خيرى حسن - [ الموت... والحياة] الحلقة الأولى: قاتل المفكر صبحى وحيدة: قتلته.. من أجل أولادى!

« ويَحكم فينا الموت،
والموت جائر»
(القاهرة –1912)

لم يكن يعلم الشاب صبحى عبدالفتاح وحيدة الذى ولد فى ذلك العام، أنه بعد عودته من روما حاصلًا على الدكتوراه فى القانون، وبعد تأليفه لكتاب عبقرى عنوانه (فى أصول المسألة المصرية) صدرت طبعته الأولى عام 1950 سيُقتل على يد (فراش) مكتبه، بسكين حاد اشتراه يوم الأحد الأول من يوليو 1956ـ بقرش صاغ حسب اعترافه ـ وذلك بعدما ترجل وسط القاهرة بخطوات حادة، وجادة، وذهن مشتت، وهدف محدد، حتى وقف ما بين تقاطع شارع قصر النيل مع شارع شريف باشا ينتظره قبل صعوده إلى الدور السابع فى عمارة الإيموبيليا ـ ذائعة الصيت ـ ووجه له عدة طعنات، نافذة، وقاتلة وسط ذهول المارة، ليسقط مقتولًا بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة، دون أن يعرف لماذا سال دمه؟ وبأى ذنب قُتل؟ وهل كان هناك بالداخل أو بالخارج من تربص به بعدما أصدر كتابه الأول والأخير، ذلك الكتاب الذى أطلق عليه الدكتور أنور عبدالملك اسم «الكتاب الفاتح»، وفيه كشف عن شخصية مصر قبل البحث التاريخى– (كتاب شخصية مصر)– للدكتور جمال حمدان بعد ذلك. ولقد نجح صبحى وحيدة فى تركيزه البحثى (الكتاب) على عملية الصياغة التاريخية للمجتمع المصرى عبر الأجيال، بدلًا من الاكتفاء بالتنديد بالاحتلال»، أما القاتل فقد اعترف بعد ثلاثة أيام من وقوع الجريمة قائلًا: «نعم.. قتلته.. من أجل أولادى.. ومن أجل لقمة العيش»! هكذا ـ وبكل بساطة ووقاحة ـ ساق لنا القاتل دوافع جريمته! وسواء كان كلامه صحيحًا أو غير ذلك، فالنتيجة واحدة بعدما مات الرجل قبل أن يكمل الـ47 عامًا بطريقة، همجية ووحشية، وهو الذى عاش حياته نزيهًا، وشريفًا، وعاشقًا، وباحثًا عن شخصية مصر العظيمة عبر تاريخها العريق حتى أن الرئيس جمال عبدالناصر بعد يوليو 1952 لم يعتبره من رجال العصر البائد (كما كان يُطلق عليهم حينذاك!!) وثبته ودعمه فى مكانه كسكرتير عام لاتحاد الصناعات المصرية، لثقته التامة فى أمانته، وإخلاصه، وعلمه، وفكره، وعشقه الصادق والدائم للوطن!
•••
«لو مت ع السرير ابقوا
احرقوا الجسد
ونطوَروا رمادى ع البيوت
شويّه لبيوت البلد»
(القاهرة 2009)
ـ «ألوه.. ألوه.. يا خيرى.. أنا أنور عبدالملك.. أنت لسة نايم يا سيدي؟ الساعة الآن الثامنة صباحًا يا ابنى.. إصحى وفوق»!
- صباح الخير يا دكتور!
ـ «خير إيه بقى؟ أنت فاكر اللى ينام حتى الساعة الثامنة سينجح فى حياته»؟ ثم أردف قائلًا: «اسمع.. أنا فى انتظارك اليوم الساعة السادسة مساءً» ثم بعد حالة صمت قصيرة.. أغلق الخط.. واستكملت أنا النوم!
عند الساعة السادسة من مساء نفس اليوم كنت أقف أمام باب شقته الصغيرة، البسيطة، والمتواضعة فى حى مصر الجديدة (شرق القاهرة) أمام حديقة الميرلاند.
•••
«حقيقة شعبٍ..
غَزاه الطّغاه، وأىُّ طُغاهْ؟!
أَمُعجزة مالها أنبياءْ؟!
أدَورةُ أرض بغيرِ فضاءْ؟!»
(الشقة بعد مرور 40 دقيقة)
قلت له: كنا نتحدث يا دكتور– قبل قليل– عن الكاتب والمفكر صبحى وحيدة وملابسات حادث قتله الغريبة والعجيبة، وأنا شخصيًا لم أكن أعرف عنه أى شىء. بعد فترة صمت رد قائلًا: «لست أنت فقط الذى تجهله، ولكن قطاع كبير من الصحفيين والمثقفين والساسة لا يعرفونه. ولقد سألت العشرات عنه فلم أجد بينهم من يعرفه للأسف.. وأظن أنه تم تهميش الرجل وكتابه لصالح عصر الأمية الفكرية الذى نعيشه منذ سنوات، والتردى السياسى، والتبعية الثقافية، والانكماش باسم العولمة، والحداثة. وأنا تعرفت عليه فى مطلع شبابى عندما وجدت موقفه من الاحتلال والاستعمار والتبعية عميقًا لا هودة فيه. ولقد كلفنى الراحل شهدى عطية»! ذكر هذا الاسم ثم سكت قبل أن يسألنى: «هل تعرف شهدى عطية»؟ قلت: نعم!
•••
«شيدى قصورك ع المزارع
من كدنا وتعب ايدينا
والخمارات جنب المصانع
والسجن مطرح الجنينه
وأطلق كلابك فى الشوارع
واقفل زنازينك علينا»
(معتقل أبو زعبل–1960)
شهدى عطية هو كاتب ومفكر وسياسى مصرى ولد فى (1911) ولقد دار بينه وبين جلاده فى المعتقل هذا الحوار العبثى، بعدما أنهكوه بالضرب والإغراق فى المياه وتمزيق ملابسه. سأله الجلاد:
اسمك إيه يا ولد؟
شهدى: أنا مش ولد!
الجلاد: طيب.. اسمك إيه؟
رد: شهدى عطية .
الجلاد: ارفع صوتك.. اسمك إيه؟(لم يرفع)!
شهدى: أنت عارف أنا مين!
الجلاد: أنت شيوعى.. وابن كلب!
شهدى: أنا مصرى وطنى أساند الثورة وأحب عبدالناصر.. والرئيس نفسه عارف ده.. ولا يليق بك هذه الألفاظ!
الجلاد: طيب.. قول أنا مَرة!
يرد: أنا شهدى عطية الشافعى!
الجلاد: كده.. أنت بتتحدانى بقى.. طيب...اضربوا ابن....!
وبالفعل ضربوه حتى مات بين أيديهم فى المعتقل!
•••
(الشقة– بعد مرور 50 دقيقة)
بعد فترة من الصمت التام انتابت الدكتور أنور عبدالملك سمعته يقول بحزن شديد: «إنه العظيم شهدى عطية» ثم أكمل قائلًا: «كما ذكرت لك آنفًا دفعنى شهدى عطية لتولى مهمة التواصل مع صبحى وحيدة، وبالفعل ذهبت إليه فى عمارة الإيموبيليا عام 1950. واستمرت لقاءاتنا حتى عام 1954 وفى هذه السنوات ظل يعمل فى موقعه الذى عُين فيه قبل يوليو 1952 أمينًا عامًا لاتحاد الصناعات المصرية الذى كان يُعد قلب الرأسمالية الصناعية للبلاد إلى أن جاءت لحظة موته مقتولًا فى ظروف دراماتيكية، غريبة، وعجيبة، وغير مفهومة الأسباب والدوافع على يد (فراش مكتب) جاهل لا يعرف القراءة ولا الكتابة. قلت: ولماذا قتله؟ رد: «لا أعرف.. والأسباب التى ساقها القاتل وقتها أجدها غير معقولة ولا مقبولة». ثم سكت قليلًا قبل أن يقول: «لو بحثت وفتشت فى أوراق القضية قد تستطيع أن تصل إلى دوافع ذلك القتل المريب»؟.. قلت: سأحاول فى اللقاء القادم يكون معى بعض المعلومات عن الحادث.. وقد كان!
•••
«أيها السادةُ،
لم يبقَ اختيار
سقط الُمْهُر من الإعياء»
(مصر الجديدة بعد مرور أسبوع)
عدت هذه المرة للدكتور أنور عبدالملك ومعى زميلى الشاعر أحمد الشوكى وبين أوراقى التى جئت بها بعض المعلومات عن الحادث المروع الذى قضى على حياة الرجل. جلس زميلى بالقرب من الشرفة يلقى نظرة على أشجار حديقة الميرلاند العتيقة فى الوقت الذى سألنى الدكتور: «هل وصلت لمعلومات فى القضية»؟ قلت: نعم.. ثم بدأت سرد الأحداث قائلًا: كانت الساعة قد أوشكت على الرابعة من عصر يوم فى شهر أكتوبر 1955 عندما طرق الساعى جاد جاد المولى مكتب صبحى وحيدة فى مبنى اتحاد الصناعات بإلحاح شديد طالبًا لقاءه فى أمر عاجل جدًا لا يقبل الانتظار أو التأجيل. بعد دقائق سُمح له بالدخول.
ـ «خير يا جاد المولى
ـ أنا عايز أذهب للحج هذا العام.
ـ وما المانع؟
ـ احتاج 50 جنيهًا (سلفة) حتى أذهب لزيارة الله ورسوله»!
ـ وقف صبحى بك فى مكانه، وأخرج حافظة نقوده وقال: «خذ يا جاد 50 جنيهًا من جيبى الخاص، ولا تنسنى من دعائك فى الحج.. مع السلامة»، وبالفعل ذهب الرجل وعاد من مناسك الحج، ليواصل عمله بسعادة ونشاط. وبعد أسابيع قرر الزواج (زوجة ثانية) بعد زواجه الأول الذى مر عليه 18 سنة. مرت الأيام صعبة فى ظل أعباء الحياة المعيشية خاصة بعدما رزقه الله بطفل من الزوجة الثانية بخلاف أولاده من الزوجة الأولى، الأمر الذى دفعه لتقديم طلبات متتابعة ومتتالية لينتقل إلى العمل فى وظيفة كتابية لتحسين دخله ووضعه المعيشى، لكن طلباته كلها رفضت، لأنه كان لا يجيد القراءة والكتابة! بعد أسابيع عاد مرة أخرى يطرق باب مكتب صبحى بك.
ـ خير يا جاد.. ماذا تريد؟
ـ يا أفندم عايز أقدم استقالتى!
ـ لماذا؟
ـ ظروفى المادية صعبة لذلك أريد مكافأة نهاية الخدمة حتى أبدأ بها حياتى فى التجارة.
ـ «يا ابنى غلط.. أنت عندك أطفال وزوجتين وأنا لن أوافق لك على ذلك»، ومرت أسابيع وهو مُصر على الاستقالة، فقام صبحى وحيدة باستدعاء شقيقه خلف الله حتى يقنعه بالعدول عن قراره لكن فى نهاية الأمر كل الجهود فشلت، وتم قبول استقالته (أو تسوية معاشه) وتم منحه مكافأته التى وصلت إلى 385 جنيهًا بدعم من صبحى وحيدة أيضاً، حيث كان المبلغ الذى يستحقه عن مدة خدمته التى تجاوزت 20 عامًا هو 187 جنيهًا فقط. لكن صبحى وحيدة وبدواع إنسانية طلب من الشئون القانونية والمالية مراعاة ظروفه العائلية وبالفعل استلم المبلغ وعاد إلى بيته سعيدًا بحياته الجديدة بعد خروجه للمعاش المبكر بمصطلح هذه الأيام! وعن هذه الفترة قالت زوجته الثانية شريفة عبدالله فى التحقيقات: «كان ينفق ببذخ شديد، ولم يعد معه ما ينفقه على أسرته وأولاده»!
•••
(مصر الجديدة 2009)
مازلت أجلس مع الدكتور أنور عبدالملك، حيث انشغل عنى بعض الوقت بمتابعة نشرة إخبارية للتليفزيون الصينى، وترجم لى بعض ما جاء بها وإن كنت لا أذكره الآن. بعد دقائق سألنى: «وماذا فعل القاتل بعدما أنفق المكافأة ولم يعد لديه عمل؟ وقبل أن أجيب عن سؤاله، قال وهو يوجه بصره ناحية الشرفة التى مازال يجلس فيها صديقى يتأمل أشجار الحديقة: «رحلة صبحى وحيدة الفكرية ذهبت إلى أعماق مصر إلى ما أطلق عليه المستعمرون منذ قرن تسمية المسألة المصرية وتستمر الموجة تلو الموجة، لتؤكد طاقات الشعب والأمة على الدوام برغم القهر والعدوان.. طاقات هى مقدمة أركان شخصية مصر، وقد أصبحت هذه الشخصية معضلة أو مشكلة تؤرق بال العدو المحتل، وكأن وجود مصر على قيد الحياة عبر عشرات الأجيال عقبة لا يمكن إزالتها»، هززت رأسى وأنا ألقى نظرة على المعلومات التى جمعتها وجئت بها. ثم عاد وكرر سؤاله: «لم تقل لى ماذا فعل الفراش عندما أنفق المكافأة»؟ قلت: عاد إلى مكتب صبحى وحيدة مرة جديدة يطلب العودة للعمل غير أن طلبه لم توافق عليه إدارة الشئون القانونية للاتحاد، كما ذكر حسان إبراهيم المحامى الذى حضر نائبًا عن الاتحاد فى التحقيقات حيث قال: «المتهم لم يفُصل من عمله ولكنه تقدم باستقالة مكتوبة وطلب فيها صرف مكافأته.. وهو ما حدث بالفعل حتى أن الدكتور صبحى صرف له ضعف ما يستحقه، وبالتالى لا يوجد أى مجال لعودته للعمل»، سألنى د. أنور عبدالملك: «ما أريد معرفته هو كيف فكر وخطط للجريمة»؟ قلت: «سنترك زوجته تكشف لنا النقاب عن يوم الجريمة كما جاء على لسانها فى ملف التحقيقات!
•••
«يا راجل العيله
فايت مراتك،
عايشه.. وقتيله»!
(الهرم 1956)
تقول الزوجة: «خرج يوم الحادث فسألته: «رايح فين يا جاد»؟
رد: «رايح مأمورية» ثم تركنى مسرعًا ومر يوم واثنين حتى سمعنا عن الحادث من الجيران الذين شاهدوا صورته فى الصحف تحمل صفة قاتل، فبحثنا عنه حتى وجدناه فى النيابة. وعندما سُمح لنا بالكلام معه سألته وأنا أبكى: «ليه يا جاد؟ كنا عايشين كويس يا ابن الحلال! وكان مرتبك قبل الاستقالة 18 جنيه (حاجه حلوة) والدنيا كانت ماشية؟ ليه كده..؟ أقول إيه لطفلك اللى لسه فى بطنى؟ أقول إيه لطفلك الصغير أحمد اللى عمره دلوقتى عشر شهور»؟! فى هذه اللحظات لم يرد عليها والتفت إلى يوسف راشد رئيس نيابة جنوب القاهرة الذى باشر التحقيق قائلًا: «اعطونى سيجارة وفنجان قهوة»! وبعدما أمسك بالسيجارة بين أصابعه. قال: «لا تحسبوا إنى كييف، إنما أنا بس عايز أدخن سيجارة». وواصل كلامه قائلًا: «اسمى جاد جاد المولى على عامر. عمرى 45 سنة. متزوج ولى زوجتان وثلاثة أولاد. عاطل بلا عمل»!. وبعدما أطفأ السيجارة قال: «نعم قتلته.. من أجل لقمة العيش التى حرمنى منها وحرم أولادى من نعمة الحياة، وأنا كنت أريد تقطيع جسمه إلى(فتافيت)»! فى النيابة تقدم محاميه مصطفى جنينة بطلب لتوقيع الكشف الطبى عليه قائلًا: «إن المتهم أصيب بحالة عصبية سنة 1949 لذلك أطلب عرضه على طبيب نفسى»، لكن النيابة رفضت وأمرت باستمرار حبسه وإحالته للمحكمة بتهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد. بعد أيام وصل إلى مبنى النيابة العامة خطابين يهددان بالقتل وكيل النيابة!
هنا اندهش الدكتور أنور عبدالملك من ذلك الأمر وسألنى: «ومن الذى أرسل التهديد؟» قلت: «طبقًا لأوراق القضية: جاء من مجهول ولقد جاء هذا التهديد كالتالى: كان السيد أهاب حسن إسماعيل قد مَثل النيابة فى القضية، وبمجرد صدور الحكم تلقى خطابين مكتوبين على الآلة الكاتبة يتضمنان تهديده بالقتل إذا لم يطعن بنفسه بالنقض فى الحكم ويطلب من المحكمة تبرئة المتهم. وحدد الطلب مهلة أسبوعًا، وإلا سيموت فى أى مكان. على الفور اهتمت نيابة جنوب القاهرة وأخطرت مباحث جنوب القاهرة للتحرى عن الواقعة»!
•••
«وكما أن الشُجَر الطيّبْ
يعطى ثمرًا طيبْ
فالإنسان الطيبْ
لا ينطق إلا اللفظَ الطيبْ»
(المحكمة - يونيه - 1957)
فى المحكمة كرر المتهم اعترافاته قائلًا: «خرجت من بيتى الساعة السادسة صباحًا واشتريت سكينًا، وبدأت المشى حتى وصلت إلى شارع قصر النيل حتى ألحق به وكان هدفى إنى لازم اقتله... وقتلته»!
ـ سألته هيئة المحكمة: ولماذا تقتله؟
رد: «مش عارف ليه»؟
ثم أكمل صارخًا: «كنت فاكر إنى هستريح.. كنت فاكر هتتفتح قدامى الدنيا لما أقتله.. لكن الدنيا اسودت.. هو استريح وأنا اللى تعبت»! فى نهاية الجلسة حكمت المحكمة بإحالة أوراق المتهم إلى فضيلة المفتى» وبعد مرور عدة شهور وبالتحديد يوم 6 يوليو 1958 تم إعدامه فى سجن استئناف القاهرة.
•••
" أنا ذلك الذى يهاجم،
ذلك الذى يعوى»
(غرفة الإعدام الثامنة صباحًا)
من الزنزانة رقم 28 تم اقتياده إلى غرفة الإعدام وفوق رأسه طاقية سوداء فى حضور القائمقام (عقيد) مصطفى مراد مدير سجن الاستئناف والبكباشى(مقدم) أحمد حلمى عزت مفتش مباحث جنوب القاهرة. وقبل تنفيذ الحكم سأله الأميرالاى(عميد) عطوة حنفى: «عايز حاجة يا جاد»؟ رد: «عاوز سلامتك.. حاعوز إيه يعنى؟.. الحمد لله عاوز سلامتكم كلكم». بعد دقائق تم لف الحبل حول عنقه لينفذ فيه عشماوى حكم الإعدام.
•••
«أهتفُ أحياناً،
يا رباه!
ارفع عنَّا
هذا الزمن الميت»
(الشقة– بعد مرور 70 دقيقة)
فى نهاية اللقاء سألنى د. أنور عبدالملك: «هل تعرف أين يكمن لغز القضية»؟ قلت: لا! رد وهو يودعنى على باب الشقة:
«عند من أرسل خطاب التهديد للنيابة»! وعند هذا القول أو هذا الاستنتاج. ودعنى قائلًا: «مع السلامة.. وإلى اللقاء» فى الشارع وأنا فى الطريق– ومعى زميلى أحمد الشوكى- عائدًا إلى محطة المترو بدأت أفكر فيما قاله أنور عبدالملك– الذى ذكر بعضه فى مقدمته التى كتبها فى كتاب (فى المسألة المصرية)– طبعة مكتبة الأسرة 2015– حيث كان واضحًا بين السطور عدم قناعته بالأسباب التى دفعت الجانى لارتكاب جريمته، وأن وراءه (مجهول) أراد قتل صبحى وحيدة لا لشيء؛ إلا لكونه أصدر بحثه/ كتابه (فى المسألة المصرية) الذى كان نقطة البداية المحورية والأساسية للحديث عن شخصية مصر من خلال «بُعدها الحضارى، والتمسك بكل معانى العزة، والوطنية، والإصرار على استقلالية القرار، والاعتزاز بالخصوصية القومية والثقافية والحضارية لمصر»!
وفى النهاية...
مات الدكتور صبحى وحيدة إحدى قامات مصر الفكرية.. فهل كان وراء قتله أسباب أخرى غير التى ساقها القاتل فى التحقيق؟... ربما!!

خيرى حسن


•• الأحداث حقيقية.. والسيناريو من خيال الكاتب.
•• ( الموت...والحياة) ... سلسلة حلقات أسبوعية تُنشر فى ( صحيفة الوفد) الحلقة الأولى غداً السبت.
•• الشعر المصاحب للكتابة للشعراء:
بابلوا نيرودا
صلاح عبدالصبور
أمل دنقل
كامل الشناوى
محمد عبدالمعطى الهمشرى.
أحمد فؤاد نجم
سيد حجاب


•• الصور:
صورة الدكتور صبحى وحيدة
(رسم) تخيلي.. إهداء من الفنان الجزائرى شمس الدين بلعربي
•• صنع الله إبراهيم
•• غلاف كتاب «فى المسألة المصرية»
•• عمارة الإيموبيليا



المصادر:
•• كتاب: (فى المسألة المصرية) صبحى وحيدة/ طبعة مكتبة الأسرة/ 2015
•• كتاب: (يوميات الواحات) صنع الله إبراهيم/ دار المستقبل العربى.
•• الصحف:
الأخبار/ الأهرام/ الجمهورية
•• المجلات:
المصور/ آخر ساعة/ الهلال.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى