أ. د. يحيى جبر - الردود التفصيلية على زعم أن القرآن الكريم بالآرامية

الرد على لؤي الشريف (2) رد من خارج السياق

استحثني الأخ أحمد عمارنة طالبا ردي على ما ذهب إليه (لؤي الشريف) من أن ( الصمد) مأخوذ من الآرامي.حيث قال:( هي من الآرامية وتعني الطريق وتلفظ "سامد" أي أن الله هو الطريق الذي أنا أقصده في طلب الحاجات، وعبّر عن أسفه من تفسيرات المفسرين لكلمة "الصمد"، فمنهم من قال إنها تعني "من لا جوف له"… ) فأقول: قوله (الطريق) فالطريق قد يُسلك لخير أو شر، ولكنه قصره على طلب الحاجات! وخلط بين المعنى الآرامي (الطريق) والمعنى العربي وهو: الذي يُقصَد، وتتجه إليه الأنظار، والمكان المرتفع، ومن ذلك في العربية صمد الأمر: قصده واعتمده، والصمد: المكان الغليظ المرتفع من الأرض، وجمعه أصماد وصماد، وقال أبو عمرو : بناء مصمّد أي معلّى . ويقال لما أشرف من الأرض الصمد. ثم إنه لم يورد ما للكلمة من المعاني لا عند المفسرين ولا في المعجم العربي.
ثم قلت: كل مكان مرتفع فهو محط النظر من مختلف الجهات، تقصده الأنظار لظهوره دون ما يليه، فالمقصود ههنا التوجه بالقصد أو النظرإلى شيء بارز مرتفع، والله الصمد أي الذي تتوجه إليه الأنظار وتقصده الناس بالدعاء، ومنه في الدارجة (صمّد) أي سدد النظر ووجه السهم ونحوه، ومن ذلك (صمدة العروس) إذ لا تكون إلا في مكان مرتفع تقصدها الأنظار.
والأصل ( صمد) أصيل في العربية لهذه المعاني قبل تنزُّل القرآن الكريم، فالكلمة عربية لمعنى (القصد والارتفاع) والله عز وجل يُقصد، وهو عال فوق الكائنات. وهذا الاصل واسع الانتشار والتصرف في العربية، وفيه ما يقطع بأصالته لدلالته إضافة إلى ما له من حضور آخر يتمثل في قولهم (بناء مصمت حيث ذهب اللغويون إلى أنها لغة في مصمد) وهذا من أدلة الأصالة.
والدلالة الصوتية ل (صم) ترشح ما تقدم، لوقوعها على معنى التركيز المتمثل في توجيه النظر إلى المقصود بدقة، ونحن نعلم أن ذلك من أدب الخطاب والعمل ولوازمهما.
وفي العربية ألفاظ كثيرة تعني الطريق، فلا حاجة للعرب في اقتراض كلمة سامد الارامية (يمكن مراجعة أطروحة سلام عيدة حول ألفاظ الطرق_ جامعة الخليل)

الرد على لؤي الشريف (3)
الآرامية لغة ( سامية) والقول الأفضل أنها لهجة عربية قديمة، كالعبرية والكنعانية والبابلية والحبشية والحميرية وغيرها من لغات الشعوب التي خرجت من الجزيرة العربية (ولا سيما اليمن) في هجرات متعاقبة منذ فجر التاريخ. والمعروف أن كل هذه اللغات تتألف ألفاظها من 22 حرفا (صوتا) بينما العربية من 29، وهذا يعني أن العربية أقدرها على التعبير وأغناها ألفاظا، وأدقها فيالتفريق بين المعاني. ولنأخذ مثالين:
1. في العبرية تستخدم كلمة مح لمعى صفار البيض، ومعنى الدماغ وما يكون في العظام من نخاع... كلمة واحدة لمعنيين مختلفين، بينما نجد أن العربية استخدمت لكل منهما لفظا مختلفا: المح للبيض، والمخ للنخاع ونحوه.
2. في الارامية كلمة (طل) تستخدم بمعنى الندا ومعنى الظل، ولكننا نجد العربية أدق ، وقد فرقت بين المعنيين بلفظين مختلفين هما( الظل لما لم تقع عليه الشمس، والطل، وهو الندا والمطر الضعيف.
فأي اللغتين إذًا أبلغ وأوفى وأكمل ، وأولى بأن تكون لغة لكتاب الله؟
.
الرد الأخير على لؤي الشريف
كان الملك عبد الله بن الحسين يحب مفاكهة جلسائه؛ فإذا دخل عليه عرار(مصطفى وهبي التل) يبادره بقوله: (و) فيرد عرار قائلا: ( إِ )، فيعجب الحضور مما يسمعون، ففسر لهم الملك ذلك، وهو أنه يقول لعرار_ وكان شاعرا_ والشعراء يتبعهم الغاوون. أما قول عرار للملك فترجمته( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها).
ومن مأثور كلام العرب: لا أريد الشر إلا أن ت... وإن خيرا فَ؛ أي إلا أن تريده أنت، وفخيرا.
وقصيدة امرئ القيس(تعلق قلبي طفلة عربية) فيها (وكاف وكفكاف..) أعني ذكر الحرف في الكلام لمعنى يراد، وهذا كله يبين أن العرب ربما تكلمت بالحروف دون الكلمات
أما قول الشريف في ذرية اسماعيل عليه السلام أنها (تسمى العرب المستعربة بعد أن تزوج في اليمن، وأنه كان يتكلم الآرامية القديمة) ففيه نسف لفكرته التي يحاول ترويجها لصالح بعض المستشرقين( لكسنبرج)؛ لأن قوله " المستعربة" يعني أنهم تحولوا إلى العروبة والعربية، وهذا يعني أن العرب والعربية كانا موجودين.
وقوله في الآية( فنظر نظرة في النجوم)إن: نجم أو "ناجم" في الآرامية تعني الدليل المرتفع أي النجوم، فمردود عليه بأن ما ورد بعد الآية فيه ذكر للنجوم والشمس والقمر دون تأويل. وسماء الجزيرة أصفى من أجواء مواطن الآراميين، ما يعني أن معرفتهم بالنجوم أولى وأوثق.
قال: (كما أن الآية "قل هو الله أحد" تعني أن الله "واحد" وليس "أحد ما"، وهي من الآرامية "إيخاد" وتعني واحد وتصبح السورة: قل هو الله واحد. الله الطريق).
قلت: إن كلمة أحد هي في الأصل وحد، وقد تكلم بها العرب، وتعني المنفرد، قال شاعرهم: أو معزب وحد أضاع أفائلا... وتجمع على أحدان كما في قول كعب بن زهير( مثل الطرابيل أحدان البغال به....يقلب الواو همزة) يعني أنها ليست معا في مكان واحد بل هي متفرقة. والمعروف أن اللفظ حين يكون واسع الانتشار في اللغة فإن ذلك يقطع بأصالته فيها. ووجود نظائر سامية له مثل ما ذكر ومثله في العبرية اخاد والتجري من لغات ارتريا (حدّي) يدعم أصالته في لغته. أما أن الله( جل جلاله) طريق فمردود بأن ذلك يتنافى والحقيقة.
وأما قول الشريف عن" القرآن القديم الذي كتب بالآرامية!!! قبل وضع النقاط والتشكيل، وأنه هو القرآن الذي كتب بالخط القديم أي الخط الآرامي قبل التشكيل والتنقيط"…فالرد عليه هو أن الكتابة ليست جزءا من اللغة، وكان القرآن الكريم في صدور الرجال بالعربية ولا علاقة للرسم بما نزل من السماء.

الرد على لؤي الشريف (5)
وقال: إن من نطق باللغة العربية الحالية هو "اشماايل" أو النبي إسماعيل…موضحاً أن إسماعيل كان عبرانياً وليس عربياً ولذلك تسمى ذريته العرب المستعربة بعد أن تزوج في اليمن، وجاء اسمه من دمج كلمتين "اشما" —"ايل" اللتين تعنيان "سمع"-"الله"، وهو الذي كان يتكلم الآرامية القديمة
قلت: ما الذي جاء بإبراهيم إلى مكة؟، وأي بيت رفع فيه قواعده هو وابنه ؟ مكان البيت مقدسٌ من قبلهما، . ولننظر إلى رحلته عليه السلام؛ من العراق إلى فلسطين ثم إلى الحجاز...... كانت هذه البلاد مفتوحة لا حدود جغرافية تفصل بين أهلها، وكانت التجارة من اليمن إلى بلاد اشام وغيرها سالكة مر الدهور ، ورحلة الشتاء والصيف لا أحد يمكنه أن يقول متى بدأت،.بل إن جرهم( الثانية) التي تزوج منها اسماعيل كانت قد استأنفت الرحلات من اليمن الى الشام بعد الطوفان.
ولا حقا بما تقدم في الردود السابقة يمكن أن نقول:إن ابراهيم قدم الى هذين البلدين ومن بعده أبناؤه إلى مصر لنخلص من ذلك إلى أن هذه المنطقة ابتداء من شرق النيل وفقا لما ورد في المعجم القبطي للأنبا قلوذيوس هي (العربية) أو أرابيا، وبذلك سماها الرومان( ارابيا بتراركا وأرابيا دزيرتا وأرابيا فلكسيا) .... هذه المنطقة سرتها بلاد العرب، ولغتها لغة العرب وأهل الأطراف استعجمت ألسنهم وتساقطت منها حروف (ث خ ذ ض ظ غ ) فكانت الارامية والكنعانية والعبرانية وغيرها. وهي لأمم كلهم خرجوا من اليمن.
اما الاسم اسماعيل فنحن لا ندعي أنه ينتمي للعربية الصريحة بل للهجة محكية من لهجاتها، فلئن قلبوا سينه شينا فمنا من يقول في سيجارة شجارة ( أهل تهامة) وعندنا من يقلب الشين سينا (السجاعية وسجرة بدلا من الشجاعية وشجرة).
وأخيرا: هل يصح في العقل أن تبدأ اللغة على لسان امرئ وحده؟ ألم يأخذ عن أبيه لغته؟ ولا عن أمه القبطية مثلا؟ عجيب غريب
اسماعيل ثقف العربية من أهلها في تلك الديار لأنه عاش بينهم وأصهر إليهم، ولم تكن هناك آرامية في الحجاز

الرد على لؤي الشريف (6)
قالوا: وقاد هذا الاكتشاف الذي أنجزه الشريف، وهو المهتم بدراسة اللغات السامية، إلى القول بأن أصل الأبجدية العربية مأخوذ من الأبجدية السريانية "”.
قلت: هل أخذت العربية (ث خ ذ ض ظ غ ) من السريانية وهي ليست فيها؟
أما قوله: إن جميع المفسرين لم يجدوا تفسيرا للأب من قوله تعالى "وفاكهة وأباً"… وأنها في الحقيقة من الآرامية "آبا" أي الفاكهة الناضجة. فالرد عليه: اذا كانت بمعنى الفاكهة فلم ذكرت الفاكهة قبلها؟ ثم إن الأب هو العشب ونبات الأرض ما دام أخضر، وقد ورد في شعر أبي دواد الإيادي:
جذمنا قيس ونجد دارنا = ولنا الأب به والمكرع
وكيف حكم على أن المفسرين لم يدلوا بآرائهم في ذلك؟ قال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطباً، والأَبُّ: ما أنبت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وفي رواية عنه: هو الحشيش للبهائم، وقال مجاهد: الأب الكلأ، وعن مجاهد والحسن: الأب للبهائم كالفاكهة لبني آدم، وعن عطاء كل شيء نبت على وجه الأرض فهو أب، وقال الضحّاك: كل شيء أنبتته الأرض سوى الفاكهة فهو الأب. وقال العوفي، عن ابن عباس: الأب: الكلأ والمرعى.
ثم إن كلمة الأب من المشترك بين ما يسمى ب(اللغات السامية) ومن ذلك في العبرية والكنعانية (أبيب) بمعنى الربيع، وهو العشب الأخضر
الرد على لؤي الشريف (1)
عندما تكون الأمة منهزمة فمن السهل انزلاقها إلى ما يخالف عقائدها، وكذلك عندما تكون عقول كثير من الناس مجازة لانصرافهم لمتعهم وزخارف الحياة، ثم أن يكون صاحب الزعم من بلاد الحرمين فذلك أشد تثبيطا للعزائم، وأبلغ في إثارة الشكوك
غدا نكمل ان شاء الله

الرد على لؤي الشريف (4)
عرّف (الشريف) اللغة الآرامية أو السريانية بأنها لغة سامية قديمة ويعتقد أنها أصل كل اللغات السامية بما فيها العربية
قلت: ظهر الاراميون شمال الجزيرة العربية في أواسط القرن15 قبل الميلاد، وقد كانت العربية أنذاك موجودة متداولة، نعم الارامية كانت منتشرة في عهد الدولة الأخمينينة حتى في إيران، ومنها رسائل في تل العنارنة بمصر، وهنا أتوقف عند نقطتين أولاهما أن العربية أولى بأن تكون أم الارامية، فهي أوفر حظا في مجال الألفاظ واتساع المعجم. ولمن أراد مزيدا فليعد إلي بحثي ( الألفاظ (السامية) المشتركة)
والثانية أن من نظر في المعاني الراقية التي اكتسبها بعض المفردات ليدرك أنها مرت في مسار طويل حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، يستغرق عشرات القرون، اللهم إلا إذا صح عقولنا أن تلد امرأة طفلا يمشي ويتكلم، وله شاربان ولحية.
وربما كانت هناك ثالثة يمكن أن تضاف، وهي أن كلمة آرامي في حد ذاتها هي تحريف لهجي لكلمة عربي، بقلب العين همزة وهذا وارد في بعض اللهجات قديما وحديثا كاللهجة الليبية (عدوات بدلا من أدوات) والفلسطينية (مسعلة بدلا من مسألة) وعكسه عند الزرانيق في الساحل الغربي لليمن قرب الحُديدة حيث يقولون( يا ألي تآل) بدلا من يا علي تعال
والباء قلبت ميما وهذا شائع في كلام العرب قديما وحديثا ومن ذلك الصرام والصراب والأزمة والأزبة، والجربة والجومة (للارض الصالحة للزراعة) فآرامي هي عربي
ولمن أراد أن يطلع على مزيد فأرجو أن يعود في هذا الخصوص إلى كتاب الباحث المغربي عبد الحق فاضل (مغامرات لغوية)

الرد على لؤي الشريف (7)
قال لؤي في (راغ) من قوله تعالى (فراغ إلى أهله)…كلمة "راغ" تعني بالآرامية "انصرف .
قلت: ليس في الآرامية غين؟ ثم إن الفعل راغ واسع التصرف في العربية ، وهذا من شأنه أن يؤكد عربيته. ومعناه انسلّ خفية وبسرعة، ومنه روغان الثعلب من قول الشافعي:
يعطيك من طرف اللــســان حلاوة ويروغ عنك كــما يروغ الثعلب
الرد على لؤي الشريف (استجابة لطلب بعض الإخوة المتابعين وردا على الشريف، فقد سألتني أخت كريمة عن أيهما أقدم؟ العربية أم ما يعرف باللغات السامية؟
فأقول : إن النظرية السامية من بنات أفكار اليهود، وهي فكرة هزيلة لا تستقيم للنقد، وأدعو من أراد أن يتوسع في ذلكإلى أن يعود لكتاب د توفيق سليمان (زميلي في جامعة بنغازي قبل 40 عاما، واسمه نقد النظرية السامية) وأضيف إلى ما ورد فيه ما يلي(لا يقل لي أحد بل هي ما يأتي):
• سام ابن نوح أليس كذلك؟ كان مع أبيه وإخوته في السفينة ومعهم من آمن بنوح عليه السلام، صحيح؟ ألم ينجب من كان معهم أحدا؟ هل انحصر النسل بعد الطوفان في أبناء نوح؟ ما الدليل؟
• الأبناء عادة يتكلمون لغة آبائهم. أليس كذلك؟ فماذا كانت لغة من كان معهم على السفينة، ولماذا اختلفت (السامية عن الحامية عن الآرية؟)
• المعروف تاريخيا عند الجميع أن جنوب الجزيرة كان مبعث الهجرات إلى جميه الاتجاهات، وجنوبها مكون تضاريسيا ومناخيا ليكون مهد الإنسان قديما، فكل الشعوب (السامية) هي عربية المنشأ، وكذلك لغاتهم
• \إن ما بين العربية ومعظم لهجاتها المحكية اليوم يكاد يفوق ما بينها وبين اللغات ( السامية) وما هي إلا لهجات عربية عاديّة ( قديمة نسبة لعاد) وفي هذا الموضوع كانت أطروحة تلميذي المرشح للدكتوراه سلامة عودة
• يجمع علماء اللغات من العرب والمستشرقين أن هناك لغة مشتركة تنتسب إليها كل اللغات ( السامية) وأن أقرب هذه اللغات إليها هي العربية ( الأولى بالصلة والخاتمة بالرسالة). ...يستحون أن يقولوا هي العربية... لأمر ما في أنفسهم.
• العربية أوفى ، أكمل، أكثر حروفا، ألصق بالحياة الفطرية التي كان الناس عليها.
• هناك ألفاظ مشتركة كثيرة بين العربية ولهجاتها (الساميات) غير أن جهلنا بلغتنا يسلمنا للمشككين، وقد ناظرت زميلي د. غانم مزعل، أستاذ العبرية في جامعة النجاح الوطنية مرات، وكنت أرد كثيرا مما يأتي به للعربية

الرد على لؤي الشريف (9)
يذهب كثير من الباحثين إلى أن العبرية أقدم اللغات (السامية) وحجتهم في ذلك أن التوراة (وهي أقدم الكتب السماوية) نزلت مكتوبة بها.
وقال آخرون إن الارامية (والسريانية من لهجاتها) أقدم؛ لا سيما أن المسيح عليه السلام كان يتكلم بها، وبها كتب كثير من الأناجيل
قأقول: إن الكتابة ليست من اللغة في شيء، وانتسابها للغة كانتساب الأرقام للمال!!! ولم تصبح الكتابة جزءا من اللغة إلا في عصرنا الحاضر جراء توصل النقاد إلى آفاق جديدة في توصيف العلاقة بين الكاتب ونصه وتعدد القراءات وموت الكاتب في النص، تلك العلاقة التي نلمسها في الفرق بين من يتحدث مباشرة إلى الناس وبين من يكتب لهم. هو في الحال الأولى يحمّل صوته شحنة معنوية إضافة لما تحمله مفردات الحديث، بينما الثاني يترجم لهم رموزا مكتوبة لا تنطق بغير معانيها لدلالاتها المركزية، ونلمسها أيضا في مخرجات(إلقاء حافظ لقصائئده وتوكيل شوقي آخر بإلقائها من ورقة نيابة عنه) فاستحق بذلك لقب الشاعر الاجتماعي.
الكتابة بنت الحضارة، ولم يكن عرب الجزيرة أهل حضارة بالمفهوم المادي للحضارة( اليمن وضعه مختلف وقد نتحدث عنه من بعد)
ومن هنا نقول: إن اللغة سبقت الكتابة بدهور بعلم الله طولها، ذلك أن الأصل فيها هو (فم يقول وأذن تسمع) وانما سميت باللسان في معظم اللغات، وبالشفة في بعضها، لأنها كما قلت؛ ومصداق ذلك (من آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم) لم يقل أقلامكم. وأرى أن كلمة (تماشقت) وهو اسم لعة الطوارق، وهي في رأيي (تمازغت انظروا تفارب الحروف واتفاق المعنيين)، التي منها الأمازيغ إنما جرى اشتقاقهما من(تمزُّغت) وهي الأذن لعلاقة بالسماع، وما أدري إن كنتم توافقونني على أن لها علاقة بكلمة (موسيقى).
ثم إن أدبا في مستوى الأدب الجاهلي لا يمكن أن يكون وليد قرنين من الزمان قبل الإسلام، إن القول بهذا هو ضرب من البغي والصلف، ذلك أنه من الرقي إلى حد يستحيل معه أن يكون، أو تكون لغته يعودان لقرنين قبل الإسلام فقط.
وأكثر من ذلك، فإن تطور دلالات ألفاظه لا يدع مجالا للشك في تقدم هذه اللغة على سواها وأن تاريخها ضارب في قعر الزمن، والتبصر في دلالات ألفاظها المعنوية يشهد بطول الأمد الذي استغرقه ذلك التطور من المادي إلى المعنوي؛ ذلك لأنه مما يستغرق زمنا طويلا...جدا



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى