سواء كان رجلا وينام بإرادته أم لا
الأهمّ هذه تجربتها هي، تفكّر وهي تنظر إلى من يشغل حيّزاً كبيراً من سريرها.
الجميلات النائمات منذ قرأتها، وهي تقضّ مضجع روحها، الفتيات النائمات، والرجال الذين انتهت صلاحيتهم، وأصبحت قدرتهم على الممارسة سطوراً باهتة على صفحات التنهدات، وحسرات على أيام مضت، وذكرى لحظات حميمة تؤجّج كلّ شيء ما عدا ....فأصبح الرجال زبائن هذا المنزل الذي بين الأشجار الكثيفة على شاطىء البحر، وكأنّي به منزل خارج من عمق البحر، من عمق الأساطير، يخفي بين جدرانه المزخرفة سرّاً دفيناً، يشدّ من الرجال اليائس القادر على الدفع، كي يضطجع في حضرة الجمال. لا يؤمّ هذا البيت أيّ كان بل له زبائنه المميّزون. كان الرجل منهم يستلقي الى جانب فتاة خُدّرت قبل أن يراها، وممنوعة عليه إن تحرّكت رجولته، ممنوع عليه تدنيس هذه الجميلة النائمة. يا لهذا العقاب الوخيم المسموح به كلّ شيء والفتاة لا تشعر بأن هناك رجلاً سبعينيّاً أو ثمانينيّاً ينام إلى جانبها، يتحسّس مواطن الحياة فيها ليشعر أنّه حيّ، يتمدّد إلى جانب الجسد العاري، وأحيانًا ربما لا يلمسه بل يتأمّله أو يتحدّث إليه مفضياً لواعج قلبه لحسناء نائمة، ويبلع أقراص المنوّم المخصّصة له، ليسافر في رحلة الأحلام والذكريات، وفي الصباح يوقظه صوت الواقع، صوت امرأة أخرى من عالم آخر وكأنّها وجدت كي تُذكّر كلّ من هؤلاء الزبائن بعجزهم ومحدوديتهم. قد تجاوزت الأربعين، ولم تعد تصلح لتكون إحدى الجميلات النائمات، تسأل بابتسامتها المبتذلة كيف كانت ليلتك؟ هل وجدت راحتك؟ وما كنت تنشد بين أحضان الجميلة؟
وماذا عن الراحة في أحضان الجميل؟
كانت قد خرجت من الحمّام الدافئ للتوّ، لفّت شعرها الأسود الطويل بمنشفة بيضاء، وجسدها الأسمر بأخرى، تحمل شتى أنواع الزهور، لم تتجاوز ال٦٧ من العمر، وجسدها ما زال متماسكاً، والمنشفة التي تشدّ الصدر جعلته يبدو أجمل. تأمّلت انعكاس صورتها، وفي خيالها صورة الفتيات النائمات، وبالتحديد الجميلة ذات الشعر الأسود التي تنام بعفوية على الوسادة حيث راحت أنامله تسير بين خصلاته فتفوح رائحة الطفولة منه.
رفعت يدها وبدون أدنى تفكير حلّت المنشفة التي تكبّل شعرها الأسود، وتركته ينسدل على كتفيها ووجهها نزولاً حتى صدرها الذي تأجّج، وانتعش من ملامسة الخصلات الدافئة، فارتعش جسدها تحت المنشفة، فراحت تهشّ خصلات الشعر عن جبينها بأطراف أناملها، ما كشف استدارة عنقها البضّ الذي ما زال يبدو فتيّاً لعمرها، فسارت تتحسّسه، وتنثر العطر خلف الأذن، وتلمس بروية أرنبة أذنيها، وانحدرت تشقّ طريقها إلى الصدر المشدود الذي تأهّب تحت بخار اللمسات، فشعرت بضيق، تستعيد في ذاكرتها كيف رفع الغطاء عن الجميلة النائمة، وأخذ يدها في راحة يديه، ومن ثمّ وضعها على صدره، وفي حركة عفوية حرّرت النهد والجسد من قبضة المنشفة، وتركتها تسقط أرضاً. داستها برفق، وراحت تحدّق في انعكاس صورتها في المرآة. ما زال البخار الدافئ يتصاعد كالبخور من كلّ مسام فيه، لم تنل منه السنون إلّا قليلًا، بدا أشدّ تماسكًاً تحت وطأة الرغبة واللمسة والرعشة، وفي داخلها تشتعل رغبة ابنة الثلاثين. استدارت، وبعين ويد فاحصة جابت معابد روحها التي تسكن هضاب جسدها، محاوره وسهوله ومغاوره وأخاديده، وفي شفتيها رغبة لقبلة دافئة.
يقول أدونيس: إنّ الجسد هو هدية الروح للروح، إذن لهذا الجسد حقّ الاهتمام الروحيّ، كلاهما يكتملان معًا، وما نحن إلّا أرواح ترتدي هذا الجسد الفاني الذي يشبه شجرة، كانت بذرة ثمّ نبتة، ثمّ كبرت، وامتدّت أغصانها للريح تعانقها، فطرحتها مكسورة، وتشلعت أغصانها تحت عوامل الطبيعة ودورة الحياة، شاخت وقطعت من أرض الأحياء. هذا الجسد الذي حكم عليه بالفناء بعد فترة زمنية محدّدة حيث لا تفلح بعدها العقاقير ولا الجراحة كي تحيي رميم العظام، وتعيد إليها ما تآكل، واندحر وانحسر. الجسد يشيخ أمّا الروح فلا تعرف عمراً. الجمال الخارجي يفنى، ولكن الروح تزهو وتزهر، الجسد يشتهي، والروح ترويه، وتعطيه، وتهذبه، الجسد يطلب، يبرد، يتألم، يبكي، يضحك، يحترق، يتأثّر تحت كلّ العوامل الزمنية. ألم يخلقه الله هكذا له احتياجاته؟ ألم يجعل لكلّ عضو من أعضاء جسدنا وظيفة يقوم بها؟ إذن لا تطفئوا الجسد.
الأهمّ هذه تجربتها هي، تفكّر وهي تنظر إلى من يشغل حيّزاً كبيراً من سريرها.
الجميلات النائمات منذ قرأتها، وهي تقضّ مضجع روحها، الفتيات النائمات، والرجال الذين انتهت صلاحيتهم، وأصبحت قدرتهم على الممارسة سطوراً باهتة على صفحات التنهدات، وحسرات على أيام مضت، وذكرى لحظات حميمة تؤجّج كلّ شيء ما عدا ....فأصبح الرجال زبائن هذا المنزل الذي بين الأشجار الكثيفة على شاطىء البحر، وكأنّي به منزل خارج من عمق البحر، من عمق الأساطير، يخفي بين جدرانه المزخرفة سرّاً دفيناً، يشدّ من الرجال اليائس القادر على الدفع، كي يضطجع في حضرة الجمال. لا يؤمّ هذا البيت أيّ كان بل له زبائنه المميّزون. كان الرجل منهم يستلقي الى جانب فتاة خُدّرت قبل أن يراها، وممنوعة عليه إن تحرّكت رجولته، ممنوع عليه تدنيس هذه الجميلة النائمة. يا لهذا العقاب الوخيم المسموح به كلّ شيء والفتاة لا تشعر بأن هناك رجلاً سبعينيّاً أو ثمانينيّاً ينام إلى جانبها، يتحسّس مواطن الحياة فيها ليشعر أنّه حيّ، يتمدّد إلى جانب الجسد العاري، وأحيانًا ربما لا يلمسه بل يتأمّله أو يتحدّث إليه مفضياً لواعج قلبه لحسناء نائمة، ويبلع أقراص المنوّم المخصّصة له، ليسافر في رحلة الأحلام والذكريات، وفي الصباح يوقظه صوت الواقع، صوت امرأة أخرى من عالم آخر وكأنّها وجدت كي تُذكّر كلّ من هؤلاء الزبائن بعجزهم ومحدوديتهم. قد تجاوزت الأربعين، ولم تعد تصلح لتكون إحدى الجميلات النائمات، تسأل بابتسامتها المبتذلة كيف كانت ليلتك؟ هل وجدت راحتك؟ وما كنت تنشد بين أحضان الجميلة؟
وماذا عن الراحة في أحضان الجميل؟
كانت قد خرجت من الحمّام الدافئ للتوّ، لفّت شعرها الأسود الطويل بمنشفة بيضاء، وجسدها الأسمر بأخرى، تحمل شتى أنواع الزهور، لم تتجاوز ال٦٧ من العمر، وجسدها ما زال متماسكاً، والمنشفة التي تشدّ الصدر جعلته يبدو أجمل. تأمّلت انعكاس صورتها، وفي خيالها صورة الفتيات النائمات، وبالتحديد الجميلة ذات الشعر الأسود التي تنام بعفوية على الوسادة حيث راحت أنامله تسير بين خصلاته فتفوح رائحة الطفولة منه.
رفعت يدها وبدون أدنى تفكير حلّت المنشفة التي تكبّل شعرها الأسود، وتركته ينسدل على كتفيها ووجهها نزولاً حتى صدرها الذي تأجّج، وانتعش من ملامسة الخصلات الدافئة، فارتعش جسدها تحت المنشفة، فراحت تهشّ خصلات الشعر عن جبينها بأطراف أناملها، ما كشف استدارة عنقها البضّ الذي ما زال يبدو فتيّاً لعمرها، فسارت تتحسّسه، وتنثر العطر خلف الأذن، وتلمس بروية أرنبة أذنيها، وانحدرت تشقّ طريقها إلى الصدر المشدود الذي تأهّب تحت بخار اللمسات، فشعرت بضيق، تستعيد في ذاكرتها كيف رفع الغطاء عن الجميلة النائمة، وأخذ يدها في راحة يديه، ومن ثمّ وضعها على صدره، وفي حركة عفوية حرّرت النهد والجسد من قبضة المنشفة، وتركتها تسقط أرضاً. داستها برفق، وراحت تحدّق في انعكاس صورتها في المرآة. ما زال البخار الدافئ يتصاعد كالبخور من كلّ مسام فيه، لم تنل منه السنون إلّا قليلًا، بدا أشدّ تماسكًاً تحت وطأة الرغبة واللمسة والرعشة، وفي داخلها تشتعل رغبة ابنة الثلاثين. استدارت، وبعين ويد فاحصة جابت معابد روحها التي تسكن هضاب جسدها، محاوره وسهوله ومغاوره وأخاديده، وفي شفتيها رغبة لقبلة دافئة.
يقول أدونيس: إنّ الجسد هو هدية الروح للروح، إذن لهذا الجسد حقّ الاهتمام الروحيّ، كلاهما يكتملان معًا، وما نحن إلّا أرواح ترتدي هذا الجسد الفاني الذي يشبه شجرة، كانت بذرة ثمّ نبتة، ثمّ كبرت، وامتدّت أغصانها للريح تعانقها، فطرحتها مكسورة، وتشلعت أغصانها تحت عوامل الطبيعة ودورة الحياة، شاخت وقطعت من أرض الأحياء. هذا الجسد الذي حكم عليه بالفناء بعد فترة زمنية محدّدة حيث لا تفلح بعدها العقاقير ولا الجراحة كي تحيي رميم العظام، وتعيد إليها ما تآكل، واندحر وانحسر. الجسد يشيخ أمّا الروح فلا تعرف عمراً. الجمال الخارجي يفنى، ولكن الروح تزهو وتزهر، الجسد يشتهي، والروح ترويه، وتعطيه، وتهذبه، الجسد يطلب، يبرد، يتألم، يبكي، يضحك، يحترق، يتأثّر تحت كلّ العوامل الزمنية. ألم يخلقه الله هكذا له احتياجاته؟ ألم يجعل لكلّ عضو من أعضاء جسدنا وظيفة يقوم بها؟ إذن لا تطفئوا الجسد.