تبدو الأمكنة معطوبة بفعل ما حدث؛ محاطة بسياج حديدي يلفها؛ كما هي المدن في الزمن الماضي؛ عزلة وراء أخرى، غير أن التاريخ لم يعتن بهؤلاء السائرين في العتمة متسربلين بتلك الخرق البالية، إنه يحتفي بمن يضعون النجوم المتراقصة على أكتافهم ولهم ألف وجه للمكر والخديعة؛ لم تمض مائة عام في العزلة، إنها أيام قليلة، انزويت في ركن بعيد أشبه بقبو صخري، انقطعت وسائل التواصل؛ بالفعل كانت تجربة مثيرة.
أن تتخلص من ربقة العصر بما يفرزه صباح مساء، حاولت أن أسرد وقائع تلك الأيام، الشمس لم تتأخر لحظة هي أشبه بجلاد يسوق اﻷجراء إلى نير مسلط بالوجع والأنين.
سرد ما كان يحتاج صبرا يفوق ما درجت عليه الإبل، نحن نحتاج مائة عام من الممانعة لنبقى على قيد الحياة؛ يراهنون على العجز أو نقبع في الدهليز الحجري المؤدي إلى بوابة المتاهة التي ليس لها وراء.
أمعنت النظر في وجه أبي- يحمل في قلبه طيبة الأولين- بدا لي أنه يماثل القمر؛ كفاه فيض نهر حالم؛ تلك الخطوط على جبهته أنشودة الزمن الأول؛ أن يكون أبوك هكذا فأنت بخير!
في حنو يمسك بكتابي الذي طويته، أخبرني : أحب أن أراك تغازل الورق؛ يمتد بي العمر بقدر الكلمات التي تختزنها في ذاكرتك، أسعدني هذا كثيرا؛ فلدي خزانة مملوءة بالمفردات التي تسعده.
يقص أحسن الحكايات وأنا أدون، حكاء من طراز عجيب؛ يحتفظ بالنتوءات التي تمثل رأس ما حدث؛ حكاية أبي لا نهاية لها.
يقتاتون الدمع، مثل جنين في رحم أمه تنتظره وهي لا تدري أنه يوما ما سيركلها بعيدا.
يبدو الحكي داء أو قيدا فكلاهما متعب لمن أمسك بالقلم ويتلفت كل ناحية خشية الرقيب الذي يحبس الأحلام ويطارد زنابق الورد في بلاد خارج الزمن، وهم أن تطالع فيها لوحة جميلة فكل الخيوط والظلال باهتة بلامعنى، يوم أن- تراقصت الأماني وهن كذاب- كان الفجر سرعان ما خيم شتاء طويل، كل هذا السنين لاتكفي المحابر والدفاتر لتؤرخ لما حدث، وحده السرد قد يخايل لكنه حذر من سطوة القيد!
لاتعدو الكتابة أن تكون لي غير رهق يثقل علي، أحاول الابتعاد عن القلم فيتأبى علي، ناء في بلاد الله محاصر في وطني مبعد في هويتي، فكل الأمنكة مسيجة، كثيرا ما حدثت نفسي بأن أبدل لون نظارتي، أن أتماوج مع الأيام، بي شوق لمقعد وثير وزجاجة ماء وامرأة تضع العطور تضج أنوثة، فيحوطني ازدراء يتساءل: ومن يعيد للحلم روعته وألقه؟
فأعود ممسكا ببقايا الجذوع أغرسها في أرض أبي الطيب؛ حين يتساقط المطر ينمو برعم جديد!
أن تتخلص من ربقة العصر بما يفرزه صباح مساء، حاولت أن أسرد وقائع تلك الأيام، الشمس لم تتأخر لحظة هي أشبه بجلاد يسوق اﻷجراء إلى نير مسلط بالوجع والأنين.
سرد ما كان يحتاج صبرا يفوق ما درجت عليه الإبل، نحن نحتاج مائة عام من الممانعة لنبقى على قيد الحياة؛ يراهنون على العجز أو نقبع في الدهليز الحجري المؤدي إلى بوابة المتاهة التي ليس لها وراء.
أمعنت النظر في وجه أبي- يحمل في قلبه طيبة الأولين- بدا لي أنه يماثل القمر؛ كفاه فيض نهر حالم؛ تلك الخطوط على جبهته أنشودة الزمن الأول؛ أن يكون أبوك هكذا فأنت بخير!
في حنو يمسك بكتابي الذي طويته، أخبرني : أحب أن أراك تغازل الورق؛ يمتد بي العمر بقدر الكلمات التي تختزنها في ذاكرتك، أسعدني هذا كثيرا؛ فلدي خزانة مملوءة بالمفردات التي تسعده.
يقص أحسن الحكايات وأنا أدون، حكاء من طراز عجيب؛ يحتفظ بالنتوءات التي تمثل رأس ما حدث؛ حكاية أبي لا نهاية لها.
يقتاتون الدمع، مثل جنين في رحم أمه تنتظره وهي لا تدري أنه يوما ما سيركلها بعيدا.
يبدو الحكي داء أو قيدا فكلاهما متعب لمن أمسك بالقلم ويتلفت كل ناحية خشية الرقيب الذي يحبس الأحلام ويطارد زنابق الورد في بلاد خارج الزمن، وهم أن تطالع فيها لوحة جميلة فكل الخيوط والظلال باهتة بلامعنى، يوم أن- تراقصت الأماني وهن كذاب- كان الفجر سرعان ما خيم شتاء طويل، كل هذا السنين لاتكفي المحابر والدفاتر لتؤرخ لما حدث، وحده السرد قد يخايل لكنه حذر من سطوة القيد!
لاتعدو الكتابة أن تكون لي غير رهق يثقل علي، أحاول الابتعاد عن القلم فيتأبى علي، ناء في بلاد الله محاصر في وطني مبعد في هويتي، فكل الأمنكة مسيجة، كثيرا ما حدثت نفسي بأن أبدل لون نظارتي، أن أتماوج مع الأيام، بي شوق لمقعد وثير وزجاجة ماء وامرأة تضع العطور تضج أنوثة، فيحوطني ازدراء يتساءل: ومن يعيد للحلم روعته وألقه؟
فأعود ممسكا ببقايا الجذوع أغرسها في أرض أبي الطيب؛ حين يتساقط المطر ينمو برعم جديد!