يا للقطّة المسكينة، الجوّ بارد في الخارج، ومطر هذا المساء الشتويّ لا يرحم، أمّا إسفلت الشّوارع فقد تحوّل إلى سطح لامع زلق بفضل سخاء البالوعات التي تسرّبت مياهها الآسنة آخذة طريقها نحو الحفر المنتشرة هنا و هناك فحوّلتها إلى برك موحلة فانكشف معها وجه المدينة الآخر. القطّة المسكينة عليها مغادرة الجادّة سريعا قبل أن تدهسها إحدى السّيّارات المندفعة. آه يا إلهي هيّا ابتعدي، أسرعي يا إلهي حاذري .. العجلات العمياء ستدهسكِ هيّا اهربي، اقفزي لا تأمني ذاك الإسفلت اللاّمع، احذري تلك البالوعة قد تبتلعك، يا إلهي إنّها ترتعش، يا إلهي شكرا لك ها قد بلغت الرّصيف أخيرا، هيّا أيّتها المسكينة خطوات أخرى و تكونين تحت الأرض بين جدران هذا المأوى، انتبهي لهؤلاء المارّة الذين يسرعون الخطى متقافزين لا يلوون على أحد و لا ينتبهون لما يدور حولهم. أنتِ لا شيء أمام هذا السّيل من الأحذية المتنوّعة الأحجام و الألوان، هي عمياء تسير في كلّ الاتّجاهات دون وجهة معلومة.احذري أن تدوسكِ هذه الأرجل البشريّة القاسية هيّا تحرّكي راوغيها، اقتربي من هذه النّافدة و اقفزي منها لن أخيفكِ، هيّا سنتقاسم هذه الكسيْرات صحيح أنّ مذاقها سيّئ لكنها أفضل من ألم الجوع، سأضع بعض الخبز قرب النّافذة لعلّه يجذبها إلى هنا. سأبتعد قليلا عن النّافذة قد تشمّ رائحتي فتفرّ هاربة. أجل ها هي تقترب، هيّا تغلّبي على خوفكِ، حسنا سأختبئ تحت هذه السّيّارة وأراقبها من بعيد. ما بالها متسمّرة في مكانها لا تتحرّك؟ هل التقطت رائحتي؟ هل اكتشفت مكاني؟ آه يا إلهي إنّها.. إنّها تبتعد من جديد، إنّها تعود إلى الرّصيف مرّة أخرى، بل تقذفها غابة الأرجل نحو إسفلت الشّارع. هيّا عودي..عودي أرجوكِ. هل أنْـــ...بـَــ... ؟لا قد يعقّد ذلك الأمر. قد يكون القدر إلى جانبها فتنجو من موت محتوم.
راقب سيّارة تندفع بجنون مترنّحة على الإسفلت الزّلق بينما ارتفع صوت فرملة في الفضاء يصمّ الآذان فأغمض عيْنيْه في استسلام. سمع صوت ارتطام قويّ، فتح عيْنيْه ببطء، فإذا السّيّارة قد اقتلعت عمود الإنارة من مكانه بينما تكوّمت القطّة أوْ ما بقي منها تحت العجلة الخلفيّة قرب بالوعة تدفّق ماؤها الذي سرعان ما حمل الكتلة الرّماديّة الغارقة في دمائها نحو بالوعة أخرى فابتلعتها. فارتفع في الفضاء نباحٌ حزينٌ أشبه بالعواء آتٍ من مأوى السّيّارات.
راقب سيّارة تندفع بجنون مترنّحة على الإسفلت الزّلق بينما ارتفع صوت فرملة في الفضاء يصمّ الآذان فأغمض عيْنيْه في استسلام. سمع صوت ارتطام قويّ، فتح عيْنيْه ببطء، فإذا السّيّارة قد اقتلعت عمود الإنارة من مكانه بينما تكوّمت القطّة أوْ ما بقي منها تحت العجلة الخلفيّة قرب بالوعة تدفّق ماؤها الذي سرعان ما حمل الكتلة الرّماديّة الغارقة في دمائها نحو بالوعة أخرى فابتلعتها. فارتفع في الفضاء نباحٌ حزينٌ أشبه بالعواء آتٍ من مأوى السّيّارات.