شريف محيي الدين إبراهيم - الوعاء

و قالت لى غاضبة : أنت مغرور ،ولا تثق بأحد ، أو تصدق إلا نفسك.
وقلت لها فى هدوء : إذا فقدنا غرورنا ،ونحن آلهة الجمال، ضاعت هويتنا. انفرجت شفتاها عن ابتسامة شاحبة .
ثم قالت : أنت كائن خيالى، شأنك شأن كل أبطال أعمالك.
- أعمالى هى قطعة من نفسى.
- إنك تنتمى إلى قبيلة لا تقدر الإبداع أو المبدعين.
-أنا لا يعنينى سوى تقديرى لذاتى .
تعالت ضحكاتها الساخرة ،صحت بها :
- اغربى عن وجهى.
- هل تظن أن بإمكانك أن تتخلص من سطوتى؟ !
- سأنزعك من داخلى انتزاعا.
- ألا تخشى الليل ،و الوحدة ،ألا تخشى نفسك ؟!
- سأهرب منك إلى الناس ،إلى الشوارع و الأضواء .
- أما أنا فلن أخلو إلا بك.
- رغم أنك امرأة ليس هناك حدود لأنوثتها ،لدفئها،وحرارتها وعنفوان جمالها، إلا أنك لن تنالى سوى عذابات الفراق وآلام الجفاء.
قالت فى مكر وهى تبتسم :
- فلتمنحنى إذن فرصة جديدة.
- لتجعليننى مثل سيزيف، ولعنته السرمدية ، تتهمينى بالغرور وأنت أكبر مغرورة فى الكون كله،أمام آلاف الكلمات من الوله والإعجاب، التى سكبت فى أذنيك ،من أفواه أولئك الحمقى، المتيمين بك، و جميعهم قد عشق جسدك، ذلك الكيان المذهل، المبهر، السارق لأعينهم ....
ونسوا أن هذا مجرد وعاء مصنوع من تراب !!
ونسيت أنت، أنهم جميعا مجرد قراصنة !!
مجرد محترفى كذب،وخديعة، وصيد للجوارى والمحظيات.
قالت بعد أن حدقت فى طويلا ،وقد أوشكت على البكاء :
- ولكن ثمة واحد فقط لم يحفل بذلك الوعاء الخارجى المبهر،و رأى ما بداخله.
نزعت عينى منها ،بصعوبة مفرطة ،واستدرت خارجا، وقد اضطربت كل خلجاتى،ثم همست فى ألم مشوب بحزن عميق :
- ربما....ربما !!
.............................

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى