كعادة هاتفي لا يتوقف عن الرنين قبيل الإفطار وأنا منهك
-ابنتك تشتهي كنافة ساخنة
-حاضر ياسيدتي وماذا بعد؟
- نسيت أن أخبرك بأنني أعدت لكم حساء شهيا اتفضل العصير مع بعض حبات التمر أم يكفي اللبن؟
-نعم أنا قادم لا تطيلي الحديث في البيت نتكلم
- دائما أنت عصبي المزاج فكيف وأنت صائم! لا تسمح لي بالحديث...
- كان اليوم شاقا وحجم العمل كان فوق طاقتي
- حسنا لن أكلمك بعد الآن لا تؤاخذنا
لاحول ولاقوة إلا بالله، زوجتي دائما تحكم على الأمور من منظارها الضيق
يعود الرنين المقيت :
-تقول لك أمي لا تنسى خبز رمضان فالبارحة حرمتنا منه
ابنتي كأمها لا تعرف من الحياة سوى :أنا أشتهي ...احضروا لي ..اتمنى أن
عاد الهاتف يزأر:
- لاشيء مهم ،فقط رصيدي شارف على الانتهاء اشحن لي بطاقتي
-وكيف لا ينتهي وأنت دائم الاتصال!
عيوني معلقة على محل الحلويات علّي أصله قبل أن يقفل أبوابه، اصطدمت قدمي بشيء طري،انتبهت فإ ذ هو طفل يجلس على حافة الرصيف التفت إلي بنظرة لائمة كاشفا عن وجه متسخ حزين ، يوحي بأنه في السابعة من عمره قابلت نظرته باعتذار شديد، لم يكترث لي وتابع يفتت رغيف خبز جاف، ويلقمها لطفلة هزيلة لا يتجاوز عمرها ثلاثة أعوام
مددت له رغيفا ساخنا، خطفه من يدي بسرعة، دون أن ينظر الي ورمى رغيفه وراء ظهره .
لم تلتفت إلي الطفلة بل أقبلت على رغيف الخبز الهش تأكل منه دون أن تنتظر أخاها كي ينهي قضمه لذات الرغيف ، طال وقوفي أتأمل بقلب محروق بؤسهما و علبة كرتونية بجانبهما فارغة إلا من بعض النقود،
-هل سيطول جلوسك هنا ؟
أجابني واللقمة في فمه:
-حسب الرزق أعود
-وإن لم ترزق؟
- لا يسمح لي بالدخول.
-ولماذا تحضر أختك إلى هنا؟ أليست صغيرة على هذا ؟
-أمي قالت لا طعام عندنا خذ أختك وأشحد عليها.
مددت يدي إلى وجهها هممت أن أرفع ذقنها، لأرى ما بها، وإذ به يدفع يدي بقوة
-لا تلمسها
- حسنا ... لكن أخبرني كيف ستشحد عليها؟
-أمي قالت علي أن أصرخ وأقول بأنها مريضة وبحاجة دواء
-لم اسمعك تقول هذا!
-لن أقول ... لن أقول ، واحتضنها بقوة وبحنان عجيب ، وتابع بصوت غاضب مكسور: لن أقول أنها صماء .
أفرغت محفظتي في علبته ووضعت الأرغفة فوقها، وانسحبت أتبين طريقي من خلال دموعي في عتمة المغيب.
صعدت الدرج بتثاقل وقد هدني التعب.دخلت بيتي صامتا لأجد عائلتي بانتظاري، تلتفّ حول مائدة الإفطار العامرة بكل مالذ وطاب. جال نظري بين المائدة و وجوههم، وقد نظروا شزرا ليدي الفارغتين .
مع قطرات ماء الوضوء تناهى إلى سمعي صوت ابني، يقول بغضب مكتوم: ما أبخل أبي!
صديقة علي _ سوريا
-ابنتك تشتهي كنافة ساخنة
-حاضر ياسيدتي وماذا بعد؟
- نسيت أن أخبرك بأنني أعدت لكم حساء شهيا اتفضل العصير مع بعض حبات التمر أم يكفي اللبن؟
-نعم أنا قادم لا تطيلي الحديث في البيت نتكلم
- دائما أنت عصبي المزاج فكيف وأنت صائم! لا تسمح لي بالحديث...
- كان اليوم شاقا وحجم العمل كان فوق طاقتي
- حسنا لن أكلمك بعد الآن لا تؤاخذنا
لاحول ولاقوة إلا بالله، زوجتي دائما تحكم على الأمور من منظارها الضيق
يعود الرنين المقيت :
-تقول لك أمي لا تنسى خبز رمضان فالبارحة حرمتنا منه
ابنتي كأمها لا تعرف من الحياة سوى :أنا أشتهي ...احضروا لي ..اتمنى أن
عاد الهاتف يزأر:
- لاشيء مهم ،فقط رصيدي شارف على الانتهاء اشحن لي بطاقتي
-وكيف لا ينتهي وأنت دائم الاتصال!
عيوني معلقة على محل الحلويات علّي أصله قبل أن يقفل أبوابه، اصطدمت قدمي بشيء طري،انتبهت فإ ذ هو طفل يجلس على حافة الرصيف التفت إلي بنظرة لائمة كاشفا عن وجه متسخ حزين ، يوحي بأنه في السابعة من عمره قابلت نظرته باعتذار شديد، لم يكترث لي وتابع يفتت رغيف خبز جاف، ويلقمها لطفلة هزيلة لا يتجاوز عمرها ثلاثة أعوام
مددت له رغيفا ساخنا، خطفه من يدي بسرعة، دون أن ينظر الي ورمى رغيفه وراء ظهره .
لم تلتفت إلي الطفلة بل أقبلت على رغيف الخبز الهش تأكل منه دون أن تنتظر أخاها كي ينهي قضمه لذات الرغيف ، طال وقوفي أتأمل بقلب محروق بؤسهما و علبة كرتونية بجانبهما فارغة إلا من بعض النقود،
-هل سيطول جلوسك هنا ؟
أجابني واللقمة في فمه:
-حسب الرزق أعود
-وإن لم ترزق؟
- لا يسمح لي بالدخول.
-ولماذا تحضر أختك إلى هنا؟ أليست صغيرة على هذا ؟
-أمي قالت لا طعام عندنا خذ أختك وأشحد عليها.
مددت يدي إلى وجهها هممت أن أرفع ذقنها، لأرى ما بها، وإذ به يدفع يدي بقوة
-لا تلمسها
- حسنا ... لكن أخبرني كيف ستشحد عليها؟
-أمي قالت علي أن أصرخ وأقول بأنها مريضة وبحاجة دواء
-لم اسمعك تقول هذا!
-لن أقول ... لن أقول ، واحتضنها بقوة وبحنان عجيب ، وتابع بصوت غاضب مكسور: لن أقول أنها صماء .
أفرغت محفظتي في علبته ووضعت الأرغفة فوقها، وانسحبت أتبين طريقي من خلال دموعي في عتمة المغيب.
صعدت الدرج بتثاقل وقد هدني التعب.دخلت بيتي صامتا لأجد عائلتي بانتظاري، تلتفّ حول مائدة الإفطار العامرة بكل مالذ وطاب. جال نظري بين المائدة و وجوههم، وقد نظروا شزرا ليدي الفارغتين .
مع قطرات ماء الوضوء تناهى إلى سمعي صوت ابني، يقول بغضب مكتوم: ما أبخل أبي!
صديقة علي _ سوريا