حلقة الشاعر والأديب أيمن دراوشة في برنامج قناديل قناة روجافا الفضائية – إعداد وتقديم – الشاعر - مروان شيخي

لكلٍّ منا فرحٌ وحزن، ينامُ ويصحو، يموتُ ويعيش، على ما تنتجُه المشاعرُ الإنسانية والنفسية. والقلم يأخذ ُ أحد هذين الجنسين ليسجل تلكَ الشحنات كوسيلةٍ تعبيرية... عن رؤيةٍ أو دهشةٍ ما، ليُطلعَ المتلقِّي على ما أفرغَه القلمُ من خلالِ الشعر أو النقد، لذلك لا يمكن أن ينفصلَ الشعرُ عن النقد... وبما أنَّ الشعرَ يرسمُ الحالةَ النفسية والوجدانية والإنسانية المبنيةَ من مجموعةِ مشاعرَ وعلاقاتٍ تتعلقُ برؤيةِ الشاعر، يأتي النقدُ ليلملمَ الوعيَ والعلم وما يلحقُ بهم من حالاتٍ ومعطياتٍ فنيةٍ مهنية.

أمي أتيتُ وهذا القلبُ معلــــــــولُ
والدمعُ منسكبٌ والحـــــــلمُ مقتولُ
أتيتُ والجـــــــــرحُ مَعقودٌ بقافيتي
من غربةٍ كان فيها القصدُ مجهولُ
قصدتُ فيها حيـــــــاةً دونً مهلَكَةٍ
ولم أجدْ غيرً حقِّ المرءِ مــــأكولُ
أمي لك العذرُ ضمِّيني لثانيــــــــةٍ
بالي بحضنِكِ يا أمَّــــــــاهُ مشغولُ
مــــاذا سأفعلُ إن أصبحتُ منفرداً
والدربُ أصبـــــــحَ للإتيانِ مقفولُ

قنديلُنا لهذا اليوم كاتبٌ في مجالِ (القصة القصيرة – القصة القصيرة جداً – الشعر – المسرحية – البحوث والدراسات – النقد – الشعر الغنائي الملحن). متعددُ الأجناسِ الأدبية، ولهذا فالألقاب كشاعرٍ أو قاصٍّ أو ناقدٍ لا تعنيه، ويكفيه لقبُ كاتب. ولا يستطيعُ السيطرةَ على قلمِه في حالةِ استفزَّه أحدُ النصوص، ولا يهمه أكان شعراً أو قصةً أو حتَّى مقالة، كونَه يشعرُ بأنه يريدُ تفريغَ ما ينتابُهُ من استفزاز، وكلما استفزَّهُ النصُّ أكثر كلما انسابَ قلمُه أكثر حتى يشعر بأنه غرقَ في جمالياته.

قالت الروائية اللبنانية زينة الجرادي في إحدى حواراتها مع الشاعر والأديب أيمن دراوشة:


عندما تقرأ أيمن دراوشة تشعر بحالةٍ من الانجذابِ رهيبة ، وبصفاءٍ ذهني ينتشلكُ من فوضى الحواس ، ذلك بسببِ سلاسةِ يراعِه وهندسةِ أفكارِه ونبضِ روحِه بالنص، فهو كاتبٌ متعدد الأجناس الأدبية لاحت ميولُه الأدبية في فنِّ الكتابة وهو في العاشرةِ من عمره، فقادَ سفينتَه الإبداعية بمهارةِ القبطان القدير مبحرًا في عالمٍ غريب له مفرداتُه وخصوصيتُه ألا وهو عالمُ الكتابة، وأقامَ بينه وبين جبران خليل جبران علاقةٌ ذهنيةٌ وطيدة لأنَّ روايةَ الأجنحةِ المتكسرة كانت أولى قراءاتِه التي تلذَّذَ في مضمونِها فكريًا وكانت المفتاحَ السري لفتحِه الأبوابَ على قراءاتٍ ورواياتٍ عالمية

أيمن خالد مصطفى دراوشة ولد في مدينة الزرقاء الأردنية عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وستين في الثاني عشرَ من شباط وهي المدينةُ الأكبر بعد مدينةِ عمان عاصمة الأردن، نشأ في عائلةٍ فقيرة كحالِ بقيةِ الحارة، ضمنَ أسرةٍ مكونة من أربعةِ أخوة وأربعةِ أخوات يسكُن بيتًا صغيرًا في زقاقٍ ضيق مكونٍ من غرفةٍ صغيرة، توفي والده وهو في عمرِ السنتين.

درس المرحلةَ الابتدائية في مدرسةِ الملك غازي ثم المرحلةَ الإعدادية في مدرسةِ المغيرة بن شعبة أمَّا الثانوية، فكانت في مدرسةِ الزرقاء الثانوية وبعد حصولِه على الشهادة الثانوية كان يرغبُ بدراسةِ الصحافةِ والإعلامِ لكن لم يكُن أمامَه أيُّ خيارٍ خاصةً بعد حصولِه على منحةٍ من جامعةِ بغداد، ولم يكن باستطاعتِه دراسةَ التخصُّص الذي يعشقُ على نفقتِه الخاصة بسببِ الأوضاعِ الاقتصادية السيئة آنذاك. فحصلَ على درجةِ بكالوريوس في اللغةِ العربية من جامعة بغداد عام ألفٍ وتسعمئةٍ وواحدٍ وتسعين ثم أتبعَها بعد سنتي عملٍ في التعليم بحصولِه على درجةِ الماجستير من الجامعةِ الأردنية، وحصلَ على بعثةِ دكتوراه داخلَ الأردن وفي نفسِ الوقت وقَّعَ عقدَ عملٍ في دولةِ قطر، وبذلكَ أختارَ الغربةِ والعمل، حتى تتحسنُ ظروفَه لإكمالِ الدكتوراه.


وبجهودِه حصلَ على الماجيستيرِ باللغةِ العربية وآدابِها من الجامعةِ الاردنية ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعةٍ وتسعين ودبلومٌ في الاحتياجاتِ الخاصة في طفولتِه، كان يعشقُ الصحفَ وبالذاتِ زوايا التسليةِ مثل كلمةِ السر والكلمات المتقاطعة والفروقِ السبعة، والطريفُ في الأمر صعوبةُ شراءُ الصحيفة ، فلم يكن يملكُ القرشين ثمناً للصحيفة، فكان يحصلُ عليها من خلالِ لفِّ الخضرواتِ والسندويشات، وربما من باعةِ الحلوى المتجولين، وحتى من القمامةِ والشوارع، ومن عندِ الجيران إذا أرادوا الاستغناءَ عنها، فقد كانَ لها قيمةٌ كبيرة والوسيلةُ الوحيدة للتسلية أو القراءة خاصةً لدى العائلات التي لا تملكُ تلفازاً ولا حتى مذياع.

من هنا عشق المعرفةَ والكتابة، وذكرُ اسمِ شخصٍ في صحيفةٍ يعني الكثير، ففكَّر بعملِ كلمات متقاطعة وهي ليست سهلة ، فاشترى صحيفةً ما زالت لغايةِ الآن وهي صحيفةُ الرأي الأردنية ، وقلّدَ الطريقة لكن بمعلوماتٍ مختلفة، فأرسلَها للصحيفةِ بالبريد، والتي نشرتْها بعد أسبوع، فكانت البداية التي شجَّعتْه على الكتابة، فكتبَ أول خاطرةٍ بسيطة صغيرة، وأرسلَها لجريدةِ الدستور فتم النشر في صفحةِ القراء، وكان ذلكَ في عمر عشرِ سنواتٍ أي الصفُّ الرابعُ الابتدائي.

وهكذا بدأَ بالكتابة، وكان يستيقظُ باكراً، يذهبُ للبقَّالةِ المغلقة ، يتصفَّحُ الجريدةَ ويبحثُ عن موضوعِه فإذا وجدَه كان يشتري الصحيفة، ويضعُ القرشين تَحتَ بابِ البقالة ، وإذا لم يجدْه أعاد الصحيفةِ لمكانِها.

فبدأ لديه عادةُ الاستمتاع بالقراءةِ خاصةً برواياتِ الأولاد أو بما يسمى اليافعين اليوم، ففكَّر بقراءةِ شيءٍ أكبر، فكانت الأجنحةُ المتكسرة لجبران، ثم القدرُ لفولتير من ترجمةِ طه حسين ، كان كلُّ ذلك في المرحلةِ الإعدادية، حتى باتَ يُراسلُ مجلاتٍ كبرى مثلَ العربي ومجلةُ ماجدَ للأطفال ومجلةُ المعلم الخاصةِ بالطلابِ والمعلمين فقط.

عشقَ الشعرَ والموسيقى، فاشترى كتابَ العروض وتعلَّمه لوحدِه قبلَ إقرارِه بالمدارس في المرحلة الثانوية، ولهذا لم يكن يقرأه لا في المدارسِ ولا حتى في الجامعات، في حالةِ الاختبار.

زادت كثافتُه بالكتابةِ بعد حصولِه لأولِ مرة على مكافأةٍ من مجلةِ المعلم، وأصبحَ يطمع لمراسلةِ المجلاتِ الخارجية، والتي تدفعُ مكافآت، وهذا ما حصلَ فقد كان ينجحُ أحياناً ويخفقُ أحياناً أخرى...

عشقَ الشعرَ القديم فتخصَّصَ فيه، كما عشقَ النقدَ الأدبي وكتابةَ القصة القصيرة والخاطرة، وكثَّفَ من كتاباتِه بعد التخرج من جامعةِ بغداد.

خاض كلَّ التجاربِ الكتابية، وتعرضَ لانتقاداتٍ الكثيرين، لكنه لم يهتم، وإذا أرادَ تعلُّم صنفٍ أدبي كان يتعلَّمه لوحدِه، فبدأ بكتابةِ مسرحِ الطفل ومسرحِ الكبار، ومجموعةٍ قصصيةٍ مطبوعة، وبدأ ينقد فعلياً للأخوةِ الأصدقاء وكبارِ الكتاب، كما كان له اهتمامٌ كبيرٌ بأدبِ الطفلِ ومسرح الطفل ونشرَ العديدَ من البحوثِ والمسرحياتِ والأناشيد التي تدرَّس بالمناهجِ الدراسية الآن، كما نالَ العديدَ من الجوائزِ المحلية والدولية في شتَّى صنوفِ الأدب .

واستهوتْه كتابةُ الأغاني، فقرأ دواوينَ الشعراءِ الغنائيين مثل رامي، وتعرفَ على شعراءَ غنائيين كبار علموه الأوزانَ الغنائية للشعرِ العامي أو الغنائي، فكانت حصيلتُه عشرُ أغانٍ أكثرُها ملحنة وما زالَ يبحث عمن يؤدِّيها.

بين الشعر والنقد حبلٌ سري يغذِّي كلاهُما الآخر...فالنقدُ يتنسَّم روائحَ الأدب، والأدبُ يعطرُ النقد بروائحِه الفواحة، وكلاهُما سندٌ للآخر فلا أدبٌ بلا نقد، ولا نقدٌ بلا أدب. وهذا ما استوعبَه الشاعر والناقد أيمن دراوشة ليخوض بأغلبِ كتاباتِه عمقَ اللغة وتفكيكِ شيفراتِ النصوص بمقصٍّ مُعقَّم من كل أمراضِ المجتمع.

مؤلفاتُه لم تقتصرْ على الشعرِ والنثر فقط، بل تعدَّتها للبحوثِ والكتب الأكاديمية مثل إحداثياتِ الزمن في اللغةِ العربية، وكتابُ صعوباتِ التعلم، والكتابُ النقديُّ الحب والسرد في طائفةٍ من الروايات العربية، وكان آخرُ أعمالِه غنائيةُ كوبِ الماءِ للأطفال بالتعاونِ مع كاتبةِ الدراما دلال أبو طالب والمخرجةُ الكاتبة وصانعةُ الدمى خلود الشاوي.

وما زال لديه الكثيرُ من المشاريعِ المسرحية والفنية وأعمالاً تعاونيةً مع كبارِ الكتابِ والكاتبات والتي توقَّفت بسببِ جائحةِ كورونا .

الشاعرُ والأديب أيمن دراوشة لم يكُن النقدُ تخصُّصَه، وإنما اكتسبَه اكتساباً نتيجةَ قراءاتِه لكثيرٍ من نصوص المبدعين وكذلك قراءاتِه لكثيرٍ من النصوصِ المنقودةِ لكبارِ النقادِ في الوطن العربي وتمكُّنه من المناهجِ الغربية البسيطة والمعقدة، من هنا راقَ له النقد فنشرَ في أكثرِ من ثلاثمئةِ قراءةٍ نقديةٍ في المجلاتِ والمواقعِ إضافةً إلى مؤلفاتِه في هذا المجال، وتركَ بصمةً خاصة في النقدِ ولم ينتهجْ نهجاً معيناً سواءً غربياً أو عربياً...

هو ضدّ من يتهمُ الناقدُ بالمؤلفِ الفاشل، ذلك أن النقدَ يتطلبُ مهارةً فائقةً وفلسفةً وثقافةً عامة تتجاوزُ مصطلحَ الثقافةِ بشكلٍ عام، فعلى الناقدِ أن يكونَ ملمَّاً بالمناهجِ النقديةِ الحديثةِ والقديمة ، كما أن عليه أن يتابعَ آخرَ المستجداتِ في الفنونِ الأدبية كالمسرحِ والروايةِ والقصة ، فالقديمُ ليس كالجديد في خضمِّ التقنياتِ المعاصرة والتسارعِ المجنونِ بشتى المجالات.

ويرى أنه هناكَ علاقةٌ لا تنفصلُ بين النقدِ والكتابة، فمهما برعَ الكاتب فلا بدَّ من له من عثرات ربما تجاوزَها إذا وجدَ النقدَ البناء، وليس النقدُ بغرضِ الطعنِ والهجوم ، لأسبابٍ عنصرية ٍ
أو طائفية أو حتى خلافاتٍ بالرأي … ويرى أننا بحاجةٍ للنقدِ لكن النقدَ الصحيحَ البعيدَ عن أيِّ تطرفٍ أو تجريحٍ والنقد الأدبي العربي ما زالَ يرضخُ لعصورِ الظلامِ بسببِ الفوضى التي تحكُّمَه وتسيره.

الشاعرُ والأديبِ الأردني المتميز أيمن دراوشة الحائزُ على العديدِ من الجوائزِ والتكريمات في الوطنِ العربي في مجالاتٍ كثيرةٍ منها البحثُ العلمي والنقدُ والأدبُ بمختلفِ أنواعِه شعرًا ونثرًا… فضلاً عن أن له العديدُ من المؤلفاتِ حولَ المسرح وأدبُ الطفلِ ومجموعةٌ من الدراساتِ النقدية. كما له العشراتُ من الدراساتِ النقديةِ الرصينة ،المنشورةِ في مجلاتٍ دولية محكمة وأخرى إلكترونية والكثيرَ من الصحفِ والمجلاتِ الأدبية والنقدية المتخصصة. ومن أهمِّ مؤلفاتِه

- له زاويةٌ ثابتةٌ في مجلةِ الإمارات الثقافية بعنوان عناصر من الماضي.

- ينشر أعمالَه الأدبيّة في معظمِ المجلاّت المحكّمة المطبوعةِ باللغة العربيّة، منها: أفكار، البيان، العربية، الرافد، الشرق القطرية، القدس العربي، الحياة الجديدة، الراية القطرية، الدستور، وفي أغلب المواقع الإلكترونيّة.

- عمل في التأليفِ المسرحي التربوي، ولديه أعمالٌ مسرحيةٌ معروضةٌ للأطفال، وتمّ إخراجُ مسرحيّةِ الطيب والحسود من قبلِ المخرجة سوسن الهواري، ألفين وأربعة وتم إعادةُ عرضِها عام ألفين وتسعة على مسرحِ عبد العزيز ناصر.

- بعض المؤلفات المطبوعة:

1- حين يهبط الليل - مجموعة قصصية – 2007، وتُرجمت إلى الإنجليزيّة.
2- كم كنا رائعين معاً - مجموعة قصصية – 2008.
3- سلسلة قصصية للأطفال - 2015
4- صعوبات التعلم بين النظرية والتطبيق – دراسات – 2018.
5- إحداثياتُ الزمنِ في اللغة العربية – دراسات – 2017م
6- الحبُّ والتمرد في السردِ الروائي العربي في– نقد – 2018
7- النظريةُ التوليديةُ التحويلية لتشومسكي 2019 – تحت الطباعة.

- بعضُ أهمّ الجوائز التي حصلَ عليها:

1- الجائزة الأولى مـن رابطةِ الكتاب الأردنيين في أدب الأطفال 1996، وفي الرواية عام 1997.
2- الجائزة الأولى في مسابقة المجلس الوطني للثقافة والفنــون القصة القصيرة 2003.
3- الجائزة الأول في مسابقةِ لكلِّ ربيعٍ زهــرة - زهرة الغاف 2005، وزهرة القطف 2006، وزهرة العاقول 2007.
4- جائزة ناجي نعمان الأدبية في الشعر لعام 2006.
5- جائزة مسابقة راشد بن حميد للثقافةِ والعلوم في مجالِ النقدِ الأدبي عن الأنا والآخر في رواية يهوشواع اليهودي – الإمارات 2011
6- جائزةُ أفضلِ مقالٍ في جريدةِ الوطن، وفي جريدةِ الشرق، وفي جريدةِ الراية.
7- شهادةُ تكريمٍ وتقدير من الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب 2008.
8- وشهاداتٌ تقديريةٌ من المجلسِ الأعلى للبيئةِ والمَحمياتِ الطبيعية.

أعزائي المشاهدين ربما تكونَ هذه الحلقة غير كافية، لأقفَ على نتاجِه الغزيرِ والمترامي الأطراف. لكنَّني حاولتُ قدرَ الاستطاعة أن أسلِّطَ الضوءَ على قبسٍ من نورِ قنديلِنا المنير رغم إني لم أتطرق للكثير من دراساتِه ومنشوراته.

وأتمنّى أن أكونَ قد أوفيتُ ولو بجزءٍ يسيرٍ من إبداعِ الشاعر والكاتب والناقد الدكتور أيمن دراوشة.

إلى هنا وصلتُ بكم لنهايةِ البرنامج وإلى قنديلٍ آخر من برنامجِنا قناديل على قناةِ وفضائية روجآفا أتركُكم بأمانِ الله وإلى اللقاء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى