بين زحمةُ الباعةِ المُتجولين،
- أمسكوه
- أمسكوه
خمسة رجال، يركضون بعضلاتٍ مفتولة، وملابسٍ سوداء بهرواتهم
يضربُ احدهم صندوق الخضار صائحًا:
- أين ذهب؟
- انهُ لِص ماكر!
كان الخوف يسرقُ أللسنة المُتجولين! يطأطئون برؤوسهم:
- من هؤلاء؟
- هم أحد رجال الشخصية..!
يفزعُ آخر:
- يبدوا انهم رِجالُ القائد..!
شيخٌ يجرُ ذقنه الثلجي، يعمل (إسكافي) يصيح:
- من أنتم؟
- لماذا تُلاحقون الفتى؟
- أغلق فمك بأحد تلك الأحذية! وأصمت.
- من هنا
نادى الجزار، مُشيرًا بسكينة الى فرع ضيق، ينتهي الى حي التنك.
يهرعون خلفه.
جَرى لاهثًا تارة، ويعضُ شفتاه تارة اخرى، يحتضن معطفه؛ خشية فقدان ما يحملهُ، يلتفتُ خائفًا!
يُسرع في احد الممرات الضيقة، قبل ان يسمع وقع أقدامهم تربت الأرض؛ قفز الى احد البيوت!
شد أزرار معطفه الكحلي ، وتكور في تنور يتوسط السعف، يغلقه.
ودقات قلبهُ تتصاعد، يتمتم مع نفسه:
- أمي قلقةٌ الآن، باح الليل بظلامهِ، أخوتي الصغار ينتظرون ما يسدون به انين بطونهم! يتنهد قليلًا، ثم يبتسم:
- لا أعرف، هل سأعود إلى أمي؟ أم إلى أحضان أبي في القبر!
بين تلك الهلوسات، يُدحرج الغطاء بعنف، مع صوت يعصفُ بِهدوء:
- علينا ان نتحمل كل هذه الحرارة في سبيل راحتهم! ومشقة يومٍ كامل، حتى القائد لا يفعل مثلهم!
قبل ان تتجاوز يدها فهوة التنور ماسكةً بتلك الخرق، سحبَ كفها بقوة، طابقًا شفتيها بكفه الأخرى،
مُقبل أسفل قرطيها، يهمس:
- لا تصرُخي أرجوكِ!
انهم يبحثون عني، يُريدون قتلي، أتسمعين نباحهم في الخارج!
تلصص بعينيها العسلية مُتسائلة،
يجرُ نَفَسه، ثم يتابع:
- اني شابٌ لأرملة وأخوة ايتام! خلفكم بشارعين في نفس الحي!
تومأ برسها موافقة.
ينفثُ شعره،
يخرج ما في جعبتهُ ملفوفًا بخرقٍ قائلًا:
- هل لكِ ان توصلي هذا؟
- لا تأخذيه يا ابنتي، انهُ سارق!
صوتٌ خاطف؛ لعجوزٍ شمطاء.
يبتعدُ بفراسخِ من القُبل، اخترق الخوف، اشار لها بالصمت يائسًا؛ لكنها علت بعويلها:
- سارق..!
- سارق..!
- انقذونا!
هم بقدماه ناجياً، قفزَ لِلممرُ الخلفي، قبل أن يولي هاربًا؛ تعلقت أذيال معطفهِ بكفوفٍ وحشية، وصوتٌ صاخب:
- أمسكتهُ، انه هنا، أسرعوا.
- يا الهي، لقد انتهى امري!
أحاطوهُ بقهقهاتٍ عالية، وذقنٌ أجلح ، وقطرةُ قير تتوسط شفاههم العليا(كهتلر)
في صباحٍ مُشمس الا في عيني! انحني بذراعين الى الخلف وشعرٌ أشعث، بملامحٍ مُلطخة برماد التنور.
بين جدران قاعةً، يتوسطها كُرسي القائد..! بِدخان سيجارتهُ، الذي يخفي ملامحه ونظارته السوداء. يخلفه رقم قائمته الانتخابية ورجالهُ، دخل القاضي بقيافته المعتادة وحقيبته.
حضر المتملقين والحشاية في اذيال القاعة.
ضرب القاضي مطرقته قائلًا:
- ما أسمكَ ايها المُتهم؟
- عمر علي
- هل تعلم إن القائد انقطع عن الرب؛ لأنكَ سرقت سجادتهُ ومسبحته؟!
- من؟ أنا!
- أحضروا الشاهد.
دخل الجزار بسكاكينه، وقف ثم قال:
- أنا رأيته!
- لقد ثبتت عليك التُهمة!
برأسٍ شاخص، وعينان بيضاوان صدح:
- هل يعلمُ القائد بسرقتهِ لنا منذ سبعة عشر عام؟
لقد سرق حقنا وحق والدي الشهيد!
رمى سيجارته ثم قال:
- أنا أحرسكم طيلة هذه السنين.
ضرب القاضي بمطرقته:
- حكمت المحكمةُ بالأعدام!
اسدل نظارتهُ قليلًا؛ ليقول:
- ماذا تقول أيها المستشار الديني؟
بعمامتهِ البيضاء، ومسبحتهُ الخضراء، يُداعب ذقنهُ االطويل قائلًا:
- السارق تُقطع يده!
قهقه القائد عاليًا، يرمقُ المستقبل؛ لبرهة، ثم قال:
- تمهلوا، أقطعوا أصابعهُ الا سبابتهُ البنفسجية!
- أمسكوه
- أمسكوه
خمسة رجال، يركضون بعضلاتٍ مفتولة، وملابسٍ سوداء بهرواتهم
يضربُ احدهم صندوق الخضار صائحًا:
- أين ذهب؟
- انهُ لِص ماكر!
كان الخوف يسرقُ أللسنة المُتجولين! يطأطئون برؤوسهم:
- من هؤلاء؟
- هم أحد رجال الشخصية..!
يفزعُ آخر:
- يبدوا انهم رِجالُ القائد..!
شيخٌ يجرُ ذقنه الثلجي، يعمل (إسكافي) يصيح:
- من أنتم؟
- لماذا تُلاحقون الفتى؟
- أغلق فمك بأحد تلك الأحذية! وأصمت.
- من هنا
نادى الجزار، مُشيرًا بسكينة الى فرع ضيق، ينتهي الى حي التنك.
يهرعون خلفه.
جَرى لاهثًا تارة، ويعضُ شفتاه تارة اخرى، يحتضن معطفه؛ خشية فقدان ما يحملهُ، يلتفتُ خائفًا!
يُسرع في احد الممرات الضيقة، قبل ان يسمع وقع أقدامهم تربت الأرض؛ قفز الى احد البيوت!
شد أزرار معطفه الكحلي ، وتكور في تنور يتوسط السعف، يغلقه.
ودقات قلبهُ تتصاعد، يتمتم مع نفسه:
- أمي قلقةٌ الآن، باح الليل بظلامهِ، أخوتي الصغار ينتظرون ما يسدون به انين بطونهم! يتنهد قليلًا، ثم يبتسم:
- لا أعرف، هل سأعود إلى أمي؟ أم إلى أحضان أبي في القبر!
بين تلك الهلوسات، يُدحرج الغطاء بعنف، مع صوت يعصفُ بِهدوء:
- علينا ان نتحمل كل هذه الحرارة في سبيل راحتهم! ومشقة يومٍ كامل، حتى القائد لا يفعل مثلهم!
قبل ان تتجاوز يدها فهوة التنور ماسكةً بتلك الخرق، سحبَ كفها بقوة، طابقًا شفتيها بكفه الأخرى،
مُقبل أسفل قرطيها، يهمس:
- لا تصرُخي أرجوكِ!
انهم يبحثون عني، يُريدون قتلي، أتسمعين نباحهم في الخارج!
تلصص بعينيها العسلية مُتسائلة،
يجرُ نَفَسه، ثم يتابع:
- اني شابٌ لأرملة وأخوة ايتام! خلفكم بشارعين في نفس الحي!
تومأ برسها موافقة.
ينفثُ شعره،
يخرج ما في جعبتهُ ملفوفًا بخرقٍ قائلًا:
- هل لكِ ان توصلي هذا؟
- لا تأخذيه يا ابنتي، انهُ سارق!
صوتٌ خاطف؛ لعجوزٍ شمطاء.
يبتعدُ بفراسخِ من القُبل، اخترق الخوف، اشار لها بالصمت يائسًا؛ لكنها علت بعويلها:
- سارق..!
- سارق..!
- انقذونا!
هم بقدماه ناجياً، قفزَ لِلممرُ الخلفي، قبل أن يولي هاربًا؛ تعلقت أذيال معطفهِ بكفوفٍ وحشية، وصوتٌ صاخب:
- أمسكتهُ، انه هنا، أسرعوا.
- يا الهي، لقد انتهى امري!
أحاطوهُ بقهقهاتٍ عالية، وذقنٌ أجلح ، وقطرةُ قير تتوسط شفاههم العليا(كهتلر)
في صباحٍ مُشمس الا في عيني! انحني بذراعين الى الخلف وشعرٌ أشعث، بملامحٍ مُلطخة برماد التنور.
بين جدران قاعةً، يتوسطها كُرسي القائد..! بِدخان سيجارتهُ، الذي يخفي ملامحه ونظارته السوداء. يخلفه رقم قائمته الانتخابية ورجالهُ، دخل القاضي بقيافته المعتادة وحقيبته.
حضر المتملقين والحشاية في اذيال القاعة.
ضرب القاضي مطرقته قائلًا:
- ما أسمكَ ايها المُتهم؟
- عمر علي
- هل تعلم إن القائد انقطع عن الرب؛ لأنكَ سرقت سجادتهُ ومسبحته؟!
- من؟ أنا!
- أحضروا الشاهد.
دخل الجزار بسكاكينه، وقف ثم قال:
- أنا رأيته!
- لقد ثبتت عليك التُهمة!
برأسٍ شاخص، وعينان بيضاوان صدح:
- هل يعلمُ القائد بسرقتهِ لنا منذ سبعة عشر عام؟
لقد سرق حقنا وحق والدي الشهيد!
رمى سيجارته ثم قال:
- أنا أحرسكم طيلة هذه السنين.
ضرب القاضي بمطرقته:
- حكمت المحكمةُ بالأعدام!
اسدل نظارتهُ قليلًا؛ ليقول:
- ماذا تقول أيها المستشار الديني؟
بعمامتهِ البيضاء، ومسبحتهُ الخضراء، يُداعب ذقنهُ االطويل قائلًا:
- السارق تُقطع يده!
قهقه القائد عاليًا، يرمقُ المستقبل؛ لبرهة، ثم قال:
- تمهلوا، أقطعوا أصابعهُ الا سبابتهُ البنفسجية!