أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة أمس ٨٧ : صباح دموي في جنين

كلما ذكر اسم جنين تذكرت قصيدة الشاعر مظفر النواب التي كتبها في حصار المدينة ومقاومتها في العام ٢٠٠٢ .
كنا يومها ، في مدن الضفة كلها ، محاصرين إذ اجتاحت القوات الإسرائيلية المدن وحاصرتها ، فقاوم من قاوم واستشهد من استشهد وأسر من أسر و ... وكان صوت الشاعر ينشد :
" هذا الفتى البهي من جنين
حذاؤه أشرف منكم ، جملة ومفردا ،
هيهات أن يلين ."
وصباح أمس كنت أصغي إلى صوت النجاح يتحدث منه الصحفي علي دراغمة Ali Daraghmeh عن استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين بعد مهاجمة قوات من المستعربين الإسرائيليين لمقرهم .
كان الصباح دمويا ، وانصرف ذهني إلى الأدب الصهيوني ، وتحديدا إلى كتاب غسان كنفاني " في الأدب الصهيوني " وإلى رواية ( ليون اوريس ) " اكسودس " أي " الخروج " .
صور الأدباء الصهيونيون ؛ يهودا وغير يهود ، صوروا شخصياتهم اليهودية أبطالا خارقين أقوياء ينتصرون على أعدائهم ، فمثلا بكرباج يستطيع يهودي لوحده تأديب قرية عربية . وصور ( ليون اوريس ) في روايته اليهود في الأحياء اليهودية في وارسو أبطالا مقاومين أفذاذا ، حتى الأطفال منهم ، وهو ما لم يكونوا عليه في الواقع ، فقد سيقوا إلى الأفران في المعسكرات مستسلمين بلا مقاومة .
أمس رددت أسئلة قديمة في الموضوع :
- هل أراد الإسرائيليون إقناع أنفسهم بأنهم كانوا حقيقة كما صوروا في الأدب الصهيوني ؟ وهل أرادوا أن يقوموا بنوع من التعويض أو الاستبدال وبالتالي الثأر من ماضيهم المخجل الجبان ؟
هل وجدوا في الفلسطينيين عدوهم الذي لم يقووا عليه قبل ثمانين عاما في ألمانيا ، بل وقبل قرن ونصف أيضا في روسيا القيصرية ؟
- هل يحقد الإسرائيليون على الفلسطينيين ، لأن الأخيرين لم يخضعوا للصهيونية ولم يستسلموا لها وواصلوا المقاومة منذ العام ١٩٢١ ؟
ثلاثة شبان مثل الورد اعتدي عليهم وقتلوا بلا رحمة ولم يشفع لهم أنهم تابعون لسلطة بينها وبين دولة إسرائيل اتفاقية سلام .
كانت الأجواء في الضفة الغربية أمس حزينة فارتفع النشيد الوطني وبثت الأغاني الوطنية و ... و ... وواصل جيش الاحتلال اعتقال النساء والأطفال ، وواصل النشيطون في وسائل التواصل الاجتماعي بث أشرطة الفيديو لمنى الكرد وللجيش الإسرائيلي يواصل اعتقال الأطفال ، ومن أطرف الأشرطة الشريط الذي عرضه حنظلة حنظلة لجنود يقتحمون مدرسة ابتدائية لاعتقال طفل لم يتجاوز العاشرة ، ومن قبل عرضت أشرطة فيديو لاعتقال أطفال في الرابعة والخامسة .
يا لبطولات أبطال ( ليون اوريس ) في روايته !! ويا لبطولات الجيش الإسرائيلي على أرض الواقع !! ولطالما كتبت عن الطفولة في أشعار محمود درويش !! لقد خصصتها بكتابة مقال طويل في كتابي " أرض القصيدة : جدارية محمود درويش وصلتها بأشعاره " ( ٢٠٠١ ) .
" نحن أدرى بالشياطين التي تجعل من طفل نبيا " .
كتب الشاعر ، وكم من طفل اعتقله عشرون جنديا وأكثر . يا لبطولات بني صهيون !!
وأنا عائد في الحافلة دار جدل ببن سائقها وأحد الركاب حول تسعيرة أجرة الراكب . نقد الراكب السائق ثلاثة شواكل فلم يعد السائق له نصف شيكل ، مواصلا العمل بالتسعيرة الطارئة منذ انتشر وباء الكورونا ، ولم يلتزم بالقرار الجديد الذي أعاد الأجرة إلى سابق عهدها ، وأنا عقبت قائلا :
- لعله سوء فهم وحتى السبت تتضح الأمور .
وكنت أفكر في شهداء الصباح الذين لم يحل استشهادهم دون الجدل في أسعار السكر والبطاطا والكرز وضمة النعنع و ... وكان أبناء غزة يواصلون الكتابة عن محنتهم التي ابتدأت مع توقف الحرب وإطلاق الصواريخ .
صباح الخير
خربشات
١١ حزيران ٢٠٢١



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى