تشهد الساحة الثقافية العربية منذ مطلع الألفية الثالثة صدور روايات كثيرة تكتبها النساء، ربما تتفوق في عددها على الروايات التي يكتبها الرجال. ربما تعود هذه الكثرة إلى ما وفرته التكنولوجيا من وسائل الراحة، وسهولة النشر، وما حصلت عليه المرأة من حقوق في حرية السفر والتنقل والعمل، وإن كانت هذه الحقوق غير كاملة فإنها لا تقاس بما كانت عليه في الماضي. كما أن الرواية بوصفها الفن الذي يتصل اتصالًا وثيقًا بالمجتمع أكثر من غيره من الفنون، والذي يعتمد في بنائه على الشخصيات والأحداث وبعث الحياة في المكان، وسرد التفاصيل للإيهام بالواقع أقرب إلى طبيعة المرأة من الرجل بما تمتاز به من قدرة على ذكر التفاصيل، والرغبة في الانخراط في المجتمع، وإدراك العواطف، ومعرفة الشخصيات،والبراعة في وصف المكان والزمان،وعشق الحكي الذي تحدر إليها من الأزمنة الغابرة، فكأن شهرزاد «ألف ليلة وليلة» تظهر من جديد لتحكي عن هذه الحياة التي تمتلئ بالقصص والحكايات التي هي أكثر تعقيدًا وتعددًا من حكايات الجدات العظام.
وإذا كانت تلك الأسباب وراء كثرة الروايات التي تكتبها النساء فإن السؤال ربما يُثار حول جودة هذه الروايات وتميزها، فهل نجحت النساء في إنتاج روايات متميزة وناجحة تتوافق مع هذه الكثرة من ناحية وتتفوق على ما أنتجه الرجل من ناحية أخرى؟
من الملاحظ أن المرأة التي يرى الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار بأنها القادرة على الكتابة الإبداعية فما الإبداع،كما يرى، إلا فعل الأنوثة التي جوهرها الاعتماد على الحس الداخلي، والعاطفة، والشفافية، والعمق لم تنتج على مدى ممارستها الكتابة، مع وجود استثناءات قليلة، رواية متميزة أو متفوقة على رواية الرجل. ويثبت هذه الحقيقة ما أفرزته الجوائز المهمة المتخصصة بالرواية العربية، مثل: كتارا، والطيب صالح، ونجيب محفوظ، والبوكر العربية. فعلى سبيل المثال، لم تفز بجائزة كتارا للرواية المنشورة وغير المنشورة والرواية المخصصة للفتيان في الدورة السادسة للجائزة التي أعلن عنها مؤخرًا غير أربع روايات نسائية تكتبها النساء، أي بنسبة 26,7% من مجموع الروايات الخمس عشرة الفائزة.
لعل الأسباب التي تجعل الرواية النسائية كثيرة الإنتاج قليلة النجاح والتفوق تعود في الغالب إلى اهتمام المرأة بذاتها اهتمامًا كبيرًا، وحرصها على تقديم أحاسيسها وعواطفها عن الحياة والمجتمع أكثر من أفكارها ومفاهيمها لهذا فهي لا تهتم ببناء الرواية، ولا تخرج موضوعاتها عن الذات الأنثوية. إن الرواية النسائية في الغالب تحمل هم المرأة كأنثى، وتدور حول علاقتها الإيجابية أو السلبية بالرجل، وقلما تركز على قضايا اجتماعية أو وطنية أو سياسية. فلا غرابة من القول، مع وجود استثناءات قليلة، إن رواية المرأة رواية القلب والأحاسيس والحب والرومانسية أما رواية الرجل فهي رواية العقل والأفكار والمغامرة.
إن ما نبحث عنه في الرواية التي تكتبها المرأة ليس الجمالية الناجمة عن عمق الرؤية وقوة البناء بل الجمالية الخاصة التي مبعثها الأحاسيس الأنثوية، وما تتمتع به المرأة من رقة في المشاعر والأحاسيس. هذا ما نتبينه خاصة في روايات غادة السمان وأحلام مستغانمي ونوال السعداوي؛ فهي روايات تنجح في تصوير أحاسيس الأنثى بطريقة شعرية انفعالية متحيزة دون اهتمام بتنوع الشخصيات وتعدد الأساليب الكلامية والحوارية وثراء العالم الروائي.
لا شك في أن هذا الكم الهائل للروايات النسائية يظهر دور المرأة الفاعل في الحياة الثقافية، وفي عالم الكتابة والإبداع لكن يظل أمامها التحدي في أن تتساوى مع الرجل إن لم تتفوق عليه، وأن تكون أقوى من شهرزاد التي تصدرت شخصيتها «ألف ليلة وليلة» فألهمت المخيلة السردية العربية والعالمية.
د. محمد عبدالله القواسمة
وإذا كانت تلك الأسباب وراء كثرة الروايات التي تكتبها النساء فإن السؤال ربما يُثار حول جودة هذه الروايات وتميزها، فهل نجحت النساء في إنتاج روايات متميزة وناجحة تتوافق مع هذه الكثرة من ناحية وتتفوق على ما أنتجه الرجل من ناحية أخرى؟
من الملاحظ أن المرأة التي يرى الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار بأنها القادرة على الكتابة الإبداعية فما الإبداع،كما يرى، إلا فعل الأنوثة التي جوهرها الاعتماد على الحس الداخلي، والعاطفة، والشفافية، والعمق لم تنتج على مدى ممارستها الكتابة، مع وجود استثناءات قليلة، رواية متميزة أو متفوقة على رواية الرجل. ويثبت هذه الحقيقة ما أفرزته الجوائز المهمة المتخصصة بالرواية العربية، مثل: كتارا، والطيب صالح، ونجيب محفوظ، والبوكر العربية. فعلى سبيل المثال، لم تفز بجائزة كتارا للرواية المنشورة وغير المنشورة والرواية المخصصة للفتيان في الدورة السادسة للجائزة التي أعلن عنها مؤخرًا غير أربع روايات نسائية تكتبها النساء، أي بنسبة 26,7% من مجموع الروايات الخمس عشرة الفائزة.
لعل الأسباب التي تجعل الرواية النسائية كثيرة الإنتاج قليلة النجاح والتفوق تعود في الغالب إلى اهتمام المرأة بذاتها اهتمامًا كبيرًا، وحرصها على تقديم أحاسيسها وعواطفها عن الحياة والمجتمع أكثر من أفكارها ومفاهيمها لهذا فهي لا تهتم ببناء الرواية، ولا تخرج موضوعاتها عن الذات الأنثوية. إن الرواية النسائية في الغالب تحمل هم المرأة كأنثى، وتدور حول علاقتها الإيجابية أو السلبية بالرجل، وقلما تركز على قضايا اجتماعية أو وطنية أو سياسية. فلا غرابة من القول، مع وجود استثناءات قليلة، إن رواية المرأة رواية القلب والأحاسيس والحب والرومانسية أما رواية الرجل فهي رواية العقل والأفكار والمغامرة.
إن ما نبحث عنه في الرواية التي تكتبها المرأة ليس الجمالية الناجمة عن عمق الرؤية وقوة البناء بل الجمالية الخاصة التي مبعثها الأحاسيس الأنثوية، وما تتمتع به المرأة من رقة في المشاعر والأحاسيس. هذا ما نتبينه خاصة في روايات غادة السمان وأحلام مستغانمي ونوال السعداوي؛ فهي روايات تنجح في تصوير أحاسيس الأنثى بطريقة شعرية انفعالية متحيزة دون اهتمام بتنوع الشخصيات وتعدد الأساليب الكلامية والحوارية وثراء العالم الروائي.
لا شك في أن هذا الكم الهائل للروايات النسائية يظهر دور المرأة الفاعل في الحياة الثقافية، وفي عالم الكتابة والإبداع لكن يظل أمامها التحدي في أن تتساوى مع الرجل إن لم تتفوق عليه، وأن تكون أقوى من شهرزاد التي تصدرت شخصيتها «ألف ليلة وليلة» فألهمت المخيلة السردية العربية والعالمية.
د. محمد عبدالله القواسمة
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com