د. صبرى محمد خليل - الرأسمالية العشوائية: قراءه نقديه لأشكال الرأسمالية و دورها المخرب لمجتمعاتنا العربيه

اولا: تعريف الرأسمالية : النظام الاقتصادي الراسمالى، الذي يطلق عليه ايضا اسم الاقتصاد الحر، هو أحد الأركان الأساسية الأربعة لليبرالية كمذهب (بالإضافة الى الفردية في الأخلاق، والعلمانية في العلاقة بين الدين والدولة ، والديمقراطية " فى صيغتها الليبرالية" في السياسة). فهو- بالاضافة الى الاركان اعلاه - محصله تطبيق الليبرالية كفلسفة (طبيعيه - غير دينية " اى تنطلق من فكرة فلسفية - ذات جذور فى الفلسفة اليونانية - مضمونها ان هناك قانون "طبيعي" يضبط حركة الإنسان وينظم العلاقة بين الفرد ، " فردية "أي ان مضمون هذه الفكرة الفلسفية أن الفرد ذو حقوق طبيعية سابقة على وجود المجتمع ذاته،"). وهذا النظام الاقتصادى أيضا محصلة تطبيق الليبرالية كمنهج معرفة ( يستند إلى مضمون هذه الفكره الفلسفية " اى فكرة القانون الطبيعي" وهو " أن مصلحة المجتمع ككل ستتحقق - حتما - من خلال سعى كل فرد لتحقيق مصلحته الخاصة") . ومضمون هذا النظام الاقتصادي ترك النشاط الاقتصادي لآليات السوق "العرض والطلب،المنافسة الحرة،الربح..." دون تدخل الدولة كممثل للمجتمع ،فدورها يقتصر على توفير الأمن الداخلي والخارجي. وهو نظام اقتصادي يستند الى مفهوم " الملكية الخاصة "- وليس الملكية الفردية - والذى مضمونه "حق التصرف المطلق فى المال"، وهو مفهوم ذو جذور فى القانون الرومانى .

ثانيا: اشكال الرأسمالية:

جوهر واحد واشكال متعدده:
وللنظام الاقتصادى الرأسمالى جوهر واحد واشكال متعدده ، ويتضمن جوهره قواعده الأساسية وغاياته واهدافه ومفاهيمه النظرية...وتتضمن اشكاله قواعده الثانويه، ووسائل تحقيق أهدافه وغاياته ، وتطبيقاته العملية التى تتأثر بطبيعة الواقع الذى تم تطبيقه فيه ،ومراحل تطبيقه ...

الراسماليه الغربيه واشكالها:

· الراسماليه الاقطاعيه:
وهو اول أشكال الرأسمالية الأوربية ظهورا، وهو تعبير عن تداخل المرحلتين الإقطاعية والرأسمالية فى تاريخ أوربا الاقتصادي – الاجتماعى،ومضمونه قيام جزء من الإقطاعيين بنشاط تجاري من رؤوس الأموال الناتجة من أرباح اقطاعياتهم ،وهو ما ساهم فى نشوء المدن الأوروبية لاحقا.

· الراسماليه التجاريه: وهو شكل من أشكال الرأسمالية ظهر فى اوربا فى حوالى القرن السادس عشر الميلادى ،وقد ارتبط بظهور طبقه التجار وحلولها التدريجى محل طبقه الاقطاعيين ،وقيامهم بعملية نقل المنتجات من مكان الى اخر حسب متطلبات السوق.

· الراسماليه الصناعيه: وهو شكل من أشكال الرأسمالية ظهر فى أوربا فى القرن الثامن عشر وما يليه ،وقد ارتبط ظهوره بقيام الثورة الصناعيه، وظهور الطبقة العاملة.

· الراسماليه الماليه: وهو شكل من أشكال الرأسمالية ارتبط ظهوره بنشوء البنوك" والمصارف".

· الرأسمالية التنافسية: وقد ارتبط ظهور بمرحله نشوء الراسماليه، ويستند الى المفهوم الرأسمالي النظرى "المنافسه الحرة من اجل الربح"

· الراسماليه الاحتكاريه: ان المنافسة الحرة في ظل النظام الاقتصادي الرأسمالي في المجتمعات الرأسمالية قضت على حرية المنافسة لتنتهي إلى الاحتكار،وله شكلين.

الاحتكار على المستوى الداخلى "الوطنى": انتهت المجتمعات الرأسمالية ذاتها الى ضرورة تدخل الدوله كممثل للمجتمع لمنع الاحتكار،ووضع القوانين اللازمة للقضاء عليه ، رغم ان هذا التدخل يتناقض مع الأساس النظري للرأسمالية ، وقد كان للطبقات العاملة وفئات المجتمعات الضعيفة والمنظمات النقابية والسياسية التى تقوم برامجها على تمثيلها دور فى إقرار هذه القوانين.

الاحتكارعلى المستوى الخارجى" العالمى":وله أشكال متعددة منها:

الترست الدولى: هو عملية دمج واذابه لمجموعة من الشركات المتنافسة فى قطاع اقتصادى عالمى معين، بغرض السيطره عليه واحتكاره .

الكارتل الدولى: هواتفاق بين مجموعة من الشركات المتنافسة فى قطاع اقتصادى عالمى معين على السيطره عليه واحتكاره ، وهذا الاتفاق لا يصل الى درجة الدمج والاذابه فتظل للشركات المكونة له نشاطها الاقتصادي المستقل عنه.

· الراسماليه الغير القانونيه " الرأسمالية الإجرامية" : وهو النشاط الاقتصادى الذى يخالف القوانين بدرجات مختلفه ولها اشكال متعددة منها:

ا/ راسماليه الجريمة المنظمة العابرة للحدود: وهو النشاط الاقتصادى الدولى المخالف للقوانين ، بشكل مباشر او غير مباشر سواء كان ظاهر او مستتر، وتقوم به تنظيمات غير قانونية ذات هيكل تنظيمي دولى، ومن اشكاله: الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وتهريب المخدرات وتجاره الاسلحه وغسيل الاموال،والعاب القمار والدعاره والمضاربه فى الاصول والاسهم الماليه.

ب/ الرأسمالية الصهيونية :ولها اشكال متعدده ومنها:

السيطره الصهيونيه على المفاصل الرئيسيه للنظام الراسمالى العالمى: اتاحت الكثير من مفاهيم وقيم وقواعد النظام الاقتصادى الراسمالى، سواء على المستوى النظري ، اوما يلزم منه على المستوى العملى التطبيقى ( كالمنافسة الحرة وإطلاق الأفراد من أي التزام من قبل المجتمع الذي ينتمون إليه وعدم تدخل الدولة فى النشاط الفردي وإباحة الكذب والغش والخديعة والتعسف والربا والغبن والإكراه الاقتصادي والادبى طبقا للقاعدة القانونية الرأسمالية الشهيرة :” القانون لا يحمي المغفلين ”) أتاحت تدريجيا للطبقة الرأسمالية التجارية اليهوديه الفرصة للتحكم والسيطرة على المفاصل الرئيسية للنظام الاقتصادى الرأسمالى العالمى( فسيطرت على البنوك والمصارف والبورصات والمؤسسات المالية الكبرى ، ولاحقا سيطرت على وسائل الاتصال والإعلام الرئيسيه) ،وقد وجدت هذه الطبقه مبرر دينى زائف لهذه السيطره ، يتمثل فى التوراه المحرفه ، فلم يعتبروا المجتمعات التى عاشوا فيها مجتمعاتهم يجب ان يسهموا في بنائها، بل اعتبرونها أعدائهم عليهم بأمر ” يهو” أن يسيطروا عليها او يخربوها- وتحت ضغط العنصرية التى مارستها ضدهم هذه المجتمعات على مدى قرون، نتيجه للتعصب الديني الذي مارسته ضدهم الكنيسة الأوروبية الكاثوليكية خلال فترة العصور الوسطى.

الكيان الصهيونى كحارس للنظام الراسمالى العالمى فى المنطقه العربيه
: كما اشرنا اعلاه فقد انتج النظام الاقتصادى الرأسمالى الاستعمار باشكاله المتعدده ، وهو عملية نهب ثروات الشعوب ومواردها الطبيعية ، ومن اشكاله الاستعمار الاستيطاني ومثاله الكيان الصهيونى الذى أنشأه الاستعمار القديم ،وحافظ عليه لاحقا الاستعمار الجديد " الامبريالي " كحارس للتجزئة فى المنطقة العربيه ،بهدف تأمين الوصول الى المستعمرات فى الهند واسيا سابقا، بهدف نهب ثروات الأمة العربيه حاليا.

التخريب الصهيوني المتعمد للاقتصاد العربى: هو تخريب منظم والمتعمد يقوم به الكيان الصهيوني لكافة مجالات الحياة العربية بكافة أشكالها- ومنها المجال الاقتصادي -، والذي يهدف إلى ضمان بقاء الأمة العربية في حالة تخلف وضعف وصراع واقتتال داخلي يحول دون مواجههتها لهذا الكيان ومن اشكاله:: أثاره النعرات الطائفية والقبلية، وتهريب المخدرات ،والتجسس، وتصدير المبيدات والبذور الفاسدة والبضائع المسرطنة ونشر التحلل الأخلاقي والقيمي ، الالحاد والتشكيك فى الدين...هذا التخريب يساهم فى زيادة معدلاته تطبيع النظم العربيه مع الكيان الصهيونى مما يزيل امه الحاجز الرسمى امامه،وبالتالى يجب مضاعفة الجهد الشعبى لمناهضة التطبيع فى الدول التى تطبع أنظمتها السياسية مع الكيان الصهيونى.

· الراسماليه المتوحشه: النظام الاقتصادى الراسمالى فى جوهره – وبصرف النظر عن أشكاله المتعددة – هو نظام اقتصادي متوحش، لان مضمونه هو صراع وحشى على الموارد، ولكن تختلف درجة توحشه باختلاف اشكاله ،وبالتالى فاننا نقصد بالرأسمالية المتوحشة أشكال الرأسمالية الأكثر توحشا ومن اشكالها :

التوحش الخارجى"الثالوث الرأسمالى العالمى المخرب": المقصود به محاوله الدول الرأسمالية الغربيه،بقياده الولايات المتحده الامريكيه، فرض تطبيق النظام الاقتصادى الراسمالى فى كل انحاء العالم ، بطرق مختلفة ، منها محاولة إخضاع النشاط الاقتصادى لدول العالم لسياسات مؤسسات عالمية "من جهة أنها تضم الكثير من دول العالم"،راسماليه "من جهة أنها خاضعة لهيمنة الدول الرأسمالية" ، ومن هذه المؤسسات : صندوق النقد الدولي والبنك الدولى ومنظمة التجارة العالمية.

التوحش الداخلى: المقصود به محاوله بعض الانظمه الاقتصاديه الرأسمالية- خاصة فى حال وصول الأحزاب ذات التوجه الرأسمالي القاطع- الغاء او تقليص نظم الضمان الاجتماعي او الرعايه الصحية. والتي كافحت الطبقات العاملة وغيرها من شرائح ضعيفه فى تشريعها وتطبيقها. ومثال لها النظام الاقتصادى الامريكى حال مقارنته ببعض الانظمه الاقتصاديه الأوروبية فى مجال الضمان الاجتماعي.

العلاقه بين مدى ضعف او قوه الراسماليه ودرجه توحشها:وقد قرر الكثير من نقاد الراسماليه ان درجه توحش الراسماليه يتوقف على مدى قوتها، ففى حال قوتها تكون اقل توحشا ،وفى حال ضعفها تصبح اكثر توحشا ،كما هو الحال فى الفتره الاخيره التى تعاقبت فيها ازماتها الاقتصاديه- واخرها الازمه الاقتصاديه الناتجه من تفشى فيروس كرونا - ،ومن مظاهر ارتفاع درجه توحشها فى الفتره الحاليه ، الزياده الرهيبه فى معدلات محاولاتها فرض السياسات الاقتصاديه لمؤسساتها الاقتصاديه العالميه"صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومنظمه التجاره العالميه " على حكومات الدول الناميه،والتى ستوفر لها المناخ المناسب لنهب ثروات شعوب هذه الدول.

· الرأسمالية ذات الوجه الانسانى: والمقصود بها الوجه الداخلى الانسانى بدرجات متفاوته للرأسمالية – والذي يتناقض مع وجهها الخارجى المتوحش- وهو لا ينبع من الرأسمالية ذاتها – فهي متوحشه فى جوهرها – بل هو مستلف من الاشتراكيه، و راجع لعوامل خارجة عنها ، منها نضال الشعوب فى المجتمعات الرأسمالية ، ومحاوله الرأسماليين سحب البساط من تحت أقدام الحركات الاشتراكية ، والحيلولة دون قيام ثورات ضد الرأسمالية . ومثال لها توافر نظم الرعاية الصحية والضمان الاجتماعى ومجانية التعليم الأساسى... فى بعض النظم الرأسمالية الأوربية .

الراسماليه العربيه " العشوائيه- المتخلفه" والفئات المكونة لها:

محاولات تطبيق الرأسمالية فى المنطقة العربيه واخرها مشروع الشرق الأوسط الجديد ” الامبريالي – الصهيوني”:
رغم التناقض الجوهرى "دينى و قيمي وحضاري..." بين النظام الاقتصادي الراسمالى والنسق الديني والقيمي الحضاري للمجتمعات المسلمة ومنها المجتمعات العربيه – كما سنوضح لاحقا - وقد كانت بدايه هذه محاولات خلال فترة الاستعمارالقديم،ثم توقفت هذه المحاولات الى حد كبير بعد نجاح حركة التحرر القومي العربي من الاستعمار فى دعم استقلال الدول العربيه ، وتبنيها لنظم اقتصادية قائمة على السعي لتحقيق التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعيه،وهو ما نجحت فى تحقيق قدر كبير منها رغم ما شاب هذه الاقتصاديات لاحقا من سلبيات "البيروقرقراطية والفساد الادارى.." كان من الممكن تصحيحها مع الحفاظ على إيجابيات هذه الاقتصاديات. ثم جاءت محاولة أخرى لتطبيق النظام الاقتصادى الرأسمالى فى المنطقة العربيه فى إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد ” الامبريالي – الصهيوني” ، والذي يهدف إلى الارتداد بالنظام السياسي العربي، إلى مرحلة التفتيت على أساس طائفي / قبلي – عشائري ” الدويلات الطائفية “، مع بقاء إسرائيل كحارس لهذا التفتيت . هذا المشروع الذي كانت بدايته الحقيقية بعد تولى الرئيس/ محمد أنور السادات السلطة في مصر بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر عام 1970، وارتداده – بدعم من الغرب بقياده الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني- عن سياساته التي جسدت-على وجه الاجمال- الإرادة الشعبية العربية ،وغاياتها في الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية ،واتخاذه مواقف نقيضه لها ، ثم تبنى عدد من الأنظمة العربية لهذه المواقف. لقد فشل هذا المشروع فى الغاء الاراده الشعبيه العربيه وان نجح فى تعطيلها، وقد وجد ولا يزال يجد مقاومه شعبيه قويه من مظاهرها ثورة الشباب العربي بموجتيها الأولى والثانيه، والتى تحاول النظم والقوى التى تقف وراء هذا المشروع اجهاضها . وفى هذا الاطار واجهت محاولات تطبيق هذا النظام الاقتصادى ، مقاومه شعبيه ذات أوجه متعددة ،عطلت الى حد كبير هذه المحاولات، ولكن أغلبها ذو طابع تلقائى، وتفتقر الى التخطيط و التنظيم والوحدة.

خصائص الرأسمالية العربية : وقد اتصفت محاولات تطبيق النظام الاقتصادى الراسمالى فى المنطقه العربيه بالاتى:

· التناقض الجوهرى وتشويه الشخصيه العربيه والمسلمة : ان هناك تناقض العقدى جوهرى"دينى و قيمي- أخلاقي- وحضاري" بين النظام الاقتصادي الراسمالى والنسق "الديني والقيمي الحضاري" للمجتمعات المسلمة ومنها المجتمعات العربيه. حيث يستند هذا النظام الاقتصادى الى شكل معين من اشكال الملكية هو الملكية الخاصة "ملكية الرقبة"، والتي تخول للفرد حق التصرف المطلق في المال، وهو مفهوم مرفوض من المنظور الاقتصادي الاسلامى،على مستوى أصوله النصية الثابتة ، التي تسند ملكيه المال لله تعالى وحده " وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ "(النور: 33). كما أن هذا النظام الاقتصادي هو تنظيم للتمرد على القيم الأخلاقية والدينية والحضارية المشتركة لهذه المجتمعات، وأولاها قيمة المشاركة الحضارية،حيث إن علاقات الإنتاج في ظل هذا النظام الاقتصادي تصبح مصدر الأنانية والفردية ،التي تتحول من خلال اطرادها إلى قيمه اجتماعيه تفسد عن طريق عن العدوى بالتفاعل باقي القيم الحضارية لهذه المجتمعات ، كما ان النظام الرأسمالي بحكم طبيعته نظام استغلالي .هذا التناقض الجوهري يفرز العديد من السلبيات وأهمها تشويه الشخصيه العربيه "العامة والفردية"بدرجات متفاوته، فلا تعود شخصيه عربيه- مسلمه تلتزم بالمفاهيم والقيم والقواعد العربيه – الاسلاميه . ولا شخصيه رأسمالية "غربيه " تلتزم بالمفاهيم والقيم والقواعد الراسماليه، بل شخصية يتصارع فيها النوعين من أنواع المفاهيم والقيم والقواعد بدرجات متفاوتة.ولا يمكن إلغاء هذا التناقض والصراع الذى يفرزه الا بالعمل المشترك والتدريجى على مقاومة النظام الاقتصادي الرأسمالي ، وإقامة نظام اقتصادي يعبر عن القيم الدينية والحضارية للمجتمعات العربيه والمسلمة .

· تكريس التخلف الاقتصادى : ان هذه المحاولات تتم فى مجتمعات تعانى من التخلف الاقتصادى بمعناه النسبى " تخلفها عن غيره من مجتمعات" ،ومعناه المطلق "عجزها عن توظيف واستثمار مواردها المادية والبشرية المتاحة فيها فعلا من اجل إشباع حاجاتها المادية و المعنوية المتجددة للشعب العربى ككل". ومن مظاهر هذا التخلف الاقتصادى ان ( الأغلبية من الشعب العربى تعيش تحت مستوى خط الفقر . على المستوى الاقتصادى تتبدد طاقاتها فى البطالة الصريحة أو المقنعة ، ويكاد متوسط دخل هذه الأغلبية أن يكون أقل متوسط فى العالم وعلى المستوى الاجتماعى تفتقد المساكن اللائقة بالإنسان ، وتفتقد الملابس اللازمة لمجرد الحفاظ على الحياة من تقلبات الطقس . وتفتقد الرعاية الصحية وتفتقد الأدوية وتفتقد المياه الصالحة للشرب ، والنور الصالح للرؤية ، والمواصلات الصالحة للانتقال ، والأمن ضد العجز والشيخوخة ، ضد المرض ، ضد اليتم ، وعلى المستوى الثقافى ما تزال تعيش ـ تلك الأغلبية ـ فى ظلام الأمية ، هى ـ تلك الأغلبية ـ لأنها عاطلة أو فقيرة تكاد تقف مقدراتها الشرائية فى سوق الاستهلاك عند مستوى “الضروريات”... )(د. عصمت سيف الدوله / رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنه). والنظام الاقتصادى الراسمالى بحكم طبيعته عاجز – موضوعيا - عن تجاوز هذا التخلف الاقتصادى وتحقيق التقدم الاقتصادي, لأنه لا يهدف الى تحقيق مصلحه المجتمع ككل – فلا تهدف الرأسمالية المحليه او العالميه الى ذلك ، بل تطمع فى هذا الفائض فى الموارد والبشر المتاح و غير مستثمر . وهذا يعني ان الرأسمالية مستفيده من هذا التخلف الاقتصادى ، وبالتالى فان مصلحتها تقتضي تكريسه ..

· التبعية: لقد انقضت المرحله التى كانت الدول الرأسمالية تصارع بعضها على مسرح الاستعمار العالمى ، وتحول النظام الرأسمالي الى نظام عالمي إمبريالي ، وبالتالى فان ” الرأسمالية ” الناشئة فى المجتمعات المتخلفة اقتصاديا المتحررة حديثا –ومنها الراسماليه العربيه - لا تستطيع أن تنافس الإمبريالية ولو حاولت لسحقت – اى أفلست بالمفهوم الرأسمالي - فلا يبقى أمامها الا أن تكون ” وسيط ” الدول الرأسمالية الكبرى فى محاولتها السيطرة على أمتنا عن طريق التبعية . لذا فانه اذا هناك الكثير من الرأسماليين العرب “وطنيين ” على مستوى نواياهم وبواعثهم وأخلاقهم وولائهم .. وكل ماهو ذاتى فيهم ، ولكن الرأسمالية ـ برغم كل هذا ـ ستبقى خائنة .(د. عصمت / رأسماليون وطنيون ورأسمالية خائنه).ولا مجال للحديث عن الرأسمالية الوطنيه الا فى ظل نظام اقتصادي يضع ضوابط للنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص والرأسمالية المحلية ، تضمن عدم قيامه بنشاط يتعارض مع مصلحة المجتمع ككل ، ويهدف الى تحقيق التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية.

· معارضه التقدم الاجتماعى: كما انقضت المرحلة التى كانت الرأسمالية الناشئة فيها تقود ثورة التقدم الاجتماعى والاستنارة الفكرية بعد سقوط الإقطاع واصبح هم منظريها تبرير الواقع الراسمالى والدفاع عنه.وبالتالى لا مجال للحديث عن قيام الرأسمالية العربيه – وغيرها من راسماليات المجتمعات الناميه – بدور فى تحقيق الاستناره والتقدم الاجتماعى.

· العشوائيه: العشوائيه لغه: العَشْوائيّ اسم منسوب إلى عَشْواء: وهو يعنى الطائشٌ، المُتسرِّعٌ الذى لا تَبَصُّر فيه ولا رَويَّة. اما اصطلاحا فهو كل فعل يتم بصوره تلقائيه ، بدون تفكير مسبق.فهو نقيض التخطيط،واذا كان التخطيط من خصائص الاسلوب العلمى فى إدارة النشاط الاقتصادى، فان الرأسمالية على المستوى النظرى ترفض التخطيط الشامل ، لأنه قرين بتدخل الدوله ،ولكنها اضطرت الى التزام بالتخطيط "الجزئي" من اجل تنظيم قواها للسيطرة على الاقتصاد الرأسمالي على المستويين المحلى والعالمى- النظم الاشتراكية ، فقد اقترن تطبيقها للتخطيط الشامل بمعوقات منها الاستبداد والبيروقراطية والفساد الادارى...اما رأسماليات المجتمعات المتخلفة اقتصاديا المتحررة حديثا –ومنها الراسماليه العربيه - لذا فان نشاطها الاقتصادى – فضلا عن قطاع كبير من فئاتها ذات المستوى الاكاديمى والعلمى والثقافى المتدنى- فتتصف بالعشوائية تفتقر للتخطيط وغيره من الاساليب العلميه فى اداره النشاط الاقتصادى وغيره من أنشطة حياتية .

· راسماليه غير منتجه: ان الراسماليه العربيه ليست طبقه - بالمفهوم الماركسى – لانها ليس لها موقع من علاقات الانتاج ، لانها غيرمنتجه، بل تتكون من فئات – شرائع اجتماعيه متعدده تلتقى على محاوله الاستحواذ على الموارد الاقتصادية لمجتمعاتها او القطاع الأكبر منها.

· العشائريه والقبليه:رغم ان الرأسمالية بما هى النظام الليبرالي فى الاقتصاد فردية ، الا ان الرأسمالية الغربية ذات طابع عشائري قبلى، كمحصله لشيوع العشائرية والقبلية فى المجتمعات العربيه كمظهر لتخلف النمو الاجتماعي لهذه المجتمعات، نتيجه لعوامل داخليه وخارجيه متفاعله.

الفئات – الشرائح- الاجتماعية المكونة للرأسمالية العربيه: ان تطبيق النظام الاقتصادى الرأسمالى ، يلزم منه استفادة فئات اجتماعية معينه ، من القطاع الاكير من الموارد الاقتصادية للمجتمع،وهذه الفئات هى التى يطلق عليها اسم " الطبقة الرأسمالية" . اما الراسمالية العربيه فتتكون من الفئات – الشرائح الاجتماعيه التاليه :

· فئه- شريحه- دعاه الدوله داخل الدوله: وهى فئه – شريحة- اجتماعيه تضم بعض قيادات بعض المؤسسات الحكومية "كالمؤسسات الاستخباراتية والعسكريه والشرطيه ..." ،الذين تم تعيينهم او ترقيتهم طبقا لمعيار الولاء وليس الكفاءة ،الذين يوهمون بعض أقطاب النظام السياسى، ان الحفاظ عليه و استمراره ، مرهون بتحويل مؤسساتهم الى دوله داخل -او فوق – الدوله- فى حين ان وجودهم هوفى الواقع احد الاسباب التى ستعجل بنهاية هذا النظام - بما يضمن حصولهم على امتيازات ضخمه، لا يحصل عليها باقي المنتسبين الى هذه المؤسسات – خاصة من هم فى المراتب الدنيا من هيكلها الوظيفى- ولا يجب اتخاذ الدعوة الى محاربة هذه الشريحة وممارساتها السلبية كوسيلة لتمرير الدعوات المشبوهة لحل هذه المؤسسات،لان وجودها ضرورى لحمايه المجتمعات من العدوان الخارجى والداخلى ولا يخلو اى مجتمع منها - بما في ذلك ارقى المجتمعات الديموقراطية فالمطلوب فقط هو تطهير هذه المؤسسات من هذه الشريحة الضارة بهذه المؤسسات ذاتها وبالمجتمع ، وارجاع هذه المؤسسات الى طبيعتها كجزء فاعل من الدوله ،مع غيره من اجزائها.

· الفئه- الشريحه- البيروقراطيه المستغله : وتشمل موظفى الدوله الذين يستغلون وظيفتهم لتحقيق غايات تتجاوز الاهداف الحقيقية للوظيفة ، ومن مظاهر هذا الاستغلال: استغلال النفوذ لتحقيق منافع غير مقررة فى الوظيفه، استغلال المركز الوظيفى كتعويض سلبى لسنوات الذل والاستبداد بالناس ، او تعويض سنوات الفقر بالاختلاس.ومحاربة هذه الشريحه يكون بتفعيل حق الشكوى للجمهور وليس بمنح هؤلاء الموظفين الحصانة.

· الفئه –الشريحه - الطفيليه: وتضم الذين يقومون بالاعمال غير المنتجه الطفيليه : كالسمسرة غير الخاضعة للتنظيم القانوني، والوساطة والعمولات والتهريب، والمضاربات... غير القانونيه، والمقاولات غير الخاضعة للتنظيم القانونى الرسمى للبناء والانشاءات... واغلبها من الذين يرغبون فى تحقيق الثراء بدون بذل مجهود ذهني او جسدي ، او لا يملكون ما يؤهلهم للقيام باعمال منتجه....

· فئه – شريحه - ادعياء الثقافة والعلم: وتضم ادعياء الثقافة والعلم ، من الكتاب والصحفيين والاعلاميين... الانتهازيين ، الذين يبيعون أقلامهم وأفكارهم وعقولهم وارائهم فى سوق النخاسة الفكرية ، ويمارسون نوع من انواع الدعاره الفكريه- التى قد تفوق فى ضررها الدعاره الجسدية - وأغلب عناصرها من ذوى المستوى الأكاديمي الضعيف – رغم ان بعضهم قد يلتحق بمؤسسات اكاديميه ، لكن بغير طرقها المعتمدة ، وليس طبقا لإمكانياته الحقيقية- المفتقدين لاى مواهب فكرية ، والذين يفتقرون لأي مشروع فكرى ، و على الاقل آراء فكرية محددة تتصف بالثبات ، وبعض المعارضين الذين يريدون الحصول على ثمن لمعارضتهم، والذين يرغبون فى الحصول على منصب باى ثمن ، وحتى لو كان منصب مجرد من اى سلطه فعليه، لإشباع هوسهم بالسلطة ، كتعويض سلبى لمركب نقض اجتماعى معين. ووظيفة هذه الشريحة تبرير كل القرارات التى يصدرها النظام السياسى – حتى لو كانت قرارات متناقضة – مادموا جزء من هذا النظام السياسى او مستفيدين منه ، او يرجون ذلك – وهم المدافعين عن كل الانظمة المتعاقبة- حتى النظم التى جاءت نتيجه لمعارضتها النظم السابق عليها وليس كامتداد لها- ايضا ماداموا جزء من هذه النظم السياسيه او مستفيدين منها ، او يرجون ذلك. وهذه الفئه هى أوضح تعبير عن المظاهر الفكرية والسلوكية السلبية ، التي تسود بين المثقفين والمتعلمين العرب- فتوجد في مجموعهم إن لم توجد في جميعهم – وهي إفراز امتداد الحياة في ظل تخلف النمو الحضاري للمجتمعات العربىه، و في ذات الوقت فإنها احد أسباب استمراره ،لأنها تفتك بمقدرة المثقفين، الذين هم قادة حركة التطور الاجتماعي في كل المجتمعات، ومن أهم هذه المظاهر السلبية :الفردية "الأنانية" بشكليها : الانعزالي" ومن مظاهرها عدم التفاعل - الفكري - مع قضايا ومشاكل الجماهير" ، والتفاعلى السلبي " ومن مظاهرها الاستعلاء علي الجماهير والبيروقراطية" ، و تجاوز المثقف لدوره التنويري وفرض وصايته على الشعب،ولدوران في الحلقة المفرغة “التغريب والتقليد” ،والتقاء تياري التقليد والتغريب في تكريس الفهم الخاطئ للدين و النخبوية بدلا من الطليعية . وضمور الدور النقدي للمثقف في علاقته بالسلطة،واتخاذه لموقفى القبول المطلق- فى حال كونه جزء من السلطة – او الرفض المطلق – فى حال كونه ليس جزء منها-

· فئه – شريحة - مدعى الكهنوت : وهى الفئة التى تضم كل من ينسب الى نفسه صفه او اكثر من صفات الكهنوت- بالقول او الفعل ، بصوره مباشره او غير مباشره- ويرجع الأصل اللغوي لمصطلح “كهنوت” إلى ماده " كَهَنَ" التي تعنى: قَضى له بالغيب . أما اصطلاحا فان الكهنوت هو مذهب يقول بوجود طبقه معينه هي طبقه “رجال الدين “، وهم ليسوا مجرد علماء بالدين ، بل هم علماء بالدين يتصفون بصفات معينه – هي مظاهرالكهنوت- وهى :ا/ يسند إليهم سلطه دينيه مطلقه " التحليل والتحريم بدون نص يقيني الورد قطعي الدلالة" .ب/ ينفردون بالسلطة الدينيه ال مقيده " اى ينفردون بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر " ج/ يدعون انهم واسطة بين الناس والله تعالى.د/ يدعون انهم معصومون عن الخطأ. وهم يجاهلون حقيقه ان الاسلام كدين يتعارض مع الكهنوت .فهو يتعارض مع الدلالة اللغوية للكهنوت لان نصوصه القطعيه تقرر انه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى كما فى قوله تعالى( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) (النمل:65) .كما يتعارض الاسلام كدين مع الدلالة الاصطلاحية للكهنوت للاتى: ا/ ليس في الإسلام سلطه دينيه مطلقه ، اى التحليل و التحريم بدون نص قطعي، لان النصوص نهت عنه كما فى قوله تعالى ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ..) .)النحل:116). ب/ العلماء لا ينفردون فى الاسلام بالسلطة الدينية المقيدة" الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ": فهذه السلطة مخوله – في الإسلام – بموجب الاستخلاف العام لجماعة المسلمين﴿ كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ﴾، أما اى جماعه من المسلمين – ومنها جماعة العلماء- فهي مكلفة بالأمر بالمعروف او النهى عن المنكر من باب التخصص، وليس الانفراد كما فى قوله تعالى(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )(آل عمران: 104). ج/ لا واسطة بين الإنسان وربه فى الاسلام والقول بذلك هو شكل من أشكال الشرك- شرك الواسطة قال تعالى( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)( الزمر : 3) . د/ لا عصمة لأحد بعد الرسول “صلى الله عليه وسلم" يقول الإمام ابن تيمية : (والقاعدة الكلية في هذا ألا نعتقد أن أحداً معصوم بعد النبي " صلى الله عليه وسلم")( منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية : 6ج/ ص196 ) .هذه الفئة تمارس أنماط من السلوك السلبى الذى لا صلة لها بالاسلام كدين ،وبل يرفضها ، منها الاتجار بالدين والتدين الشكلي ومحاولة تبرير الاستبداد والظلم وتكريس للطبقية ونفى المساواة... وتحاول هذه الفئه وضع تبرير دينى زائف للنظام الاقتصادي الرأسمالي ،ومن خلال مذهب التفسير الراسمالى لمفهوم" الاقتصاد الاسلامى"،والذى يحاول الجمع بين الاسلام الرأسمالية- رغم تناقضهما تناقض لا يقبل التوفيق او التلفيق او التزويق- و تحت شعارات متعددة منها شعار اقتصاد السوق الاسلامى، والقول باتفاق السلام مع الرأسمالية وتعارضه مع الاشتراكية.،واتهام كل من يدعو إليها بالشيوعيه .

· فئه –شريحه- الاتجار بكافه اوجه النشاط الانسانى: وهى الفئة التى استغلت كون تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي تحت شعارات متعددة - اشرنا اليها سابقا – ادى الى ترك كافه أوجه النشاط الانسانى - حتى الضروري منها كالصحه والتعليم، او الراقى منها كالاداب والفنون ، او الحيوى منها كالاعلام والاتصال والاعلان...- للنشاط الاقتصادي الفردي والخاص والذى يستهدف الربح ، وبدون رقابة حكومية او ضوابط قانونية . فتاجرت فى هذه الأوجه الانسانية ، فجردتها من انسانيتها وحولتها الى سلع . واغلب عناصر هذه الفئة من المفتقدين لاى مواهب تضمن تحقيق تقدمهم في المجال الذى يعملون فيه. هذه الفئة ساهمت فى ظهور ظواهر سالبة كتحول التعليم والصحه الى تجاره ، والفن الهابط الذى يخاطب الغرائز ، والاعلانات التجارية القائمه على الغش التجارى والخالية من اى التزام اجتماعي...

· الفئه – الشريحه التجاريه الجشعة : وتشمل فئه التجار الذين يفتقدون لأي وازع ذاتى " اخلاقى او دينى او انساني.." ، والذين استغلوا كون تطبيق النظام الاقتصادى الراسمالى فى الدول العربيه -وغيرها من دول ناميه- اقترن بالالتزام بالموقف النظري للرأسمالية القائم على رفض فرض اى ضوابط على السوق – والذى يتعارض مع موقفها العملى التطبيقى فى المجتمعات الغربية الرأسمالية ذاتها، والذي انتهى الى ضرورة وضع ضوابط للسوق- فحولوا التجارة الى نشاط اقتصادي يستهدف الربح بكل الوسائل ، وبدون اى التزامات " اخلاقية او دينية او انسانية ".

ثالثا: آليات مكافحه الدور المخرب للراسماليه بأشكالها المختلفة وضروره الانتقال من التلقائية الى التنظيم: كما اشرنا اعلاه فقد واجهت محاولات تطبيق النظام الاقتصادى الراسمالى فى المنطقه العربيه ، مقاومه شعبيه ذات أوجه متعددة ،عطلت الى حد كبير هذه المحاولات. غير ان نجاح الاراده الشعبيه العربيه فى القضاء التام على هذا النظام الاقتصادى ، يتوقف على انتقال الاراده الشعبيه العربيه من المرحلة الأولى من مراحل تفعيلها على المستوى الشعبى، وهى مرحله التفعيل التلقائى ، والتى هى مرحله رد الفعل العاطفي – التلقائي / المؤقت، الى المرحلة الثانية من مراحل تفعيلها على هذا المستوى، وهي مرحله التفعيل القصدي ، والتي مرحله الفعل العقلاني- المستمر – المنظم / المؤسساتي- السلمي. وذلك بالالتزام بالآليات الوطنيه والقوميه التاليه:
· العمل على نقل الاقتصاد الوطني من علاقة التبعية الاقتصادية- من خلال فك ارتباطه بالنظام الرأسمالي العالمي ومؤسساته
- إلى علاقة التعاون الاقتصادي -من خلال إقامة علاقة تبادل اقتصادي بين دول العالم، قائم على أساس المصالح المتبادلة.

· حماية المنتجات الوطنية ، وكشف التناقض بين الرفض النظري للمجتمعات الرأسمالية السياسات الحمائية المتضمنة لفرض ضرائب جمركية على السلع الأجنبية ، والدعم الحكومي للسلع المحلية ، والقبول العملي لهذه المجتمعات لهذه السياسة الحمائيه، والذي كشفته مؤخرا الحرب التجارية الاخيره بين الدول الرأسمالية ،الناتجة عن السياسات الحمائية التي تتبعها

· التأكيد على دور الدولة الرئيسي في إدارة الاقتصاد الوطني، مع العمل على إصلاح القطاع العام و تطهيره من البيروقراطية و الفساد.

· الوقوف ضد خصخصة المؤسسات الإستراتيجية والسلع الضرورية، مع العمل على ضمان شفافية وديمقراطية خصخصة القطاعات والسلع الثانوية،التي تقتضي الحاجة الاقتصادية خصخصتها ، بالرجوع إلي الشعب ورقابة الدولة، وبما يحقق مصالح الشعب.

· تفعيل مؤسسات الضمان الاجتماعي.ودعم الشرائح الفقيرة والمهمشة في المجتمع.

· مقاطعة البضائع و السلع الامريكيه، باعتبار ان الولايات المتحدة هي قائدة النظام الرأسمالي العالمي.

· مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية ، وتفعيل مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني ،للارتباط الوثيق بين الرأسمالية والصهيونية.

· تفعيل ما هو متاح وممكن من تعاون اقتصادى عربى ووحده اقتصادية عربيه ، وإلغاء ما ما يمكن الغائه من حواجز اقتصادية بين الدول العربيه.

· تفعيل دور المثقفين وعلماء الدين في الكشف عن تناقض النظام الراسمالى" الفردي" مع الهوية الحضارية - الدينية " الاجتماعية التى توازن بين الفرد والجماعة " للمجتمعات العربية - الإسلامية ، والكشف عن الآثار المخربة لهذا النظام الاقتصادي لمعتقدات وقيم وأخلاق هذه المجتمعات.


د. صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه فى جامعه الخرطوم

- الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات
الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى