ميلود خيزار - المـــوت "هــــدرا"

ثمّة شيء أكثر "إيلاما" من الموت ذاتها، و هو أن تصبح حياتك حالة "ترقب للموت"، شعورا قاتلا بالهدر و التخلّي و النّبذ.. ثمّة "مَن" يقتل بفعل احتقاره للحياة. و نفيه لحق الآخرين فيها.
ثمّة شيء أكثر "إيلاما و غدرا" من الموت "البيولوجي"، فطاعون الموت الرّمزي و الأخلاقي و التاريخي، يتفشّى بيننا و فينا، سارقا منا الحياة كما يفعل "خادم حقير" بأمانات "سيّده".
كأن ترى نفسك، يوميا، تتساقط بالقطعة و ببطء خبيث، كأن تشعر بأياد "خبيثة" تنهب وجدانك و روحك، و هي تمتدّ خلسة إلى أحبابك، و أنت تقف، مشلولا، مستسلما، في غاية العجز و الذهول.
الموت، هكذا، هو أبشع "بحيـرة" يمكن أن يُصطاد فيها. و الصيد فيها من خلق "الأنذال" وحدهم,
نحن، بهذه الصورة، شعوب لا تستحق "الحياة"، بقدر ما نستحقّ أنظمة ضليعة في "الفشل". و أعمارنا هي مجرد "هدر" لثروة" و "وقت" و "رفاه" السادة الفعليين المنتفعين من "تاريخ المأساة" و "جغرافيا الموت"،
عندما يكتفي "الكتبة المشهورون" (الذين صنعتهم أجهزة "دعاية النظام" حتّى ظهرت عليهم "نعم" فتات موائده)، عندما يكتفي هؤلاء، من مواقعهم المريحة" و من "أرائكهم" الوثيرة"، بخطاب/ طلب "حقير" باستقالة "وزير" (لا تملك حكومته أي "شرعية)، فإننا نكون قد بلغنا مستوى متقدما من القبح و النذالة و الانحطاط الفكري و الأخلاقي، ذلك أنه "طلب" لا علاقة له بالنبل و لا بالشرف و الإنسانية و لا حتّى بالجرأة المفترضة فـي "الكاتب المشهور"، بقدر ما هي انتهازية وقحة و تحايل فظّ "يتجاهل" أصل المشكلة التي هي "عدم شرعيّة النظام" و "السلطة" التي أنتجها، و أي كاتب محترم (أو يحترم نفسه)، لا يمكنه أبدا تخطي هذه الحقيقة.
حين يقدّم إليك "حساء مسموم"، فهل تتهم "الصحون أم الملاعق" ؟ و حين "يتستر" "إعلام النظام على "جغرافيا الموت" و "إحداثيات المأساة" فهل يسع الكاتب الأصيل مجرّد "طلب" استقالة عضو في حكومة ؟
الموت يكمن في الإصرار على إنتاج و رعاية "عوامل الفشل" و هو يترصّد لحصد "الأرواح البريئة" في كلّ هذه المطبات، الموت يترصّدنا كحالة "انتقام" منّا على "جبننا"، على تواطؤنا" ،على "خستنا" و على "جشعنا".
الآن، هل يكفي أن نموت لكي نستريح من "عبء الوجود" و من تحمّل فشلنا الذريع في فهم الحياة؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى