عبدالرحيم لمساقي - الدين والتدين..

الدين أو التدين الغالب على الناس في عصرنا الحالي سواء بشكل ظاهر سلوكا او رابض في أعماقه دون أي طقس معلن و قد يكون حتى الطقس الممارس غريب و متفرد، هذا النوع من التدين لا يجعلنا فقط أشخاص خانعين و خاضعين و مستسلمين و متأخرين عن الركب و متخلفين و كائنات مجترة لشوينگون الأمم المتقدمة بتلهف و إفتقار لتلك الشوينگوم مع تقريع اكبر من كونه لا أخلاقي و لا ديني و لا انساني للصانع، التدين الذي تم حشونا به من المستحيل ان يكون هو الذي سنه لنا مبدع هذا الكون او أننا أخطأنا الطريق كثيرا جدا و ربما أكثر مما يمكننا ان نعيش لنستدرك، تقول نواميس السماء أن آدم نزل لهذه الجزيرة المحاطة بملايين السنين الضوئية من الشساعة، ليخلف الصانع و يعمر الأرض و كان الهدف ان تكون على هذه الارض حياة تسير بالعقل و القلب، قلب معلق بقوانين السماء و عقل يفكر في إعمار هذه الأرض لأجل الحياة الواعية، و مذ اول خطيئة على هذه الأرض و كل الخطايا في حق هذا المعمر الذي ليس اكثر من امتداد لنا، لا تختلف عن الخطيئة الأولى في حق قابيل، و جاءت النواميس تقول أن من احياها فكأنما أحيا الناس جميعها، هل تدري معنى للإحياء، اصل الإحياء نفخ الروح، نفخ الأمل، نفخ المعنى، نفخ الحب، نفخ الحياة، كيف تنفخ روحا في غيرك إن كنت ميتا، ألم تقل النواميس أن من قتلها فكأنما قتل الناس جميعا، أنت منهم لا تقتل الا نفسك، حين تهدم أحدهم تهدم نفسك، حين تحرم أحدهم تحرم نفسك، حينها انت لا تفكر و لا تتبع نواميس الكون بقلبك،
التدين يجب ان يعني الإحياء، كم احيا اليوم ذاك الذي اكتشف الأوكسيجين و ذاك الذي حبسه في قوارير، و ذاك الذي أسعف به إنسان، و غيره و غيره و غيره الكثير مما دب و لو بعض الحياة في شرايين هذا الصرح العظيم المسمى إنسان، نتعلل دائما بحجة الإيمان بالقدر خيره و شره، الإيمان بالقدر لا يعني الخضوع في ركن قصي و الانتظار، انتظار الموت الذي سيأتي في جميع الاحوال دون أن نسعى لجلبه و لكنه باب يمشي على خط زمني تابث يعبرنا مثل باب نعبره ساعة انتهاء الدوام، لنعيش مرحلة أخرى في الإعمار و الإحياء أو في زنازن الإنتظار لفشلنا الذريع في الإعمار، من كان ميتا سيبقى ميتا و لا أثر للحياة خلفه و من كان حيا سيبقى حيا حين يخرج من شرنقة الإعمار بجناحين من نور، من لم يكتمل لن يستطيع ان يغادر شرنقته و يحلق، لا أحد اطلع على القدر، الأقدار ليست برامج ميكروسوفت و ان كان في بعض البرامج اختيارات، اوليست هذه إشارة و بشارة أننا نختار و نملك الإختيار و إلا لما كانت هذه الأرض في حاجة إلى مدمر بعقل و قلب يمكنه ان يحيا بوعي،
ليس في التدين انتظار و رهبة للموت و الدمار، اذا كان للقبر عذاب و أهوال فلن تكون سوى غضب هذه الأرض على أولئك الذين أزهقوا الحياة عليها بكلمة أو سهم، بتخلي و خضوع للفراغ باسم القدر و القدر لا يجب أن يكون قذرا بصفحات فارغة و ملطخة بالقذارة، اذا كان كاتبه أصل الطهر و الآمر بالسعي و العمل و التأمل و التفكر و الحب، نحن موتى أحياء نجوب فجاج هذه الجزيرة التي باتت كالمقبرة المنسية، هل الموتى يحملون فكرا، أملا،حبا و إعمارا للأرض أم أنه محض خراب، الصانع رحيم يترك في اعماق هذا الكائن بذرة لا تختفي إلا بعد عبور باب الزمن الذي لا يفتح من الداخل، هذه البذرة يمكنها أن تنمو و تعطي شجرا و تعطي حياة و تبقى أثرا، لذلك كانت التوبة، كانتفاضة لهذه الروح القابعة تحت غبار الإنتظار و الإنهيار و رماد الإحتراقات، انتفاضة انبعاث و ايمان و التزام، للعودة للغاية الأسمى الإعمار، نملك فرصة مغايرة تماما لحياتنا السابقة لنعيد البدء و نضع أسس البناء للإعمار، فرصة واحدة اكبر من جميع الفرص و من سحيق الهاوية قبل فوات الأوان
  • Like
التفاعلات: نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى