الكلب المفاجأ انه هذا المتسلل هو طارق صمت وهدأ فجأة، ومد يديه أمامه وراح يخرج أصوات ضعيفه وكأنه يستقبله بحنية ..
بعد أن قرر طارق الابتعاد عن المجتمع،وشعر بتقدم والده في السن، قرر ان يعتني بالماشية، يخرج بها الى المراعي، يطعهما ويسقيها، والدته تحلبها ووالده يبيعها في البيت الذي كان الناس من المخيم وخارجة يحضرون صباحا ومساء لابتياع الحليب الطازج
لم يكن الرعي في الجبال التي تحيط في المخيم عملا روتينيا عند طارق، كان يحمل معه كتابا يقرأه، ويحضر كتابا آخر كلما انتهى من الأول، كان يرقب تصرفات الكلب ليعيش فعل الوفاء الكامن في الحيوان، أصبح الكلب يفهم على إيماءات طارق، فيقوم بِرَدْ الأغنام عندما تجنح لمكان بعيد، ثم يحضر هازا ذيله ويجلس بجانب طارق وكأنه يتلذذ في مسحة يد طارق على رأسه وظهره... كان ينطلق إلى ارض مجاورة لدبابة معطوبة منذ العام 67 في الجبل المترفع فوق المخيم،، يجلس على ترابها ويبدأ يحفر بقدمه، ويصدر اصواتا أشبه بالرجاء، لم يكن طارق يفهم مغزاها.. كان تقليد هذا الكلب متواصل عند هذه القطعة من الأرض وفي نفس المكان..
بعد أشهر،نحل جسم الكلب وأصابه الضعف،ولم يعد قادرا على مرافقة الغنم حتى مات، تقدم منه وهو ملقا على الأرض، فحمله على كتفه بعد الغروب، وصعد به الى حيث كان يحفر بقدمه، سار فيه مسافة 800م صعودا، وحفر له بقطعة من خشب حيث كان يرثي نفسه قبل حين، ودفنه... كانت آخر نظره إليه وهو يقرأ الوفاء في عينيه قبل أن يهيل عليه التراب ويعود..
الصقيري
متلازمة المساء في حياة طارق قصة بل قصص، كان لغياب الشمس في حياته صراع،قدر، موعد مع حدث، وهذه المرة مع طائرة "الصقيري"، كان عائدا مع صديق له من منطقة الطواحين في أول سهل المدينة في ذلك اليوم، كانا يسيران في طريق طويل يوصل للمخيم، شاهد طارق طائر الصقيري مكسور القدم يقفز بصعوبة، وكأنه لا يستطيع الطيران، اقترب منه،وامسكه بلطف،وسار به الى المخيم، حار في البداية في كيفية إسعافه، وانهاء معاناته، كان في المخيم رجل خبير في تجبير الكسور ، يتوجه إليه الناس عندما يحصل كسر في طرف أي منهم، فقرر أن يذهب إليه، وكان،فطالب من ابو حسني أن يجبر له كسر الطائر المسكين، استغرب الحاج أبو حسني في البداية، لكنه أمام الحاج طارق، وافق، وقام بصناعة عجينة صغيرة، وضعها على قدم الطائر المكسورة ، وثبت حركتها بقطعة خشب صغيرة، وشدها بخيط من الصوف، وقال لطارق:-
لا تحل الرباط إلى بعد أسبوعين.. وأنصحك بمراجعة الطبيب البيطري أيضا
أنهى حاجته عند الحاج أبو حسني وتوجه للطبيب البيطري، والذي أعطاه مرهما لمسح القدم المكسورة، تدهن به أثناء وجود الرباط وبعدها،. ومرت أيام الأسبوعين سريعا ليتعافى الطائر الذي كان طارق يقاسمه حصته من اللحم والأكل، حتى أن ذلك الطائر كان ينتظر عودة طارق من العمل على حافة البيت المرتفع المطل على الطريق العام،وعندما يلمح طارق من على بعد مئات الأمتار، كان يطير من عمود إنارة لأخر، ومن جدار بيت لآخر، حتى يحط على كتفه مزهوا بصديقه الذي انقذه.
حتى في الصباح كانت له طقوس ذكية، حيث كان يحث طارق على الاستيقاض من النوم بأن يحمل بمنقاره علبة الكبريت ويبدأ يحركها شمالا ويمينا حتى يحدث صوتا يصحوا بفعلها، وان لم يوقظه ذلك الصوت كان يقرب تلك العلبة من وجهه ويحركها فيصحو ،ويحضر له طعامه ويتناولا الإفطار معا...
ذات يوم، حدثت مشكلة مع أقارب لطارق يسكنون في نابلس، فهب طارق واصدقاءه واقرباءه من المخيم لنجدة أقاربه هناك، وبعد أن وصلوا، حضرت الشرطة لفظ النزاع، وقامت باقتيادهم وتوقيفهم لمدة ثمان وأربعين ساعة، ثم أطلق سراحهم بكفالة...
عاد طارق إلى البيت ، فلم يجد الطائر، بحث عنه في كل مكان، ولما أيقن ان الطائرة فُقِدَ حقا، ذهب إلى صديق له يعتني بالطيور، ليس للبحث عن طائره المفقود ،بل ليحتسي معه كأسا من النبيذ،وما أن وصله وجلس على كرسي مقابله، حتى سمع صوت تغريد "الصقيري" الذي كان يقف على رأس الثلاجة في حانوت الرجل..
قفز الطائر ووقف على قدميّ طارق.. ذهل الرجل وذهل طارق..
قال طارق: هذا طيري.. من أتى به إلى هنا ؟؟!!
قال الرجل : لقد ابتعته من صبي من حارتكم قبل يومين بثلاثة شواقل
مد طارق يده على جيبه واخرج الثلاث شواقل وعاد بالطائر إلى البيت من جديد..
القطة الجميلة
كان الطقس ماطرا وباردا، الجميع مندسون في بيوتهم يلتفون حول مدافئهم، طارق الذي يجلس في زاويته في اعلي البيت، يقرأ بنهم ويكتب كلما حانت في ذاكرته فكرة ما، لفته صوت الهرة التي تستنجد من البرد، وكأنها تبحث عن أمها، صبر قليلا لعلها تصمت، لكن صوتها المستنجد لم يهدأ، بل علت نبرته أكثر فأكثر، فوضع الكتاب جانبا ،وخرج إليها بعد أن نزل السلم فوجدها تلوذ بالحائط من المطر، رق قلبه لها، فحملها، وتحسس ظهرها، فإذا بها غارقة بماء المطر، أدخلها ، ووضعها بالقرب من مدفئته الخاصة،واحضر بشكيرا واخذ يجفف لها فراءها حتى شعرت بالدفيء، وذبل صوتها، وعندما أدرك أنها تتضور جوعا، احضر لها قطعا من لحمة كانت عنده، فأكلت واستكانت، وهو ينظر إلى وجهها الجميل .... ولما نام دخلت تحت غطاءه لتكمل حاجاتها من الدفء ...
أصبحت هذه الهرة التي اسماها "سها" رفيقته في كل ذهاب واياب، قام بشراء حلق لإذنيها حتى تزداد إشراقا، وكذلك جمل رقبتها بطوق وميدالية مذهبة، فكانت مختلفة عن باقي القطط، حتى أن احد المعجبات به من بنات الحي والتي كانت تطلب وده، كانت تغار منها ومن اهتمامه بها، كانت قطة مدللة في مأكلها وملبسها وحماملها حيث كان يمارس طقوس الاستحمام الخاص بها خطوة بخطوة.
وذات يوم ،تم توقيفه على ذمة جهاز الشرطة،امضي بسبب ذلك ثلاثة أيام في الحبس، واخلي سبيله وعاد إلى البيت، فلم يجد قطته، لقد اخبروه أنها ماتت مسمومة... خرج للحي.. حدق في عيني غريمته التي تتمنى أن ينشغل بها... قرأ فيها دلائل جريمة دس السم للقطة التي كان يجب من فرط غيرتها منها، فأدرك أنه كان على حق عندما رفض التعاطي معها بأي شكل من الإشكال..
طارق هذا الذي قلما يقترب من الناس من حوله، وجد ضالته في الوفاء في الحيوانات الثلاثة الذي افتقدها بعد اختبار.
عصري فياض