للشاعر أحمد رامى على قدره رأي في سيد درويش لا أراه يعدل بحكمه الذي يطرحه إذ يقول : " إذا كان من سوء حظى أن أغنياتى لم تحظ بتلحين سيد درويش حتى يكتب لها الخلود ؛ فإنه كان من سوء حظ سيد درويش أنه لم يعثر على الشاعر أو مؤلف الأغانى الذي يمده بالمعانى والصور التي تتناسب مع مستوى موسيقاه لقد اضطر إلى تلحين كلمات و معان لا تصلح للتلحين أو الغناء ومع ذلك فقد رددتها الجماهير في حماس وفي إجماع بالغين وقد ضمها الخلود بين دفتيه"
ومن الغريب أن يقال عن كلمات بيرم وكلمات بديع في شعر العامية أنها غير شعرية حسبما قال رامى " ليس هناك شك في أن الفضل الأول والأخير في ألحان سيد درويش إنما هو راجع إلى موسيقى سيد درويش و لا شئ غيرها لأن كلماتها - كما قلت – هى في الغالب مجموعة من الألفاظ التى لا تؤدى معنى شعرياً جميلاً "
هل يجوز تبديل كلمات ألحان مسرحية بكلمات مغايرة بدعوى التناسب مع ثقافة العصر المغاير لعصر الحدث الدرامي ولثقافة عصر إنتاج العرض المسرحي ؟!
وللإجابة عن هذا التساؤل يقول د. أبو الحسن سلام في وقفة منهجية عند تلك القضية يقول : " لابد من وقفة عند قضية تغيير بعض أبيات أو كلمات كانت في أصل النص الغنائي واستبدالها بكلمات أخرى غير تلك التى كتبها المؤلف ووضعها على لسان الشخصية أو المغنى وهو أسلوب اتبع كثيراً مع أغانى سيد درويش المسرحية وغير " المسرحية دون منهج ودون تقدير لطبيعة إيقاع الفكر اللغوى وأجرومياته الصوتية وشخصية الكلمة بوصفها مادة في سياق الجملة أو التعبير اللغوى الذي وضعه الملحن - سواء أكان سيد درويش أم غيره الذي وضع له لحناً يوافق إيقاعه ويتآخى مع أجرومياته الصوتية ويجسد شخصية الكلام ويعكس مزاجيته ويزنه بميزانه .
لقد أخذ رامى - والمسئولون من بعده عن الثقافة والفنون – أخذوا على كلمات الأغانى في إبداعات سيد درويش اللحنية أنها لا تليق بآذان مستمعى أغنيات الصالون فرأوا أن "إتمخطرى و إتغندرى و إنجعصى في التختروان " وهى من أوبريت "شهر زاد" و كاتبها "بيرم التونسى" لا تليق بمسامع العصر فاستبدلوها بما يأتي :
" يا كوينى من قسمتى فين بعده ألقى الحنان" مع أن اللحن هو لحن زفة عروس "زعبلة" وهو بطل شعبي ابن بلد فأين (يا كوينى) من (إتمخطرى) والموقف موقف جمع شمل حبيبين عروسين في موكب زفافهما هل يقال (يا كوينى) أم يقال (إتمخطرى) ثم إن التعبير النغمي والإيقاع قد وضع للفظ بعينه والسياق اللحني وضع بوصفه معادلاً نغمياً وإيقاعياً للسياق اللغوي ليؤديا معاً عبر وحدة أدائية تعبيرية درامية إلى أثر درامي وجمالي في آن واحد , ليمتع قبل أن يقنع ويؤثر:
و هل تبديل : "عشان ما نعلا و نعلا و نعلا لازم نطاطى نطاطى نطاطى" لتصبح : "عشان ما نعلا ونعلا ونعلا لازم ندادى ندادى ندادى "
هل (ندادى) أكثر إيحاء وأكثر درامية وأنسب إيقاعاً من لفظة (نطاطى)! ألا يتحقق البعد الجمالى والبعد النفسي والبعد الاجتماعي بلفظة (نطاطى ) بتكرار حرف (الطاء) وهو حرف من حروف الاطباق ومن ناحية الفروق الإجتماعية وتباعد المسافات بينها أليست (الطأطأة) أكثر تعبيراً عن الخنوع و التذلل والتزلف من (المداداة) ؟ أليست لفظة (ندادى) أنسب للتعامل مع الجنس الآخر (النساء) ؟ و هل يتناسب لفظ (ندادى) مع الخط اللحنى الهابط تدريجياً من أعلى درجة يصل إليها أداء لفظة (نطاطى) اللحنى (كريشندو) إلى النزول التدريجى باللحن والإيقاع (دومينوندو) لقد وضع اللحن في خط يتصاعد تدريجياً للتعبير عن معنى الصعود الإنتهازى ثم ينحنى ليصبح تعبيراً عن معنى الهبوط المتدرج حتى الدرك الأسفل في صورة كاركاتورية . وهل تغيير لفظة " دا بأف مين اللى يألس على بنت مصر" هل يتساوى مع " دا بس مين اللى يألس على بنت مصر " صيغة السؤال في قوله "دا بأف مين" إستنكارية تهكمية تناسب إبن البلد ؛ بينما تقف صيغة السؤال في القول الذي استبدلت به اللفظة الأولى تساؤليه بلا إستنكار ولا تهكم وهى تناسب شخصية من الطبقة الوسطى. ثم لاحظ أجروميات لغة الصوت بـين قوله ( دا بأف مين ) والقول البديل (دا بس مين ) والفرق بين التفخيم والمبالغة التى تتحقق في إرتباط حرف (الباء المفخم بالهمزة و الفاء) و (الباء و السين) المخففين والأمر نفسه ينطبق على التغيير الذي وضع للمقطع الذي أصله " ما طلع كلامه طز و فش " والمقطع المستبدل " ما طلع كلامه غش في غش " لفظة ( طز) تحمل معنى التحقير ولفظة (فش ) تحمل معنى التفاهة واللامعنى بينما لفظة (غش) فهى إتهام , والاتهام مشروع إدانة و يمكن رده , ناهيك عن دراميات الصوت ما بين (طز وفش) و(غش في غش) وجماليات التنويع في اللفظ وفي المعنى , إلى جانب إقتباس مثل شائع وشعبى . كما أن العلاقة تنتهى بين (المتكلم) و المستمع إلى كلامه وفق عبارة (طز و فش) بينما العلاقة لا تنقطع إحتمالاً بين الغشاش وضحيته . و ما فات في أمثال ذلك قد يبدو هيناً إذا وجدنا عبقرياً يغير كلمات اللحن الثورى الخالد : "قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك" و هو نشيد ثورة 1919 إلى (يا حمادة دى فطمطم بتناديك" و الغريب أن صاحب الفعلة هو (عبد الرحمن شوقى) في إستعراض (القاهرة في ألف عام) التى أخرجها الألمانى أرفين لايستر و أنتجها المسرح الغنائى بوزارة الثقافة تحت إدارة سعد أردش عام 1969 هل تستقيم هذه الكلمة السطحية لمناد وسيط بين حمادة وفطمطم مع الطاقة التعبيرية النغمية و الإيقاعية للحن الذي وضعه سيد درويش في خضم الفوران الشعبى لثورة 1919 مع (حمادة و فطمطم) و (منادى السرفيس في الموقف) الذي يشبه مذيعة الربط في التليفزيون المصرى ؟! وهل تستبدل :
" أحسن جيوش في الأمم جيوشنا = وقت الشدايد تعالى شوفنـا
ساعة ما نلمح جيش الأعادى = نهجم و لا أى شئ يحوشنا "
وهى من أوبريت شهرزاد بكلمات أخرى مثل " الأمة ملهاش حد غيرنا" ؟! وهل يكون لإسلوب التعارض اللحنى الذي وضعه سيد درويش لذلك النشيد الحماسى عندما يستبدل الإستهلال الحماسى الرائع الذي يبدأ بصيغة أفعل التفضيل (أحسن جيوش) بصيغة المبتدأ (الأمة ملهاش) فما ضرورة توظيف (البروجى) في خط نغمى معارض للخط اللحنى للنشيد ؟! "
Bei Facebook anmelden
ومن الغريب أن يقال عن كلمات بيرم وكلمات بديع في شعر العامية أنها غير شعرية حسبما قال رامى " ليس هناك شك في أن الفضل الأول والأخير في ألحان سيد درويش إنما هو راجع إلى موسيقى سيد درويش و لا شئ غيرها لأن كلماتها - كما قلت – هى في الغالب مجموعة من الألفاظ التى لا تؤدى معنى شعرياً جميلاً "
هل يجوز تبديل كلمات ألحان مسرحية بكلمات مغايرة بدعوى التناسب مع ثقافة العصر المغاير لعصر الحدث الدرامي ولثقافة عصر إنتاج العرض المسرحي ؟!
وللإجابة عن هذا التساؤل يقول د. أبو الحسن سلام في وقفة منهجية عند تلك القضية يقول : " لابد من وقفة عند قضية تغيير بعض أبيات أو كلمات كانت في أصل النص الغنائي واستبدالها بكلمات أخرى غير تلك التى كتبها المؤلف ووضعها على لسان الشخصية أو المغنى وهو أسلوب اتبع كثيراً مع أغانى سيد درويش المسرحية وغير " المسرحية دون منهج ودون تقدير لطبيعة إيقاع الفكر اللغوى وأجرومياته الصوتية وشخصية الكلمة بوصفها مادة في سياق الجملة أو التعبير اللغوى الذي وضعه الملحن - سواء أكان سيد درويش أم غيره الذي وضع له لحناً يوافق إيقاعه ويتآخى مع أجرومياته الصوتية ويجسد شخصية الكلام ويعكس مزاجيته ويزنه بميزانه .
لقد أخذ رامى - والمسئولون من بعده عن الثقافة والفنون – أخذوا على كلمات الأغانى في إبداعات سيد درويش اللحنية أنها لا تليق بآذان مستمعى أغنيات الصالون فرأوا أن "إتمخطرى و إتغندرى و إنجعصى في التختروان " وهى من أوبريت "شهر زاد" و كاتبها "بيرم التونسى" لا تليق بمسامع العصر فاستبدلوها بما يأتي :
" يا كوينى من قسمتى فين بعده ألقى الحنان" مع أن اللحن هو لحن زفة عروس "زعبلة" وهو بطل شعبي ابن بلد فأين (يا كوينى) من (إتمخطرى) والموقف موقف جمع شمل حبيبين عروسين في موكب زفافهما هل يقال (يا كوينى) أم يقال (إتمخطرى) ثم إن التعبير النغمي والإيقاع قد وضع للفظ بعينه والسياق اللحني وضع بوصفه معادلاً نغمياً وإيقاعياً للسياق اللغوي ليؤديا معاً عبر وحدة أدائية تعبيرية درامية إلى أثر درامي وجمالي في آن واحد , ليمتع قبل أن يقنع ويؤثر:
و هل تبديل : "عشان ما نعلا و نعلا و نعلا لازم نطاطى نطاطى نطاطى" لتصبح : "عشان ما نعلا ونعلا ونعلا لازم ندادى ندادى ندادى "
هل (ندادى) أكثر إيحاء وأكثر درامية وأنسب إيقاعاً من لفظة (نطاطى)! ألا يتحقق البعد الجمالى والبعد النفسي والبعد الاجتماعي بلفظة (نطاطى ) بتكرار حرف (الطاء) وهو حرف من حروف الاطباق ومن ناحية الفروق الإجتماعية وتباعد المسافات بينها أليست (الطأطأة) أكثر تعبيراً عن الخنوع و التذلل والتزلف من (المداداة) ؟ أليست لفظة (ندادى) أنسب للتعامل مع الجنس الآخر (النساء) ؟ و هل يتناسب لفظ (ندادى) مع الخط اللحنى الهابط تدريجياً من أعلى درجة يصل إليها أداء لفظة (نطاطى) اللحنى (كريشندو) إلى النزول التدريجى باللحن والإيقاع (دومينوندو) لقد وضع اللحن في خط يتصاعد تدريجياً للتعبير عن معنى الصعود الإنتهازى ثم ينحنى ليصبح تعبيراً عن معنى الهبوط المتدرج حتى الدرك الأسفل في صورة كاركاتورية . وهل تغيير لفظة " دا بأف مين اللى يألس على بنت مصر" هل يتساوى مع " دا بس مين اللى يألس على بنت مصر " صيغة السؤال في قوله "دا بأف مين" إستنكارية تهكمية تناسب إبن البلد ؛ بينما تقف صيغة السؤال في القول الذي استبدلت به اللفظة الأولى تساؤليه بلا إستنكار ولا تهكم وهى تناسب شخصية من الطبقة الوسطى. ثم لاحظ أجروميات لغة الصوت بـين قوله ( دا بأف مين ) والقول البديل (دا بس مين ) والفرق بين التفخيم والمبالغة التى تتحقق في إرتباط حرف (الباء المفخم بالهمزة و الفاء) و (الباء و السين) المخففين والأمر نفسه ينطبق على التغيير الذي وضع للمقطع الذي أصله " ما طلع كلامه طز و فش " والمقطع المستبدل " ما طلع كلامه غش في غش " لفظة ( طز) تحمل معنى التحقير ولفظة (فش ) تحمل معنى التفاهة واللامعنى بينما لفظة (غش) فهى إتهام , والاتهام مشروع إدانة و يمكن رده , ناهيك عن دراميات الصوت ما بين (طز وفش) و(غش في غش) وجماليات التنويع في اللفظ وفي المعنى , إلى جانب إقتباس مثل شائع وشعبى . كما أن العلاقة تنتهى بين (المتكلم) و المستمع إلى كلامه وفق عبارة (طز و فش) بينما العلاقة لا تنقطع إحتمالاً بين الغشاش وضحيته . و ما فات في أمثال ذلك قد يبدو هيناً إذا وجدنا عبقرياً يغير كلمات اللحن الثورى الخالد : "قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك" و هو نشيد ثورة 1919 إلى (يا حمادة دى فطمطم بتناديك" و الغريب أن صاحب الفعلة هو (عبد الرحمن شوقى) في إستعراض (القاهرة في ألف عام) التى أخرجها الألمانى أرفين لايستر و أنتجها المسرح الغنائى بوزارة الثقافة تحت إدارة سعد أردش عام 1969 هل تستقيم هذه الكلمة السطحية لمناد وسيط بين حمادة وفطمطم مع الطاقة التعبيرية النغمية و الإيقاعية للحن الذي وضعه سيد درويش في خضم الفوران الشعبى لثورة 1919 مع (حمادة و فطمطم) و (منادى السرفيس في الموقف) الذي يشبه مذيعة الربط في التليفزيون المصرى ؟! وهل تستبدل :
" أحسن جيوش في الأمم جيوشنا = وقت الشدايد تعالى شوفنـا
ساعة ما نلمح جيش الأعادى = نهجم و لا أى شئ يحوشنا "
وهى من أوبريت شهرزاد بكلمات أخرى مثل " الأمة ملهاش حد غيرنا" ؟! وهل يكون لإسلوب التعارض اللحنى الذي وضعه سيد درويش لذلك النشيد الحماسى عندما يستبدل الإستهلال الحماسى الرائع الذي يبدأ بصيغة أفعل التفضيل (أحسن جيوش) بصيغة المبتدأ (الأمة ملهاش) فما ضرورة توظيف (البروجى) في خط نغمى معارض للخط اللحنى للنشيد ؟! "
Bei Facebook anmelden