جمعتهما ساعةُ نشوةٍ ، وفرّقهما اضطرارُ حال .. هي الربيع الرافل في جذلِ المتعةِ ، الناهل من عسلِ الفصول ؛ وهو الزائد من لذاذات الدنى ، الفاقد ليالي المسرّات .
جمعهما شوق الكلمة ، وفرقهما حسابُ المسافات . هو القائل : " لا بد من أنْ نحوكَ خيطَ الوصل لنحقق نجازة المستحيل " . وهي القائلة : " تبقى الأماني مجردَ أمانٍ لا غير " ؛ معتمدةً على واقع مثيل ، وصباحات كما المساءات تروح وتأتي بمتوالية روتينية تحتمها جدلية الحياة المسكينة التي وجدت نفسها تدور في فلك العدم واللاجدوى .
يعتمدان في لقائهما على حنان الهواء الناقل لهفاتهما عبر أثير مطلقٍ محايدٍ ، بليد .
في اتصالها معه تراه على كفِّ اللحظة يخطو ليقف عند رموش أجفانها . يمد لها كفّاً تعانق كفّها ؛ ويروحان في رحيل رومانسي يخطوان بين أزقة أسفين ودروبها . تقول له : هنا رأت حورية البحر أول حائطِ ؛ وتلمَّست آخر باب . ومن هنا تجوَّلت نظراتها باتجاه السوق حيث رائحة " الكزبر " و" الريحان " و " المعدنوس " و " النعناع " ، والقلب الشغوف للنظر والتفحص والاغتراف . وهنا كانت تلمح أباها يلج الجامع ليدعو للعائلة جميعاً بعيش رغيد أبدي ، وفراديس من جنة الله الوسيعة . ومن هنا كانت وقريناتها يتخذنَ الدرب نزولا إلى الرمال الرخية ليرشقنَ البحر بلهفاتهنَّ تارة وخشيتهنَّ من جموحه تارات . وهناك ؛ في ظل شجرة الكالبتوس الوفير كانت تتكىء على الجذع الكبير وتروح تغمض عينيها سارحة في حلمِ يقظةِ ترى فيها الفتى القادم من أقصى فيوض الشرق يمد لها كفيه ويرفعها ليسرقها قرصاناً عاشقاً يبني لها بيتاً من محارة الحب الخالد ، وظلالاً من لهفاته الثقيلة .
وفي اتصاله بها يراها عصفورةً بجناحين من بهاء ألِق يمدُّ لها كفّاً فتحط بشوقٍ لهيف على راحته ؛ ويأخذها بين دروب السماوة وأزقتها . يقول لها : هنا أبصر السندباد بدء الرحلات عبر الصحارى والوديان وصولاً إلى البحر وعبوراً الى المحيطات . هنا كانت فضول عيونه المتفاقم يشهد أرتال البدو بجمالهم يخترقون سوق المدينة الكبير محمّلين بما تسوقوا من سكرٍ ، وبن ، ودقيق ، ورز ، وتبغ ، وحبالٍ ، وقِرب ، ووجوه ممصوصة سرقَ جذوتها لفح الشمس وصهد الظهاري تاركاً شواربَ يابسة منتوفة ولحى تجاهد للبقاء في أقعار الوجوه . من هنا كان وأقرانه يتخذون الأزقةَ الأمعائية المتداخلة وصولاً إلى الفرات يقذفون بأجسادهم المُقحمة بالحرارة والنزق والشقاوة ، فتتعالى صيحاتهم الجذلى ، وصرخاتهم الصبيانية المثيرة . وهناك وهو يرمي بجسده المتعب عند جرف النهر يغمض عينه ، ويروح في رحيل يقظوي يبصر على أديمه عروس البحر تخرج إليه من بين مويجات بحر بعيد . تسلتقي إلى جانبه ؛ تلامسه وتترك أنفاسها تعانق أنفاسه وتتداخل معها . ويذهبان ، مسافرين في مدٍّ عذيبٍ من لذاذةٍ مائية غميرة ... يقول موشوشاً في فضاء رقدتها : عندما أصحو من غفوتي سأكتبُكِ قصةً .
وتقول هامسةً في مسمعِ انتشائه : عندما أفترق عنك سأرسمكَ ذكرى .
يقول : لا أصدِّق !
فتقول : أنت تكذب !
ويضحكان .. وينهضان !
وحين يكون الحلمُ قد انتهى تظلُّ النشوةُ عالقةً في الخيط المُعلّق بين قلبيهما ؛ والوعد باللقاء القادم يتشكَّل عهداً للتواصل .
ويكون هو ينتظر بشغف مقدم اللقاء .
وتكون هي تتلظى على وهج اللحظات ..
عيونهما تلاحقان العقارب السلحفاتية المعلقة على جدار الانتظار ، تتحرك بدبيب ساحقٍ ، سادٍ .
عقارب تعلن انتشاءها على لوعة القلبين المحترقين .. تغرز سمها الزمني الوئيد في الصميم .. ولا تأبه !
5/5 /2005
جمعهما شوق الكلمة ، وفرقهما حسابُ المسافات . هو القائل : " لا بد من أنْ نحوكَ خيطَ الوصل لنحقق نجازة المستحيل " . وهي القائلة : " تبقى الأماني مجردَ أمانٍ لا غير " ؛ معتمدةً على واقع مثيل ، وصباحات كما المساءات تروح وتأتي بمتوالية روتينية تحتمها جدلية الحياة المسكينة التي وجدت نفسها تدور في فلك العدم واللاجدوى .
يعتمدان في لقائهما على حنان الهواء الناقل لهفاتهما عبر أثير مطلقٍ محايدٍ ، بليد .
في اتصالها معه تراه على كفِّ اللحظة يخطو ليقف عند رموش أجفانها . يمد لها كفّاً تعانق كفّها ؛ ويروحان في رحيل رومانسي يخطوان بين أزقة أسفين ودروبها . تقول له : هنا رأت حورية البحر أول حائطِ ؛ وتلمَّست آخر باب . ومن هنا تجوَّلت نظراتها باتجاه السوق حيث رائحة " الكزبر " و" الريحان " و " المعدنوس " و " النعناع " ، والقلب الشغوف للنظر والتفحص والاغتراف . وهنا كانت تلمح أباها يلج الجامع ليدعو للعائلة جميعاً بعيش رغيد أبدي ، وفراديس من جنة الله الوسيعة . ومن هنا كانت وقريناتها يتخذنَ الدرب نزولا إلى الرمال الرخية ليرشقنَ البحر بلهفاتهنَّ تارة وخشيتهنَّ من جموحه تارات . وهناك ؛ في ظل شجرة الكالبتوس الوفير كانت تتكىء على الجذع الكبير وتروح تغمض عينيها سارحة في حلمِ يقظةِ ترى فيها الفتى القادم من أقصى فيوض الشرق يمد لها كفيه ويرفعها ليسرقها قرصاناً عاشقاً يبني لها بيتاً من محارة الحب الخالد ، وظلالاً من لهفاته الثقيلة .
وفي اتصاله بها يراها عصفورةً بجناحين من بهاء ألِق يمدُّ لها كفّاً فتحط بشوقٍ لهيف على راحته ؛ ويأخذها بين دروب السماوة وأزقتها . يقول لها : هنا أبصر السندباد بدء الرحلات عبر الصحارى والوديان وصولاً إلى البحر وعبوراً الى المحيطات . هنا كانت فضول عيونه المتفاقم يشهد أرتال البدو بجمالهم يخترقون سوق المدينة الكبير محمّلين بما تسوقوا من سكرٍ ، وبن ، ودقيق ، ورز ، وتبغ ، وحبالٍ ، وقِرب ، ووجوه ممصوصة سرقَ جذوتها لفح الشمس وصهد الظهاري تاركاً شواربَ يابسة منتوفة ولحى تجاهد للبقاء في أقعار الوجوه . من هنا كان وأقرانه يتخذون الأزقةَ الأمعائية المتداخلة وصولاً إلى الفرات يقذفون بأجسادهم المُقحمة بالحرارة والنزق والشقاوة ، فتتعالى صيحاتهم الجذلى ، وصرخاتهم الصبيانية المثيرة . وهناك وهو يرمي بجسده المتعب عند جرف النهر يغمض عينه ، ويروح في رحيل يقظوي يبصر على أديمه عروس البحر تخرج إليه من بين مويجات بحر بعيد . تسلتقي إلى جانبه ؛ تلامسه وتترك أنفاسها تعانق أنفاسه وتتداخل معها . ويذهبان ، مسافرين في مدٍّ عذيبٍ من لذاذةٍ مائية غميرة ... يقول موشوشاً في فضاء رقدتها : عندما أصحو من غفوتي سأكتبُكِ قصةً .
وتقول هامسةً في مسمعِ انتشائه : عندما أفترق عنك سأرسمكَ ذكرى .
يقول : لا أصدِّق !
فتقول : أنت تكذب !
ويضحكان .. وينهضان !
وحين يكون الحلمُ قد انتهى تظلُّ النشوةُ عالقةً في الخيط المُعلّق بين قلبيهما ؛ والوعد باللقاء القادم يتشكَّل عهداً للتواصل .
ويكون هو ينتظر بشغف مقدم اللقاء .
وتكون هي تتلظى على وهج اللحظات ..
عيونهما تلاحقان العقارب السلحفاتية المعلقة على جدار الانتظار ، تتحرك بدبيب ساحقٍ ، سادٍ .
عقارب تعلن انتشاءها على لوعة القلبين المحترقين .. تغرز سمها الزمني الوئيد في الصميم .. ولا تأبه !
5/5 /2005