- اسألوا الناس عن الحل قبل أن تفقد الصحف آخر قرائها!
الصديق الأستاذ عبدالله السناوي
رئيس تحرير صحيفة العربي
تحية وبعد،
رغم أنى أعتز بالمشاركة بقلمى معكم بين الحين والآخر، فسأصارحكم بأنى بدأت الآن أفقد حماسى بالتدريج لصحيفتكم المحترمة بحق، بل وحماسى لقراءة كل الصحف المعارضة والمستقلة والقومية بلا استثناء.
وأدهشنى خلال حديثى مع الأصدقاء مؤخرا أن هذا ليس حالى وحدي، بل هو حال كثير من المثقفين وغير المثقفين على حد سواء.. اكتشفت أن الصحافة أوصلتنا إلى حالة التشبع من الحديث المبرّر عن الفساد والاستبداد والتبعية ومؤامرة التوريث والبطالة والغلاء والتعذيب وانسداد أفق الإصلاح السياسي، كل هذا وأكثر منه صحيح، لكنكم لا تدلون القارئ على أى مخرج سلمى من هذا الوضع الكابوسى الذى يعرفه تماما ويعانى من تفاصيله الخانقة فى كل لحظة، غير أنى أقرأ أحيانا لمن يوجهون اللوم للناس لقدرتهم اللانهائية على الصبر والاحتمال، وهذا ليس حلا ولا مخرجا.
فالحق أن الناس قد جربوا بالوسائل المشروعة والممكنة سبلا متتابعة للخروج من هذا النفق المظلم. حاولوا فى البداية من خلال الأحزاب السياسية التى كانت تتمتع فى حينها بدرجة من الحيوية ثم أخذ وجودها فى الشارع يتآكل ويضمحل مع حصار السلطة لأنشطتها والتزوير المنتظم للانتخابات والأخطاء الذاتية لهذه الأحزاب. ومن هنا أيضا خابت الآمال فى المؤسسات الدستورية المنتخبة بسبب الأغلبية الساحقة التى يحرزها الحزب الوطنى زورا وبهتانا مما جعل من السلطة التشريعية امتدادا للسلطة التنفيذية، بل شريكا أساسيا فى كل آثامها.
فلما يئس الناس من الأحزاب والبرلمانات جربوا أسلوب المظاهرات السلمية للمطالبة بالتغيير مثلما تفعل معظم شعوب العالم حتى يفرض صوت الأمة نفسه على صوت الحاكمين، لكن مظاهراتنا السلمية خابت أيضا بسبب القمع الوحشى من جحافل الأمن الرسمى والمتنكر وفرق الكاراتيه وفرق الإهانة البذيئة فانصرف معظم المشاركين فى هذه المظاهرات عنها يأسا من أن تكون وسيلة للتغيير.. فما أتعس البلد الذى يحتاج فيه المواطن إلى أن يكون بطلا أو ضحية لمجرد التعبير عن رأيه!
إذن.. ففى هذه الظروف: ما الذى يفيدنى أو يفيد أى قارئ بأن نعلم من الصحف يوما بعد يوم وأسبوعا بعد أسبوع أن هذه الكوارث باقية على حالها أو أنها تتفاقم، فى حين أن السؤال الملح المطلوب سماع إجابته هو: ما الحل؟ وما هو الطريق السلمى للخروج من هذه المحنة غير الأحزاب والبرلمانات والمظاهرات التى لم تعد تجدي؟
نحتاج إلى خيال جديد يعرف حدود إمكانيات الناس فى مواجهة بطش سلطة لا رادع لها ولا خلاق لديها. اقترح أحدهم مرة على سبيل المثال أن يطفئ الناس الأنوار فى ساعة محددة كوسيلة للاحتجاج والتعبير عن الرأي، ولم تنجح الفكرة فى حينها فلماذا؟ وكيف يمكن أن تنجح مثل هذه المبادرة وغيرها دون صدام مباشر مع السلطة؟
اسألوا أنفسكم واسألوا قراءكم عن الحل بدلاً من تزيدونا بما تنشرون هما على همّ وقبل أن تفقد الصحف آخر قرائها.
الصديق الأستاذ عبدالله السناوي
رئيس تحرير صحيفة العربي
تحية وبعد،
رغم أنى أعتز بالمشاركة بقلمى معكم بين الحين والآخر، فسأصارحكم بأنى بدأت الآن أفقد حماسى بالتدريج لصحيفتكم المحترمة بحق، بل وحماسى لقراءة كل الصحف المعارضة والمستقلة والقومية بلا استثناء.
وأدهشنى خلال حديثى مع الأصدقاء مؤخرا أن هذا ليس حالى وحدي، بل هو حال كثير من المثقفين وغير المثقفين على حد سواء.. اكتشفت أن الصحافة أوصلتنا إلى حالة التشبع من الحديث المبرّر عن الفساد والاستبداد والتبعية ومؤامرة التوريث والبطالة والغلاء والتعذيب وانسداد أفق الإصلاح السياسي، كل هذا وأكثر منه صحيح، لكنكم لا تدلون القارئ على أى مخرج سلمى من هذا الوضع الكابوسى الذى يعرفه تماما ويعانى من تفاصيله الخانقة فى كل لحظة، غير أنى أقرأ أحيانا لمن يوجهون اللوم للناس لقدرتهم اللانهائية على الصبر والاحتمال، وهذا ليس حلا ولا مخرجا.
فالحق أن الناس قد جربوا بالوسائل المشروعة والممكنة سبلا متتابعة للخروج من هذا النفق المظلم. حاولوا فى البداية من خلال الأحزاب السياسية التى كانت تتمتع فى حينها بدرجة من الحيوية ثم أخذ وجودها فى الشارع يتآكل ويضمحل مع حصار السلطة لأنشطتها والتزوير المنتظم للانتخابات والأخطاء الذاتية لهذه الأحزاب. ومن هنا أيضا خابت الآمال فى المؤسسات الدستورية المنتخبة بسبب الأغلبية الساحقة التى يحرزها الحزب الوطنى زورا وبهتانا مما جعل من السلطة التشريعية امتدادا للسلطة التنفيذية، بل شريكا أساسيا فى كل آثامها.
فلما يئس الناس من الأحزاب والبرلمانات جربوا أسلوب المظاهرات السلمية للمطالبة بالتغيير مثلما تفعل معظم شعوب العالم حتى يفرض صوت الأمة نفسه على صوت الحاكمين، لكن مظاهراتنا السلمية خابت أيضا بسبب القمع الوحشى من جحافل الأمن الرسمى والمتنكر وفرق الكاراتيه وفرق الإهانة البذيئة فانصرف معظم المشاركين فى هذه المظاهرات عنها يأسا من أن تكون وسيلة للتغيير.. فما أتعس البلد الذى يحتاج فيه المواطن إلى أن يكون بطلا أو ضحية لمجرد التعبير عن رأيه!
إذن.. ففى هذه الظروف: ما الذى يفيدنى أو يفيد أى قارئ بأن نعلم من الصحف يوما بعد يوم وأسبوعا بعد أسبوع أن هذه الكوارث باقية على حالها أو أنها تتفاقم، فى حين أن السؤال الملح المطلوب سماع إجابته هو: ما الحل؟ وما هو الطريق السلمى للخروج من هذه المحنة غير الأحزاب والبرلمانات والمظاهرات التى لم تعد تجدي؟
نحتاج إلى خيال جديد يعرف حدود إمكانيات الناس فى مواجهة بطش سلطة لا رادع لها ولا خلاق لديها. اقترح أحدهم مرة على سبيل المثال أن يطفئ الناس الأنوار فى ساعة محددة كوسيلة للاحتجاج والتعبير عن الرأي، ولم تنجح الفكرة فى حينها فلماذا؟ وكيف يمكن أن تنجح مثل هذه المبادرة وغيرها دون صدام مباشر مع السلطة؟
اسألوا أنفسكم واسألوا قراءكم عن الحل بدلاً من تزيدونا بما تنشرون هما على همّ وقبل أن تفقد الصحف آخر قرائها.