(غرفة واسعة. في أحد جانبيها أقفاص يعضها فوق بعض، تمتلئ بالدجاج الأبيض. في المقابل مقعد طويل، بجانبه طاولة. على المقعد ينام لافي عامل المحل. في الصدر باب مكتوب عليه (غرفة النتف والتقطيع) لهذه الغرفة الداخلية شرفة عليها قفص فيه الديك حمروس. وهناك سلم للصعود إلى الشرفة. توجد على الحائط عند الباب الرئيسي كاميرا مراقبة. بعض الدجاج واقفة تقرقر، وبعضها تتحرك في الأقفاص جيئة وذهابًا. الكلب الآخر جعبار واقف يراقب الدجاجات)
(فجأة يعم الظلام. يسمع صوت سقوط شيء. يضاء المسرح)
لافي : يدي! آه يدي كسرت! كيف سقطت عن المقعد. لا، لم أسقط نفسي. في هذا المكان من طرحني على الأرض. (يتجه نحو الأقفاص) هل أنتن من فعلن هذه الفعلة؟ لستن بريئات من ذلك. أرى في عيني كل دجاجة منكن هذه الجريمة. هذه الهيئات ليست هيئات دجاجات بل ذئاب أو قرود.(ينظر إلى القفص الأسفل) أظن أيتها الدجاجات الحمقى أنتن من هاجمنني وأنا نائم. أما أنتن أيتها الدجاجات في الأقفاص العليا فلا شك كنتن مرحبات بالجريمة، ومحرضات عليها. أعرف كيف أنتقم منكن جميعًا، لا يهمنا وجودكن وما تجلبن من مال للمحل. (يقف مفكرًا) الديك! أين الديك جعبار؟ لم أره إلا لدقائق منذ الصباح. لم يقم بعمله على خير وجه، إنه المسؤول عما جرى. أليس هو زعيم هذه الدجاجات؟ يجب أن يحاسب على إهماله. الديك هو المسؤول عن تحقيق الأمن والهدوء في هذا المكان. أي سلوك مشين للدجاجات سيتحمل مسؤوليته ويعاقب عليه. أين هو الآن؟ هل قتل؟ أم خطف؟ أين ذهب؟ لماذا لم يقم بمهمته الموكلة إليه؟ لا بد من محاسبته وتأديبه على ما اقترف من ذنب. لكن في البدء لا بد من معرفة ما حدث، وتحديد هوية الفاعل قبل عودة المعلم كلاس. سأنظر في الكاميرا لأعرف أين ذهب هذا المغرور. (يجلس إلى الطاولة التي بالقرب من المقعد. يبحث في جهاز المراقبة، ينظر في الصور) آه! هذا أنا، دجاجة تقترب مني، وأنا على المقعد، حاولت أن أطردها، لم تتحرك من مكانها، يغلبني النوم. ها هو الزعيم جعبار يخرج من الباب الرئيسي. الدجاجات تخرج من الأقفاص. يا إلهي! إنها تقفز إلى الأرض بسرعة، كأنها قطط أو قرود. الآن تأتي إلى المقعد. يا إلهي! كيف بدأت في سحب الفراش من تحتي؟ لا أصدق أن هذه دجاجات، هي وحوش كاسرة. يا إلهي! بعد أن قذفن بي عن المقعد يرجعن إلى الأقفاص، وكأن شيئًا لم يحدث. أنا أعرف كيف أحاسبكن، وأنت أيها الديك الجبان أعرف كيف أحاسبك. (يدخل جعبار من الباب الرئيسي المفتوح)
لافي: أهلًا، صاحب السعادة! أين كنت؟ تركت مهمتك وخرجت.
(جعبار يسير ببطء. يقف أمام الأقفاص)
لافي: هل في الخارج دجاجة أعجبتك وخرجت للقائها؟ كل هذه الدجاجات لم تعجبك واحدة منها؟ ألا تعلم ماذا حدث؟ دجاجاتك كسرت يدي، تركتها تخرج من الأقفاص، وتقوم بعملها المنكر. أنت متهم أيها الديك اللعين بخيانة الأمانة، وإهمالك لوظيفتك في تأديب الدجاج، وفي المحافظة على الأمن في هذا المحل. لا تقل إنك خرجت كي تتنفس الهواء النقي وتتعرف المكان. أيها الديك المبجل، عملك هنا وليس في الخارج. سأسجنك في غرفة النتف والتقطيع حتى يأتي المعلم، وسترى ماذا يحدث لك.
(يلقي القبض عليه)
(يسمع صياح الديك حمروس)
(يرهف لافي السمع)
لافي: (للديك جعبار) سمعت صياح الديك الاحتياطي حمروس، إنه ينتظر دوره ليحل مكانك أيها الأحمق.
(يدخل رجل بملابس أنيقة بيده حقيبة)
الرجل: ماذا تنوي أن تفعل بهذا الديك المسكين؟ إنه يكاد يموت في يدك.
لافي: حسابه عندما يأتي المعلم كلاس.
الرجل: إذن اتركه يقوم بمهمته.
لافي: إنه لا فائدة منه. أستأذنك دقيقة.
(يفتح باب الغرفة الداخلية، ويلقي جعبار في الداخل، ويغلق الباب)
الرجل: يبدو أن مصيره أسود.
لافي: بالتأكيد. الآن ماذا تريد أيها السيد المحترم؟
الرجل: لفت انتباهي وأنا مار بسيارتي هذا المحل. عجبت أنه لا يحمل لافتة بما يقوم به.
لافي : هذا محل جديد لبيع الدجاج اللاحم ، افتتحه المعلم كلاس قبل أيام . اختار هذا المكان المنعزل؛ لأنه بعيد عن أعين البلدية، فلا رخصة، ولا صحة، ولا ضرائب تعليم ومجاري.
الرجل: ولكن ماذا لو جاءت البلدية؟
لافي: لا أظن أنهم يصلون إلى هنا؛ فهذه المنطقة بعيدة عن أنظار البلدية، حتى الناس لا يأتون إليها، ولا يعرفون هذا المكان. إننا منذ افتتاح المحل لم نبع كثيرًا.
الرجل:(يفتح الحقيبة. يخرج ملفًا) هات رخصة المحل وأوراقه كلها.
لافي: (بارتباك) ماذا؟ هل من المعقول؟ أنت ..؟
الرجل: نعم أنا من موظفي البلدية. أين رخصة المهنة؟ أين رخصة الصحة ..
لافي: ما هذا اليوم النكد؟ قلت لك لم نشتغل بعد، وأنت ترى أني لا أقدر على تحريك يدي.
الرجل: لا بد من المخالفة حتى يسرع السيد كلاس بإجراءات ترخيص المحل.
لافي: أرجوك، أنت رجل محترم لا يمكن أن تخالفنا.
الرجل: من قال لك هذا؟
(يفتح الملف، يخرج قلمًا)
الرجل: انتظر. سأكرمك؟
الرجل: فكرة جميلة. هات ورقة الخمسين.
لافي : لا أملك أي مبلغ من المال.
الرجل: كيف ستكرمني إذن؟
لافي: دجاجة تكفي؟
الرجل: (يشير بيده) ثلاث.
(يخرج لافي ثلاث دجاجات من القفص)
لافي: هل أذبحها؟
الرجل: (يتراجع بخوف) انتظر. هل هذه دجاجات أم هياكل ذئاب؟
لافي: هذا هو النوع الموجود عندنا ...
الرجل: يبدو أنه دجاج هجين من كلب أو ذئب أو ضبع. لم أر مثله في حياتي.
لافي: هذا ما اشتراه المعلم.
الرجل: (بهمس)لا حظ لي. حتى الدجاج ليس لنا فيه نصيب هذا اليوم.
لافي: ماذا قلت؟
الرجل: لا أريد شيئًا. قل لمعلمك أن يسجل في عنقه أمانة.
لافي: أمانة لمن؟
الرجل: قل له روبين مراقب الصحة في البلدية.
لافي:(بارتياح) اطمئن سأقول له.
(يغادر الرجل)
لافي:(لنفسه) ماذا يكون رد المعلم كلاس عندما أخبره بما حدث؟ لن يصدق. سأريه صور كاميرا المراقبة. سيعرف أن ما في الأقفاص ليس دجاجًا طبيعيًا بل أقرب إلى كائنات غريبة. كيف سيتخلص منها؟ أعرفه لن يخسر المال الذي دفعه ثمنًا لها. في الوقت نفسه لن يتسامح مع الدجاجات، ولا مع ذلك الديك الكسول. يدي ما زالت تؤلمني، لا بد من رؤية الطبيب لأطمئن عليها.
(تدخل امرأة ومعها طفلها)
المرأة: أنا التي اشتريت أمس من المحل دجاجتين. لكن الحق أقول إنها دجاجات غريبة، بقيت على النار ثلاث ساعات ولم تنضج، كما أن طعمها مر. لم يمر بي وأنا عمري خمسون سنة دجاج مثل دجاجكم.
لافي: أنت الوحيدة التي تشكين من دجاجنا.
المرأة: أشك أن أحدًا اشترى منكم دجاجًا حتى يشكو.
لافي: لا أدري، فكما تشاهدين، دجاجنا دجاج طبيعي مثل غيره من الدجاج. من أين جاءت له المرارة، وصعوبة النضج؟
المرأة: ( تنظر إلى الدجاج) غريب!
لافي : ما الغريب؟
المرأة: إنه ليس من الدجاج الذي اشتريت منه؟ هذا دجاج في غاية النحافة، يبدو أنه مصاب بالمرض. يقال إن أمراض كثيرة تسببها الطيور، ومنها الدجاج.
لافي: لا أظن أن دجاجنا مريض. كما ترين إنه في غاية النشاط والحيوية، لو كان مريضًا لرأيته منزويًا، والمخاط يغطي وجهه وعينيه.
الطفل: أمي، انظري. (يشير إلى دجاجة تجاول فتح باب القفص)
(تنظر المرأة)
المرأة: يا إلهي! إنها مثل سجين يرفض البقاء بين القضبان. حتى الدجاج يطلب الحرية.
الطفل: أمي، أنا خائف؟
لافي: لا تخف يا ابني. الدجاج مثل الأرانب من أجبن مخلوقات الله، وإن كان هو الذي كسر ذراعي.
الطفل: (بدهشة) كيف يكون جبانًا وكسر يدك؟
لافي: أنت طفل ذكي. جبان لأن طبيعته الخوف والجبن. ألم تره قليل النوم من شدة الخوف. لا أدري كيف استطاع إسقاطي عن المقعد الذي كنت نائمًا عليه.
المرأة: (تنظر بإمعان إلى ذراعه)لا أظن أن ما حدث لذراعك كسر؛ فأنت تحركها كما يبدو دون ألم. ربما هو التواء خفيف. لكن يجب عليك أن تجعل لها حمالة حتى لا يتفاقم الأمر.
لافي: هل أنت طبيبة؟
المرأة: عملت ممرضة مدة طويلة.
لافي: سأجرب أن أصنع رباطًا وأرى ما يحدث.
الطفل: تأخرنا على أبي يا أمي!
لافي: ليس في المحل نقود. لا أستطيع أن أعوضك عن تلك الدجاجات التي اشتريتها أمس.
المرأة: لم أحضر لهذا السبب بل لأخبركم بما حدث معي حتى تعالجوا الأمر، وتتأكدوا من سلامة الدجاج الذي تبيعونه للناس.
لافي: سأخبر المعلم كلاس عندما يعود.
(تغادر المرأة والطفل)
(يصيح الديك حمروس على شرفة الغرفة)
لافي: (ينظر نحوه إلى أعلى) عرفت أنك موجود، وأنك جاهز للقيام بمهمة السيطرة على هذه الدجاجات المتمردة.
(يقد قطعة من القماش، يصنع منها رباطًا، ويعلق ذراعه في رقبته)
لافي: الألم يخف. ما قالته المرأة صحيح. (للدجاجات) لم تنجح مؤامرتكن علي وعلى المحل. الويل لكن عندما يأتي المعلم!
(يدخل المعلم كلاس)
لافي: جئت في الوقت المناسب يا معلم كلاس.
كلاس: (برقة) قل لي أولًا: ماذا جرى ليدك؟ تركتك مثل الحصان في الصباح.
لافي: اسأل هذه؟ (وأشار إلى الدجاج)
كلاس: أنا لا أمزح معك.
لافي: غلبني النوم بعد خروجك. أول مرة أنام في هذا الوقت. حاولت أن أبقى مستيقظًا لم أستطع، أظن أن إحدى الدجاجات أصابتني بداء النوم السريع، فما إن نمت حتى هاجمتني هذه الدجاجات المفترسة.
كلاس: هل حدث هذا حقًا؟
لافي: نعم أنا لا أكذب. وأظهرت صور المراقبة تفاصيل هذه الجريمة.
كلاس: والديك جعبار، أين كان والدجاجات تهاجمك؟ ألم يستطع ردهن إلى الأقفاص؟
لافي: أظهرت الصور أنه كان في الخارج يتنزه أمام المحل.
كلاس: أين هو الآن؟
لافي: وضعته في غرفة النتف والتقطيع.
كلاس: سوف يحاسب حسابًا عسيرًا على فعلته. أكاد لا أصدق ما جرى.
لافي: سترى ما حدث بالصوت والصورة.
(يذهبان إلى الطاولة. يدير لافي جهاز المراقبة)
(ينظر كلاس بدهشة إلى الصور)
(يبتعد عن الطاولة، وهو ينفث بغضب)
لافي: هل كنت تتوقع هذا؟
كلاس: (بغضب) الأمر في غاية الخطورة. كانت هذه الدجاجات في غاية الوداعة والجمال، ولم تكن على هذه الهيئات المخيفة. أكاد أجزم بأنهن لسن الدجاجات السابقات التي وصلت إلينا. أنا في حيرة من أمري.
لافي: أوافقك الرأي أيها المعلم المبجل. يبدو أنهن نوع من السلالات الدجاجية المنحطة، والتي تتغير بسرعة من حالة سيئة إلى أسوأ منها. حتى إن امرأة جاءت تشكو بأن لحم الدجاجتين اللتين اشترتهما مر، ولم تنضجا على النار.
كلاس: هذه بداية سيئة يا لافي. كيف سيثق بنا الناس ونحن نبيعهم دجاجات غريبة؟
لافي: نسيت أن أخبرك بأن موظف البلدية مر في غيابك، وكاد أن يخالف المحل لعدم وجود رخصة ممارسة المهنة، وموافقة الشؤون الصحية، لولا أني عرضت عليه أن يأخذ دجاجًا مقابل التغاضي عن كتابة المخالفة. تخيل أنه لم يقبل بدجاج لقاء ذلك. قال إن ما في الأقفاص ليس دجاجًا، ويظل له دين في عنقك.
كلاس: هل يعرفني؟
لافي: فهمت من كلامه أنه يعرفك.
كلاس: لا تهتم؛ فالمحل في الأساس خارج تنظيم المدينة، ولا يخضع لأي ضريبة. لكن من هذا الموظف الذي له دين عندي؟
لافي: ذكر أن اسمه روبين.
كلاس: (يضحك) روبين النصاب والمحتال. المهم أنك لم تقع في فخه.
لافي: نجوت؛ لأن الظروف كانت لصالحي، فلا مال معي من ناحية، والدجاجات التي قدمتها له رفضها من ناحية أخرى.
كلاس: اتركنا الآن مما يقوله الناس، ومن الصعلوك روبين. ماذا سنفعل بهذه الدجاجات التي ابتلينا بها؟
لافي: أخشى من أن المستقبل سيكون مظلمًا.
كلاس: لا لن يكون مظلمًا. المستقبل نصنعه نحن بقوتنا. افتتحنا هذا المحل ليبقى وينجح. لا تنس أن مطعم المدينة تعاقد معنا على أن نورد له كل يوم خمسين دجاجة منظفة ومقطعة وجاهزة للطهو.
لافي: هذا خبر مفرح، نستطيع الاستغناء مؤقتًا عن البيع للناس. لكن ماذا عن المعلومات التي تقول عن مرارة اللحم؟
كلاس: لا تهمني مثل هذه الأمور. الطباخون في المطعم عندهم من الأساليب التي تقضي على ما في أي لحم من عيوب.
لافي: ما الذي يهمك إذًا؟
كلاس: ما يهمني هو كيف نسيطر على هذه الدجاجات بعد فعلهن الشنيع، وقلبك عن المقعد.
لافي: نعم هذا ما يجب أن نفكر فيه.
كلاس: لن نسمح لهذه الدجاجات الحمقى أن تتغلب علينا، أو تعيق حركتنا، أو تهدد وجودنا. هذه الدجاجات لا يؤتمن جانبها، ولا يجب التهاون معها. أنا لا أطمئن حتى نتخلص منها.
(يصيح الديك حمروس فوق الشرفة)
لافي: لم يتوقف هذا الديك حمروس عن الصياح، منذ وضعت الديك جعبار في غرفة النتف والتقطيع.
كلاس: هو صراع الديكة. يريد أن نأتي به مكانه.
لافي: وأنت ما رأيك؟
كلاس: لا نمانع أن يأتي أي ديك لمساعدتنا في السيطرة على هذه الأقفاص. أعتقد أن هذا الديك أصبح جاهزًا ليتولى هذه المهمة بدلًا من ذاك الديك الجبان.
لافي: ماذا تنوي أن تفعل بجعبار؟
كلاس: سنوقع به أشد أنواع العقاب، ونجعله عبرة لمن تسول له نفسه أن يقصر في خدمتنا أو يخالف أوامرنا. نحن لا نلعب مع الديوك ولا مع الدجاجات. يجب أن تعرف هذه الحيوانات كيف تطيعنا وتنصاع لأوامرنا. الآن أحضر لي الديك حمروس.
(يصعد على السلم)
لافي: (يصرخ) أه يدي تؤلمني!
كلاس: هل أصعد بدلًا منك؟
لافي: ليس إلى هذا الحد الذي لا أقدر فيه على الإمساك بديك.
(يتناول الديك من القفص)
لافي: تعال أيها الزعيم الجديد.
(يضعه على الطاولة)
كلاس:(للديك) اسمع أيها الديك: عيناك زعيمًا على هذه الأقفاص كلها، أنت المسؤول الآن عن كل دجاج المحل. يجب أن تمارس سلطتك في فرض الأمن والنظام بين الدجاجات. يجب ألا تخرج أي دجاجة من القفص، ولا تقرقر إلا عندما تصيح أنت، وأنت عليك ألا تصيح إلا عند الفجر. الضجيج ممنوع. لك الصلاحيات كلها في اتخاذ الوسائل المناسبة، أو غير المناسبة لتحقيق هذه الأهداف. الآن أرني كيف تؤدي مهمتك.
(يتركه. يتجه نحو الأقفاص)
لافي: وجعبار ماذا نفعل به؟
كلاس: حتى نظهر في غاية التهذيب والإنسانية علينا ألا نقوم بتعذيبه أمام الدجاجات. أرى أن تعذبه في غرفة النتف والتقطيع. اقطع رجليه، وقص جناحيه، وألقيه في المغلى ليلقى مصير كل من لا يتقن التعاون معنا. وخذ في طريقك بعض الدجاجات من القفص الأسفل.
لافي: كنت سأطلب منك ذلك. لا أشك في أن دجاجات القفص الأسفل لها الدور الفاعل في ما يجرى.
كلاس: عذبها كما الديك وأكثر، وابقيها في الماء المغلي لنبيعها ضمن دجاجات المطعم.
لافي: كما تأمر يا معلمي.
(يخطف مجموعة من الدجاج. يدخل الغرفة؛ ليقتص منها ومن الديك جعبار)
كلاس: (ينظر إلى الدجاجات) نظراتكن غريبة، سيأتي عليكن الدور.
(يعلو صياح الديك جعبار، وقرقرة الدجاجات)
كلاس: كل من يحاول رفع رأسه أكان ديكًا أم دجاجة يستحق هذا المصير.
(يخرج لافي من الغرفة)
لافي: انتهينا منه الخائن. آلمتني ذراعي وأنا أقطعه إربًا إربًا.
كلاس: أقترح أن تذهب لمراجعة الطبيب. ربما تكون ذراعك مكسورة وأنت لا تدري. وبعد أن تطمئن على ذراعك تعود لتجهيز طلبية مطعم المدينة.
لافي: سأذهب يا معلمي. لن أغيب طويلًا.
كلاس: ستكون بخير.
لافي: أرجو أن تنتبه إلى نفسك.
(يخرج لافي)
كلاس : (للدجاجات) لماذا تنظرن إلي هذه النظرات المتحدية؟ أنتن لا تنتظرن سوى الموت. أنتن ضعيفات. الضعيف له الموت. القوي وحده من يستحق الحياة. والقوي مطاع ولا يعاند. عندما يعود لافي سوف أتخلص من خمسين منكن، وكل يوم سأتخلص من مثل هذا العدد حتى أنتهي منكن.
(يرن الهاتف الخلوي. ينظر إلى الشاشة)
كلاس: ماذا يريد مطعم المدينة؟ (يفتح الخط) نعم.
المطعم: نعتذر سيد كلاس عن طلبنا الدجاج من محلكم.
كلاس: لماذا ونحن قد بدأنا بتجهيزها؟
المطعم: الحقيقة وصلتنا معلومات أن فصيلة الدجاج، التي تبيعونها غير صالحة للاستهلاك البشري.
كلاس: إنها إشاعات وأكاذيب. تعرف أن محلنا افتتح حديثًا، وكثيرون يحسدوننا عليه.
المطعم: هذا قرارنا الآن، وربما نعدل عنه في المستقبل إذا توافرت معلومات جديدة.
(يغلق الخط)
كلاس: من أين تأتي إلينا المصائب؟
(تدخل امرأة عجوز)
كلاس (لنفسه) يوجد ناس يطلبون دجاجنا.
العجوز: أريد دجاجة يا ابني.
كلاس: دجاجة واحدة ؟
العجوز: نعم، واحدة يا ابني؛ فأنا أقيم وحدي.
كلاس: ماذا أفعل بها بعد نتف ريشها وتنظيفها؟
العجوز: قطعها ثماني قطع.
كلاس: ثماني قطع؟
العجوز: نعم، إنها تكفيني شهرًا يا ابني.
كلاس: سأختار لك دجاجة كبيرة.
(يخرج من القفص واحدة)
(تنظر العجوز إليها)
العجوز: ما هذه؟ فأر أم جرذ؟
كلاس: هذا آخر ما وصل إليه نمو الدجاجات عندنا.
العجوز: لم أر في حياتي دجاجًا بمثل هذا الحجم. عدلت عن شراء دجاجة.
كلاس: ماذا تريدين إذا؟
العجوز: لا شيء. لا شيء غير الخروج سالمة. (وهي خارجة) أخطأت دخلت منزل الأشباح.
كلاس: (لنفسه) علي الاعتراف: هذه الدجاجات يجب أن يعاد النظر فيها. يجب أن تعود إلى ما كانت عليه من الوداعة والهدوء. ما العمل حتى تعود إلى ما كانت عليه؟ سأتصل بمرحاب الطبيب البيطري؛ لأعرف رأيه.
(يتناول الجهاز الخلوي من جيبه)
كلاس: دكتور مرحاب.
مرحاب: نعم.
كلاس: أحتاج إلى رأيك دكتور مرحاب.
مرحاب: (يضحك) ماذا حدث لك؟
كلاس: أنا لم يحدث لي شيء، لكن الكارثة ما ظهر في دجاجات المحل؛ فهي، مع أنها لا تتوقف عن الأكل والشرب، في غاية النحافة والضعف، لو وزنت القفص الذي فيه أكثر من ثلاثين دجاجة لا يصل وزنه إلى عشرين كيلو غرامًا. ثم إنها دائمة الحركة، تقفز من أقفاصها، وتتجول في المحل، وهاجمت اليوم العامل لافي، وكادت تقضي عليه.
مرحاب: هل يوجد ديك في المحل؟
كلاس: طبعًا ما أهمية وجود ديك من عدم وجوده؟
مرحاب: دون ديك لا يوجد هدوء بل لا يوجد دجاج.
كلاس: معلومة مفيدة.
مرحاب: فعلًا معلومة مفيدة، وإن كنت تقول ذلك على سبيل السخرية.
كلاس: نعم، يوجد ديك لكنه غير مبال بما يحدث للدجاجات، وذهب اليوم ليتجول أمام المحل.
مرحاب: الآن أستطيع أن أقدم الحلول لهذه المشكلة.
كلاس: ما هي هذي الحلول؟ أرجوك يا دكتور!
مرحاب: الحلول التي اقترحها تتلخص في: التخلص من الديك الحالي، وإحضار ديك آخر في غاية القوة والشجاعة، وتوفير كميات كثيرة من الماء في الأقفاص، وترك النور ساطعًا عليها في الليل، ومتابعة المراقبة للمكان، وبخاصة للدجاجات والديك.
كلاس: والأكل؟
مرحاب: أعتقد أن هذا النوع من الدجاج إذا أكل ينحف ويزداد نشاطه. فأنصح بأن يظل جائعًا حتى يقل نشاطه ويزيد وزنه.
كلاس: سأطبق ما تقوله أيها الطبيب.
(يجلس على المقعد. يراقب الدجاجات والديك. الهدوء يخيم على المكان. الديك ينتصب أمام الأقفاص)
كلاس: كأني في معسكر معادٍ. صحيح هذا الديك أفضل من سابقه، ولكن الدجاجات يبدو انها في القوة السابقة نفسها، وفي أحجامها السابقة نفسها أيضًا. كيف وعد الدكتور في غضون ساعات أن تصبح الدجاجة في حجم الخروف؟ لم يتغير شيء للأحسن. لماذا تنظر إلي هذه الدجاجات نظرات غريبة؟ هذي العيون لا أعتقد أنها عيون دجاجات.
(تظهر امرأة. تقف مترددة بالباب)
كلاس: تفضلي أيتها السيدة.
السيدة: شيء مخجل.
كلاس: ما هو يا سيدتي؟
السيدة: ألم تر كيف يمسك الديك بعنق الدجاجة المسكينة ليدخلها غصبًا عنها إلى القفص؟ هذا أمر ليس فيه أخلاق، أو حتى رفق بالحيوان. ما كان لهذا الديك القوي أن يكون مسؤولًا عن هذه الدجاجات المسكينة.
كلاس: هل يمكن أن نأتي بديك ضعيف ليحكم الدجاجات؟ الدجاجة دجاجة لا يحكمها إلا ديك قوي.
السيدة: قوي ولكن غير ظالم.
كلاس: على كل حال، أنت تريدين أن تشتري دجاجًا ما شأنك وشأن الديك؟
السيدة: الديك إذا كان قاسيًا فإنه يفسد الدجاج، ويجعله غير صالح للاستهلاك البشري.
كلاس: اتركي الديك وعمله، واختاري أي الدجاج الذي تريدينه.
السيدة: أنا لا أريد أي دجاجة بل أريد الديك.
كلاس: الديك؟
السيدة: نعم، الديك.
كلاس: قلت إنه ظالم، وتريدين شراءه؟
السيدة: لست مجبرة على بيان أسباب رغبتي في شراء الديك.
كلاس: (بابتسام) إذا قلت الأسباب ربما أفكر في بيعه.
السيدة: بصراحة، هنا ليس المكان المناسب لهذا الديك.
كلاس: أين المكان المناسب؟
السيدة: لا بد من وضعه بين دجاجات حقيقية، أي في مكانه الطبيعي. هل فهمت؟
كلاس: نعم فهمت، وعليك أن تفهمي أيضًا بأنك لو تدفعين أموال الدنيا كلها لن أبيعه لك.
السيدة: لماذا؟ كل شيء له ثمن.
كلاس: إلا هذا الديك، إنه ديك موهوب في تأديب أي نوع من الدجاج، وخاصة هذا النوع الذي ترينه في الأقفاص. في المستقبل سنؤجره لتأديب أنواع الدجاج في المناطق الأخرى.
السيدة: إذا لم تبعني الديك فأنا لا أحتاج إلى الدجاج.
كلاس: أمرك عجيب يا سيدتي. اذهبي إلى محل آخر مختص ببيع الديوك لتختاري ما تشائين منها.
السيدة: أين هذا المحل؟
كلاس: ليس من السهولة العثور على مثل هذه المحال.
السيدة: أنت تسخر مني.
كلاس: ضيعت معك وقتًا طويلًا يا سيدتي.
(بعد خروجها)
كلاس: أحس بالدوار. الأرض تدور بي.
(يجلس على المقعد)
(الديك يروح ويجيء أمام الأقفاص)
(الدجاج يقرقر)
كلاس: أيها الديك أسكتْ هذه القرقرة. رأسي يؤلمني.
(دجاجة تقفز من القفص)
كلاس: أعدها أيها الديك. عليك اللعنة. يبدو أنك مثل جعبار لا خير فيك. أعرف كيف انتقم منك. النعاس يتكالب علي. يجب أن أستيقظ. لن أترك هذه الدجاجات تنتصر علي. آه اللعنة! لابد من أن أرتاح قليلًا، ثم أنهض لأقضي على هذه الدجاجات كلها. أين أنت يا لافي؟ سوف أقضـ يـ على...
(يغرق في النوم)
(تهتز الأقفاص. ينطلق الديك في الصياح. تتواصل قرقرة الدجاج. تسود العتمة. صمت)
(يدخل لافي بحذر وخوف)
لافي: يا إلهي! ماذا يحدث هنا؟ أين الدجاجات؟ ما هذا الخراب؟ أين أنت يا معلم كلاس؟ ( يرى الديك ملقى على الأرض) جئنا بك لتعيننا يا للخسارة!
(أنين من تحت الأقفاص)
كلاس: آه قتلتني الدجاجات!
لافي: معلم كلاس. أنت حي؟! لا تخف. أنا قادم إليك.
(يتجه لافي إليه. يساعده على إزالة الأقفاص عنه)
لافي: معلم كلاس، هل أنت بخير؟
كلاس: الآن أنا بخير. كدت أموت من تلك الدجاجات. هاجمتني وأنا نائم. كيف نمت؟ ماذا حدث لي؟ ماذا فعلت الدجاجات حتى نمت هذا النوم العميق؟ لا أصدق أن من كن في الأقفاص دجاجات بل وحوش.
لافي: لم يبق شيء في المكان سوى الخراب.
كلاس: أين الديك؟
لافي: رأيته غائصًا في دمائه، ولا وجود لأي دجاجة في المحل.
كلاس: ظننت أنه متواطئ مع الدجاجات، أو وراء هذه الأعمال الإجرامية. يجب أن نرحل قبل عودة الدجاجات. ربما ذهبت لجلب مزيد من الدجاج لتطهير المكان منا.
لافي: هل تظن هذا، أم أن الخوف هو الذي يلاحقنا؟
كلاس: كلا الأمرين يا لافي. هل توافقني على هذا الرأي؟
لافي: نعم، هي دجاجات متمردة ترفض أن توضع في أقفاص، ولن تنسى ما فعلناه بها، ستعود لمهاجمتنا. نحن محظوظان: أنا لم تنكسر يدي، وأنت رضوض خفيفة وتزول.
(يتجهان إلى الباب الرئيسي)
كلاس: كنا نظن أننا نقدر على السيطرة على الدجاج، خاب ظننا. بل صارت هي من تتحكم فينا، وتنتصر علينا. إنها حيوانات فيها قوة غريبة لا نقدر على مواجهتها. ما كان يجب أن نضيق عليها الخناق، ونفكر في طريقة للتعايش معها.
لافي: هل أنت نادم على ما فعلت؟
كلاس: ما فائدة الندم بعد فوات الأوان؟ على الأقل، كان يمكن أن نعامل الدجاجات بطريقة أفضل.
لافي: لا توجد طريقة فضلى في التعامل بين طرفين أحدهما يعيش على قتل الآخر.
كلاس: في قولك حكمة لم أسمع منك مثلها من قبل. يبدو أن الشدائد تدفع الإنسان ليراجع حساباته.
لافي: كيف نستفيد مما حدث؟
كلاس: بدت الدجاجات تصحو. لا أمل في القضاء عليها. المستقبل ليس لنا. لا مقام لنا هنا.
لافي: ماذا تنوي أن تفعل؟
كلاس: أن نخرج من هنا.
النهاية
(فجأة يعم الظلام. يسمع صوت سقوط شيء. يضاء المسرح)
لافي : يدي! آه يدي كسرت! كيف سقطت عن المقعد. لا، لم أسقط نفسي. في هذا المكان من طرحني على الأرض. (يتجه نحو الأقفاص) هل أنتن من فعلن هذه الفعلة؟ لستن بريئات من ذلك. أرى في عيني كل دجاجة منكن هذه الجريمة. هذه الهيئات ليست هيئات دجاجات بل ذئاب أو قرود.(ينظر إلى القفص الأسفل) أظن أيتها الدجاجات الحمقى أنتن من هاجمنني وأنا نائم. أما أنتن أيتها الدجاجات في الأقفاص العليا فلا شك كنتن مرحبات بالجريمة، ومحرضات عليها. أعرف كيف أنتقم منكن جميعًا، لا يهمنا وجودكن وما تجلبن من مال للمحل. (يقف مفكرًا) الديك! أين الديك جعبار؟ لم أره إلا لدقائق منذ الصباح. لم يقم بعمله على خير وجه، إنه المسؤول عما جرى. أليس هو زعيم هذه الدجاجات؟ يجب أن يحاسب على إهماله. الديك هو المسؤول عن تحقيق الأمن والهدوء في هذا المكان. أي سلوك مشين للدجاجات سيتحمل مسؤوليته ويعاقب عليه. أين هو الآن؟ هل قتل؟ أم خطف؟ أين ذهب؟ لماذا لم يقم بمهمته الموكلة إليه؟ لا بد من محاسبته وتأديبه على ما اقترف من ذنب. لكن في البدء لا بد من معرفة ما حدث، وتحديد هوية الفاعل قبل عودة المعلم كلاس. سأنظر في الكاميرا لأعرف أين ذهب هذا المغرور. (يجلس إلى الطاولة التي بالقرب من المقعد. يبحث في جهاز المراقبة، ينظر في الصور) آه! هذا أنا، دجاجة تقترب مني، وأنا على المقعد، حاولت أن أطردها، لم تتحرك من مكانها، يغلبني النوم. ها هو الزعيم جعبار يخرج من الباب الرئيسي. الدجاجات تخرج من الأقفاص. يا إلهي! إنها تقفز إلى الأرض بسرعة، كأنها قطط أو قرود. الآن تأتي إلى المقعد. يا إلهي! كيف بدأت في سحب الفراش من تحتي؟ لا أصدق أن هذه دجاجات، هي وحوش كاسرة. يا إلهي! بعد أن قذفن بي عن المقعد يرجعن إلى الأقفاص، وكأن شيئًا لم يحدث. أنا أعرف كيف أحاسبكن، وأنت أيها الديك الجبان أعرف كيف أحاسبك. (يدخل جعبار من الباب الرئيسي المفتوح)
لافي: أهلًا، صاحب السعادة! أين كنت؟ تركت مهمتك وخرجت.
(جعبار يسير ببطء. يقف أمام الأقفاص)
لافي: هل في الخارج دجاجة أعجبتك وخرجت للقائها؟ كل هذه الدجاجات لم تعجبك واحدة منها؟ ألا تعلم ماذا حدث؟ دجاجاتك كسرت يدي، تركتها تخرج من الأقفاص، وتقوم بعملها المنكر. أنت متهم أيها الديك اللعين بخيانة الأمانة، وإهمالك لوظيفتك في تأديب الدجاج، وفي المحافظة على الأمن في هذا المحل. لا تقل إنك خرجت كي تتنفس الهواء النقي وتتعرف المكان. أيها الديك المبجل، عملك هنا وليس في الخارج. سأسجنك في غرفة النتف والتقطيع حتى يأتي المعلم، وسترى ماذا يحدث لك.
(يلقي القبض عليه)
(يسمع صياح الديك حمروس)
(يرهف لافي السمع)
لافي: (للديك جعبار) سمعت صياح الديك الاحتياطي حمروس، إنه ينتظر دوره ليحل مكانك أيها الأحمق.
(يدخل رجل بملابس أنيقة بيده حقيبة)
الرجل: ماذا تنوي أن تفعل بهذا الديك المسكين؟ إنه يكاد يموت في يدك.
لافي: حسابه عندما يأتي المعلم كلاس.
الرجل: إذن اتركه يقوم بمهمته.
لافي: إنه لا فائدة منه. أستأذنك دقيقة.
(يفتح باب الغرفة الداخلية، ويلقي جعبار في الداخل، ويغلق الباب)
الرجل: يبدو أن مصيره أسود.
لافي: بالتأكيد. الآن ماذا تريد أيها السيد المحترم؟
الرجل: لفت انتباهي وأنا مار بسيارتي هذا المحل. عجبت أنه لا يحمل لافتة بما يقوم به.
لافي : هذا محل جديد لبيع الدجاج اللاحم ، افتتحه المعلم كلاس قبل أيام . اختار هذا المكان المنعزل؛ لأنه بعيد عن أعين البلدية، فلا رخصة، ولا صحة، ولا ضرائب تعليم ومجاري.
الرجل: ولكن ماذا لو جاءت البلدية؟
لافي: لا أظن أنهم يصلون إلى هنا؛ فهذه المنطقة بعيدة عن أنظار البلدية، حتى الناس لا يأتون إليها، ولا يعرفون هذا المكان. إننا منذ افتتاح المحل لم نبع كثيرًا.
الرجل:(يفتح الحقيبة. يخرج ملفًا) هات رخصة المحل وأوراقه كلها.
لافي: (بارتباك) ماذا؟ هل من المعقول؟ أنت ..؟
الرجل: نعم أنا من موظفي البلدية. أين رخصة المهنة؟ أين رخصة الصحة ..
لافي: ما هذا اليوم النكد؟ قلت لك لم نشتغل بعد، وأنت ترى أني لا أقدر على تحريك يدي.
الرجل: لا بد من المخالفة حتى يسرع السيد كلاس بإجراءات ترخيص المحل.
لافي: أرجوك، أنت رجل محترم لا يمكن أن تخالفنا.
الرجل: من قال لك هذا؟
(يفتح الملف، يخرج قلمًا)
الرجل: انتظر. سأكرمك؟
الرجل: فكرة جميلة. هات ورقة الخمسين.
لافي : لا أملك أي مبلغ من المال.
الرجل: كيف ستكرمني إذن؟
لافي: دجاجة تكفي؟
الرجل: (يشير بيده) ثلاث.
(يخرج لافي ثلاث دجاجات من القفص)
لافي: هل أذبحها؟
الرجل: (يتراجع بخوف) انتظر. هل هذه دجاجات أم هياكل ذئاب؟
لافي: هذا هو النوع الموجود عندنا ...
الرجل: يبدو أنه دجاج هجين من كلب أو ذئب أو ضبع. لم أر مثله في حياتي.
لافي: هذا ما اشتراه المعلم.
الرجل: (بهمس)لا حظ لي. حتى الدجاج ليس لنا فيه نصيب هذا اليوم.
لافي: ماذا قلت؟
الرجل: لا أريد شيئًا. قل لمعلمك أن يسجل في عنقه أمانة.
لافي: أمانة لمن؟
الرجل: قل له روبين مراقب الصحة في البلدية.
لافي:(بارتياح) اطمئن سأقول له.
(يغادر الرجل)
لافي:(لنفسه) ماذا يكون رد المعلم كلاس عندما أخبره بما حدث؟ لن يصدق. سأريه صور كاميرا المراقبة. سيعرف أن ما في الأقفاص ليس دجاجًا طبيعيًا بل أقرب إلى كائنات غريبة. كيف سيتخلص منها؟ أعرفه لن يخسر المال الذي دفعه ثمنًا لها. في الوقت نفسه لن يتسامح مع الدجاجات، ولا مع ذلك الديك الكسول. يدي ما زالت تؤلمني، لا بد من رؤية الطبيب لأطمئن عليها.
(تدخل امرأة ومعها طفلها)
المرأة: أنا التي اشتريت أمس من المحل دجاجتين. لكن الحق أقول إنها دجاجات غريبة، بقيت على النار ثلاث ساعات ولم تنضج، كما أن طعمها مر. لم يمر بي وأنا عمري خمسون سنة دجاج مثل دجاجكم.
لافي: أنت الوحيدة التي تشكين من دجاجنا.
المرأة: أشك أن أحدًا اشترى منكم دجاجًا حتى يشكو.
لافي: لا أدري، فكما تشاهدين، دجاجنا دجاج طبيعي مثل غيره من الدجاج. من أين جاءت له المرارة، وصعوبة النضج؟
المرأة: ( تنظر إلى الدجاج) غريب!
لافي : ما الغريب؟
المرأة: إنه ليس من الدجاج الذي اشتريت منه؟ هذا دجاج في غاية النحافة، يبدو أنه مصاب بالمرض. يقال إن أمراض كثيرة تسببها الطيور، ومنها الدجاج.
لافي: لا أظن أن دجاجنا مريض. كما ترين إنه في غاية النشاط والحيوية، لو كان مريضًا لرأيته منزويًا، والمخاط يغطي وجهه وعينيه.
الطفل: أمي، انظري. (يشير إلى دجاجة تجاول فتح باب القفص)
(تنظر المرأة)
المرأة: يا إلهي! إنها مثل سجين يرفض البقاء بين القضبان. حتى الدجاج يطلب الحرية.
الطفل: أمي، أنا خائف؟
لافي: لا تخف يا ابني. الدجاج مثل الأرانب من أجبن مخلوقات الله، وإن كان هو الذي كسر ذراعي.
الطفل: (بدهشة) كيف يكون جبانًا وكسر يدك؟
لافي: أنت طفل ذكي. جبان لأن طبيعته الخوف والجبن. ألم تره قليل النوم من شدة الخوف. لا أدري كيف استطاع إسقاطي عن المقعد الذي كنت نائمًا عليه.
المرأة: (تنظر بإمعان إلى ذراعه)لا أظن أن ما حدث لذراعك كسر؛ فأنت تحركها كما يبدو دون ألم. ربما هو التواء خفيف. لكن يجب عليك أن تجعل لها حمالة حتى لا يتفاقم الأمر.
لافي: هل أنت طبيبة؟
المرأة: عملت ممرضة مدة طويلة.
لافي: سأجرب أن أصنع رباطًا وأرى ما يحدث.
الطفل: تأخرنا على أبي يا أمي!
لافي: ليس في المحل نقود. لا أستطيع أن أعوضك عن تلك الدجاجات التي اشتريتها أمس.
المرأة: لم أحضر لهذا السبب بل لأخبركم بما حدث معي حتى تعالجوا الأمر، وتتأكدوا من سلامة الدجاج الذي تبيعونه للناس.
لافي: سأخبر المعلم كلاس عندما يعود.
(تغادر المرأة والطفل)
(يصيح الديك حمروس على شرفة الغرفة)
لافي: (ينظر نحوه إلى أعلى) عرفت أنك موجود، وأنك جاهز للقيام بمهمة السيطرة على هذه الدجاجات المتمردة.
(يقد قطعة من القماش، يصنع منها رباطًا، ويعلق ذراعه في رقبته)
لافي: الألم يخف. ما قالته المرأة صحيح. (للدجاجات) لم تنجح مؤامرتكن علي وعلى المحل. الويل لكن عندما يأتي المعلم!
(يدخل المعلم كلاس)
لافي: جئت في الوقت المناسب يا معلم كلاس.
كلاس: (برقة) قل لي أولًا: ماذا جرى ليدك؟ تركتك مثل الحصان في الصباح.
لافي: اسأل هذه؟ (وأشار إلى الدجاج)
كلاس: أنا لا أمزح معك.
لافي: غلبني النوم بعد خروجك. أول مرة أنام في هذا الوقت. حاولت أن أبقى مستيقظًا لم أستطع، أظن أن إحدى الدجاجات أصابتني بداء النوم السريع، فما إن نمت حتى هاجمتني هذه الدجاجات المفترسة.
كلاس: هل حدث هذا حقًا؟
لافي: نعم أنا لا أكذب. وأظهرت صور المراقبة تفاصيل هذه الجريمة.
كلاس: والديك جعبار، أين كان والدجاجات تهاجمك؟ ألم يستطع ردهن إلى الأقفاص؟
لافي: أظهرت الصور أنه كان في الخارج يتنزه أمام المحل.
كلاس: أين هو الآن؟
لافي: وضعته في غرفة النتف والتقطيع.
كلاس: سوف يحاسب حسابًا عسيرًا على فعلته. أكاد لا أصدق ما جرى.
لافي: سترى ما حدث بالصوت والصورة.
(يذهبان إلى الطاولة. يدير لافي جهاز المراقبة)
(ينظر كلاس بدهشة إلى الصور)
(يبتعد عن الطاولة، وهو ينفث بغضب)
لافي: هل كنت تتوقع هذا؟
كلاس: (بغضب) الأمر في غاية الخطورة. كانت هذه الدجاجات في غاية الوداعة والجمال، ولم تكن على هذه الهيئات المخيفة. أكاد أجزم بأنهن لسن الدجاجات السابقات التي وصلت إلينا. أنا في حيرة من أمري.
لافي: أوافقك الرأي أيها المعلم المبجل. يبدو أنهن نوع من السلالات الدجاجية المنحطة، والتي تتغير بسرعة من حالة سيئة إلى أسوأ منها. حتى إن امرأة جاءت تشكو بأن لحم الدجاجتين اللتين اشترتهما مر، ولم تنضجا على النار.
كلاس: هذه بداية سيئة يا لافي. كيف سيثق بنا الناس ونحن نبيعهم دجاجات غريبة؟
لافي: نسيت أن أخبرك بأن موظف البلدية مر في غيابك، وكاد أن يخالف المحل لعدم وجود رخصة ممارسة المهنة، وموافقة الشؤون الصحية، لولا أني عرضت عليه أن يأخذ دجاجًا مقابل التغاضي عن كتابة المخالفة. تخيل أنه لم يقبل بدجاج لقاء ذلك. قال إن ما في الأقفاص ليس دجاجًا، ويظل له دين في عنقك.
كلاس: هل يعرفني؟
لافي: فهمت من كلامه أنه يعرفك.
كلاس: لا تهتم؛ فالمحل في الأساس خارج تنظيم المدينة، ولا يخضع لأي ضريبة. لكن من هذا الموظف الذي له دين عندي؟
لافي: ذكر أن اسمه روبين.
كلاس: (يضحك) روبين النصاب والمحتال. المهم أنك لم تقع في فخه.
لافي: نجوت؛ لأن الظروف كانت لصالحي، فلا مال معي من ناحية، والدجاجات التي قدمتها له رفضها من ناحية أخرى.
كلاس: اتركنا الآن مما يقوله الناس، ومن الصعلوك روبين. ماذا سنفعل بهذه الدجاجات التي ابتلينا بها؟
لافي: أخشى من أن المستقبل سيكون مظلمًا.
كلاس: لا لن يكون مظلمًا. المستقبل نصنعه نحن بقوتنا. افتتحنا هذا المحل ليبقى وينجح. لا تنس أن مطعم المدينة تعاقد معنا على أن نورد له كل يوم خمسين دجاجة منظفة ومقطعة وجاهزة للطهو.
لافي: هذا خبر مفرح، نستطيع الاستغناء مؤقتًا عن البيع للناس. لكن ماذا عن المعلومات التي تقول عن مرارة اللحم؟
كلاس: لا تهمني مثل هذه الأمور. الطباخون في المطعم عندهم من الأساليب التي تقضي على ما في أي لحم من عيوب.
لافي: ما الذي يهمك إذًا؟
كلاس: ما يهمني هو كيف نسيطر على هذه الدجاجات بعد فعلهن الشنيع، وقلبك عن المقعد.
لافي: نعم هذا ما يجب أن نفكر فيه.
كلاس: لن نسمح لهذه الدجاجات الحمقى أن تتغلب علينا، أو تعيق حركتنا، أو تهدد وجودنا. هذه الدجاجات لا يؤتمن جانبها، ولا يجب التهاون معها. أنا لا أطمئن حتى نتخلص منها.
(يصيح الديك حمروس فوق الشرفة)
لافي: لم يتوقف هذا الديك حمروس عن الصياح، منذ وضعت الديك جعبار في غرفة النتف والتقطيع.
كلاس: هو صراع الديكة. يريد أن نأتي به مكانه.
لافي: وأنت ما رأيك؟
كلاس: لا نمانع أن يأتي أي ديك لمساعدتنا في السيطرة على هذه الأقفاص. أعتقد أن هذا الديك أصبح جاهزًا ليتولى هذه المهمة بدلًا من ذاك الديك الجبان.
لافي: ماذا تنوي أن تفعل بجعبار؟
كلاس: سنوقع به أشد أنواع العقاب، ونجعله عبرة لمن تسول له نفسه أن يقصر في خدمتنا أو يخالف أوامرنا. نحن لا نلعب مع الديوك ولا مع الدجاجات. يجب أن تعرف هذه الحيوانات كيف تطيعنا وتنصاع لأوامرنا. الآن أحضر لي الديك حمروس.
(يصعد على السلم)
لافي: (يصرخ) أه يدي تؤلمني!
كلاس: هل أصعد بدلًا منك؟
لافي: ليس إلى هذا الحد الذي لا أقدر فيه على الإمساك بديك.
(يتناول الديك من القفص)
لافي: تعال أيها الزعيم الجديد.
(يضعه على الطاولة)
كلاس:(للديك) اسمع أيها الديك: عيناك زعيمًا على هذه الأقفاص كلها، أنت المسؤول الآن عن كل دجاج المحل. يجب أن تمارس سلطتك في فرض الأمن والنظام بين الدجاجات. يجب ألا تخرج أي دجاجة من القفص، ولا تقرقر إلا عندما تصيح أنت، وأنت عليك ألا تصيح إلا عند الفجر. الضجيج ممنوع. لك الصلاحيات كلها في اتخاذ الوسائل المناسبة، أو غير المناسبة لتحقيق هذه الأهداف. الآن أرني كيف تؤدي مهمتك.
(يتركه. يتجه نحو الأقفاص)
لافي: وجعبار ماذا نفعل به؟
كلاس: حتى نظهر في غاية التهذيب والإنسانية علينا ألا نقوم بتعذيبه أمام الدجاجات. أرى أن تعذبه في غرفة النتف والتقطيع. اقطع رجليه، وقص جناحيه، وألقيه في المغلى ليلقى مصير كل من لا يتقن التعاون معنا. وخذ في طريقك بعض الدجاجات من القفص الأسفل.
لافي: كنت سأطلب منك ذلك. لا أشك في أن دجاجات القفص الأسفل لها الدور الفاعل في ما يجرى.
كلاس: عذبها كما الديك وأكثر، وابقيها في الماء المغلي لنبيعها ضمن دجاجات المطعم.
لافي: كما تأمر يا معلمي.
(يخطف مجموعة من الدجاج. يدخل الغرفة؛ ليقتص منها ومن الديك جعبار)
كلاس: (ينظر إلى الدجاجات) نظراتكن غريبة، سيأتي عليكن الدور.
(يعلو صياح الديك جعبار، وقرقرة الدجاجات)
كلاس: كل من يحاول رفع رأسه أكان ديكًا أم دجاجة يستحق هذا المصير.
(يخرج لافي من الغرفة)
لافي: انتهينا منه الخائن. آلمتني ذراعي وأنا أقطعه إربًا إربًا.
كلاس: أقترح أن تذهب لمراجعة الطبيب. ربما تكون ذراعك مكسورة وأنت لا تدري. وبعد أن تطمئن على ذراعك تعود لتجهيز طلبية مطعم المدينة.
لافي: سأذهب يا معلمي. لن أغيب طويلًا.
كلاس: ستكون بخير.
لافي: أرجو أن تنتبه إلى نفسك.
(يخرج لافي)
كلاس : (للدجاجات) لماذا تنظرن إلي هذه النظرات المتحدية؟ أنتن لا تنتظرن سوى الموت. أنتن ضعيفات. الضعيف له الموت. القوي وحده من يستحق الحياة. والقوي مطاع ولا يعاند. عندما يعود لافي سوف أتخلص من خمسين منكن، وكل يوم سأتخلص من مثل هذا العدد حتى أنتهي منكن.
(يرن الهاتف الخلوي. ينظر إلى الشاشة)
كلاس: ماذا يريد مطعم المدينة؟ (يفتح الخط) نعم.
المطعم: نعتذر سيد كلاس عن طلبنا الدجاج من محلكم.
كلاس: لماذا ونحن قد بدأنا بتجهيزها؟
المطعم: الحقيقة وصلتنا معلومات أن فصيلة الدجاج، التي تبيعونها غير صالحة للاستهلاك البشري.
كلاس: إنها إشاعات وأكاذيب. تعرف أن محلنا افتتح حديثًا، وكثيرون يحسدوننا عليه.
المطعم: هذا قرارنا الآن، وربما نعدل عنه في المستقبل إذا توافرت معلومات جديدة.
(يغلق الخط)
كلاس: من أين تأتي إلينا المصائب؟
(تدخل امرأة عجوز)
كلاس (لنفسه) يوجد ناس يطلبون دجاجنا.
العجوز: أريد دجاجة يا ابني.
كلاس: دجاجة واحدة ؟
العجوز: نعم، واحدة يا ابني؛ فأنا أقيم وحدي.
كلاس: ماذا أفعل بها بعد نتف ريشها وتنظيفها؟
العجوز: قطعها ثماني قطع.
كلاس: ثماني قطع؟
العجوز: نعم، إنها تكفيني شهرًا يا ابني.
كلاس: سأختار لك دجاجة كبيرة.
(يخرج من القفص واحدة)
(تنظر العجوز إليها)
العجوز: ما هذه؟ فأر أم جرذ؟
كلاس: هذا آخر ما وصل إليه نمو الدجاجات عندنا.
العجوز: لم أر في حياتي دجاجًا بمثل هذا الحجم. عدلت عن شراء دجاجة.
كلاس: ماذا تريدين إذا؟
العجوز: لا شيء. لا شيء غير الخروج سالمة. (وهي خارجة) أخطأت دخلت منزل الأشباح.
كلاس: (لنفسه) علي الاعتراف: هذه الدجاجات يجب أن يعاد النظر فيها. يجب أن تعود إلى ما كانت عليه من الوداعة والهدوء. ما العمل حتى تعود إلى ما كانت عليه؟ سأتصل بمرحاب الطبيب البيطري؛ لأعرف رأيه.
(يتناول الجهاز الخلوي من جيبه)
كلاس: دكتور مرحاب.
مرحاب: نعم.
كلاس: أحتاج إلى رأيك دكتور مرحاب.
مرحاب: (يضحك) ماذا حدث لك؟
كلاس: أنا لم يحدث لي شيء، لكن الكارثة ما ظهر في دجاجات المحل؛ فهي، مع أنها لا تتوقف عن الأكل والشرب، في غاية النحافة والضعف، لو وزنت القفص الذي فيه أكثر من ثلاثين دجاجة لا يصل وزنه إلى عشرين كيلو غرامًا. ثم إنها دائمة الحركة، تقفز من أقفاصها، وتتجول في المحل، وهاجمت اليوم العامل لافي، وكادت تقضي عليه.
مرحاب: هل يوجد ديك في المحل؟
كلاس: طبعًا ما أهمية وجود ديك من عدم وجوده؟
مرحاب: دون ديك لا يوجد هدوء بل لا يوجد دجاج.
كلاس: معلومة مفيدة.
مرحاب: فعلًا معلومة مفيدة، وإن كنت تقول ذلك على سبيل السخرية.
كلاس: نعم، يوجد ديك لكنه غير مبال بما يحدث للدجاجات، وذهب اليوم ليتجول أمام المحل.
مرحاب: الآن أستطيع أن أقدم الحلول لهذه المشكلة.
كلاس: ما هي هذي الحلول؟ أرجوك يا دكتور!
مرحاب: الحلول التي اقترحها تتلخص في: التخلص من الديك الحالي، وإحضار ديك آخر في غاية القوة والشجاعة، وتوفير كميات كثيرة من الماء في الأقفاص، وترك النور ساطعًا عليها في الليل، ومتابعة المراقبة للمكان، وبخاصة للدجاجات والديك.
كلاس: والأكل؟
مرحاب: أعتقد أن هذا النوع من الدجاج إذا أكل ينحف ويزداد نشاطه. فأنصح بأن يظل جائعًا حتى يقل نشاطه ويزيد وزنه.
كلاس: سأطبق ما تقوله أيها الطبيب.
(يجلس على المقعد. يراقب الدجاجات والديك. الهدوء يخيم على المكان. الديك ينتصب أمام الأقفاص)
كلاس: كأني في معسكر معادٍ. صحيح هذا الديك أفضل من سابقه، ولكن الدجاجات يبدو انها في القوة السابقة نفسها، وفي أحجامها السابقة نفسها أيضًا. كيف وعد الدكتور في غضون ساعات أن تصبح الدجاجة في حجم الخروف؟ لم يتغير شيء للأحسن. لماذا تنظر إلي هذه الدجاجات نظرات غريبة؟ هذي العيون لا أعتقد أنها عيون دجاجات.
(تظهر امرأة. تقف مترددة بالباب)
كلاس: تفضلي أيتها السيدة.
السيدة: شيء مخجل.
كلاس: ما هو يا سيدتي؟
السيدة: ألم تر كيف يمسك الديك بعنق الدجاجة المسكينة ليدخلها غصبًا عنها إلى القفص؟ هذا أمر ليس فيه أخلاق، أو حتى رفق بالحيوان. ما كان لهذا الديك القوي أن يكون مسؤولًا عن هذه الدجاجات المسكينة.
كلاس: هل يمكن أن نأتي بديك ضعيف ليحكم الدجاجات؟ الدجاجة دجاجة لا يحكمها إلا ديك قوي.
السيدة: قوي ولكن غير ظالم.
كلاس: على كل حال، أنت تريدين أن تشتري دجاجًا ما شأنك وشأن الديك؟
السيدة: الديك إذا كان قاسيًا فإنه يفسد الدجاج، ويجعله غير صالح للاستهلاك البشري.
كلاس: اتركي الديك وعمله، واختاري أي الدجاج الذي تريدينه.
السيدة: أنا لا أريد أي دجاجة بل أريد الديك.
كلاس: الديك؟
السيدة: نعم، الديك.
كلاس: قلت إنه ظالم، وتريدين شراءه؟
السيدة: لست مجبرة على بيان أسباب رغبتي في شراء الديك.
كلاس: (بابتسام) إذا قلت الأسباب ربما أفكر في بيعه.
السيدة: بصراحة، هنا ليس المكان المناسب لهذا الديك.
كلاس: أين المكان المناسب؟
السيدة: لا بد من وضعه بين دجاجات حقيقية، أي في مكانه الطبيعي. هل فهمت؟
كلاس: نعم فهمت، وعليك أن تفهمي أيضًا بأنك لو تدفعين أموال الدنيا كلها لن أبيعه لك.
السيدة: لماذا؟ كل شيء له ثمن.
كلاس: إلا هذا الديك، إنه ديك موهوب في تأديب أي نوع من الدجاج، وخاصة هذا النوع الذي ترينه في الأقفاص. في المستقبل سنؤجره لتأديب أنواع الدجاج في المناطق الأخرى.
السيدة: إذا لم تبعني الديك فأنا لا أحتاج إلى الدجاج.
كلاس: أمرك عجيب يا سيدتي. اذهبي إلى محل آخر مختص ببيع الديوك لتختاري ما تشائين منها.
السيدة: أين هذا المحل؟
كلاس: ليس من السهولة العثور على مثل هذه المحال.
السيدة: أنت تسخر مني.
كلاس: ضيعت معك وقتًا طويلًا يا سيدتي.
(بعد خروجها)
كلاس: أحس بالدوار. الأرض تدور بي.
(يجلس على المقعد)
(الديك يروح ويجيء أمام الأقفاص)
(الدجاج يقرقر)
كلاس: أيها الديك أسكتْ هذه القرقرة. رأسي يؤلمني.
(دجاجة تقفز من القفص)
كلاس: أعدها أيها الديك. عليك اللعنة. يبدو أنك مثل جعبار لا خير فيك. أعرف كيف انتقم منك. النعاس يتكالب علي. يجب أن أستيقظ. لن أترك هذه الدجاجات تنتصر علي. آه اللعنة! لابد من أن أرتاح قليلًا، ثم أنهض لأقضي على هذه الدجاجات كلها. أين أنت يا لافي؟ سوف أقضـ يـ على...
(يغرق في النوم)
(تهتز الأقفاص. ينطلق الديك في الصياح. تتواصل قرقرة الدجاج. تسود العتمة. صمت)
(يدخل لافي بحذر وخوف)
لافي: يا إلهي! ماذا يحدث هنا؟ أين الدجاجات؟ ما هذا الخراب؟ أين أنت يا معلم كلاس؟ ( يرى الديك ملقى على الأرض) جئنا بك لتعيننا يا للخسارة!
(أنين من تحت الأقفاص)
كلاس: آه قتلتني الدجاجات!
لافي: معلم كلاس. أنت حي؟! لا تخف. أنا قادم إليك.
(يتجه لافي إليه. يساعده على إزالة الأقفاص عنه)
لافي: معلم كلاس، هل أنت بخير؟
كلاس: الآن أنا بخير. كدت أموت من تلك الدجاجات. هاجمتني وأنا نائم. كيف نمت؟ ماذا حدث لي؟ ماذا فعلت الدجاجات حتى نمت هذا النوم العميق؟ لا أصدق أن من كن في الأقفاص دجاجات بل وحوش.
لافي: لم يبق شيء في المكان سوى الخراب.
كلاس: أين الديك؟
لافي: رأيته غائصًا في دمائه، ولا وجود لأي دجاجة في المحل.
كلاس: ظننت أنه متواطئ مع الدجاجات، أو وراء هذه الأعمال الإجرامية. يجب أن نرحل قبل عودة الدجاجات. ربما ذهبت لجلب مزيد من الدجاج لتطهير المكان منا.
لافي: هل تظن هذا، أم أن الخوف هو الذي يلاحقنا؟
كلاس: كلا الأمرين يا لافي. هل توافقني على هذا الرأي؟
لافي: نعم، هي دجاجات متمردة ترفض أن توضع في أقفاص، ولن تنسى ما فعلناه بها، ستعود لمهاجمتنا. نحن محظوظان: أنا لم تنكسر يدي، وأنت رضوض خفيفة وتزول.
(يتجهان إلى الباب الرئيسي)
كلاس: كنا نظن أننا نقدر على السيطرة على الدجاج، خاب ظننا. بل صارت هي من تتحكم فينا، وتنتصر علينا. إنها حيوانات فيها قوة غريبة لا نقدر على مواجهتها. ما كان يجب أن نضيق عليها الخناق، ونفكر في طريقة للتعايش معها.
لافي: هل أنت نادم على ما فعلت؟
كلاس: ما فائدة الندم بعد فوات الأوان؟ على الأقل، كان يمكن أن نعامل الدجاجات بطريقة أفضل.
لافي: لا توجد طريقة فضلى في التعامل بين طرفين أحدهما يعيش على قتل الآخر.
كلاس: في قولك حكمة لم أسمع منك مثلها من قبل. يبدو أن الشدائد تدفع الإنسان ليراجع حساباته.
لافي: كيف نستفيد مما حدث؟
كلاس: بدت الدجاجات تصحو. لا أمل في القضاء عليها. المستقبل ليس لنا. لا مقام لنا هنا.
لافي: ماذا تنوي أن تفعل؟
كلاس: أن نخرج من هنا.
النهاية