أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٧١ : الدحية الفلسطينية باللغتين ؛ العربية والعبرية معا

كل من قرأ الأدب العبري إثر هزيمة حزيران ١٩٦٧ لاحظ شيوع أدب الاحتجاج الساخر الذي مثله الكاتب المسرحي ( حانوخ ليفين ) ، وكنت ، من قبل ، أوردت الاسم وأتيت على ترجمات الكاتب انطوان شلحت لمسرحياته ، وقبل ترجماته كتب عنه في سبعينيات القرن العشرين محمود درويش ، بل وتأثرت نصوصه الشعرية بها .
في فترات لاحقة أخذ الاسرائيليون يسرقون التراث الفلسطيني وينسبونه لأنفسهم ، وحول هذا سال حبر كثير في زمن الكتابة بالحبر ، وإن لم تخني الذاكرة فقد تصدى للسرقات الباحثون المهتمون بالتراث مثل الباحث شريف كناعنة صاحب كتاب " الدار دار أبونا " و أجا الغرب / الغرباء سرقونا . من صحن الحمص إلى قرص الفلافل إلى الثوب الفلسطيني ، وأما عن استعارة قاموس شتائمنا فحدث ولا حرج ، ولم يغب هذا الجانب عن الروائي اللبناني Khoury Elias في روايته " أولاد الغيتو : نجمة البحر " .
سرق الاسرائيليون منا الأرض والتراث ، وفي فترة لاحقة صاروا يقتلوننا ويبكون أيضا ، وأول أمس ناشد " الكابتن الإسرائيلي " أهل الضفة الغربية أن يتوجهوا إلى أعمالهم في المصانع وورش البناء الإسرائيلية ، وألا ينجروا إلى ارتكاب حماقات حماس التي جنت على غزة منذ تأسيس أول مستوطنة يهودية في فلسطين منذ العام ١٨٨٢ ؛ حماس التي هجرت شعبها في العام ١٩٤٨ ودمرت ما يقارب ال ٥٠٠ قرية فلسطينية وسوتها بالأرض .
السخرية لدى أبناء عمنا ، وخفة الدم أيضا ، لم تغب في الحرب الأخيرة ، وهذه المرة أيضا سخرية الفنانين من القيادات الإسرائيلية . سخر ( حانوخ ليفين ) في ١٩٦٧ ممن شنوا يومها الحرب ، وفي هذه الأيام تركزت السخرية من رئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) ، لا في نص أدبي ألفه كاتب إسرائيلي ، وإنما من خلال استعارة شكل أدبي شعبي فلسطيني هو " الدحية " ، وتم الغناء بمفردات من اللغتين ؛ العربية والعبرية .
" يا فاشل روح عالدار
بتلاقي الأكل عالنار
سارة تجهز المصاري
بدها تهرب عالمطار
شماتة ليبرمان فيك
وغانتس أيضا مستنيكي
شعب إسرائيل ( عم هيسراىيل ) حيصرميك ( يضربك بالصرامي )
وعالسجن ( بيت زوهر ) هيرميك
أنت أكيد مش زلمة
أنت تخاف من السنوار
فضيحة هربت من الصواريخ
هربت كالفأر " .
وما زال الوقت عموما مبكرا لقراءة نصوص عبرية حول هذه الحرب ، ولكن المؤكد أننا سنقرأها عما قريب .
منذ ١٩٤٨ حتى الآن ، وربما قبل هذا العام تداخلت حياتنا بحياة اليهود تداخلا كبيرا جدا ، لدرجة أن صار فلسطينيو فلسطين المحتلة في العام ١٩٤٨ يتقنون العبرية إتقانهم العربية قراءة وكتابة ( رواية انطون شماس " ارابيسك " وكتابات سيد قشوع ) ، وصار قسم من العمال الفلسطينيين يمدحون صاحب العمل العبري ويشيدون به و ... و ... ولا أعرف سببا وراء الإصرار على يهودية الدولة التي أسهمت الأيدي العاملة العربية في بنائها .
فلافلنا فلافلهم
حمصنا حمصهم
شتائمنا شتائمهم
ثوبنا ثوب مضيفات طائراتهم
وفي الحرب الأخيرة حيا الساخرون منهم ، ساخرين ، رئيس وزرائهم بالدحية الفلسطينية ، ومنذ أعوام غنى الاسرائيليون في أعراسهم أغنية فلسطينية غناها صاحبها لمنتفض فلسطيني . لقد أسرهم الإيقاع ولم يعرفوا المناسبة ومدلول الكلمات " سمعت صوت البارود واحنا رجالك يا زعبور " .
دنيا مليئة بالعجائب والمفارقات والغرائب .
صباح الخير
خربشات
٢٦ أيار ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى