د. محمد الشرقاوي - كيف يُنقذ الملك المرحلة؟.. وطنيون ونفعيون في دائرة الملك دراسة تفصيلية في سبعة أجزاء - الجزء (4)

#كيف يُنقذ الملك المرحلة؟..

الجزء (4)

لم يُظهر دعاة التطبيع الشفافية المطلوبة وهم يجرّون يد المغرب إلى توقيع الاتفاق الثلاثي مع مائير بن شبات وجاريد كوشنير في الرباط في الحادي والعشرين من ديسمبر الماضي. ونفخوا في بعض التفاصيل غير الدقيقة أكثر من حقيقتها مثل التّلويح بأنّ نشر الاعلان الرئاسي لترمب في السّجل الفيدرالي Federal Registry، أو ما يقابل الجريدة الرسمية، ضمانةٌ قانونيةٌ على "أزلية" الاتفاق و"استحالة عدم الالتزام به" في المستقبل. ومرّت ستة أشهر في الترقب والانتظار دون مؤشر واضح على قرب تزكية حكومة بادين الاعتراف الموعود.
شملت أحاديث القصر حول صفقة التطبيع والاعتراف اجتهادات غير متجانسة بين ذوي المنطلقات الوطنية وذوي الحسابات والمنفعة الذاتية. وجاء السؤال الصارم: هل هو تطبيع يُجدي، وهل هناك اعتراف سيأتي، فلِمَ الاستهتار بالرصيد السياسي والديني والرمزي لرئاسة لجنة القدس؟
من مفارقات التاريخ أن مشهد هذه السّجالات يشبه إلى حدّ كبير تباين النوايا بين الشخصيات الإحدى والأربعين الذين سافروا إلى فرنسا للمشاركة في في مفاوضات #إيكس_ليبان حول استقلال المغرب عام 1955. كان هناك #وطنيون، وكان هناك #نفعيون آنذاك في مفاوضات تحديد مستقبل المغرب "المستقل"، مما جعل الرّاحل #المهدي_المنجرة يصرخ في مكان غير بعيد من جامعة السربون "#إنّها_خيانة". واليوم، تكشف صفقة التطبيع مقابل الاعتراف تقابل الموقف بين وطنيين ونفعيين بانتظار أن تنصف سجلاتُ التاريخ الجميع.
كانت أحداث حيّ الشيخ جراح في القدس الشرقية والقصف المتبادل بين إسرائيل وحماس بمثابة "ربّ ضارة نافعة" لقراءة جديدة لصفقة التطبيع مقابل الاعتراف في الرباط. في المقابل، جلس مائير بن شبات مستشار الأمن القومي مع رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الموساد كوهين ورئيس الأركان الجنرال كوخافي في غرفة لتحديد عمليات استهداف المواقع والمدنيين والمباني في غزة، وتناسى بسملته "الله يبارك فْعمر سيدي.." أثناء لقاء الملك في قصر الرباط.
ولم يُرَاعِ أو يتذكر أن المغرب وإنْ وقع الاتفاق الثلاثي وأعاد فتح مكتبي الاتصال، فإنه لم يتخل عن موقفه من القضية الفلسطينية وحلّ الدولتين ووضع مدينة القدس، وأنه متمسك بالمسؤولية السياسية والدينية والحضارية التي ألقتها سبع وخمسون دولة في رابطة العالم الإسلامي على عاتق رئيس لجنة القدس.

1623006192572.png


واليوم، يحقّ للمغرب ملكا وشعبا أن يقلب الطاولة على بن شبات والسفير غوفرين ومن خلفهما نتنياهو وبقية الليكوديين والصهاينة بمن فيهم الصهاينة المغاربة، وأن يؤكد التزامه مجددا بمستقبل القضية الفلسطينية، ويطلق فصاحة سعد الدين العثماني في التعبير عن موقف الرباط بشكل مباشر، وينصت نتنياهو لأصوات المغاربة المتظاهرين ضد التطبيع في خمسين مدينة عبر أرجاء البلاد، ويمتدّ صوت خالد السفياني عاليا حتى تل أبيب بضرورة إغلاق مكتب التمثيل الإسرائيلي. وليس من المبالغة القول إنّ الزخم الجديد في موقف المغرب واستعادة البوصلة يرقى إلى #ثورة_ملك_وشعب جديدة، عندما تتمّ تنحية خطاب التطبيع ويُعاد تنصيب خطاب القدس وفلسطين وموقف المغرب التاريخي. وهو أيضا مؤشّر على تقييم رزين لمجازفة سياسية لم تدم أكثر من ستّة أشهر في خضم عدة متغيّرات إقليمية ودولية.

يليه الجزء 5: #إسبانيا_الجوار_أم_إسبانيا_القطيعة؟


1623006128594.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى