أيمن دراوشة - التوثيق الداخلي للنص يكشف بطلان نظرية الانتحال

ما المقصود بالتوثيق الداخلي للنص؟

التوثيق الداخلي للنص هو لتمييز القصيدة الجاهلية المنحولة أو إبعاد صفة النحل عنها، فقصيدة لامية العرب للشنفرى لا يمكن أن يكتبها شاعر في العصر العباسي ثم ينسبها لشاعر آخر من نسج خياله، وإلا لماذا لم ينسبها لنفسه، وكيف ينحل شخص قصيدة بقوة لامية العرب وهو لم يعش ظروفها وتكون بهذا الإتقان.

عند اختلاط النصوص بأن ننسب أبياتًا أو حتى قصيدة كاملة لغير أصاحبها، ننظر إلى ديوانه وبصمته الفنية والأهم من ذلك كله بيئته ...

مثلا لا أستطيع أن أنسب قصيدة للفرزدق على أنها لجرير على الرغم من معاصرة الشاعرين معًا للعصر الأموي، والسبب بيئي قبل أن يكون فني، فجرير تتميز ألفاظه بالسلاسة والجريان السريع، فيما تميزت قصائد الفرزدق بالخشونة والجفاء، وفي إحدى قصائده يتغزل بمحبوبته، ويصفها بالبعير ترد الماء مما يكشف مدى خشونته وجفاء ألفاظه، وهنا ما عنيت ببيئة الشاعر ، فالفرزدق عاش حياة بدوية صحراوية خلاف جرير الذي عاش بيئة مدنية ...

والمسألة ليست انتحالا فقط، وإنما اختلاف الروايات ، ولهذا نجد كثيرًا من الأبيات قد نسبت لغير أصحابها ، خاصة في العصر العباسي ، لكنها غير متداولة في العصر الجاهلي ... هذا لن يضر شيئا سواء القائل المتنبي أو الحمداني أو غيرهما، لكن المشكلة تكمن في الانتحال ، وعلى الرغم أن القضية قُتلت بحثًا، فالعديد لا يعي فكرة التوثيق الداخلي وماذا يعني؟ في ملحمة ذي الرمة وصف لمعارك بين الوحوش والحمام وصور صراع أخرى ، هذه الصور لا يمكن أن يقولها شخص لم يعانِ قسوة الصحراء، وقسوة الطبيعة فيها ... وذو الرمة شاعر أموي معروف، ولقب بشاعر الحب والصحراء ...

اختلاف الكتب في الروايات وبعض الألفاظ التي لا تؤثر على موسيقى النص الشعري، وحتى عدد أبيات قصيدة معينة ليس انتحالا، وإنما أخطاء ارتكبها رواة الشعر آنذاك...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى