سعيد الشحات - عبدالناصر فى مصحة «تسخالطوبو» فى «جورجيا السوفيتية» ويقرأ سيرة النبى.. و«الأهرام» تكشف حالته الصحية باتصال مع مرافقيه

سافر الرئيس جمال عبدالناصر، إلى موسكو يوم 4 يوليو 1968، وأجرى محادثات مع الزعماء السوفييت فى اليوم التالى، وغادرها يوم 9 يوليو إلى يوغسلافيا للقاء الزعيم اليوغسلافى «تيتو» تاركا الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة لاستكمال مباحثاته العسكرية مع نظيره السوفيتى الماريشال «جريشكو».
عاد «عبدالناصر» إلى القاهرة يوم 12 يوليو 1968، وفقًا للأهرام، 13 يوليو، 1968، غير أن زيارته لموسكو حملت جانبا آخر سريا، يكشفه أكبر أطباء القلب السوفييت «شازوف» فى مذكراته «الصحة والسلطة» ترجمة، دكتور إيمان يحيى.. يذكر: «فى الأيام الأولى من يوليو 1968 جاءنى صوت بريجنيف السكرتير العام للحزب الشيوعى السوفيتى على التليفون.. رغم أن بريجنيف لم يتحدث صراحة أو يكشف عن اسم المريض، فإننى فهمت أن واحدا من أعز أصدقائنا الأجانب مريض للغاية.. وأن أطباء المريض يريدون مقابلتنا، والتحدث معنا بشأن حالته».. يضيف: «فى اليوم التالى حضر أطباء واختصاصيون مصريون إلى غرفة مكتبى الصغيرة، واجتمع بهم أفضل الإخصائيين السوفييت.. قال لنا الأطباء المصريون إن عبدالناصر بدأ يشكو فى الفترة الأخيرة من آلام مبرحة فى قدميه ورجليه.. وبدأت هذه الشكوى منذ حوالى العام عندما كان يقوم بالمشى لمسافات طويلة، وتكررت الشكوى فيما بعد مع المشى مسافات قصيرة.. أما الآن أصبح يتألم من قدميه حتى دون أن يحركهما.. ولاحظ الأطباء أن الآلام انتقلت تركيزها من القدمين إلى الفخدين.. وأصبح يعانى من «خدر» فى قدميه وبداية ظهور «غرغرينا» فى أصابعهما، أما جلد قدميه فبدأ فى التغيير بما يؤكد أنه غير سليم».
يتذكر «شازوف»: «فى 6 يوليو 1968 وفى ساعة مبكرة، كان لنا أول لقاء مع عبدالناصر، كان المرض والهزال والقلق واضحًا على وجهه، إلا أنه وبثقته فى نفسه وبساطته استطاع فى أقل من 15 دقيقة فقط أن يصنع معنا جوًا من الألفة ويضفى جوًا وديًا على اللقاء، وأحس الأطباء سريعًا برجل لا يعرف التصنع أو التواضع الزائف طريقه إلى حديثه.. كان إنسانًا رقيقًا ومثقفًا واسع الاطلاع».. يؤكد أنه بعد بحث حالة عبدالناصر قررنا أنه يعانى من «تصلب شرايين الساقين» ويتعين علاجه بحمامات المياه المعدنية والطينية أى العلاج الطبيعى فى «تسخالطوبو» فى «جورجيا السوفيتية»، ووافق عبدالناصر من حيث المبدأ على الاقتراح، إلا أنه علق إعطاء نفسه «إجازة» إلى حين عودته للقاهرة، وبحث الموضوع مع القيادة المصرية ومجلس الأمن القومى المصرى.
رغم تأكيد «شازوف» على سرية خضوع عبدالناصر للفحص الطبى، إلا أن «الأهرام» فى 27 يوليو، 1968 كان مانشيتها الرئيسى: «وصل عبدالناصر بعد ظهر أمس «26 يوليو» إلى جورجيا لكى يبدأ العلاج فى مصحة للطب الطبيعى فى منطقة «تسخالطوبو»، وتكشف «الأهرام» أنه سافر بطائرة سوفيتية ومعه قرينته، وقالت إن الأطباء السوفييت وبينهم أعضاء من أكاديمية العلوم السوفيتية قدروا ضرورة إقلاع الرئيس عن التدخين، وقبل الرئيس القرار بعد أن سأل إذا كان باستطاعته التقليل من نسبة تدخينه، وكان يدخن ما بين 100 إلى 80 سيجارة فى اليوم، ومنذ 27 سنة، كما أن التدخين هو العادة الوحيدة التى يقبل عليها، وكان رأى الأطباء أن الامتناع نهائيًا عن التدخين، وأن ضرر سيجارة واحدة هو نفسه ضرر عشرات السجائر، وعلى الفور أوقف التدخين، قائلًا للأطباء إنهم لم يتركوا له خيارًا، وأنه يشعر أن المسألة بالنسبة لمسؤولياته تصبح واجبا لا بد من القيام به بصرف النظر عن أى مضايقة شخصية قد يشعر بها جراء الامتناع عن التدخين».
فى 1 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1968، أجرت «الأهرام» اتصالا تليفونيا بالمصحة، وقالت فى مانشيتها الرئيسى يوم 2 أغسطس 1968، إنها تحدثت إلى عدد من مرافقى الرئيس، وأكدوا أن هناك تقدما واضحا بعد ستة أيام من العلاج بالمياه المشعة وهو علاج يستغرق 21 يوما .. ذكرت «الأهرام» فى التفاصيل: «أن قادة الاتحاد السوفيتى أوفدوا إلى «تسخالطوبو» كل مجموعة الأطباء السوفييت الذين كشفوا عليه فى موسكو من قبل، وبينهم أعضاء أكاديمية العلوم العليا، وأن الرئيس يقيم فى البيت المخصص لقادة الاتحاد السوفيتى عندما يجيئون للعلاج الطبيعى فى المصحة، وهو يغادر البيت كل صباح ليذهب إلى الحمامات الطبيعية، ويقف مئات من المواطنين السوفييت كلما غادر البيت، وكلما عاد إليه لرؤيته وتحيته، وأن الأطباء قرروا ضرورة استمرار العلاج 21 يوما، وبعدها خمسة أيام أخرى للكشف النهائى، ومعنى ذلك أن إقامة الرئيس فى «تسخالطوبو» سوف تمتد قرابة 25 يوما.. أكدت «الأهرام» أن الرئيس يتابع عن طريق شبكة الاتصالات الخاصة بين مصحة «تسخالطوبو» ورياسة الجمهورية فى القاهرة جميع التطورات، كما أنه يقرأ كثيرًا، وكانت معه مجموعة من الكتب عن «سيرة النبى»، ويتابع إذاعات العالم العربية والعالمية.



......................................................
سعيد الشحات-اليوم السابع


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى