تتخذ المكافأة العليا في الإسلام ، أي المكافأة بالجنة موقفا حسيا وماديا صرفا تتمثل بتوفير الوسائل الجنسية ، كالحور العين، والأكل والشرب في الجنة. والقرآن والحديث غنيان بألفاظ الجنس وتمتع الرجال والنساء، وسأحاول في هذا المقال تجميع أكبر عدد ممكن من هذه الالفاظ ، وحتى تكتمل المقالة ، أتمنى لو شاركني القراء باقتراح كلمات الجنس ومعانيهأ.
النكاح
من نكح ينكح ناكح: حسب الأبحاث اللغوية الحديثة في الغرب الكافر، والتي مفادها أن مفردات اللغة العربية اشتقت في قديم الزمان من الصوت المتولد إثناء القيام بالفعل. وأفضل الكلمات التي تخطر على البال في هذا المجال هي كلمات حفيف وفحيح، وعليه فإن كلمة نكح لا شك مشتقة من الأصوات الخارجة من احتكاك الذكر بالفرج وأيضا من ولوجه وخروجه. والأغلب أن أسلافنا من اللغويين قد اجتمعوا (في سوق عكاظ مثلا) وقرروا إستعمال خليط من الأصوات : أح آح آووح مخلوطة بحرفي النون والكاف الذين لا بد استخرجا من "نكنكة" أحجار العزل المستعملة لمنع الحمل (راج حديث العزل في الصحيحين).
الوطء
من وطأ يطأ واطئ: وكلمة الوطء هذه تستعمل في فعل النكاح الذي يكون فيه ذكر الرجل طويلا يمس الأرض عند وقوف حامله. والدليل على ذلك أن الأقدام تطأ الأرض ولهذا وجب طول الذكر ليتوازى (على الأقل) مع طول الساقين. من هذا نستنتج أن الواطئ يقوم بفعلي النكاح والوطء معا ووجوبا بينما لا يشمل النكح فعل الوطء لأن الذكر قد لا يكون أطول من الإبهام أو أقصر من ذلك بكثير. ومن الواضح أن المرأة لا تستطيع أن تطأ الرجل.
ملحق لتعريف الوطء: بعد اختراع تعريف الوطء وتفسيره كما ورد أعلاه، أرجو من القراء أن يمنحوني كأس السبق في نوع جديد من البحوث الإسلامية والتاريخية حيث يمكننا الآن أن نعرف مقاس الذكر في الشخصية التاريخية (بشكل عام) عن طريق معرفة ممارسته للوطأ أو للنكاح. فإن جاء في أمهات الكتب أن فلانا وطأ ريحانة، فلا بد أن صاحبه كان يملك ذكرا مديدا وإن اكتفت الكتب بقول أن فلانا نكح فلانة ، فلا بد أن ذكره كان قصيرا.
الوقوع
من وقع يقع واقعا ومواقعة: وتستخدم هذه الكلمات في أمور الجنس الطارئ السريع. فمثلا يأتي الرجل إلى البيت (أو الخيمة في زمن أجدادنا الفحول) في أشد استثارة ، وما أن تفتح صاحبته الباب حتى يدفعها طارحا إياها على ظهرها ، ثم يقفز، أو يغوص، عليها للقيام بالنكاح أو الوطء إن سمحت له معداته بذلك (راجع الوطء أعلاه). وبهذا يكون الوقوع مرادفا للكلمة الإنكليزية Quicky . وهنا لا بد من طرح سؤال يقع علينا: هل تقع المرأة على الرجل؟ قد يظن البعض من دعاة مساواة الجنسين أن ذلك ممكن ، وذلك بأن تربط المرأة حبلا على مستوى الأقدام ثم تستلقي على ظهرها على أتم استعداد ، وعندما يدخل رجلها فإنه يتعرقل (بالعامية الفصحى يتعركل) ويقع عليها. والحقيقة أن هذا التفسير خاطئ لأنه حتى لو أن الرجل كان في تلك اللحظة مستثارا للنكاح (أو الوطء إن سمحت عدته بذلك) ، فإنه سينتهي بالوقوع عليها دون الحاجة لبذل الجهد لطرحها، إذن الأصح أن نقول أن المرأة "تواقع" الرجل ولكنها لا تقع عليه.
الجماع
من جمع يجمع وجامع، وهو زيادة الشئ على أشياء مثله للتكثير من عددها وتستعمل هذه الكلمة في شؤون الجنس عندما يكون النكاح أو الوطأ (إن سمحت العدة بذلك) مع المثنى أو الثلاث أو الرباع أو مع قطيع ما ملكت اليمين. وفعل الجماع لا يشمل المواقعة لإستحالة مفاجئة (كما ورد أعلاه) أكثر من إنثى في نفس المكان والزمان. وتبعا لشريعتنا الغراء، فإن الجماع بهذا المعنى محلل للرجل ولكنه محرم للإنثى. وتبعا لهذا المعنى ، فإن الجماع سيغلب على أفعال الجنس في الجنة التي وعد الله بها عبادة الصالحين.
المضاجعة
لعل هذا النوع من النكاح هو الوحيد الذي يمكن أن يرضي اللادينيين الملاحدة الداعيين للمساواة بين الرجل والمرأة في شؤون الجنس بالرغم من أن الفطرة تعارض ذلك تماما. وخير دليل على عدم تساوي الجنسين ، ما نراه في مملكة الحيوان حيث لا يتساوى الثيران مع البقر أو التيوس مع الشياه (مثلا) في عمليات الوطء والنكاح. ووجه المساواة في هذا النوع من النكاح -- والذي يغلب عليه غياب فحولة ورجولة الرجل -- أن الذكر والأنثى يضجعان على جانبيهما أثناء فعل النكح. وبسبب صعوبة المنال في هذا الوضع، فإنه يتوجب على الرجل أن يكون مالكا لعدة الوطأ (إنظر تعريف الوطء أعلاه) حتى يتمكنا من المضاجعة. ويستدل من هذه المعاني أن هذه الكلمة دخيلة على مفهوم الجنس في الإسلام وذلك لتعارضها مع مفهوم "كانت تحت" والمعرف أدناه.
كانت تحت
كثيرا ما نقرآ عند ذكر الصحابيات أن فلانة كانت تحت فلان، ولا نقرآ أبدا أن فلانة كانت فوق فلان للدلالة على أنها كانت متزوجة من فلان أو علان. والاصل الفقهي للرمز للزواج بهاتين الكلمتين يأتي من مبدأ القوامة (الرجال قوامون على النساء ) ويستنبط منها السيطرة والرئاسة وتبعية المرأة للرجل. أما من ناحية عملية فإنه يعني ضرورة أن الرجل يجب أن يكون فوق المرأة اثناء عملية النكح ، ومن هنا نستنتج أن المضاجعة -- كما ورد تعريفها أعلاه -- كلمة دخيلة على معاني الجنس في الإسلام. ويبدو أن هذا الشرط في تعاطي الجنس في الإسلام فرض للتأكد من بلوغ الرجل للذروة قبل المرأة وذلك حتى يولد له الذكور بدل الإناث . وخلفية ذلك أن النبي قد علم المسلمين أن المولود يكون ذكرا إن دفق ماء الرجل أولا ويكون إنثى أن دفق مائها قبله وبهذا فإن الحكمة والإعجاز من كلمتي "كانت تحت" تكون تامة وشاملة.
ومن قصص السيرة المطهرة التي تثبت هذا المعنى: عن الواقدي عن محمد بن صالح بن دينار عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: كانت ليلى بنت الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر الأنصارية الأوسية من أول من بايع النبي من نساء الأنصار. أقبلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: أنا ليلى بنت الخطيم جئتك أعرض نفسي عليك فتزوجني. قال: " قد فعلت " ورجعت إلى قومها فقالوا: بئس ما صنعت؟ أنت امرأة غيري وهو صاحب نساء ارجعي فاستقيليه فرجعت فقالت: أقلني فقال: " قد فعلت " ، وكانت تركب بعولتها ركوباً منكراً وكانت سيئة الخلق... فذكر نحو القصة دون ما في آخرها وقال في روايته: فقالت: إنك نبي الله وقد أحل الله لك النساء وأنا امرأةٌ طويلة اللسان لا صبر لي على الضرائر واستقالته.
النيك
من ناك ينيك فهو نايك: وهذه الكلمة توازي معنى نكح ينكح فهو ناكح. وتعتبر الغالبية العظمى من الناس هذه الكلمة من الكلمات السوقية التي لا يجدر بأي شخص يحترم نفسه أن يتفوه بها. ولكن مراجعة سريعة لكتب تراثنا المجيد تفيد أن محمدا بن عبد الله قد استخدمها بنفسه:
عن أبي هريرة أنه سمعه يقول: جاء الاسلمي الرسول، فشهد على نفسه أنه أصاب حرة حراما، أربع مرات ، كل ذلك يعرض عنه، فأقبل في الخامسة، قال: أنكتها؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها كما يغيب المرود في المكحلة، والرشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، قال: فأمر به فرجم
وقد اقتدى به كبار الصحابة ولم يجدوا حرجا في استعمالها. فمثلا لم يتحرج حبر الأمة ولص بيت مالها بلا منازع ، عبد الله بن العباس من استعمالها: وقد جاء عن هذه الكلمة في كتاب "تهذيب اللغة" ما يلي
وروي عن ابن عباس أنه كان مُحرِما فأخذ بذنب ناقة من الركاب وهو يقول:
إن تصدق الطير أنك لميسا = وهن يمشين بنا هميسا
فقيل له: يا أبا العباس، أتقول الرفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث ما روجع به النساء.
إذن نستخلص مما سبق أن كلمة نيك غير سوقية ما دام قائلها هاشميا بمنزلة النبي أو حبر الأمة وحراميها وما دام محرما في البيت الحرام. ولا يوجد هنالك دليل علمي أن الإمساك بذنب الناقة شرط لإستعمال هذه الكلمة أم لا. ولعل هذه الشروط هي التي جعلت التفوه بها مقصور على الطبقة العلية من الأمة (وليس لأنها سوقية).
العُسيلة والعُسيل:
العسل هو ما يصنعه النحل من زاد ليكفيه أيام العسرة ، و"العُسَيْـل" حسب قواعد اللغة العربية هو تصغير العسل ، وبما أن العسل يعتبر مادة كالماء ، وبما أنه لا يمكن تصغير الماء بالمعنى الكيميائي (أي لا يمكن صنع جزيئ مائي من ذرة أوكسجين مصغرة متحدة مع ذرتي هيدروجين مصغرتين) فالمعنى هنا هو "قليل من العسل" وواضح أنه لا يوجد عسل مذكر وعسل مؤنث فكله عسل مصنوع من شغالات النحل من الإناث.
وترد كلمتي العُسيلة والعسيل في الحديث الشريف التالي (صحيح البخاري، باب التبسم والضحك ، ومثله في صحيح مسلم ومعظم كتب الأحاديث الأخرى):
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ لِهُدْبَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا قَالَ وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى التَّبَسُّمِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ
وحتى نصل إلى المعنى الدقيق لكلمتي العُسَيْل والعُسَيْلة ، فإنه لا بد لنا من التوسع قليلا في الإحاطة بكافة الروايات لهذا الحديث وذلك لخطورة الموضوع وطبيعته الوعرة ، وجل المعلومات التي نوردها هنا منقولة من كتاب "فتح الباري لإبن حجر" ، فيما يلي الكلمات باللون الأخضر مقتبسة حرفيا من هذا الكتاب.
يمكن تلخيص خلفية هذا الحديث بأن الله سبحانها وتعالت سخرت ثلاثة لاعبين أساسيين حتى تُخَرِّج لنا شرعا مهما عن طريق المثال الحسي والواقعي. ويتفق علمائنا الأجلاء (تقريبا) على أسمي رِفاعَة القُرظي وعبد الرحمن إبن الزُبير ، أما المرأة فيختلفوا على أسمها الذي يتراوح بين "تميمة بنت أبي عبيد القرظية" أو سهيمة ، أو أميمة بنت الحارث ، وسنتبنى هنا أسم أميمة لحلاوته ولأنه أسم عادي غير مميز يساعد في ستر عرض هذه الصحابية الفاضلة.
باختصار ، كانت أميمة تحت رِفَاعة ، “فطلقها طلاقا بائنا” (أي طلقها بالثلاث) فتزوجت بعده إبن الزُبير ، "فذكرت أنه لا يأتيها" أو أنه في روايات أخرى "لم يمسها" لأنه "حصل له عارض حال بينه وبين إتيانها إما من الجن وإما من المرض" . والإتيان هنا هو رديف الوطأ والجماع. وقد جاء في رواية أبي معاوية عن هشام " فلم يقربني إلا هنة واحدة ولم يصل مني إلى شيء " والهنة بفتح الهاء وتخفيف النون المرة (النكحة أو الوطأة) الواحدة الحقيرة "
وجائت أميمة الرسول تشتكي زوجها الثاني إبن الزُبير أنه لا يطأها فقالت استحيائا أنه " وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ". وفي رواية الزهري عن عروة " وإنما معه مثل الهدبة" ، واستخرجت أميمة بعد ذلك "هدبة من جلبابها" لتتأكد أن رسول الله فهم مقصدها.
والهدبة "بضم الهاء وسكون المهملة بعدها موحدة مفتوحة هو طرف الثوب الذي لم ينسج ، وهذا المعنى مأخوذ من هدب العين وهو شعر الجفن ، وأرادت أن ذكره يشبه الهدبة في الاسترخاء وعدم الانتشار (أي الإنتصاب).
وسمع زوجها إبن الزُبير فجاء ومعه ابنان له من غيرها (أرجو من القارئ الكريم أن يلاحظ أنه أحضر إبنين ذكرين لإثبات أن ذكره فعال ولا بد أن يكون أكبر من رمش العيش ولم يحضر إبنتين ليثبت أنه يمارس النكح من فوق لا من تحت) ، قالت : والله مالي إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى عني من هذه - وأخذت هدبة من ثوبها - فقال : كذبت والله يا رسول الله ، إني لأنفضها نفض الأديم ، ولكنها ناشزة تريد رفاعة" .
بقية الحديث الشريف واضحة، قام خالد بن سعيد بن العاص بسؤال أبي بكر أن يزجر أميمة لأنه شعر أنها وعرت حديثها أمام الرسول ، ولكن الرسول لم يزد على أن تبسم لهذا الموقف وفي روايات أخرى أنه ضحك ولهذا جاء هذا الحديث في "باب التبسم والضحك من صحيح البخاري.
وقد استدل من هذا الحديث "على أن وطء الزوج الثاني لا يكون محللا ارتجاع الزوج الأول للمرأة إلا إن كان حال وطئه (أي ذكره) منتشرا فلو كان ذكره أشل أو كان هو عنينا أو طفلا لم يكف على أصح قولي العلماء ، وهو الأصح عند الشافعية أيضا" .
خرجت أميمة من تحت زوجها الأول "رِفاعة" لتقع تحت "إبن الزُبير" ، آملة أن يكون صادقا في قوله "عن النفض نفض الأديم" ، فخاب أملها لأن أفاعيله في الوطأ لم تتطابق مع الواقع الموضوعي ولا حتى مع دلالة إسمه ، ويبدو أنها لم تكن ملمة بفنون اللغة العربية التي وضحها سيبوية بعد نحو قرنين من الزمن. فبعد أن أكتشفت عن طريق التجربة أن صيغة التصغير الواردة في أسم زوجها الثاني فاقت حد المعقول، فضلت أن ترجع لتخدم تحت "رِفاعة" بعد أن أدركت مغزى "الرفع" في أسمه. ولكن الرسول كان لها بالمرصاد، فقد أدرك بفطنته ، وربما عن طريق تدخل الوحي، أنه لا يمكن أن يترك لنساء المسملين مثل هذا الباب مفتوحا على مصراعيه يجربنه متى شئن، فقضى أن عليها أن تذوق عُسيلة "إبن الزُبير" كي يكون ذلك رادعا لتقلب النساء تحت الرجال. ولكنه في نفس الوقت لم يرد أن يعاقب "رِفاعة" بتخريب "بضاعته" فأمر أميمة وإبن الزبير أن يتذوقا عسيلة بعضهما البعض.
للأسف فإن المفسرين والفقهاء اجمعوا أن معنى "َيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ" و "تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" هو النكح كما ورد في فتح الباري لإبن رجب :
وَقَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء : ذَوْق الْعُسَيْلَة كِنَايَة عَنْ الْمُجَامَعَة وَهُوَ تَغْيِيب حَشَفَة الرَّجُل فِي فَرْج الْمَرْأَة ، وَزَادَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : حُصُول الْإِنْزَال.
أما معنى كلمتي عُسَيْلتها وعُسَيْلته الحرفي فقد اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من قال أنه كناية عن الوطأ والجماع ، ومنهم من قال أن المعنى هو نطفتها ونطفته ، أي مائها ومائه ، وهذا ما نرجحه في هذا المقام وهذا المقال.
والصحيح عندنا في تفسير هذا الحديث الشريف يستدل عليه من معنى كلمة "تذوق"، فالتذوق كما نعلم بالفطرة لا يحصل إلا باستخدام الفم واللسان ، وتلعب حاسة الشم دورا حاسما في عملية التذوق، ويستنتج هذا المعنى من تخصيص استخدام كلمة العسيلة المشتقة من العسل والذي لا يمص إلا بالشفاه ولا يلحس إلا باللسان. ويثبت هذا المعنى من الروايات التي اقتبسناها أعلاه ، فالزبير شهد أمام الرسول "إني لأنفضها نفض الأديم ولكنها ناشزة تريد رفاعة ". وشهدت أميمة في رواية أبي معاوية عن هشام أنه " لم يقربني إلا هنة واحدة ولم يصل مني إلى شيء ".
ومن هذا يتضح أن النكح أو الوطأ ، بغض النظر عن نوعيته ، لا يحلل العودة للزوج الأول ، وأن المعنى الصحيح الذي غاب عن جمهور علمائنا، رحمتهم الله، هو أن يمارس الرجل المُحلل مع المرأة "المطلقة ثلاثا" الجنس الفمي-اللساني ، أو بعبارة أخرى المصي-اللحسي، حتى تحل لزوجها الأول. وحسب نص الرواية أعلاه فإن عملية التذوق هذه يجب أن تكون متبادلة أي أن يقوم الإثنان بتذوق عسيلة الآخر.
وتوافقا مع عصر الإعجازيين العلمي الذي نعيشه حاليا نكتشف إعجازين علميين باهرين:
الأول: هو أنه على العرب التمسك بالارقام التي اخترعوها بدلا من الأرقام الهندية التي يغلب استعمالها حاليا ، وذلك لأن قيام المحلل والمطلقة ثلاثا بتذوق عُسيلة الآخر يعني ان يكونا في وضع 69 الجنسي المشهور وهذا يدل على أن سيدنا محمدا قد اخترع الأرقام الحديثة قبل أربعة عشر قرنا.
الثاني: هو أن سيدنا محمد قد تنبأ باكتشاف القارة الأمريكية ، وقيام دولة الولايات المتحدة الأمريكية ، وبناء البيت الأبيض ، وقيام الرئيس كلينتون بممارسة الجنس الفمي-اللساني مع اليهودية مونيكا. ويبلغ الإعجاز العلمي ذروته (هل نعني هنا الذروة الجنسية) إن نحن لاحظنا أن أسم اليهودية التي تذوقت عسيلة كلينتون يتكون من شقين : "مو" و "نيكا" وحسب اللهجة الشامية فإن كلمة "مو" تعني النفي وكلمة "نيكا" تعني النكح كما بينا أعلاه، ومن حقيقة أنه لم يتم رجم كلينتون و "مو" "نيكا" يتضح أن تذوق العُسيلة لا يساوي الجنس النكحي والمتثل بتغييب "الحشفة في الفرج". هنا تتجلى رحمة الدين الإسلامي الحنيف بحفاظه على ممتلكات الرجل الذي طلق زوجته ثلاثا ، فحصن له فرجها من تغييب حشفة الرجل المحلل فيه ، وحفظ له بذلك حرثه ليأتيه من حيث يشاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمات ستعرف في التحرير القادم الإتيان، الحرث، المباشرة
.
النكاح
من نكح ينكح ناكح: حسب الأبحاث اللغوية الحديثة في الغرب الكافر، والتي مفادها أن مفردات اللغة العربية اشتقت في قديم الزمان من الصوت المتولد إثناء القيام بالفعل. وأفضل الكلمات التي تخطر على البال في هذا المجال هي كلمات حفيف وفحيح، وعليه فإن كلمة نكح لا شك مشتقة من الأصوات الخارجة من احتكاك الذكر بالفرج وأيضا من ولوجه وخروجه. والأغلب أن أسلافنا من اللغويين قد اجتمعوا (في سوق عكاظ مثلا) وقرروا إستعمال خليط من الأصوات : أح آح آووح مخلوطة بحرفي النون والكاف الذين لا بد استخرجا من "نكنكة" أحجار العزل المستعملة لمنع الحمل (راج حديث العزل في الصحيحين).
الوطء
من وطأ يطأ واطئ: وكلمة الوطء هذه تستعمل في فعل النكاح الذي يكون فيه ذكر الرجل طويلا يمس الأرض عند وقوف حامله. والدليل على ذلك أن الأقدام تطأ الأرض ولهذا وجب طول الذكر ليتوازى (على الأقل) مع طول الساقين. من هذا نستنتج أن الواطئ يقوم بفعلي النكاح والوطء معا ووجوبا بينما لا يشمل النكح فعل الوطء لأن الذكر قد لا يكون أطول من الإبهام أو أقصر من ذلك بكثير. ومن الواضح أن المرأة لا تستطيع أن تطأ الرجل.
ملحق لتعريف الوطء: بعد اختراع تعريف الوطء وتفسيره كما ورد أعلاه، أرجو من القراء أن يمنحوني كأس السبق في نوع جديد من البحوث الإسلامية والتاريخية حيث يمكننا الآن أن نعرف مقاس الذكر في الشخصية التاريخية (بشكل عام) عن طريق معرفة ممارسته للوطأ أو للنكاح. فإن جاء في أمهات الكتب أن فلانا وطأ ريحانة، فلا بد أن صاحبه كان يملك ذكرا مديدا وإن اكتفت الكتب بقول أن فلانا نكح فلانة ، فلا بد أن ذكره كان قصيرا.
الوقوع
من وقع يقع واقعا ومواقعة: وتستخدم هذه الكلمات في أمور الجنس الطارئ السريع. فمثلا يأتي الرجل إلى البيت (أو الخيمة في زمن أجدادنا الفحول) في أشد استثارة ، وما أن تفتح صاحبته الباب حتى يدفعها طارحا إياها على ظهرها ، ثم يقفز، أو يغوص، عليها للقيام بالنكاح أو الوطء إن سمحت له معداته بذلك (راجع الوطء أعلاه). وبهذا يكون الوقوع مرادفا للكلمة الإنكليزية Quicky . وهنا لا بد من طرح سؤال يقع علينا: هل تقع المرأة على الرجل؟ قد يظن البعض من دعاة مساواة الجنسين أن ذلك ممكن ، وذلك بأن تربط المرأة حبلا على مستوى الأقدام ثم تستلقي على ظهرها على أتم استعداد ، وعندما يدخل رجلها فإنه يتعرقل (بالعامية الفصحى يتعركل) ويقع عليها. والحقيقة أن هذا التفسير خاطئ لأنه حتى لو أن الرجل كان في تلك اللحظة مستثارا للنكاح (أو الوطء إن سمحت عدته بذلك) ، فإنه سينتهي بالوقوع عليها دون الحاجة لبذل الجهد لطرحها، إذن الأصح أن نقول أن المرأة "تواقع" الرجل ولكنها لا تقع عليه.
الجماع
من جمع يجمع وجامع، وهو زيادة الشئ على أشياء مثله للتكثير من عددها وتستعمل هذه الكلمة في شؤون الجنس عندما يكون النكاح أو الوطأ (إن سمحت العدة بذلك) مع المثنى أو الثلاث أو الرباع أو مع قطيع ما ملكت اليمين. وفعل الجماع لا يشمل المواقعة لإستحالة مفاجئة (كما ورد أعلاه) أكثر من إنثى في نفس المكان والزمان. وتبعا لشريعتنا الغراء، فإن الجماع بهذا المعنى محلل للرجل ولكنه محرم للإنثى. وتبعا لهذا المعنى ، فإن الجماع سيغلب على أفعال الجنس في الجنة التي وعد الله بها عبادة الصالحين.
المضاجعة
لعل هذا النوع من النكاح هو الوحيد الذي يمكن أن يرضي اللادينيين الملاحدة الداعيين للمساواة بين الرجل والمرأة في شؤون الجنس بالرغم من أن الفطرة تعارض ذلك تماما. وخير دليل على عدم تساوي الجنسين ، ما نراه في مملكة الحيوان حيث لا يتساوى الثيران مع البقر أو التيوس مع الشياه (مثلا) في عمليات الوطء والنكاح. ووجه المساواة في هذا النوع من النكاح -- والذي يغلب عليه غياب فحولة ورجولة الرجل -- أن الذكر والأنثى يضجعان على جانبيهما أثناء فعل النكح. وبسبب صعوبة المنال في هذا الوضع، فإنه يتوجب على الرجل أن يكون مالكا لعدة الوطأ (إنظر تعريف الوطء أعلاه) حتى يتمكنا من المضاجعة. ويستدل من هذه المعاني أن هذه الكلمة دخيلة على مفهوم الجنس في الإسلام وذلك لتعارضها مع مفهوم "كانت تحت" والمعرف أدناه.
كانت تحت
كثيرا ما نقرآ عند ذكر الصحابيات أن فلانة كانت تحت فلان، ولا نقرآ أبدا أن فلانة كانت فوق فلان للدلالة على أنها كانت متزوجة من فلان أو علان. والاصل الفقهي للرمز للزواج بهاتين الكلمتين يأتي من مبدأ القوامة (الرجال قوامون على النساء ) ويستنبط منها السيطرة والرئاسة وتبعية المرأة للرجل. أما من ناحية عملية فإنه يعني ضرورة أن الرجل يجب أن يكون فوق المرأة اثناء عملية النكح ، ومن هنا نستنتج أن المضاجعة -- كما ورد تعريفها أعلاه -- كلمة دخيلة على معاني الجنس في الإسلام. ويبدو أن هذا الشرط في تعاطي الجنس في الإسلام فرض للتأكد من بلوغ الرجل للذروة قبل المرأة وذلك حتى يولد له الذكور بدل الإناث . وخلفية ذلك أن النبي قد علم المسلمين أن المولود يكون ذكرا إن دفق ماء الرجل أولا ويكون إنثى أن دفق مائها قبله وبهذا فإن الحكمة والإعجاز من كلمتي "كانت تحت" تكون تامة وشاملة.
ومن قصص السيرة المطهرة التي تثبت هذا المعنى: عن الواقدي عن محمد بن صالح بن دينار عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: كانت ليلى بنت الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر الأنصارية الأوسية من أول من بايع النبي من نساء الأنصار. أقبلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: أنا ليلى بنت الخطيم جئتك أعرض نفسي عليك فتزوجني. قال: " قد فعلت " ورجعت إلى قومها فقالوا: بئس ما صنعت؟ أنت امرأة غيري وهو صاحب نساء ارجعي فاستقيليه فرجعت فقالت: أقلني فقال: " قد فعلت " ، وكانت تركب بعولتها ركوباً منكراً وكانت سيئة الخلق... فذكر نحو القصة دون ما في آخرها وقال في روايته: فقالت: إنك نبي الله وقد أحل الله لك النساء وأنا امرأةٌ طويلة اللسان لا صبر لي على الضرائر واستقالته.
النيك
من ناك ينيك فهو نايك: وهذه الكلمة توازي معنى نكح ينكح فهو ناكح. وتعتبر الغالبية العظمى من الناس هذه الكلمة من الكلمات السوقية التي لا يجدر بأي شخص يحترم نفسه أن يتفوه بها. ولكن مراجعة سريعة لكتب تراثنا المجيد تفيد أن محمدا بن عبد الله قد استخدمها بنفسه:
عن أبي هريرة أنه سمعه يقول: جاء الاسلمي الرسول، فشهد على نفسه أنه أصاب حرة حراما، أربع مرات ، كل ذلك يعرض عنه، فأقبل في الخامسة، قال: أنكتها؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها كما يغيب المرود في المكحلة، والرشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: هل تدري ما الزنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني، قال: فأمر به فرجم
وقد اقتدى به كبار الصحابة ولم يجدوا حرجا في استعمالها. فمثلا لم يتحرج حبر الأمة ولص بيت مالها بلا منازع ، عبد الله بن العباس من استعمالها: وقد جاء عن هذه الكلمة في كتاب "تهذيب اللغة" ما يلي
وروي عن ابن عباس أنه كان مُحرِما فأخذ بذنب ناقة من الركاب وهو يقول:
إن تصدق الطير أنك لميسا = وهن يمشين بنا هميسا
فقيل له: يا أبا العباس، أتقول الرفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث ما روجع به النساء.
إذن نستخلص مما سبق أن كلمة نيك غير سوقية ما دام قائلها هاشميا بمنزلة النبي أو حبر الأمة وحراميها وما دام محرما في البيت الحرام. ولا يوجد هنالك دليل علمي أن الإمساك بذنب الناقة شرط لإستعمال هذه الكلمة أم لا. ولعل هذه الشروط هي التي جعلت التفوه بها مقصور على الطبقة العلية من الأمة (وليس لأنها سوقية).
العُسيلة والعُسيل:
العسل هو ما يصنعه النحل من زاد ليكفيه أيام العسرة ، و"العُسَيْـل" حسب قواعد اللغة العربية هو تصغير العسل ، وبما أن العسل يعتبر مادة كالماء ، وبما أنه لا يمكن تصغير الماء بالمعنى الكيميائي (أي لا يمكن صنع جزيئ مائي من ذرة أوكسجين مصغرة متحدة مع ذرتي هيدروجين مصغرتين) فالمعنى هنا هو "قليل من العسل" وواضح أنه لا يوجد عسل مذكر وعسل مؤنث فكله عسل مصنوع من شغالات النحل من الإناث.
وترد كلمتي العُسيلة والعسيل في الحديث الشريف التالي (صحيح البخاري، باب التبسم والضحك ، ومثله في صحيح مسلم ومعظم كتب الأحاديث الأخرى):
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ لِهُدْبَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ جِلْبَابِهَا قَالَ وَأَبُو بَكْرٍ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ وَابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ بِبَابِ الْحُجْرَةِ لِيُؤْذَنَ لَهُ فَطَفِقَ خَالِدٌ يُنَادِي أَبَا بَكْرٍ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا تَزْجُرُ هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى التَّبَسُّمِ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ
وحتى نصل إلى المعنى الدقيق لكلمتي العُسَيْل والعُسَيْلة ، فإنه لا بد لنا من التوسع قليلا في الإحاطة بكافة الروايات لهذا الحديث وذلك لخطورة الموضوع وطبيعته الوعرة ، وجل المعلومات التي نوردها هنا منقولة من كتاب "فتح الباري لإبن حجر" ، فيما يلي الكلمات باللون الأخضر مقتبسة حرفيا من هذا الكتاب.
يمكن تلخيص خلفية هذا الحديث بأن الله سبحانها وتعالت سخرت ثلاثة لاعبين أساسيين حتى تُخَرِّج لنا شرعا مهما عن طريق المثال الحسي والواقعي. ويتفق علمائنا الأجلاء (تقريبا) على أسمي رِفاعَة القُرظي وعبد الرحمن إبن الزُبير ، أما المرأة فيختلفوا على أسمها الذي يتراوح بين "تميمة بنت أبي عبيد القرظية" أو سهيمة ، أو أميمة بنت الحارث ، وسنتبنى هنا أسم أميمة لحلاوته ولأنه أسم عادي غير مميز يساعد في ستر عرض هذه الصحابية الفاضلة.
باختصار ، كانت أميمة تحت رِفَاعة ، “فطلقها طلاقا بائنا” (أي طلقها بالثلاث) فتزوجت بعده إبن الزُبير ، "فذكرت أنه لا يأتيها" أو أنه في روايات أخرى "لم يمسها" لأنه "حصل له عارض حال بينه وبين إتيانها إما من الجن وإما من المرض" . والإتيان هنا هو رديف الوطأ والجماع. وقد جاء في رواية أبي معاوية عن هشام " فلم يقربني إلا هنة واحدة ولم يصل مني إلى شيء " والهنة بفتح الهاء وتخفيف النون المرة (النكحة أو الوطأة) الواحدة الحقيرة "
وجائت أميمة الرسول تشتكي زوجها الثاني إبن الزُبير أنه لا يطأها فقالت استحيائا أنه " وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَعَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ". وفي رواية الزهري عن عروة " وإنما معه مثل الهدبة" ، واستخرجت أميمة بعد ذلك "هدبة من جلبابها" لتتأكد أن رسول الله فهم مقصدها.
والهدبة "بضم الهاء وسكون المهملة بعدها موحدة مفتوحة هو طرف الثوب الذي لم ينسج ، وهذا المعنى مأخوذ من هدب العين وهو شعر الجفن ، وأرادت أن ذكره يشبه الهدبة في الاسترخاء وعدم الانتشار (أي الإنتصاب).
وسمع زوجها إبن الزُبير فجاء ومعه ابنان له من غيرها (أرجو من القارئ الكريم أن يلاحظ أنه أحضر إبنين ذكرين لإثبات أن ذكره فعال ولا بد أن يكون أكبر من رمش العيش ولم يحضر إبنتين ليثبت أنه يمارس النكح من فوق لا من تحت) ، قالت : والله مالي إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى عني من هذه - وأخذت هدبة من ثوبها - فقال : كذبت والله يا رسول الله ، إني لأنفضها نفض الأديم ، ولكنها ناشزة تريد رفاعة" .
بقية الحديث الشريف واضحة، قام خالد بن سعيد بن العاص بسؤال أبي بكر أن يزجر أميمة لأنه شعر أنها وعرت حديثها أمام الرسول ، ولكن الرسول لم يزد على أن تبسم لهذا الموقف وفي روايات أخرى أنه ضحك ولهذا جاء هذا الحديث في "باب التبسم والضحك من صحيح البخاري.
وقد استدل من هذا الحديث "على أن وطء الزوج الثاني لا يكون محللا ارتجاع الزوج الأول للمرأة إلا إن كان حال وطئه (أي ذكره) منتشرا فلو كان ذكره أشل أو كان هو عنينا أو طفلا لم يكف على أصح قولي العلماء ، وهو الأصح عند الشافعية أيضا" .
خرجت أميمة من تحت زوجها الأول "رِفاعة" لتقع تحت "إبن الزُبير" ، آملة أن يكون صادقا في قوله "عن النفض نفض الأديم" ، فخاب أملها لأن أفاعيله في الوطأ لم تتطابق مع الواقع الموضوعي ولا حتى مع دلالة إسمه ، ويبدو أنها لم تكن ملمة بفنون اللغة العربية التي وضحها سيبوية بعد نحو قرنين من الزمن. فبعد أن أكتشفت عن طريق التجربة أن صيغة التصغير الواردة في أسم زوجها الثاني فاقت حد المعقول، فضلت أن ترجع لتخدم تحت "رِفاعة" بعد أن أدركت مغزى "الرفع" في أسمه. ولكن الرسول كان لها بالمرصاد، فقد أدرك بفطنته ، وربما عن طريق تدخل الوحي، أنه لا يمكن أن يترك لنساء المسملين مثل هذا الباب مفتوحا على مصراعيه يجربنه متى شئن، فقضى أن عليها أن تذوق عُسيلة "إبن الزُبير" كي يكون ذلك رادعا لتقلب النساء تحت الرجال. ولكنه في نفس الوقت لم يرد أن يعاقب "رِفاعة" بتخريب "بضاعته" فأمر أميمة وإبن الزبير أن يتذوقا عسيلة بعضهما البعض.
للأسف فإن المفسرين والفقهاء اجمعوا أن معنى "َيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ" و "تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" هو النكح كما ورد في فتح الباري لإبن رجب :
وَقَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء : ذَوْق الْعُسَيْلَة كِنَايَة عَنْ الْمُجَامَعَة وَهُوَ تَغْيِيب حَشَفَة الرَّجُل فِي فَرْج الْمَرْأَة ، وَزَادَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : حُصُول الْإِنْزَال.
أما معنى كلمتي عُسَيْلتها وعُسَيْلته الحرفي فقد اختلف فيه الفقهاء، فمنهم من قال أنه كناية عن الوطأ والجماع ، ومنهم من قال أن المعنى هو نطفتها ونطفته ، أي مائها ومائه ، وهذا ما نرجحه في هذا المقام وهذا المقال.
والصحيح عندنا في تفسير هذا الحديث الشريف يستدل عليه من معنى كلمة "تذوق"، فالتذوق كما نعلم بالفطرة لا يحصل إلا باستخدام الفم واللسان ، وتلعب حاسة الشم دورا حاسما في عملية التذوق، ويستنتج هذا المعنى من تخصيص استخدام كلمة العسيلة المشتقة من العسل والذي لا يمص إلا بالشفاه ولا يلحس إلا باللسان. ويثبت هذا المعنى من الروايات التي اقتبسناها أعلاه ، فالزبير شهد أمام الرسول "إني لأنفضها نفض الأديم ولكنها ناشزة تريد رفاعة ". وشهدت أميمة في رواية أبي معاوية عن هشام أنه " لم يقربني إلا هنة واحدة ولم يصل مني إلى شيء ".
ومن هذا يتضح أن النكح أو الوطأ ، بغض النظر عن نوعيته ، لا يحلل العودة للزوج الأول ، وأن المعنى الصحيح الذي غاب عن جمهور علمائنا، رحمتهم الله، هو أن يمارس الرجل المُحلل مع المرأة "المطلقة ثلاثا" الجنس الفمي-اللساني ، أو بعبارة أخرى المصي-اللحسي، حتى تحل لزوجها الأول. وحسب نص الرواية أعلاه فإن عملية التذوق هذه يجب أن تكون متبادلة أي أن يقوم الإثنان بتذوق عسيلة الآخر.
وتوافقا مع عصر الإعجازيين العلمي الذي نعيشه حاليا نكتشف إعجازين علميين باهرين:
الأول: هو أنه على العرب التمسك بالارقام التي اخترعوها بدلا من الأرقام الهندية التي يغلب استعمالها حاليا ، وذلك لأن قيام المحلل والمطلقة ثلاثا بتذوق عُسيلة الآخر يعني ان يكونا في وضع 69 الجنسي المشهور وهذا يدل على أن سيدنا محمدا قد اخترع الأرقام الحديثة قبل أربعة عشر قرنا.
الثاني: هو أن سيدنا محمد قد تنبأ باكتشاف القارة الأمريكية ، وقيام دولة الولايات المتحدة الأمريكية ، وبناء البيت الأبيض ، وقيام الرئيس كلينتون بممارسة الجنس الفمي-اللساني مع اليهودية مونيكا. ويبلغ الإعجاز العلمي ذروته (هل نعني هنا الذروة الجنسية) إن نحن لاحظنا أن أسم اليهودية التي تذوقت عسيلة كلينتون يتكون من شقين : "مو" و "نيكا" وحسب اللهجة الشامية فإن كلمة "مو" تعني النفي وكلمة "نيكا" تعني النكح كما بينا أعلاه، ومن حقيقة أنه لم يتم رجم كلينتون و "مو" "نيكا" يتضح أن تذوق العُسيلة لا يساوي الجنس النكحي والمتثل بتغييب "الحشفة في الفرج". هنا تتجلى رحمة الدين الإسلامي الحنيف بحفاظه على ممتلكات الرجل الذي طلق زوجته ثلاثا ، فحصن له فرجها من تغييب حشفة الرجل المحلل فيه ، وحفظ له بذلك حرثه ليأتيه من حيث يشاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمات ستعرف في التحرير القادم الإتيان، الحرث، المباشرة
.