تسقط صورة "مديحة كامل" من جيب حُميد الذي كان يرزح تحت ضربات الجلاد في سجون الرضوانية، ينبهر الاخير ، بصورة الفنانة المصرية المغرية ، يلتقطها بإصابعه الخشبية ، ينظر إليها بتمعن، يقلبها على ظهرها ، وهو يرفس حميد ببسطاله العسكري ، صورة بحجم كفه ، ثم يسأله هل هذه زوجتك يا ويل ، وفي لحظة صافية في عقل حُميد ، لم يخطط لها ، يقول له نعم " انها زوجتي " .. يبلع الجلاد الطعم ، ويتوقف عن ضرب حُميد ، وأخذ ينظر إليه بمودة عجيبة ..
كان حُميّد محصورا بين العديد من القتلى ، في سجن الرضوانية ، داخل جملون حار شديد الحرارة ، أطلق الرصاص على 400 فردا كانوا محجوزين بتهمة المشاركة بالانتفاضة ، غير ان حُميد لم يكن مشاركا ، زار اولاد أخيه في الناصرية للمشاركة في التعزية بعد موت والدهم ، وعندما أشتعلت الدنيا بالانتفاضة الصاخبة ، وقف في باب الدار يدخن سيجارة سومر ، فجأة ، لايدري كيف سحبته يد عملاقة من رقبته ليزج به في سيارة الايفا مع المئات الذين جلبوا الى بغداد ، يظن حُميد أن قضيته عادلة ، فهو كان يتفرج على أمواج الشباب وهم يزعقون ، وبعد عشر ساعات داخل الايفا بين الإجساد التي تعط بروائح عجيبة، دخلت سيارات الايفة الى معسكر الرضوانية الرهيب ثم حشروا الى الجمالونات بالرفسات وبضربات الاخمص على وجوههم ومؤخراتهم مع عبارات غير مهذبة مثل " قشامر " و " خوات الكحبة " ، وبعد أيام من التعذيب ، أمطرت الدنيا عليهم بالرصاص ، فوقعت الاجساد بعضها على بعض ، وبقي حُميد تحت جثث القتلى ساعات يتنفس بصعوبة بالغة ، حتى تم أكتشافه حيا يرزق من قبل جلاد أخذ يرفسه ويضربه على وجهه ، ولو كان حاملا لمسدسه في تلك اللحظات لقضي عليه ، في تلك الاثناء خلال الرفس وقعت صورة " مديحة كامل " من جيب دشداشته البيضاء، توقف الجلاد عن الرفس ، وعلم إنها زوجته فاخذ يبلع ريقه ويتمعن بالصورة ويفتل شاربه ، ثم قال له ، أريدك أن تظهر لهم بانك ميت حتى أجد طريقة لاخرجك في الليل من هذا المكان ، وبعد أن نقل جنود الحرس الجمهوري القتلى الى مقابر جماعية ، في ذلك الظلام الدامس سمع حُميد صوتا خافتا " وين أنت ابو الصورة " فرفع رأسه ليجد مصباحا من قداحة ، فرفعه من رقبته وقال له " اتبعني حتى لو دست على الجثث ، وحين سار خلف الجلاد ، كان بين حين وآخر يتعثر بجثة فيقع عليها ، فيسمع أنينا خافتا يصدر منها ، ولما وصلا الى باب الجملون أنحرف الجلاد عن الطريق ، وأخذ يسير أمامه بين الاحراش والنبات والاشجار ، كان الجلاد يرتعد من الخوف اكثر من حُميد ، لأنه لو أُكتشف لن تكون عواقبه سليمة . وهكذا وصلا الى سيارة برازيلي مركونة خلف شجرة، حتى صعدا اليها فأنطلقت بين النباتات والاشجار. وبعد ساعة من الدوران والبحث، أهتدى الجلاد الى الطريق السريع فتنفس الصعداء ، رمق حُميد بنظرة فيها أنتصار واستهزاء ، ناوله سيجارة، فاخذها حميد باصابع مرتعشة " قال له ستأخذني الى بيتكم حيث يمكنني أن أرى صاحبة الصورة " فاومأ برأسه موافقا ، سأله الجلاد " ماذا تعمل يا ويل ؟ " ، رد حميد " " أنا " ، ضحك الجلاد " نعم أنت ، ليش اكو غيرك معنا " ، " أنا شاعر، فتضايق الجلاد " لك شغلك شنو " .. " والله اني شاعر ، أنا شاعر الرئيس " ضربه على فخذه ضربة موجعة وهو يضحك ، " يعني كيف تحصل على رزقك ، عندك بسطية بالسوق ، أريد افهم " ، فقال حُميد ومازالت الرجفة في شفتيه " ابيع القصائد لمن يشتري ، هناك شعراء يقرأون قصائدي أمام الرئيس " مازال الجلاد مستغرقا بالضحك " اكيد انت مخبل " ، " بكيفك ، " لكن هذه هي الحقيقة " .. وصلا الى بغداد ، " اين منطقتكم ؟ " فأخبره بها ، أتجهت السيارة الى منطقة حُميد ، ودخلا في فروع عديدة حتى وصلا الى أحد الفروع ، فطلب منه حُميد أن يتوقف عند أحد أبواب البيوت ، قال له سانزل أنا اولا ، وأريدك أن تجلس هنا عند عتبة الباب حتى اهيْ الظروف المناسبة .
طوال الطريق ، كان حُميد يفكر في إيجاد الحل المناسب للنفاد بجلده حتى يتخلص من هذا الجلاد الذي لايعرف من هي مديحة كامل ، ليس هناك أفضل من نورية قلب الاسد . وهكذا وصلا الى بيتها ودخل حميد ليتفاهم معها فأعطته دشداشة بيضاء، وقالت له ليستبدل ملابسه العسكرية ويبقى جالسا في مكانه حتى توقظ واحدة من بناتها ، وأنت ، يمكنك أن تصعد الى السطح ومن هناك اطفر على سياج الجيران في الشارع الآخر وقل لهم اذا امسكوا بك انك من طرفي .
هرب الشاعر من قبضة الجلاد الذي بقي جالسا عند عتبة باب نورية بانتظار الاشارة .
بعد سنوات ، يسقط النظام ، وتتبدل الوجوه ، يأتي أصحاب اللحى ليحكموا البلد ، ومازال الجلاد جالسا عند عتبة باب نورية ينظر الى صورة مديحة كامل وهو يلم النقود من الداخلين والخرجين على بيتها .
كان حُميّد محصورا بين العديد من القتلى ، في سجن الرضوانية ، داخل جملون حار شديد الحرارة ، أطلق الرصاص على 400 فردا كانوا محجوزين بتهمة المشاركة بالانتفاضة ، غير ان حُميد لم يكن مشاركا ، زار اولاد أخيه في الناصرية للمشاركة في التعزية بعد موت والدهم ، وعندما أشتعلت الدنيا بالانتفاضة الصاخبة ، وقف في باب الدار يدخن سيجارة سومر ، فجأة ، لايدري كيف سحبته يد عملاقة من رقبته ليزج به في سيارة الايفا مع المئات الذين جلبوا الى بغداد ، يظن حُميد أن قضيته عادلة ، فهو كان يتفرج على أمواج الشباب وهم يزعقون ، وبعد عشر ساعات داخل الايفا بين الإجساد التي تعط بروائح عجيبة، دخلت سيارات الايفة الى معسكر الرضوانية الرهيب ثم حشروا الى الجمالونات بالرفسات وبضربات الاخمص على وجوههم ومؤخراتهم مع عبارات غير مهذبة مثل " قشامر " و " خوات الكحبة " ، وبعد أيام من التعذيب ، أمطرت الدنيا عليهم بالرصاص ، فوقعت الاجساد بعضها على بعض ، وبقي حُميد تحت جثث القتلى ساعات يتنفس بصعوبة بالغة ، حتى تم أكتشافه حيا يرزق من قبل جلاد أخذ يرفسه ويضربه على وجهه ، ولو كان حاملا لمسدسه في تلك اللحظات لقضي عليه ، في تلك الاثناء خلال الرفس وقعت صورة " مديحة كامل " من جيب دشداشته البيضاء، توقف الجلاد عن الرفس ، وعلم إنها زوجته فاخذ يبلع ريقه ويتمعن بالصورة ويفتل شاربه ، ثم قال له ، أريدك أن تظهر لهم بانك ميت حتى أجد طريقة لاخرجك في الليل من هذا المكان ، وبعد أن نقل جنود الحرس الجمهوري القتلى الى مقابر جماعية ، في ذلك الظلام الدامس سمع حُميد صوتا خافتا " وين أنت ابو الصورة " فرفع رأسه ليجد مصباحا من قداحة ، فرفعه من رقبته وقال له " اتبعني حتى لو دست على الجثث ، وحين سار خلف الجلاد ، كان بين حين وآخر يتعثر بجثة فيقع عليها ، فيسمع أنينا خافتا يصدر منها ، ولما وصلا الى باب الجملون أنحرف الجلاد عن الطريق ، وأخذ يسير أمامه بين الاحراش والنبات والاشجار ، كان الجلاد يرتعد من الخوف اكثر من حُميد ، لأنه لو أُكتشف لن تكون عواقبه سليمة . وهكذا وصلا الى سيارة برازيلي مركونة خلف شجرة، حتى صعدا اليها فأنطلقت بين النباتات والاشجار. وبعد ساعة من الدوران والبحث، أهتدى الجلاد الى الطريق السريع فتنفس الصعداء ، رمق حُميد بنظرة فيها أنتصار واستهزاء ، ناوله سيجارة، فاخذها حميد باصابع مرتعشة " قال له ستأخذني الى بيتكم حيث يمكنني أن أرى صاحبة الصورة " فاومأ برأسه موافقا ، سأله الجلاد " ماذا تعمل يا ويل ؟ " ، رد حميد " " أنا " ، ضحك الجلاد " نعم أنت ، ليش اكو غيرك معنا " ، " أنا شاعر، فتضايق الجلاد " لك شغلك شنو " .. " والله اني شاعر ، أنا شاعر الرئيس " ضربه على فخذه ضربة موجعة وهو يضحك ، " يعني كيف تحصل على رزقك ، عندك بسطية بالسوق ، أريد افهم " ، فقال حُميد ومازالت الرجفة في شفتيه " ابيع القصائد لمن يشتري ، هناك شعراء يقرأون قصائدي أمام الرئيس " مازال الجلاد مستغرقا بالضحك " اكيد انت مخبل " ، " بكيفك ، " لكن هذه هي الحقيقة " .. وصلا الى بغداد ، " اين منطقتكم ؟ " فأخبره بها ، أتجهت السيارة الى منطقة حُميد ، ودخلا في فروع عديدة حتى وصلا الى أحد الفروع ، فطلب منه حُميد أن يتوقف عند أحد أبواب البيوت ، قال له سانزل أنا اولا ، وأريدك أن تجلس هنا عند عتبة الباب حتى اهيْ الظروف المناسبة .
طوال الطريق ، كان حُميد يفكر في إيجاد الحل المناسب للنفاد بجلده حتى يتخلص من هذا الجلاد الذي لايعرف من هي مديحة كامل ، ليس هناك أفضل من نورية قلب الاسد . وهكذا وصلا الى بيتها ودخل حميد ليتفاهم معها فأعطته دشداشة بيضاء، وقالت له ليستبدل ملابسه العسكرية ويبقى جالسا في مكانه حتى توقظ واحدة من بناتها ، وأنت ، يمكنك أن تصعد الى السطح ومن هناك اطفر على سياج الجيران في الشارع الآخر وقل لهم اذا امسكوا بك انك من طرفي .
هرب الشاعر من قبضة الجلاد الذي بقي جالسا عند عتبة باب نورية بانتظار الاشارة .
بعد سنوات ، يسقط النظام ، وتتبدل الوجوه ، يأتي أصحاب اللحى ليحكموا البلد ، ومازال الجلاد جالسا عند عتبة باب نورية ينظر الى صورة مديحة كامل وهو يلم النقود من الداخلين والخرجين على بيتها .
Войдите на Facebook
Войдите на Facebook, чтобы общаться с друзьями, родственниками и знакомыми.
www.facebook.com