رسائل الأدباء رسالة من أروى صالح إلى أمينة النقاش

العزيزة أمينة ..

وأنا بفكر في كلمات الإهداء اللي هاكتبهولك، لقيت مش حاينفع أحطها على الكتاب، لأني في الحقيقة محتاجة أكتب جواب، لأني محتاجة أقدم اعتذار لما أصبح في مقدوري أقدمه، ماكانش بهاء موجود عشان يتلقاه .. سامحيني يا أمينة إني أدخل في موضع أنا عارفه إنه مؤلم بالنسبة لك، لكن تأكدي أني بقيت جديرة بمشاركتك الألم ده .. فيه شخصين في حياتي يا أمينة فقدهم علمني معنى الموت، أمي وبهاء، وبالنسبة لي موت بهاء كان معناه : أني لن أتمكن أبداً من تقديم إعتذاري له، ومازلت أعيش بهذه الوجيعة .
أسمحي لي أخفف عن نفسي بإني أعتذر لك إنتي . لما سبت بهاء يا أمينة ماكنتش عارفه باسيبه ليه، كل ما كنت أدركه إني عاجزه عن الحب ولا أدري لماذا، وتكررت القصة دي بحذافيرها في كل علاقة لاحقة، ولم يحل اللغز إلا بعد أن بلغت الثامنة والثلاثين، حين استطعت أن أحب لأول مرة .. لم تكن المعجزة تخص الحبيب، بالعكس، في كل خطوة خطوتها في حياتي الشخصية كنت أدرك ـ صراحة أو ضمناً ـ أن بهاء كان أقرب إنسان إليَ، ماكانتش معجزة، إنما كان الجانب الهش في تكويني النفسي ـ إلى حد خطر ـ اللي بيبحث طول الوقت عن أمان استثنائي لا يستطيع أن يوفره إنسان في الواقع، لأن الثقب كان في الداخل وعميق جداً . الجانب ده كان قطع رحلة الضعف للنهاية ـ عبر بهدلة لا إنسانية في الحزب ـ حتى المرض والانتحار، إلى أخره، واتعلمت جوه الرحلة دي أصفح عن جروحي القديمة، واتقبل نفسي كما هي، وإن الحل الفعلي الوحيد لثقب عدم الأمان القديم، هي إني أتعلم كيف أعطي أنا نفسي، فقط لما وصلت للنقطة دي عرفت أحب ( لكن في الحقيقة ماكانش بقي فيه ناس كتير يستاهلوا ) .. كان نفسي أقول لبهاء سامحني، ولو أقول الكلمة ونمشي كل واحد في طريقه تاني، بس يعرف إني قطعت رحلة عمري العصيبة ـ باحثة بالذات عن الحب بكل أشكاله ـ لكي أعرف مرة تلو الأخرى أنه كان رجلي، ولعله مهما تألم، ماكان يحلم بمثل هذا العقاب.

أروى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى