جبّار ونّاس - عن النقد ومبررات حضوره

تبدو العملية الابداعية في حاجة ماسة لتوفر شروط النقد وتوافرها على سر الديمومة والمصاحبة الراكزة لما تستجد به العملية الابداعية من شذرات التميز والتفرد الواضح ضمن حقول الابداع المتواصلة ..
وبما أنَّ النقد هو من حقول الادب الوصفي فله أنْ يحوزَ على ممكنات البحث والتوصيف والتحليل والتفسير وصولا الى عملية الفرز والتقويم والحكم ..
وقديما قال ابو حيان التوحيدي في تعريفه للنقد : هو كلام على كلام ليأتي لنا ناقد معاصر هو الدكتور جابر عصفور ليتمعن بتعريف أبي حيان ويقوم بتفصيل ذلك التعريف ليخرج لنا بتعريف هو الاقرب الى محتوى المعاصرة وليتساوق مع الفهم التطبيقي لمفهوم النقد إذ يمضي الدكتور عصفور في ابراز الركن الاول لتعريف ابي حيان حين يقول : هو كلامٌ على كلام ليتبين لنا في تفصيل الدكتور جابر أنَّ الكلامَ الأولَ هو الوعي بالإبداع وهذا يتأتى من عنديات الناقد ويمضي على كلام ليؤكد به على ثقافةِ الإبداعِ المُنْتِجَةِ والمُنْشِئَةِ لجوهر الابداع .
ومن هنا تتأصلُ لنا مهمةُ النقدِ فلاتكتفي بدور المساندة والمسايرة لعملية الابداع فقط بل تتجاوزها الى خطوات تكون عندها مهمةُ الناقدِ الربطَ والفرشَ والتوضيحَ فضلا عن التمثلِ الصحيحِ لمهمة الوساطةِ ما بين القارىء وما بين ما استجدت به العملية الابداعية ..
ولهذا قيل لا ابداعَ يبزغُ ما لم تتجذرُ معه بعضٌ من تبصراتِ النقدِ وحلولِ ممكناتِه في تحليلِ وابرازِ مكامنَ ذلك الابداعِ فثمة أعمالٌ إبداعيةٌ كانت سيطأها الاهمالُ لولا انتباهاتُ النقدِ لها والتعريفُ بها وتسليطُ الأضواءِ عليها لتأخذَ تلك الأعمالُ الابداعيةُ طريقاً واضحاً في ذاكرةِ القراءةِ والتداولِ المستمر معها رغم مرورِ سنواتٍ وقرونٍ على ظهور تلك الأعمال ..
ولنا أمثلةٌ كثيرةٌ في الملاحم والمسرحيات فمنذ زمن الاغريق والرومان وصولا الى ابداعات وليم شيكسبير وعلى صعيد الرواية فما تزال رواية ( دون كيشوت ) لمبدعها ثيرفانتيس على الرغم من صدورها قبل اكثر من 600 عام وكل هذا يؤكد على الدور الفاعل الذي تلعبة القراءات النقدية المتعددة والمتواصلة مع مناخات العصر في التبصر والنظر وجدة المعاينة الراكزة في أعطاء سلطة النقد لدورها الكامل في المساحات المتاحة في تسليط الضوء وحيازة الحكم الراجح والتقويم السليم القائم على توفر مبادىء الموضوعية الحصيفة في الفرز والإنتقاء الميسر وبالطبع هنا فلابد من شروط يجب توفرها فيمن يتصدى ويحمل من معاني الناقد الحصيف هي أن يقف على حصيلة راجحة من الثقافة والمعرفة التامة بشروط اللغة فضلا عن امتلاكة لشروط الذوق السليم والحس المرهف حيال أي عمل ابداعي من اجل فحصه وتفكيك عناصره بوعي تام وفق ما ترشح لنا من تعريف الدكتور جابر عصفور حين قال بحق النقد : هو الوعي بالإبداع على ثقافة الإبداع


جبّار ونّاس




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى