لماذا تأتي نصوص بعض الشعراء على هيئة كلمات قليلة، موجزة و مختصرة ..لا زيادة فيها ولا تداعي ولا اجترار؟ أكبر الظن لأن المبدع يقدم لنا نتاج بوح هادر واعترافات موارة وممتدة ولكن بعد تقطيرها واقتناص الإنساني العام من قلب الخاص الضيق واختزال المعاني المتوالدة من بعضها البعض في معنى واحد مصاغ عبر حروف مقتصدة وجمل مكثفة ومحكمة ولكنها تلخص الأسى كله أو الفرح المختلس أو بالأحرى الأسئلة الكبيرة التي ستظل عالقة في سماء الكون لكن عيون المبدعين تحيط بها بين جفونها لتربت عليها ثم تقطعها بسكين حاد وبلا رحمة..
وهل يقرر المبدع تلك الطريقة أم أن النص يقوده لذلك بتوجهه نحو قلب الأشياء وحذفه كل الرتوش والزيادات البلاغية التي قد تثقل المشهد وتحمله مالا يطيق ؟ قد تكون طبيعة النصوص في حد ذاتها – كالنصوص العرفانية مثلاً – تقود في اتجاه معين ثم تكون تجربة المبدع في الاتجاه ذاته ، يدرك أو لا يدرك ليس ذلك هو السؤال ، فلا يكون ثمة فرار من نتيجة أن الإطار الوهمي الذي تثبته صورة الطريق يكون هكذا وهكذا بالضبط..وهكذا نحصل على نصوص متوافقه مع الماء الذي خلقت منه ومع المعين الذي خرجت منه ومع الفضاء الذي وجدت نفسها تتحرك فيه ..وكلما أحس المتلقي بأن الافتعال في اختيار شكل بعينه لإظهار التجربة، بعيد وناء ،كانت الشعرية متحققة والإدهاش حال وملموس والمتعة مخفية وظاهرة في الآن ذاته..
جالت هذه الخواطر في ذهني حال مطالعتي لديوان "وأكتفي بالسحاب " للشاعرة الإماراتية خلود المعلا والصادر العام 2017 عن دار " فضاءات " بالأردن والديوان هو السادس في تجربة الشاعرة التي تعد من أهم أصوات قصيدة النثر في دولة الإمارات العربية المتحدة ، بعد الدواوين “هنا ضيعت الزمن” (1997)، “وحدك” (1999)، “هاء الغائب” (2003)، “ربما هنا” (2008)، و”أمسك طرف الضوء” (2014) إضافةً إلى مجموعة “دون أن أرتوي” وهي مختارات صدرتْ عن مجلة دبي الثقافية (2011).
تؤسس خلود المعلا لشعريتها في هذا الديوان عن طريق التأمل الباطني بحيث يكون الطرح السير ذاتي في ظاهر النصوص ثم يظهر أن للنص مستويات أخرى سرعان ما تتضح ،مع التعامل المنفتح معه ، بحيث تشرق مستويات أخرى للتلقي وتتعدد بما يكسب النصوص ألقها وحيويتها و طزاجتها وجِدَّتها .
إن طرح تفاصيل الحياة يصلح في حد ذاته كوسيلة لفضح تشابكات الأنا مع العالم وصيرورة الذات وتحولاتها ووجوهها المتعددة لكن هناك خلف الكلمات الظاهرة كلمات أخرى مسطورة في فضاء النصوص وخلفياتها لتظهر الأمور وكأن هذه التفاصيل ما هي إلا نتاج تأمل عميق فيما تحت الظواهر ولا وعي الكلمات، بحيث تتيح اللغة المكثفة المتجهة نحو تقليل المحتوى ، توسيعاً للدلالة وبسطاً لاحتمالاتها وتوالياً للاقتراحات التي تتيحها الشعرية أو تحققها بالفعل .
ولا تسقط التجربة هنا رغم تأمليتها في فخ "الحكمية" البارد ولكن دعنا نقول أن فتح العيون على مصراعيها ومن ثم سحب التفاصيل والمشاعر والظواهر إلى غرفة الذات ، يحفز البصر بعد رفد الظواهر بقوة التأمل والثقافة والتوجه الشخصي في الحياة - إلى أن يتحول إلى بصيرة ، وحينها تنكشف المغاليق وتفتح الأبواب وتنهمر الكشوف ، ليس باتجاه التداعي الحر والبوح المنفلت وإنما نحو القلب من الأشياء .. نحو الكلمات القليلة الخارجة من عصير التجربة الخارجي البارد والداخلي الموَّار ، وبهذا تكون العرفانية سبيلاً نحو الاتساع والاختزال في نفس الآن : اتساع التفاصيل والظواهر والمشاهدات ، واختزال العبارات والكلمات والحروف ..
كذلك لا تقع التجربة في لعبة " المفارقة " الفجة وإنما تنتهي القصائد/ المقاطع بنهايات تنبثق من رحم المقدمات السابقة في سطور النص ومعانيه..
وندخل إلى خيمة الديوان مع السحاب الذي هو عمود هذه الخيمة وسر الديوان وركيزته وكذا هو اكتفاء وكفاية الشاعرة و اختيارها حسب ما يقوله العنوان – عتبتنا الأولى- صراحةً :"وأكتفي بالسحاب "، وكأن الواو هنا تعني أنها تخلت عن كل شيء ،في الطبيعة وفي التفاصيل والأحلام والأفكار ،واكتفت بالسحاب ،المخاتل، الجميل ،المرن ،الصاحب في الخيال وفي الواقع ، وفضلته عن كل ما هو مباشر وواضح وفادح وقاسي..
ويؤكد مقطع / قصيدة البداية، باعتباره بوابةً أو عتبةً دلاليةً معتبرة - على عدة ملامح تؤكد ما سبق، حيث تقول الشاعرة "لأجلكَ يا سحاب سأَحجب الشمسَ بقلبي” فالشاعرة هنا تؤكد على مذهبها الفني وكذلك على طبيعة ما سيهل من نصوص ستحمل المعنى المزدوج الظاهر والباطن .. بطلة الدراما هنا تختار السحاب بإصرار ويقين وقناعة، وهو اختيار مكتنز وغير مجاني فالسحاب يحجب السماء عند النظرة المباشرة لكنه جزء من لعبة السماء ،السماء عندما تكون دالاً يرسم سقفاً للأحلام والمخاوف والأسئلة تكون رمزاً واضحاً وجميلاً لكنهُ غامض ومخيف ،تغمض عيونك لكنك تراه وهو يراك ..السحاب هو الحجاب لكنه يتحرك ثم يعود مرة أخرى ، هو الحجاب الذي يعلمك بأن الحَجْب بمقدار ووفق زمان ومكان وفلسفة ..السحاب يتشكل أشكالاً هي أنت من الظاهر وكذلك هي تصوراتك وأحلامك المكتومة وخفاياك ..والشاعرة تنحاز للسحاب الذي ستنفخ فيه القوة لكي يحجب النور القوي الذي يعمي العيون ..النور الفادح القوي القاسي، الذي يمكن بقوة المخيلة أن يتسع له قلب الإنسان ، وكلما ضاق الكون بنور الحقيقة استضاف قلب الشاعرة الوهج ليخرج للناس وقد تأهبوا لاحتماله وصارت أرواحهم على مقاسه..وهكذا تعود الشاعرة في حنايا الديوان لتكمل ما قالته في البداية وتبرر تفضيلها للسحاب : " الشمس تصر على قسوتها، لن أصالحها / سأرافق السحاب"..
ويواصل السحاب معها رحلتها الوجودية ،مصاحباً ومرجعاً ومرفاً ، تقول :“سأرافق السحاب/ قلبي يمشي وحيدًا، لن أتركه/ سأمسك يدَ الحب “ يتحول السحاب إذن إلى كل الصيغ فهو مع كونه الرفيق الدائم في الحياة سيتشكل بشكل المحبوب ويصير على هيئته أو بالأحرى كلما كان بديلاً لهذا المحبوب سيتحول إلى الحب ذاته ، الذي يتيح الركون إلى حضنه والتلاشي فيه بلا غياب ولا اختلافات صغيرة . سيساهم السحاب في تحويل العابر إلى دائم ووشم المشاعر الصغيرة كي تغدو هي الشعور الكلي ذاته ..
ويستمر السحاب كناية كبرى عن الحياة بكليتها فتقول الشاعرة: “سَحابٌ يَمر/ يرش المكانَ/ وفي هذه اللحظة النقية/ أشعر بأذرع الحياة تلمني “ يصير الأمر هنا في يد السحاب / القَدَر ، والذي ترتبط به بذور الوجود وترنيماته الساجية ،يكافئ السحاب الدنيا كلها ويصيغ أحضاناً للمتعبين والتائهين.. لكن البطلة الدرامية عندما تتملكها الوحدة ويستعمرها الخوف وانعدام الثقة في الآخر تتماهَ مع سحابها وتتلبسه ويرتسم وجهها عليه خائفاً ومرتعشاً،في هذه اللحظة تكون السحب هي مراياها ،إنها : "سحب العزلة الماطرة " كما تقول في مقطع آخر ، حيث لا تمطر هنا أحضاناً ولا أذرعاً تلم شتات الروح ولكنها ستمطر توحداً مع الذات ومع أشباحها المنتظرة خلف المقاعد والستائر وفي الشقوق..
وإذا كان هذا السحاب مرفأً ومنارةً وحضناً ، فإنه مع هذا ، بما إنه يكافئ الحياة ذاتها ، يشي ويدل على أن المواقع قد تتبدل وتتحول فتكون الشاعرة هي الحارس له كلما يغيب عن المشهد وكلما يتوه في تخيلاته الذاتية ، كي لا يتبدد أو تأكله الرياح بهمجيتها وقوتها في مقابل هشاشته تقول الشاعرة : “ها أنا أجلس جوار النافذة/ أحرس السحاب في غفوته/ كي لا تبدده الريح”.
إن دال السحاب في هذا الديوان يتماهَ مع ذات الشاعرة ومع اختياراتها وتموضعها داخل الحياة لذلك تطير معه الذات الشاعرة أو تتمدد داخله لتكشف بواطنها وامتداداتها داخل الروح أو عبر التاريخ الشخصي.
وهل يقرر المبدع تلك الطريقة أم أن النص يقوده لذلك بتوجهه نحو قلب الأشياء وحذفه كل الرتوش والزيادات البلاغية التي قد تثقل المشهد وتحمله مالا يطيق ؟ قد تكون طبيعة النصوص في حد ذاتها – كالنصوص العرفانية مثلاً – تقود في اتجاه معين ثم تكون تجربة المبدع في الاتجاه ذاته ، يدرك أو لا يدرك ليس ذلك هو السؤال ، فلا يكون ثمة فرار من نتيجة أن الإطار الوهمي الذي تثبته صورة الطريق يكون هكذا وهكذا بالضبط..وهكذا نحصل على نصوص متوافقه مع الماء الذي خلقت منه ومع المعين الذي خرجت منه ومع الفضاء الذي وجدت نفسها تتحرك فيه ..وكلما أحس المتلقي بأن الافتعال في اختيار شكل بعينه لإظهار التجربة، بعيد وناء ،كانت الشعرية متحققة والإدهاش حال وملموس والمتعة مخفية وظاهرة في الآن ذاته..
جالت هذه الخواطر في ذهني حال مطالعتي لديوان "وأكتفي بالسحاب " للشاعرة الإماراتية خلود المعلا والصادر العام 2017 عن دار " فضاءات " بالأردن والديوان هو السادس في تجربة الشاعرة التي تعد من أهم أصوات قصيدة النثر في دولة الإمارات العربية المتحدة ، بعد الدواوين “هنا ضيعت الزمن” (1997)، “وحدك” (1999)، “هاء الغائب” (2003)، “ربما هنا” (2008)، و”أمسك طرف الضوء” (2014) إضافةً إلى مجموعة “دون أن أرتوي” وهي مختارات صدرتْ عن مجلة دبي الثقافية (2011).
تؤسس خلود المعلا لشعريتها في هذا الديوان عن طريق التأمل الباطني بحيث يكون الطرح السير ذاتي في ظاهر النصوص ثم يظهر أن للنص مستويات أخرى سرعان ما تتضح ،مع التعامل المنفتح معه ، بحيث تشرق مستويات أخرى للتلقي وتتعدد بما يكسب النصوص ألقها وحيويتها و طزاجتها وجِدَّتها .
إن طرح تفاصيل الحياة يصلح في حد ذاته كوسيلة لفضح تشابكات الأنا مع العالم وصيرورة الذات وتحولاتها ووجوهها المتعددة لكن هناك خلف الكلمات الظاهرة كلمات أخرى مسطورة في فضاء النصوص وخلفياتها لتظهر الأمور وكأن هذه التفاصيل ما هي إلا نتاج تأمل عميق فيما تحت الظواهر ولا وعي الكلمات، بحيث تتيح اللغة المكثفة المتجهة نحو تقليل المحتوى ، توسيعاً للدلالة وبسطاً لاحتمالاتها وتوالياً للاقتراحات التي تتيحها الشعرية أو تحققها بالفعل .
ولا تسقط التجربة هنا رغم تأمليتها في فخ "الحكمية" البارد ولكن دعنا نقول أن فتح العيون على مصراعيها ومن ثم سحب التفاصيل والمشاعر والظواهر إلى غرفة الذات ، يحفز البصر بعد رفد الظواهر بقوة التأمل والثقافة والتوجه الشخصي في الحياة - إلى أن يتحول إلى بصيرة ، وحينها تنكشف المغاليق وتفتح الأبواب وتنهمر الكشوف ، ليس باتجاه التداعي الحر والبوح المنفلت وإنما نحو القلب من الأشياء .. نحو الكلمات القليلة الخارجة من عصير التجربة الخارجي البارد والداخلي الموَّار ، وبهذا تكون العرفانية سبيلاً نحو الاتساع والاختزال في نفس الآن : اتساع التفاصيل والظواهر والمشاهدات ، واختزال العبارات والكلمات والحروف ..
كذلك لا تقع التجربة في لعبة " المفارقة " الفجة وإنما تنتهي القصائد/ المقاطع بنهايات تنبثق من رحم المقدمات السابقة في سطور النص ومعانيه..
وندخل إلى خيمة الديوان مع السحاب الذي هو عمود هذه الخيمة وسر الديوان وركيزته وكذا هو اكتفاء وكفاية الشاعرة و اختيارها حسب ما يقوله العنوان – عتبتنا الأولى- صراحةً :"وأكتفي بالسحاب "، وكأن الواو هنا تعني أنها تخلت عن كل شيء ،في الطبيعة وفي التفاصيل والأحلام والأفكار ،واكتفت بالسحاب ،المخاتل، الجميل ،المرن ،الصاحب في الخيال وفي الواقع ، وفضلته عن كل ما هو مباشر وواضح وفادح وقاسي..
ويؤكد مقطع / قصيدة البداية، باعتباره بوابةً أو عتبةً دلاليةً معتبرة - على عدة ملامح تؤكد ما سبق، حيث تقول الشاعرة "لأجلكَ يا سحاب سأَحجب الشمسَ بقلبي” فالشاعرة هنا تؤكد على مذهبها الفني وكذلك على طبيعة ما سيهل من نصوص ستحمل المعنى المزدوج الظاهر والباطن .. بطلة الدراما هنا تختار السحاب بإصرار ويقين وقناعة، وهو اختيار مكتنز وغير مجاني فالسحاب يحجب السماء عند النظرة المباشرة لكنه جزء من لعبة السماء ،السماء عندما تكون دالاً يرسم سقفاً للأحلام والمخاوف والأسئلة تكون رمزاً واضحاً وجميلاً لكنهُ غامض ومخيف ،تغمض عيونك لكنك تراه وهو يراك ..السحاب هو الحجاب لكنه يتحرك ثم يعود مرة أخرى ، هو الحجاب الذي يعلمك بأن الحَجْب بمقدار ووفق زمان ومكان وفلسفة ..السحاب يتشكل أشكالاً هي أنت من الظاهر وكذلك هي تصوراتك وأحلامك المكتومة وخفاياك ..والشاعرة تنحاز للسحاب الذي ستنفخ فيه القوة لكي يحجب النور القوي الذي يعمي العيون ..النور الفادح القوي القاسي، الذي يمكن بقوة المخيلة أن يتسع له قلب الإنسان ، وكلما ضاق الكون بنور الحقيقة استضاف قلب الشاعرة الوهج ليخرج للناس وقد تأهبوا لاحتماله وصارت أرواحهم على مقاسه..وهكذا تعود الشاعرة في حنايا الديوان لتكمل ما قالته في البداية وتبرر تفضيلها للسحاب : " الشمس تصر على قسوتها، لن أصالحها / سأرافق السحاب"..
ويواصل السحاب معها رحلتها الوجودية ،مصاحباً ومرجعاً ومرفاً ، تقول :“سأرافق السحاب/ قلبي يمشي وحيدًا، لن أتركه/ سأمسك يدَ الحب “ يتحول السحاب إذن إلى كل الصيغ فهو مع كونه الرفيق الدائم في الحياة سيتشكل بشكل المحبوب ويصير على هيئته أو بالأحرى كلما كان بديلاً لهذا المحبوب سيتحول إلى الحب ذاته ، الذي يتيح الركون إلى حضنه والتلاشي فيه بلا غياب ولا اختلافات صغيرة . سيساهم السحاب في تحويل العابر إلى دائم ووشم المشاعر الصغيرة كي تغدو هي الشعور الكلي ذاته ..
ويستمر السحاب كناية كبرى عن الحياة بكليتها فتقول الشاعرة: “سَحابٌ يَمر/ يرش المكانَ/ وفي هذه اللحظة النقية/ أشعر بأذرع الحياة تلمني “ يصير الأمر هنا في يد السحاب / القَدَر ، والذي ترتبط به بذور الوجود وترنيماته الساجية ،يكافئ السحاب الدنيا كلها ويصيغ أحضاناً للمتعبين والتائهين.. لكن البطلة الدرامية عندما تتملكها الوحدة ويستعمرها الخوف وانعدام الثقة في الآخر تتماهَ مع سحابها وتتلبسه ويرتسم وجهها عليه خائفاً ومرتعشاً،في هذه اللحظة تكون السحب هي مراياها ،إنها : "سحب العزلة الماطرة " كما تقول في مقطع آخر ، حيث لا تمطر هنا أحضاناً ولا أذرعاً تلم شتات الروح ولكنها ستمطر توحداً مع الذات ومع أشباحها المنتظرة خلف المقاعد والستائر وفي الشقوق..
وإذا كان هذا السحاب مرفأً ومنارةً وحضناً ، فإنه مع هذا ، بما إنه يكافئ الحياة ذاتها ، يشي ويدل على أن المواقع قد تتبدل وتتحول فتكون الشاعرة هي الحارس له كلما يغيب عن المشهد وكلما يتوه في تخيلاته الذاتية ، كي لا يتبدد أو تأكله الرياح بهمجيتها وقوتها في مقابل هشاشته تقول الشاعرة : “ها أنا أجلس جوار النافذة/ أحرس السحاب في غفوته/ كي لا تبدده الريح”.
إن دال السحاب في هذا الديوان يتماهَ مع ذات الشاعرة ومع اختياراتها وتموضعها داخل الحياة لذلك تطير معه الذات الشاعرة أو تتمدد داخله لتكشف بواطنها وامتداداتها داخل الروح أو عبر التاريخ الشخصي.