- عتبةٌ خلفَ ستارةِ المسرح:
____
- ما الريحُ يا أبا حامد؟
- ألهذا كتبتَ سرديات ما بعد الشك؟
- إن كان الأمر كما قلتَ فما الكتاب إذن؟
فإن كانت اللغةُ سائلةً متحركة، فهل يوازيها الفكر...!
هل الكتابُ هو النصُّ الذي دُعِم من قِبل عقول رفعته بالقوة والفعل إلى مصافِّ ما فوق الواقع؟!
ربما يراه الكثير هكذا، فإن كان؛ فهل النص الذي رفع نفسه -بقوته وقوة ناصِّه، من خلال سدِّ منافذ الضد-يمكن أن نتأمل دخوله في مفهوم الكتاب؟ لكن الرفع بالقوة أو بالفعل أو بكليهما سيظل نازلا عند آخرين، ومن ثمّ لا محيد عن الواقعية التي يجاوزها الزمن؟ فهل كلُّ ما يخطر في بالك عن مفهوم الكتاب فهو ذلك فعلا، وغير ذلك قوة؟ أم مفهومه: فكرة تنفُذ في داخل نسق المعرفة لتقول شيئا جديدا؟!
ولو استعرتُ من الجاحظ قوله " الكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك..."
سأسأل: هل كتاب الحيوان التي وردت به هذه العبارة يطيل الإمتاع لجميع مَنْ يقرؤه؟ أم أنَّ (متعة) الجاحظ تشير إلى أنَّ وصفَ الكتاب بحسب مَنْ يقرؤه؟ فيكون البيان والتبيين كتابا عند زيد، وليس كتابا عند عُبيد، وكمثل قول: " ربابةُ ربّة البيت. تصب الخل في الزيت" هي عند تلك الجارية أجود وأعظم وأطرب من " كأن مثار النقع فوق رؤوسنا..."؟ فالجارية لن تخجل أن تقول: ما أسوأ: "قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل". ولن يهمها وجود معانٍ وألفاظ تخمَّرت في أذهانِ النُقادِ فأسَّست بُنية تحليلية لـــ ربابة ربة البيت.
إذن هل الكاتِبُ هو الذي يُفكِّر بلُعبةٍ تتشابك دوالّها – بطريقٍ ليس موجّهٍ-لتصنع بنيانا دالّا على قراءةٍ نقديةٍ تقوم على التفكيك لا التأسيس من جهة، وبنيانًا يضمن المتعة الإبداعية من جهة أخرى، وهذه المتعة هي معيار أصيل في التلقي المتعدد – كما أشرنا في قولِ الجاحظ-وكأنَّ الكاتبَ هُنا سيخاتل كل قارئ، ليخرج به لما يريد، وفي الوقت نفسه يكتب ما يريد هو.
- كيفَ تجمعُ بين هذا الكلام والنظرية الحدسية لديك، وخصوصا أنك قلتَ في صحيفة طوس عن أساليب التفلسف بمناسبة صدورِ كتابك تهافت الفلاسفة: "من لم يكن ماورائيًا لا يُعَوّل على فلسفته". وقلتَ "مِنَ الإرادةِ القديمة جاء الكونُ الحديث، ومن ثمّ كانت الإرادةُ ثابتا يقف خلف المتغيرات الثقافية للوجود الإنساني"؟
- هل تعني بالمابعد. ما بعد الشك الغزّالي؟