د. سيد شعبان - مقامات ابن المكاوي!

يعد بديع الزمان الهمذاني والحريري رائدا فن المقامة ذلك الفن السردي المخايل بالشاعرية، وقد استدار الزمان بخلف ورثوا التجويد والإبداع فكان المويلحي وصاحبه عيسى بن هشام، ثم توالى القول حتى آذننا صلاح المكاوي بفنه يغترف من بحر العربية عند شاطيء البوهية، سارد يمتلك منها الذخيرة فيطلق جياده الأصيلة، غير آبه بغير التجويد، والقول المكنى الفريد، كتب وليد كساب مقاماته وأبدع في تحريره وتحويره.
يختال في نثر دره ومافتيء يعجب قارئه، تتصفح ما كتب فيتملكك العجب، هل عاد أبو الفتح السكندري أو بعث عيسى بن هشام كما أخبرنا ابن أبي العينين!
كما النيل في صبره يغرد صلاح المكاوي بفنه، دراجة جوار عربة الفول. ومجبراتي يصلح كسر ذراع أو عظم رجل متصابي.
إن تصفح فيه فراستي ستكون له ريادة وذكر في مواليد الدراويش السادة على باب السيدة يفرد عباءته ويتيه في مشيته.
فالمقامة مزاوجة بين الحكي والأسطورة تقدم ملحا ونوادر وطرائف وعجائب، صانعها كأنه ممسك بحبل العرائس فوق خشبة تبهر المتفرجين وتجذب الشداة المتفننين، لاينفك ابن المكاوي يراوح ببنانه ويزاوج بخياله، فهذه مقاماته عن يراع ناهض وخيال جد ثاقب يدهشك منه تنوع مادته ودقة خاطرته وجدة فكرته، لايهزل وقت أن يبكيك ولا يعنتك ساعة يسليك، أوان التفرح فاشتدي زيم!
قلة في المحروسة نبغوا في هذا الفن كما الذبياني في بني عبس أو الجواهري في بغداد، البردوني في صنعاء، صوره متكاملة متحركة.
كما فعل علي الطنطاوي حين قدم لنا الأعرابي صلبى فكان جحا عصره ومنتهى سمره تكاد من مشاغباته تسلم ساقيك للريح أو تتمايل طربا وتصيح هكذا التفكه لاتلك البلادة أو الضحكة المبتاعة.
لاضير أن تصحبه ولامندم أن تعود وقد تفرج همك وتفرج حظك واستبى لحظك بتلك اللعبة أو الأهزوجة فما وقت تنوء به الأحمال وزمن تقصر فيه الآجال فيه ابن المكاوي بفنه الحاوي سعد به المقال وسر به الجنان!



1631303210613.png



1631303303891.png



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى