رسائل الأدباء رسالة من حسين مردان الى شاكر حسن

اخي الرسام شاكر حسن:

لقد وصلتني رسالتك الاولى فسررت بها كثيرا وتناولت القلم اكثر من مرة وكتبت عدة سطور ثم نسيت الامر دفعة واحدة. نسيتك ونسيت ان في العالم مدينة اسمها (باريس) بل ونسيت حتى نفسي.. وجاءت رسالتك الثانية ففرحت بها ايضا واثارتني للكتابة، ولكن هيهات،، ان الايام تمر وانا جامد متصلب كحجر الطاحون ولنفرض اني انجزت كتابة الرسالة ولكن من الذي سيحملها الى البريد!!. وهل هناك قوة تستطيع ان تدفعني الى ان اقوم بمثل هذا العمل الجبار، شراء الطوابع ولصقها على الظرف ودفع الفلوس ايضا، الا ترى ان القيام بمثل هذه العملية تكاد تكون من الخوارق بالنسبة لي.
بصراحة لقد اصبحت اكره حتى الصداقة فانا لا اريد ان اتعب نفسي مطلقا لقد اغلقت الباب وعيني مملوءة بالرمل فلا اوّد ان ارى غير وجهي ماذا تريد مني؟ اني رجل قاحل كالعدم، ومع ذلك فها انا اكتب اليك هذه الرسالة والتي اعتقد انها لن تصلك قط وستذهب الى النسيان كما يذهب شيء آخر في هذا العالم..
تقول انني اهملتك، انه لو تعلم يا شاكر.. ان الموتى هنا لا يفهمون ولو انهم يحركون اذرعهم كالقردة، لقد ضربوا على آذانهم فلا ينبعث من حناجرهم غير النشيج.. وانا الوب في الوحدة والالم يلوي شفتي لاني لم اجد الانسان الذي يقبل ان ارفعه الى قلبي، ان زفرة واحدة نطلقها في لحظة ضيق كفيلة بابعاد جميع الاصدقاء من حولنا، لانهم هم انفسهم يمتلئون بالزفرات ساعة بعد اخرى، ولهذا فضّلت العودة الى الاشباح فرجعت الى السكر، ولكن حتى هذا السم الابيض لم يعد يؤثر في احزاني، ان الخمر قد يخدر عقلي ولكن اين اجد الشراب الذي يخدر القلب!!.
لقد كنت تدرك لغة الجنون وتفهم معنى الظمأ الذي تشكو منه الصحارى وبسفرك لم يبق لي غير الانفراد، ولعلك تعرف اي رعب اسود في هذه الكلمة الجهنمية، وانا ادور الان في بيت العنكبوت وكل ما افعله هو ان اقضم اظافري بصمت .. آه لو استطيع ان افسر الطلاسم التي ترتسم على شفتي الان!. لا شك انك قد قرأت شيئا عن حيوانات القطب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى