شريف محيي الدين إبراهيم - الثيمة والناقد والموقف العظيم

انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح الثيمة، ولأن نقادا كثر يهوون التلاعب بالألفاظ كنوع من التباهي والتعالي النقدي في محاولة منهم لامتطاء صهوة العالم العليم العلامة الذي ليس فوق علمه وموهبته شيء، فإن هذا المصطلح أجنبي في الأساس وبالتأكيد كونه أجنبيا كان عاملا أساسيا لمزيد من التثاقف والتقعر...
وللأسف فإن مثل هذه النوعية من النقاد
لم يقدموا للحياة الأدبية سوى غثاء كمثل زبد البحر...
فهذا الناقد بالتأكيد ضرره أكثر من نفعه!!
المحسوبيات والشلليات والمصالح الشخصية هي من تحركه، وهي من ترفع وتخفض وتعطي وتمنح وكأنه أله الأدب ولديه مفاتيح جنة الإبداع ...
إلا من رحم ربي، والحق فإن في الإسكندرية، من النقاد الحقيقين، أمثال؛
محمد محمود الفخرانى
ود زكريا عناني
و رحمهم الله كمال عمارة، وأحمد مبارك ،أحمد فراج
ود محمد شحاتة
ود محمد عبدالحميد
ومحمد عبدالوارث
وأشرف دسوقي علي
و سمير حكيم
ومحمد عطية
ومحمد عباس
وأحمد حنفي
وهذا على سبيل المثال وليس الحصر
وإن كان معظمهم له منجزه الإبداعي الخاص به كالشعر والنثر، فإن ذلك في أصله قد أفادهم كثيرا، مما يجعلنا نربط بين جودة المنتج النقدي وخلفية الناقد الثقافية وقدراته الإبداعية، وكأننا نقول أن أفضل من ينقد الشعر هو الشاعر، وكذلك القاص أو الروائي

و للحق فإن هناك عددا لا بأس به من النقاد المحترمين الذين لم يقدموا منتجا إبداعيا يخرج عن مشروعهم النقدي فقدموا الكثير للحياة الأدبية، وبرهنوا للجميع أنهم يعرفون معنى النقد الحقيقي البناء.

إن الناقد الحقيقي هو من يبني ولا يهدم، يوجه ويعلم الكاتب والمتلقي...
يفتح آفاقا جديدة للقارئ، و يستخرج من النص ما يساعد المتلقي للوصول إلى جماليات النص وقيمته..
ليس تركيزا فقط على أوجه القصور، ولكن على المحاسن قبل العيوب
وللعلم فإن معنى كلمة ثيمة :
قد يصح أن نعرف الثيمة بأنها الدرس أو الحكمة الأخلاقية المستفادة بعد الاطِّلاع على العمل الأدبي. و يكون هذا صحيحًا إذا كان ذلك العمل مباشر و بسيط ،
لكنها تصبح أكثر تعقيدًا في العمل الأدبي بمعناه الحديث،
حيث تظل مهمة الاستنباط تقع على عاتق القارئ وليس على مبدِع العمل أن ينصَّ صراحةً على «ثيمته»،.
فهي ما يقع بين السطور؛
لأن الثيمة هي
تلك المادة الشفَّافة التي على المتلقي أن يستشعر وجودها دون أن يلمسها، وأن يدرك حضورها في كل صفحة تقريبًا، حيث تتكشَّف بعد الإلمام كاملا بالموضوع والفكرة الرئيسية للنص ويتم ذلك تدريجيا من خلال التجسيد
للشخصيات والأحداث والحبكة.
فهي رسالة الكاتب من خلال هذا النص ولكن بطريقة تدريجية خفية فنية عميقة
وهي البوصلة الحقيقية التي لابد أن تبني عليها كل الأحداث والخيوط الدرامية للنص

جدير بالذكر فإن بعض المواقف فى حياتنا تستحق التسجيل ،فهي قد تصلح
لأن تكون نواة لعمل أدبى بما بها من ثيمة فنية عالية، وليس بالضرورة أن يكون الموقف الواقعي مطابق لنفس الحالة الفنية، وهذا يتوقف على قدرات الكاتب وموهبته

فبعض المواقف التى قد نظن أنها لا تستحق التسجيل يدهشنا كاتب موهوب بتحويلها لعمل يمتلئ بالعمق والروعة ويؤكد على ثيمة فنية ذات أثر عميق يلامس الوجدان.
ما يحير حقا هو بعض المواقف التي رغم كل ما بها من عظمة ورهبة، إلا أنهل تنظر إلي الكاتب بكل تحد، وترغمه على أن يصمت ...
صدقني مهما كنت كاتبا بارعا فلن تستطع ساعتها سوى أن تصمت!!
ليطل بقوة سؤال مهم جدا، ألا وهو،
هل حقا فى الحياة مواقف عظيمة أكبر من أن تسجل فنيا؟!

تعليقات

مقال ينكأ جروحا كثيرة كنت قد تحدثت فيها منذ يومين مع الشاعر الكبير كمال مهدي، وربما كان أهمها غياب المنهج النقدي الواضح عند أغلب من يتصدون للنقد، واقتصارهم على إعادة طرح المعاني للنص.
وبالنسبة للمواقف التي لا يستطيع المبدع أمامها سوى الصمت أتفق معك يا صديقي، ولكن ربما من الجائز أن يستطيع المبدع تسجيلها بعد أن تختمر فكرتها بداخله، مجرد وقت.
أحمد حنفي
 
Anthology(English)
Anthologie( French)
Anthologia ( Deutsch)
يعني مقتطفات
Theme في الإنجليزية
thème في الفرنسية
Thema في الألمانية
تعني سمة، مغزى، النص المفهوم وليس النص المدون أو المقروء..

وتبقى أزمتنا مع المصطلح "المعرب والمستعرب، أو الهجين" أزمة لا تنتهي، إلا بانتهاء ببغاوات المنصات، من ذوي الثقافة السماعية، وعن هؤلاء، حدث، ولا حرج، أو عودة الناقد الناقد، إلى مكانه ومكانته، دون أن يتآمر عليه من لا يكادون يفقهون قولا، من آكلي "التورتة"، أو "الشلة اياها"..
وطبعا، ينعدل الحال، حين لا نغفل أسماء وقعت بحروف كبيرة في عالم الإبداع، نقدا، ونثرا، ونظما، ورواية، بلغات أربع، وشهد بذلك فطاحل المفكرين والكتاب.
ينعدل الميزان، حين نطبق كلام الله" ولا تبخسوا الناس أشياءهم".

جميل ما قرأت لك هنا..
تقديرنا،كما دوما.

منال الشربيني
 
نعم أستاذ شريف. هناك مواقف عظيمة كثيرة يقف دماغ الكاتب عاجزاً أمام إيجاد كلمات تفيها حقها. أوتصفها حتى.
كل الاحترام والتقدير لكم
تحيتي والياسمين
عبير الماغوط
 
أعلى