سعيد كنيش - صناعة المرض..

مع اجتياح وباء "كورونا 19" للمعمورة، أصبح اهتمام الكل هو صحة الانسان الجسدية والنفسية . فالكل يردد ويقول هذا صحي.. أو هذا غير صحي.. وذلك من وجهة نظر تقدم نفسها غالبا على أنها علمية أو تبدو كذلك.
ولان الخوض هنا في استعراض وجهات النظر تلك أمر غير ممكن، لأنه ببساطة لا يمكن حصرها؛ فقد اخترت أن أعرض وجهة نظر شركات صناعة الادوية العالمية لأنها أصبحت من مدة طويلة - كانت ولازالت - المحرك والمؤثر القوي في تحديد السياسة العامة لصحة الانسانية؛ وذلك من خلال معاهد الابحاث ومختبرات التحليل الدوائية التي تمول برامجها البحثية شركات انتاج الادوية والامصال ، وأيضا جمعيات الطب التي يديرها كهنة العلم المرموقين التي تخضع أيضا لتأثير هذه الشركات.
تجمع جل شركات صناعة الادوية والأمصال ومن يدور في فلكها على أن صحة الانسان سيئة وتزداد سوءا. ولكنها تعرض عن طرح الاسباب و لا يهمها الامر، فدورها كما تتدعي هو ابتكار الادوية و الامصال.
جميع الادوية والامصال الحديثة المبتكرة للأمراض المزمنة التي يتم تسويقها في الاسواق بأثمنة باهظة في الغالب، لا تشفي المرض تماما، وإنما تخفف الالام أو الاعراض، ويستمر العلاج طويلا وينتهي الامر بوفاة المريض، تم نقول: مات الفقيد (ة ) بمرض عضال لم ينفع معه العلاج.
ازدادت الامراض المزمنة وارتفعت مبيعات وارباح الشركات الكبرى التي تهيمن في العالم على صناعة وتسويق هذه الادوية، وأصبح الامر مغريا بتوسيع دائرة الامراض. فأصبح مثلا الخجل عند الانسان يعتبر مرضا. فقررت جمعية الطب النفسي في الولايات المتحدة الامريكية في سنة 1980 أن الخجل مرض نفسي وضمنته في الكتيب الخاص بالأمراض النفسية الذي يتم تحيينه كل سنة من طرفها. هكذا أصبح الخجل مثل جميع الامراض الاخرى، وقامت شركة " بيك فارما " ببيع الأمل للمرضى المصابين بداء الخجل الذي أصبح يسمى المرضى المصابين "بالفوبيا الاجتماعية" أو " الحساسية من الناس" بعدما كنا نرى في صفة الخجل صفة مقبولة في الناس أو جذابة.


سعيد كنيش - تمارة في 22/06/2020

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى