إيمان فجر السيد - رؤية إنطباعية لنص (فيلم السهرة) للقاص/ ياسر جمعة

النص

(فيلم السهرة)
ياسر جمعة

يرسم طفل الفيلم، في كرَّاسته المهترئة، نافذةً، وأمام عينيه المندهشة تصير نافذةً، يبتسم، ويرى من خلالها حديقةً متنوِّعة الزهور والأشجار، فيها طيورٌ كثيرةٌ وحيواناتٌ، تتوهَّج ملامحه الصغيرة بالفرحة والنور، فيركض إلى غرفة أمه المريضة، التي كنت قد رأيتها في المشهد السابق، حيث الإضاءة الخافتة، في فِراشها، شاحبةً وجافَّة العينين والشفَتين.
"ماما".
يقولها الطفل الراكض في ذات اللحظة التي ينطلق فيها رنين هاتفي المحمول، إنه صديقي القديم، الذي فاجأني بأنه ما زال يتذكر رقمي، والذي يحدِّثُني في مثل هذا الوقت، تقريبًا، منذ أسبوع، ليخبرني كيف صار الحال غير الحال، وكم هو يفتقد أيامنا القديمة، فأجاريه في حنينه، دون أن أسمح لنفسي أن أذكره بخلافاتنا العديدة.
لا يبدأ حديثة اليوم بالتحية، يقول مباشرةً:
"أنا كسرت الحظر وخرجت".
ويحكي لي، باكيًا، أنه منذ ساعةٍ يجوب الشوارع الخالية حيث كان سعيدًا، في بداية الأمر، غير أنه شعر فجأةً بالوحشة الشديدة.
أُخفض صوت الفيلم متمنيًا أن ترى الأم حديقة صغيرها.
"أنا خايف يا ياسر".
يقولها صديقي منهارًا، فيعيدني إلى كل أخبار "الفيروس" المفجعة، التي كنتُ قد قررتُ، في أول المساء، ألا أتابعها، لذا أهمهم بما لا أعي فيواصل:
"أشعر أني نسيت الطريق إلى منزلي".
يدخل الطفل غرفة أمه المظلمة وتتجمد ملامحه.
"الشوارع غريبة يا ياسر، غريبة جدًا ومخيفةٌ".
تختفي من ملامح الطفل المتناسقة فرحته وتترقرق في عينيه الجاحظتين دمعةٌ صغيرةٌ.
"أشعر أني في كابوسٍ".
تتسارع نبضات قلبي وأختنق، فلا أريد أن أعرف ماذا حدث لأم الصغير في الفيلم، ولا أريد أن يكون بكاء صديقي في الهاتف حقيقيًا، لا أريد شيئًا، لا أريد سوى الهواء...
"آسف".
يقولها صديقي وأنا في طريقي إلى البلكونة.
"سأغلق الآن، هناك سيارة شرطة تقترب".
ولا يسمعني وأنا أقول له ألا يخاف ولا يهرب"فقط اطلبْ منهم أن يقوموا بتوصيلك إلى منزلك" فأبدو أني أتحدَّث مع الليل بصوتٍ عالٍ.



-------------------------


رؤيتي الإنطباعية:

"يرسم طفل الفيلم، في كراسته ،المهترئة، نافذةً،وأمام عينيه المندهشة تصير نافذة"

من كراسة طفلٍ (مهترئة) ونافذةٍ ورقيةٍ في-فيلم السهرة- الذي هو
//عنوان النص//
ينطلق بنا القاص إلى عوالمه السحرية، فيحوّل المادة الأولية الخام إلى مادةٍ أدبيةٍ تكمن في جوهر النص، الذي يُعتبر بئرًا عميقةً كلما متحنا منها الماء، تجدَّدت عروقها، ونشطت دماؤها، وتدفَّقت روافدها، وصفَت مياهها عبر إيحاءاته وإمكانية تحليلها واستنطاقها، وتبقى في أصلها -أي القراءة- وجهة نظر القارئ الذي يساهم بشكلٍ أو بآخر في إعادة بناء النص...

يمضي بنا القاص من خلال النافذة المرسومة على الورق -التي تحولت إلى نافذةٍ حقيقيةٍ، انبثقت عن كراسة الطفل المهترئة وقادتنا هي والطفل- بطل النص أو الفيلم- إلى"حديقةٍ متنوعة الزهور والأشجار، فيها طيور كثيرة وحيوانات"

أتساءل هنا مالذي أراد أن يوصله لنا القاص من خلال توصيفه لكراسة الطفل بالمهترئة؟!
هل اهتراء الكراسة كنايةً عن طول عمرها وقِدَمها أم عن كثرة استعمالها؟!
وهل انبثاق الحديقة المفعمة بالجمال والنضرة عن -النافذة الورقية- كنايةٌ عن الأمل في تجدد الحياة وجمالها؟!
إذ نجد القاص قد استخدم من التراكيب والتلوينات التعبيرية ما يشغل به فكر المتلقي في كل مشهديّاته السابقة واللاحقة، ليبقى ممسكًا به حتى يبدأ بنسج التصورات في فكره، جامعًا بين الدال والمدلول للإلمام بما ورائيات الأشياء، ضمن سياقٍ سردي (سيموطيقي) عن طريق مزج الحالة العامة بالحالة الخاصة بمرجعيّةٍ فكريةٍ ناضجة، تحيل الخارج إلى الداخل والعكس صحيح.

ومن ملامح طفل النص المتوهّجة بالفرحة، ينتقل بنا الكاتب إلى غرفة أمّ الطفل المريضة، فيُطفئ الأنوار فجأة أو يخفّف منها تبعًا للحالة المرَضيّة التي تعيشها الأم في الفيلم:

"فيركض إلى غرفة أمه المريضة، التي كنت قد رأيتها في المشهد السابق، حيث الإضاءة الخافتة في فراشها،شاحبةً وجافة العنين والشفتين"

هل هي علامات الموت؟!
ويبقى السؤال دون إجابةٍٍ كما اعتدنا في نصوص القاص
قابلاً لأكثر من تأويل، بل وأكثر من إجابة كما في كل قفلاته القصصية تلك التي يحرص على أن يُبقيها مفتوحةً لا نهايةً حتميةً لها؛ بل يحرص على تركها قابلة للتأويل، ولإنطلاقةٍ قصصيةٍ أخرى، تتخذ من النهاية جسر عبور لنصٍ آخر، فيصعب تحديد الخاتمة القصصية، متضمنةً كل الاحتمالات غير المستقرة في التفكير الفلسفي (والإبستيمولوجي) مواكبًا بذلك الظواهر المتطورة في سياقها الاجتماعي والفكري للوصول إلى الشكل الأمثل للتأويل والفهم على المستوى الطبيعي والسلوكي عبر تفاعل الذات القارئة للنص في تحديد معانيه الضمنيّة والصريحة ومرجعياته بأثرَين رجعيين قريب وبعيد إلى اللانهاية، وذلك في ظلّ العبارات التوصيفيّة التي يستخدمها السارد متعمدًا ألا تكون( تامةً).

وبرشاقةٍ لافتةٍ، نجد أنفسنا كقرّاء قد انتقلنا من (مخيال) القاص عن فيلم السهرة إلى (واقعه) الذي يُشرك فيه صديقه القديم، وقد تزامن اتصاله به في نفس التوقيت الذي ينادي به الطفل- بطل الفيلم -أمه
ليُقحمنا في الواقع المرّ الذي عشناه والعالم أجمع في فترةٍ زمنيةٍ معينةٍ فُرض فيها الحظر والحجر والمكوث في المنازل نتيجة انتشار وباء (كوفيد19) في العالم أجمع.
"ماما"
(يقولها الطفل الراكض في ذات اللحظة التي ينطلق فيها رنين هاتفي المحمول، إنه صديقي القديم، الذي فاجأني أنه مازال يتذكر رقمي، والذي يحدثني في مثل هذا الوقت تقريبًا، منذ أسبوع،ليخبرني كيف صار الحال غير الحال، وكم هو يفتقد أيامنا القديمة، فأجاريه في حنينه، دون أن أسمح لنفسي أن أذكره بخلافاتنا العديدة)
وبذا ينقلنا القاص إلى البيئة الاجتماعية والثقافية والإنسانية السائدة ضمن سقفٍ زمنيٍ متحوِّلٍ يربط الماضي فيه بالواقع ليشغلنا بالتحري عن زمن إنشاء هذا النص ومكانه!
"لا يبدأ حديثه اليوم بالتحية
يقول مباشرةً:
أنا كسرت الحظر وخرجت"
يُلمِّح لنا القاص هنا تلميحًا ذكيًا عن زمن إنشاء هذا النص، والذي بدا جليًا أنه أثناء انتشار الوباء ضمن تدابير مكافحة فيروس كورونا التي اتخذتها كل دول العالم كحظر التجوال والذي غالبًا ما كان يبدأ في السادسة صباحًا وينتهي عند السادسة مساءً، وكأنَّ الحياة كلها تعطّلتْ، وباتت كلُّ الأعمال معلّقةً ضمن مشاريعَ مؤجَّلةٍ وهدنةٍ إلزاميّةٍ مفروضة، وإقامةٍ جبرية مرفوضة!

"ويحكي لي باكيًا، أنه منذ ساعةٍ يجوب الشوارع الخالية، حيث كان سعيدًا في بداية الأمر، غير أنه شعر فجأةً بالوحشة الشديدة"

ينتقل بنا القاص هنا إلى رصد الحالة (السيكيولوجية) لصديقه القديم فلا شكّ أن الحظر عكس آثاره السلبية على الصحة النفسية، وسبَّب الكثير من القلق والتوتر والاكتئاب نتيجة إنقطاع المرء عن أنشطةٍ حيويةٍ كان يؤدّيها، تعود عليه وعلى أسرته ومجتمعه بالمنفعة والفائدة.
وأرى أن صديق السارد هنا رغم جرأته وكسره للحظر -وبذلك أصبح مارقًا على القانون- قد هرب من سجنٍ صغير (بيته) المفروض عليه أن يلزمه- إلى سجنٍ كبير يشبه الزنزانة المنفردة، (الشوارع الخالية) وقد وجد نفسه فيها وحيدًا لا يشاركه فيها إلا الخوف والحزن والقلق والحنين إلى الذكريات الجميلة، وقد ضجّت بحثًا عن الأخيلة التي كانت تملؤها صخبًا وحياةً، بينما أصبحت اليوم خاويةً على عروشها.

"أخفض صوت الفيلم متمنيًا أن ترى الأم حديقة طفلها"

في خضم تأزّم الحدث يعود بنا القاص إلى
"فيلم السهرة" راجيًا أن ترى الأم حديقة صغيرها
ترى ما الرسالة التي يريد تبليغنا إياها حيال هذه العودة؟!
وما هو الخيط الشفيف الذي يربط بين شعور صديقه بالوحشة جراء الشوارع الخالية بسبب الحظر والحديقة- التي يرجو أن تشاهدها أم الطفل - تلك التي انبثقت عن نافذة طفلها الورقية ورجاء القاص برؤيتها له ؟!
لعله سعي القاص إلى دمج الواقع بالخيال ودمج أحداث كل منهما بالآخر في بوتقته السردية، لرصد الحدث المعاش، وتوثيق بيئته، وانعكاساته النفسية والانهيارات المجتمعية المتشظية من خلال تجربة اجتماعية بحتة وقصة إنسانية معاشة وظف القاص فيها شخصيتَيْ طفل الفيلم وصديقه للكشف عنهما بشكلٍ درامي من خلال الحوار تارةً والمنولوج تارةً أخرى تخيّلا وواقعًا للقبض على اللحظة الهاربة وكسر أفق المتلقي، ووضع حجَر الأساس لبناء النص وسيرورة الخيال واقعًا يسعفنا لفهمه و لمسه في الزمن الحاضر.

"أنا خايف يا ياسر" يقولها صديقي منهارًا؛ فيعيدني إلى كل الأخبار المفجعة، التي قررتُ في أول المساء ألا أتابعها أههمهم بما لا اعي"

يدعونا القاص هنا للدخول إلى عوالم الذات ومرايا النفس التي يبرع في رصدها متجليةً بالخوف والانهيار والفزع مما يجري من أحداثٍ مفجعةٍ ومتلاحقة في زمن الوباء والتي غدت
لشدة غرابتها....
محط اهتمامنا ومتابعتنا رغم كراهتنا لسماعها
فيواصل :
(أشعر أني نسيت الطريق إلى منزلي.
يدخل الطفل غرفة أمه وتتجمد ملامحه.
الشوارع غريبة يا ياسر، غريبة جدًا، ومخيفة.
تختفي من ملامح الطفل فرحته، وتترقرق الدمعة في عينيه الجاحظة دمعةٌ صغيرةٌ)

هذه التنقّل بين مشهديّةٍ مرئيةٍ متخيَّلة، ومشهديّةٍ مسموعةٍ واقعيةّ، وتوظيفهما في نسيجٍ سرديٍ بديعٍ، مستثمرًا الأحداث العامة (انتشار الوباء)
والحدث الخاص المشترك بين مرض الأم وحزن طفلها عليها
وبين ضياع صديقه في الشوارع الخالية والشخصيات الكبيرة
(أم الطفل، بطل الفيلم، صديق السارد)
وتلك الصغيرة منها (الطفل بطل الفيلم)
لترى الذات نفسها من خلال كل تلك الشخصيات عبر كاميرا بؤرية تتقن تقعير الحدث وصفًا وتنقّلا وتأملًا وانفعالًا بشكلٍ متلاحمٍ ومتناسلٍ، تتعاقب فيه المحاور، وتتسلسل فيه المشاهد المتحركة والجامدة بين الداخل والخارج والخاص والعام والمصرّح به والضمني وتوجيه الكاميرا نحو مشهدٍ يُنتج آخر عبر سردٍ مونتاجيٍ فاعلٍ يملأ الفراغ بين المسموع والمرئي، ويردم الهوّة بين الواقع والخيال، ويربط المشاهد بعتبة العنوان؛ حتى ليختلط علينا الأمر أيهما فيلم السهرة؟!
نصه هذا و ال المفترض" أن يكون واقعيًا!!
أم النص الآخر الذي انبثقت أحداثه عن خياله وهو يتابعه على شاشة التلفاز؟!

(تختفي من ملامح الطفل المتناسقة فرحته، وتترقرق في عينيه الجاحظة دمعةٌ صغيرة)

تنقلنا هذه المشهدية إلى الطفل بطل النص، وبطل فيلم السهرة على حدٍ سواء؛ لنجد أنَّ القاص نجح في رسم صورةٍ جديدةٍ للطفل مغايرةٍ تمامًا لما شهدناها في بداية النص، حيث كانت ملامحة متوهّجةً بالفرحة والنور قبل أن يصل إلى غرفة أمه المريضة.

نلاحظ أن القاص استطاع وبتمكّنٍ شديدٍ أن يتحكّم بمسار خطواته جيدًا لفظًا ومعنىً ودلالةً، مستخدمًا أدواته الإجرائية إستخدامًا فعالًا ومتناسقًا مع مضامين النص، محافظًا بذلك على البنية النصية، عاكسًا عمق النفس على وجه الحرف، ليبلّغنا من خلال رصد ملامح الطفل الحزينة عبر عينيه الجاحظتين والدمعة الصغيرة مآل الأم المريضة والتي على الأرجح ومن خلال توصيفه- قد فارقت الحياة
(ربما!)

"أشعر أني في كابوس"
كثيرًا ما يلعب السياق الذي تتمحور حوله الأحداث -المسببة للضغوط النفسية- في تشكيل إنفعالات الكاتب السلبية، فقد يصاب بالحزن والاختناق والقلق وتنتابه مخاوف الشخوص نفسها، أو يُسقط تلك المشاعر والضغوط النفسية التي يعيشها قولًا وفعلًا على أبطال نصه:

(تتسارع نبضات قلبي وأختنق، فلا أريد أن أعرف ماذا حدث لأم الصغير في الفيلم، ولا أريد أن يكون بكاء صديقي في الهاتف حقيقيًا، لا أريد شيء لا اريد سوى الهواء)
لعلَّ الحجر الصحي الذي طال أكثر سكان الكرة الأرضية، كان له تأثيرًا نفسيًا كبيرًا على روح السارد وحالته النفسية -كما طالنا ذلك جميعًا- وذلك بسبب العزل عن الأهل والأحباب، إستلاب حريتنا، تقيد حركتنا بساعاتٍ معينة من النهار، ذُعرنا من تفشي الوباء ، القلق على الأهل والأحبة والخلان، بالإضافة إلى ما تسببه شتى وسائل الإعلان والتواصل الاجتماعي خلال اليوم الواحد من هلعٍ وفزعٍ بسبب كثرة الحديث وتناقل الأخبار عن عدد الإصابات والوفيات تلك التي لعبت دورًا كبيرًا

في تفشي الذعر من الوباء لا الوباء نفسه، والانغماس في وهم الإصابة به.
ولعل بكاء صديق السارد لم يكن حقيقيًا كما لمّح لنا، ولعل السارد
كان يعيش كابوسًا حقيقيًا تجلّى في الخوف من نهاية الحياة بل الخوف من نهاية العالم، ولعل أرجحية موت أم الطفل التي لمح لها الكاتب ولم يصرح بها -تلك التي أبقى مصيرها مجهولاً حتى آخر النص - له صلةٌ وثيقةٌ بضياع صديقه وشعوره بالوحشة من الشوارع الخالية وبكائه وكذلك بقاء مصيره مجهولًا حتى نهاية النص.
هل ألقت الشرطة القبض عليه نتيجة كسره للحظر وقامت بمعاقبته؟!
أم أوصلته إلى بيته- الذي أضاع وجهته- كما أشار عليه السارد؟
لقد برع القاص هنا في الربط بين الشخوص والأحداث والأفكار تعالقاً مع العنوان وظرفي الزمان والمكان...
وقد جعل الأم رمزًا للحياة...
الحياة التي تكاد أن تنتتهي بسبب تفشي الوباء...
الوباء الذي أسقطه على حالة الأم المرضية.
كذلك وفّق في الربط بين الحديقة الخضراء التي انبثقت عن نافذةٍ صغيرةٍ رسمها الطفل في كراسته المهترئة وبين الشوارع الخالية الموحشة.
كذلك نجح في رصد مرض أم الطفل وتوصيف حالتها وبين التلميح إلى تفشي وباء كوفيد 19 القاتل!
بين بكاء الطفل في الفيلم وبكاء صديقه في الواقع
ليخبرنا أن كل تلك الأسباب مجتمعةً جعلت السارد يشعر بالاختناق.
"آسف"
يقولها صديقي وأنا في طريقي إ لى البلكونة
"سأغلق الآن، هناك سيارة شرطة تقترب"
(ولا يسمعني وأنا أقول له ألايخاف ولايهرب " فقط اطلب منهم أن يقوموا بتوصيلك إلى منزلك فأبدو أني أتحدث مع الليل)

هل كان الكاتب يتحدث مع الليل أم مع صديقه؟!
وهل ما عشناه من أحداثٍ في هذا النص- سواء تلك التي كان بطلها طفل فيلم السهرة وصديق الكاتب القديم الذي كسر الحظر وخرج- كانت من نسج خياله؟!
وهل سيارة الشرطة كانت تلاحق حقًا صديقه الذي كسر الحظر وخرج يجوب الشوارع الخالية بعد أن ضاق ذرعًا بحجره؟!
غالبًا ما تسبب لنا-مَلكة الخيال التي يمتلكها القاص- صدمةً أفقيةً تطيح بكل توقعاتنا، فالخيال عنده أساس من أساسيات (أغلب) كتاباته القصصية والروائية والتي تدور كل عوامل سرده- شخوصًا وأحداثًا وأفكارًا وتوصيفًا وتصويرًا- )في فلكه، فيكتب عن كل أولئك باقتدار حتى يصيّرهم واقعا ملموسًا نابضًا بالواقع، يعيش الحياة بحلوها ومرها بحاضرها وماضيها ليتحول كل ذلك إلى فانتازيا وخيال وحلم، للتغلب على الواقع المرير بعد رصده وتشريحه.
إنها سمةٌ أسلوبيةٌ خاصةٌ بقلمه واسمه والتي يحاول من خلالها كسر إيهام المتلقي بواقعية القصة الممزوجة بالخيال بحرفيةٍ مختلفةٍ وعالية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى