بعد رحلةٍ شاقة، قد جابت أربعة عشر تقاطعاً لمدينة بغداد، عادت مع اختفاء الشمس، لخيمتها التي تتكون من أربعة أعمدة من الخشب، مغطاة بصورة دعاية انتخابية كبيرة.
جلست "مينا" وهي تعصر قدميها المتورمتين:
_آه... متى ينتهي هذا الألم؟
تُخرج من تحت الوسادة صورة والديها، تعانقها بشدة! وهي تحدق بالسقف بعيون دعجاوات، لتصرخ بغضب:
"لو لم تدسوا سم الطائفية بيننا؛ لكنت بين أحضان والدي الآن! تباً لكم"
استلقت مينا بجسدها المتعب، وشعرها المغبر، وخرقها البالية التي تغطي ركبتيها، حلقت بخيالها متأملة:
"لقد مر أربعة عشر ربيعاً من المعاناة! وها أنا أقبع في أحد زوايا الرصيف كمتشردة، خائفة من كل شيء يسير على قدمين (بشر)، هم من دون رحمة كالحيوانات!
لا...لا هم وحووش لم يخلقها الرب!
شدت شعرها قليلاً، وهي تهلوس مع نفسها:
أُريد أن اتخلص من ذاكرتي،كم أتمنى لو خلقت من جديد، وأرى نفسي على كرسياً يتوسط ضوضاء الفتيات في المدرسة كالسابق؟
تتنهد، ثم بأبتسامة ساخرة:
_لن يتحقق حلمك يا مينا، وأنت مازلتِ تأكلين من النفايات، وتلعقين أقدامهم بحثاً عن الرحمة! من سيطعيك المال مثلاً؟
الرجل الذي أراد إغتصابك في أحد التقاطعات مقابل خمسين الف دينار !
_أم ممن؟؟
بين تلك الهلوسات، يتغلب عليها النوم؛ لتسافر في أحلامها بعيدًا عن الواقع؛ لعلها تحقق حلمها.
كتبت كلمة على أحد الأوراق، بأحرف متلاصقة(للتعليم)، ثم غاصت في أحد التقاطعات ككل صباح، الشمس الهادئة، ونسمات الهواء الجميلة، جلست لتشاهد الرحمة تسبق وجوه الناس بكلامهم، استعادة السعادة المفقودة.
(انت مثل ابنتي اطلبي أي شيء ياعزيزتي)
حينما قبلها ذلك الرجل الودود بذقنه الطويل وتجاعيده الخجولة، أدركت أن والدها يلفها في بين أضلاعهِ بتلك الكلمات!
جمعت مينا المال وأشترت مايلزم لتحقيق حلمها، حينما همت نفسها للوصول للمدرسة،
رفسها أحدهم ليقطع أنفاسها!
تستفيق مرتعبة:
_ آه.....من..... لماذا...؟!
_انهضي أيتها المتشردة العاهرة، قبل أن أُحرقكِ مع خيتمكِ، فأنت تتجاوزين على أملاك الدولة.
عبدالله جعيلان
جلست "مينا" وهي تعصر قدميها المتورمتين:
_آه... متى ينتهي هذا الألم؟
تُخرج من تحت الوسادة صورة والديها، تعانقها بشدة! وهي تحدق بالسقف بعيون دعجاوات، لتصرخ بغضب:
"لو لم تدسوا سم الطائفية بيننا؛ لكنت بين أحضان والدي الآن! تباً لكم"
استلقت مينا بجسدها المتعب، وشعرها المغبر، وخرقها البالية التي تغطي ركبتيها، حلقت بخيالها متأملة:
"لقد مر أربعة عشر ربيعاً من المعاناة! وها أنا أقبع في أحد زوايا الرصيف كمتشردة، خائفة من كل شيء يسير على قدمين (بشر)، هم من دون رحمة كالحيوانات!
لا...لا هم وحووش لم يخلقها الرب!
شدت شعرها قليلاً، وهي تهلوس مع نفسها:
أُريد أن اتخلص من ذاكرتي،كم أتمنى لو خلقت من جديد، وأرى نفسي على كرسياً يتوسط ضوضاء الفتيات في المدرسة كالسابق؟
تتنهد، ثم بأبتسامة ساخرة:
_لن يتحقق حلمك يا مينا، وأنت مازلتِ تأكلين من النفايات، وتلعقين أقدامهم بحثاً عن الرحمة! من سيطعيك المال مثلاً؟
الرجل الذي أراد إغتصابك في أحد التقاطعات مقابل خمسين الف دينار !
_أم ممن؟؟
بين تلك الهلوسات، يتغلب عليها النوم؛ لتسافر في أحلامها بعيدًا عن الواقع؛ لعلها تحقق حلمها.
كتبت كلمة على أحد الأوراق، بأحرف متلاصقة(للتعليم)، ثم غاصت في أحد التقاطعات ككل صباح، الشمس الهادئة، ونسمات الهواء الجميلة، جلست لتشاهد الرحمة تسبق وجوه الناس بكلامهم، استعادة السعادة المفقودة.
(انت مثل ابنتي اطلبي أي شيء ياعزيزتي)
حينما قبلها ذلك الرجل الودود بذقنه الطويل وتجاعيده الخجولة، أدركت أن والدها يلفها في بين أضلاعهِ بتلك الكلمات!
جمعت مينا المال وأشترت مايلزم لتحقيق حلمها، حينما همت نفسها للوصول للمدرسة،
رفسها أحدهم ليقطع أنفاسها!
تستفيق مرتعبة:
_ آه.....من..... لماذا...؟!
_انهضي أيتها المتشردة العاهرة، قبل أن أُحرقكِ مع خيتمكِ، فأنت تتجاوزين على أملاك الدولة.
عبدالله جعيلان