عبد الصادق شحيمة - زهرة العمر : شذارات من سيرة ذاتية للعربي مفضال

يشعر القارئ في تقديم المفكر والأستاذ الجامعي والمثقف العضوي الدكتور عبد الصمد بلكبير لسيرة المناضل الجسور العربي مفضال المعنونة ب “زهرة العمر “شذرات من سيرة ذاتية ” الصادرة عن مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى2021 نشر الملتقى الجديد ، بسعادة وسرور يغمران الأستاذ، وبفرحة عارمة هي في الحقيقة عبارة عن أفراح متعددة الجوانب والأبعاد مفتتحها صدور السيرة لعموم القراء ومنتهاها قراءة مسودة السيرة ضمن مجموعة من القراء الأوائل قبل طبعها ،وذروة سنامها اقتراح كتابة تقديمها من لدن مؤلفها ،واحتضان مجلة الملتقى لنشرها .

وإذا شهدت آداب السيرة والسياسية منها تحديدا في الآونة الأخيرة سيلا عارما من الكتابات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

*هكذا تكلم محمد بن سعيد لمحمد بن سعيد

*المغرب الذي عشته لعبد الواحد الراضي

*أحاديث فيما جرى لعبد الرحمن اليوسفي إعداد امبارك بودركة

* شهادات وتأملات 1944-1961 لعبد الرحيم بوعبيد

* امحمد بوستة ،الوطن أولا مذكراتفي السياسة والحياة لمحمدالضوالسراج

*محمد البصري الفقيه سيرة الوفاء لحسن نجمي

*أوراق من ساحة المقاومة المغربية عبد السلام الجبلي لعبد العزيز بن صالح

*الضريح لعبد الغني أبو العزم

*أنشودة الصحراء الدامية لماء العينين ماء العينين …..الخ

فإن ما يميز زهرة العمر هو ازدواجية أو ثلاثية أبعادها ،الجزء الأول سيرة ذاتية شخصية محضة للعربي مفضال ( الطفل والمراهق والشاب ،والفرادة التي تميز بها هذا الجزء ممثلة في التأثير الإيجابي للتجنيد العسكري مقارنة مع مثيلاتها من كتب السير الذاتية داخل وخارج الوطن .والجزء الثاني سيرة مندمجة بمسيرة محكية من خلالها سيرة العربي مفضال ( الحلقة -الجبهة الطلابية -الاتحاد الوطني لطلبة المغرب -منظمة 23 مارس -مدينة اليوسفية -اللجوء المؤقت لفرنسا وممارسة الكتابة الصحفية بها -العودة إلى الوطن -جريدة أنوال ورئاسة التحرير -المساهمة في تأسيس منظمة العمل الديمقراطي الشعبي -الانقسام داخل صفوف المنظمة .

البعد الثالث يظهر في شعرية أو أدبية زهرة العمر والتزام الكاتب واحترامه لشروط الكتابة السيرية ،وما تتسربل به من تلقائية وصدقية وعفوية مناضل كان يلقبه بعض الرفاق بالحكيم الصموت ،مارس البوح بعد سنوات السرية بلغة تنحو نحو اقتصاديات التعبير ، وما يتطلبه ذلك من تحكم في مستوى عناصر الحكاية وعناصر الخطاب المشكل لها .فجاءت الزهرة كما جاء على لسان الدكتور عبد الصمد بلكبير فواحة تضوع عطرا وأريجا ،وكما جاء على لسان الدكتور عبد الإله بلقزيز نص شيق ماتع يجمع بين متعة الحكي ،والتفكير السياسي والإنصاف والنقد .

نص يسلط الضوء على مرحلة مفصلية من تاريخ المغرب تيماتها القضية الوطنية ،والمشاركة السياسية والانتقال الديمقراطي والاعتقال السياسي كما أشار إلى ذلك الدكتور نورالدين العوفي العوفي ،تعرف الأجيال الجديدة بأبرز فصائل اليسار المغربي 23 مارس ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي ،وتكشف للأجيال السابقة بعض ما كان يروج ويموج في كواليس مطابخ الأحزاب المغربية ودهاليز الدولة .

لم يكتف الدكتور عبد الصمد بلكبير بالتقديم ،وإنما أردفه بتعقيب وصل عدد صفحاته 53 صفحة من صفحات السيرة البالغة 240 صفحة ،افتتحه بالحديث عن جريدة أنوال باعتبارها ملحمة الصحافة الوطنية الحزبية المناضلة ،وأنوال الثقافي التي عوضت توقيف أربع مجلات رائدة عهدئد، ثم الحديث عن فاس ونواتها الجامعية وحركتها الطلابية ،واليسار الجديد، وظهر المهراز كمعقل جامعي وطلابي عتيد وأخيرا مسألة الانشقاق ،وهي تيمات تشكل معمار وطبقات زهرة العمر ارتأى الدكتور عبد الصمد أن يقدم فيها إضاءات بله إضافات بحكم موقعه ومسؤوليته كفاعل سياسي وكصانع من صناع المرحلة .

يستحق مضمون التعقيب أن يكون نواة لسيرة ذاتية توثق لشهادة تاريخية ولمرحلة تعتريها شبهات يمتزج فيها الحقيقي والمختلق ،المناضل ونسخه الممسوخة ،مما باستطاعته أن يجنبنا مزالق عدة تهدم أكثر مما تؤسس .

لهذه الاعتبارات وغيرها كثير تتقدمها نوستالجيا عميقة تشدني إلى المرحلة وإلى جريدة أنوال تحديدا حيث تعلمت ألفبائيات الكتابة الصحافية أدعو إلى قراءة هذه السيرة المسيرة في زمن الجهر بالقول بعيداعن السرية والأسماء المستعارة (الأنوالي -أبو هدى -محماد-ميلود البيضاوي …..) و ما كانت تحمله في طياتها من نبل فكري وثقافي تتقدم فيه الفكرة وصداها لدى جمهور القراء قبل نقش الأسماء في ذاكرتهم .

ولأترك للقراء الفضلاء متعة الاستكشاف ولذة القراءة لمعرفة من تكون هذه الزهرة أطلعهم على الفصل ما قبل الأخير المعنون بالكابورال والجينرال .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى