الفقر بيني وبين امرأتي، حتى في فراشنا يشاركنا الفقر، يحرمني منها ويحرمها مني، هذه الكلمة التي قالتها الآن فلقت كبدي، تظنني أعطيتها ظهري غضبا عليها، لا والله فلها ألف حق.
لن أسامحك يا عطوة! حرمتني من حقي فيك ومن حريتي في غرفة تجمعنا بعيدا عن فرقة العيال النائمة معنا فوق السرير وتحته.
لكن من أين لي بثمن بناء غرفة أخرى بجوار هذه؟! الحوش واسع لكنه مكشوف.
تقلبت في فراشها وكانت حذرة أن لا تلمسني؛ فقلبها ملئ بالغيظ مني، هي تعرف أن العين بصيرة واليد قصيرة، لكن هي امرأة مثلها مثل أخواتها وجاراتها؛ جميعهن لهن غرف خاصة لا يشاركهن فيها الأطفال.
جميلة في عز أنوثتها، خمس عشرة سنة هي عمر زواجنا، كان الأمر يسيرا قبل أن يكبر الأولاد، أحمد الآن أربعة عشر عاما ودعاء ثلاثة عشر عاما، كيف يحدث شيء في غرفة معهما و إخوتهم؟!
لك ألف حق يا جميلة، استدار وقبل يدها وجبينها، شعر برطوبة دموعها علي المخدة، قال لها: سأفعل ما تريدين حتى لو استدنت ودخلت السجن، من الصبح سأذهب لبنك المعونة وأقدم على قرض أبني لك غرفة بجوار هذه.
جلست جميلة ووضعت يدها علي صدرها مدهوشة وهي تقول: من أين لك بسداد أقساطه؟ ما حيلتنا غير الغنمتين تشاركاننا الدار ونتعثر فيهما في الحوش، ومهنتك مضت أيامها، من الذي يأتيك الآن ليطلب منك أن تصنع له حذاءً؟، الأحذية الجاهزة وبكافة الأنواع تملأ المحلات وعربات البيع في الشوارع، ليس لنا مورد ثابت لنسدد منه أسبوعية القرض!
اتركيها لله سيدبرها؛ لكن لا يرضي ربنا ما نحن فيه، زوجتي حلالي و كأني حرامي، كل أمورنا سرقة في سرقة!، كلمتك لي الليلة نبهتني من الغفلة؛ كتمتها كثيرا في صدري؛ لكني أيضا إنسان غلبتني نفسي.
جلس مع موظف البنك أجابه عن الأسئلة التي سألها، حرر له الأوراق التي تحفظ حق البنك في القرض والفائدة، انصرف سعيدا وهو يتخيل غرفتهما الجديدة، وجميلة بقميصها الأحمر القصير، تدور وتتهادي أمام المرآة، وضحكاتها التي طالما كتمتها في فمها المزموم دايما، والأشياء التي دائما تتم علي عجل كأنهما لصان يتكتمان جريمتهما، ستُفرجين عن كل ما كتمتِيه يا جميلة وستأخذين راحتك تماما وستكون أول ليلة في غرفتنا الجديدة كأنها ليلة عرسنا.
شد السقف الجديد، عطوة في انتظار انتهاء فك الأخشاب بلهفة، وحدها جميلة التي تعرف سرها، يدخل ويخرج وفي كل مرة يهمس في أذن جميلة جهزي القميص الأحمر، تضحك وتضع عينيها فيما تقوم به سواء طبخ أم كنس أم غسل الأواني.
نظفا الحجرة جيدا بعد حمل الأخشاب منها، علقت ستارة قديمة أهدتها لها أختها، وضعت مرآة تبرعت لها بها جارتها ابتسام، ونقلت سريرها القديم من غرفة الأولاد، واشترت لها أمها طقم سرير وردي ليزين حجرتها الجديدة، أما القميص الأحمر القصير ذو الوردات الجبير تحيط خصرها النحيل، والذي لم تؤثر في نحته الولادات المتكررة، اشترته بالتقسيط من أم عصام البائعة المتجولة؛ التي طالما مرت عليها وعرضت بضاعتها ولم يحصل أبدا أنها اشترت ملابس للنوم منذ أن تزوجت، فحمْلُها من أول يوم زواج وضيق رزق زوجها جعل كل مشترياتها للبيت وللأولاد الذين تتابعوا في الدخول لهذه الحياة.
لم تكن تلك الليلة عادية أبدا، كانت فيها جميلة كما وصفها عطوة وكان وكان، نعما بهذا البراح شهورا حتى تعثر عطوة عن السداد فتحولت الليالي لكوابيس أطبقت علي صدريهما، ولم يعد يشغلهما إلا الانعتاق من هذا الدين الذي يتضاعف أسبوعيا، حتى جاء ذلك النهار الذي أخذ معه عطوة إلي حيث حذرته منه جميلة . طوت القميص الأحمر وأودعته خزانة ملابسها.
لن أسامحك يا عطوة! حرمتني من حقي فيك ومن حريتي في غرفة تجمعنا بعيدا عن فرقة العيال النائمة معنا فوق السرير وتحته.
لكن من أين لي بثمن بناء غرفة أخرى بجوار هذه؟! الحوش واسع لكنه مكشوف.
تقلبت في فراشها وكانت حذرة أن لا تلمسني؛ فقلبها ملئ بالغيظ مني، هي تعرف أن العين بصيرة واليد قصيرة، لكن هي امرأة مثلها مثل أخواتها وجاراتها؛ جميعهن لهن غرف خاصة لا يشاركهن فيها الأطفال.
جميلة في عز أنوثتها، خمس عشرة سنة هي عمر زواجنا، كان الأمر يسيرا قبل أن يكبر الأولاد، أحمد الآن أربعة عشر عاما ودعاء ثلاثة عشر عاما، كيف يحدث شيء في غرفة معهما و إخوتهم؟!
لك ألف حق يا جميلة، استدار وقبل يدها وجبينها، شعر برطوبة دموعها علي المخدة، قال لها: سأفعل ما تريدين حتى لو استدنت ودخلت السجن، من الصبح سأذهب لبنك المعونة وأقدم على قرض أبني لك غرفة بجوار هذه.
جلست جميلة ووضعت يدها علي صدرها مدهوشة وهي تقول: من أين لك بسداد أقساطه؟ ما حيلتنا غير الغنمتين تشاركاننا الدار ونتعثر فيهما في الحوش، ومهنتك مضت أيامها، من الذي يأتيك الآن ليطلب منك أن تصنع له حذاءً؟، الأحذية الجاهزة وبكافة الأنواع تملأ المحلات وعربات البيع في الشوارع، ليس لنا مورد ثابت لنسدد منه أسبوعية القرض!
اتركيها لله سيدبرها؛ لكن لا يرضي ربنا ما نحن فيه، زوجتي حلالي و كأني حرامي، كل أمورنا سرقة في سرقة!، كلمتك لي الليلة نبهتني من الغفلة؛ كتمتها كثيرا في صدري؛ لكني أيضا إنسان غلبتني نفسي.
جلس مع موظف البنك أجابه عن الأسئلة التي سألها، حرر له الأوراق التي تحفظ حق البنك في القرض والفائدة، انصرف سعيدا وهو يتخيل غرفتهما الجديدة، وجميلة بقميصها الأحمر القصير، تدور وتتهادي أمام المرآة، وضحكاتها التي طالما كتمتها في فمها المزموم دايما، والأشياء التي دائما تتم علي عجل كأنهما لصان يتكتمان جريمتهما، ستُفرجين عن كل ما كتمتِيه يا جميلة وستأخذين راحتك تماما وستكون أول ليلة في غرفتنا الجديدة كأنها ليلة عرسنا.
شد السقف الجديد، عطوة في انتظار انتهاء فك الأخشاب بلهفة، وحدها جميلة التي تعرف سرها، يدخل ويخرج وفي كل مرة يهمس في أذن جميلة جهزي القميص الأحمر، تضحك وتضع عينيها فيما تقوم به سواء طبخ أم كنس أم غسل الأواني.
نظفا الحجرة جيدا بعد حمل الأخشاب منها، علقت ستارة قديمة أهدتها لها أختها، وضعت مرآة تبرعت لها بها جارتها ابتسام، ونقلت سريرها القديم من غرفة الأولاد، واشترت لها أمها طقم سرير وردي ليزين حجرتها الجديدة، أما القميص الأحمر القصير ذو الوردات الجبير تحيط خصرها النحيل، والذي لم تؤثر في نحته الولادات المتكررة، اشترته بالتقسيط من أم عصام البائعة المتجولة؛ التي طالما مرت عليها وعرضت بضاعتها ولم يحصل أبدا أنها اشترت ملابس للنوم منذ أن تزوجت، فحمْلُها من أول يوم زواج وضيق رزق زوجها جعل كل مشترياتها للبيت وللأولاد الذين تتابعوا في الدخول لهذه الحياة.
لم تكن تلك الليلة عادية أبدا، كانت فيها جميلة كما وصفها عطوة وكان وكان، نعما بهذا البراح شهورا حتى تعثر عطوة عن السداد فتحولت الليالي لكوابيس أطبقت علي صدريهما، ولم يعد يشغلهما إلا الانعتاق من هذا الدين الذي يتضاعف أسبوعيا، حتى جاء ذلك النهار الذي أخذ معه عطوة إلي حيث حذرته منه جميلة . طوت القميص الأحمر وأودعته خزانة ملابسها.