أخذ معه كيس النفايات بعد أن أحكم إغلاقه ، ثم خرج إلى المقهى . بعد رمي الكيس ، تنبه إلى أنه نسي طقم الأسنان في البيت .
تذكر صديقا أخذ صورة لنفسه ، ونشرها في الفايس ، وقد زمّ شفتيه ، وكتب فوقها بأنه أغلق فمه خوفا من أن يسقط طقم الأسنان.
ابتسم وفكر في العودة البيت ، لكنه تراجع عن ذلك . فهو سيجلس في المقهى بمفرده ، وسيتناول عصير ليمون ، وسيجري مكالمات قصيرة مع بعض أصدقائه ، ولن يفتح فمه بشكل أكبر حتى ينكشف غياب طقم الأسنان .
كم ضحك على بعض السكارى في زمن الثمانينات من القرن الماضي حين حكوا له ، بأنهم أضاعوا أطقم أسنانهم في مراحيض الحانات من غير أن يشعروا ، وعادوا إلى بيوتهم بلا أسنان .
تذكر أيضا وهو لا زال يافعا كيف كان يرى بعض الأشخاص عندما يضحكون يكشفون عن أنياب مغشاة بالفضة أو الذهب ، ويعتبرون ذلك مصدر فخر واعتزاز . سمع مرة أحد أقاربه يحذر صديقا له من النساء اللواتي يخفين نصف وجههن الأسفل بالنقاب ، فقد تصطاده مومس بدون أسنان .
عندما كان يمر من ساحة جامع الفنا لاحظ أن بعض الأشخاص يعرضون عددا كبيرا من أطقم الأسنان تبدو مستعملة وقديمة فوق فراش على الأرض ، وأحسنها وأغلاها يعرضونه في صندوق من زجاج . تعجب من بعض الزبائن الذين يجلسون بجانبهم ، ويقدمون لهم الأطقم لقياس ما يناسبهم منها ، ثم بعد ذلك يناقشون معهم الثمن . لا يعرف من أين حصلوا على كل هذه الأطقم .
تذكر أيضا أن صديقا قال له بأن الغسّالة يفتحون أفواه الموتى ، ليتأكدوا من الأسنان هل هي أصلية أم يشدها طقم . فإذا وجدوا بأنها أطقم نزعوها ووضعوها في جيوبهم . وتساءل :
ـ ماذا سيفعل الميت بطقم الأسنان ؟ هل سيتناول الطعام والفواكه في القبر ؟ هم أولى به . قد يبيعونه بعشر دراهم أو عشرين في سوق الجلد أو ساحة جامع الفنا .
في ذلك الزمن كان عدد أطباء الأسنان جد محدود . وأغلب العيادات أو الدكاكين التي يعمل بها صانعوا الأسنان ينتحل أصحابها صفة الطبيب .
فقد نصف سن أمامية منذ الطفولة ، لكنه لم يصلحها حتى سقطت في الأربعينات ، وعوّضها بطقم صغير . ومنذ ذلك الحين بدأت أسنانه تتآكل وتسقط بشكل تدريجي حتى فقد أغلبها في الستين من عمره . بدأ يجد صعوبة في تناول الطعام . أحيانا يستغني عن بعض الفواكه أو المكسرات التي تحتاج إلى أسنان أوأضراس قوية ..
في الحي لا يتحدث الناس العربية الفصحى ، وبذلك يطلقون لفظ الفم على طقم الأسنان . قد يتعمد البلاغيون تفسير ذلك بالمجاز المرسل ، ويقولون بأنهم أطلقوا الكل وأرادوا الجزء .
تخيل كيف يخرج الإنسان إلى الزنقة بلا فم !؟ بدا مثل الأحمق ، يضحك مع نفسه ، ولا أحد من المارة يعلم السبب . يضحك لكن دون أن يفتح فمه ، فيظهر خاليا من الأسنان .
مراكش 25 / 09 / 2021
تذكر صديقا أخذ صورة لنفسه ، ونشرها في الفايس ، وقد زمّ شفتيه ، وكتب فوقها بأنه أغلق فمه خوفا من أن يسقط طقم الأسنان.
ابتسم وفكر في العودة البيت ، لكنه تراجع عن ذلك . فهو سيجلس في المقهى بمفرده ، وسيتناول عصير ليمون ، وسيجري مكالمات قصيرة مع بعض أصدقائه ، ولن يفتح فمه بشكل أكبر حتى ينكشف غياب طقم الأسنان .
كم ضحك على بعض السكارى في زمن الثمانينات من القرن الماضي حين حكوا له ، بأنهم أضاعوا أطقم أسنانهم في مراحيض الحانات من غير أن يشعروا ، وعادوا إلى بيوتهم بلا أسنان .
تذكر أيضا وهو لا زال يافعا كيف كان يرى بعض الأشخاص عندما يضحكون يكشفون عن أنياب مغشاة بالفضة أو الذهب ، ويعتبرون ذلك مصدر فخر واعتزاز . سمع مرة أحد أقاربه يحذر صديقا له من النساء اللواتي يخفين نصف وجههن الأسفل بالنقاب ، فقد تصطاده مومس بدون أسنان .
عندما كان يمر من ساحة جامع الفنا لاحظ أن بعض الأشخاص يعرضون عددا كبيرا من أطقم الأسنان تبدو مستعملة وقديمة فوق فراش على الأرض ، وأحسنها وأغلاها يعرضونه في صندوق من زجاج . تعجب من بعض الزبائن الذين يجلسون بجانبهم ، ويقدمون لهم الأطقم لقياس ما يناسبهم منها ، ثم بعد ذلك يناقشون معهم الثمن . لا يعرف من أين حصلوا على كل هذه الأطقم .
تذكر أيضا أن صديقا قال له بأن الغسّالة يفتحون أفواه الموتى ، ليتأكدوا من الأسنان هل هي أصلية أم يشدها طقم . فإذا وجدوا بأنها أطقم نزعوها ووضعوها في جيوبهم . وتساءل :
ـ ماذا سيفعل الميت بطقم الأسنان ؟ هل سيتناول الطعام والفواكه في القبر ؟ هم أولى به . قد يبيعونه بعشر دراهم أو عشرين في سوق الجلد أو ساحة جامع الفنا .
في ذلك الزمن كان عدد أطباء الأسنان جد محدود . وأغلب العيادات أو الدكاكين التي يعمل بها صانعوا الأسنان ينتحل أصحابها صفة الطبيب .
فقد نصف سن أمامية منذ الطفولة ، لكنه لم يصلحها حتى سقطت في الأربعينات ، وعوّضها بطقم صغير . ومنذ ذلك الحين بدأت أسنانه تتآكل وتسقط بشكل تدريجي حتى فقد أغلبها في الستين من عمره . بدأ يجد صعوبة في تناول الطعام . أحيانا يستغني عن بعض الفواكه أو المكسرات التي تحتاج إلى أسنان أوأضراس قوية ..
في الحي لا يتحدث الناس العربية الفصحى ، وبذلك يطلقون لفظ الفم على طقم الأسنان . قد يتعمد البلاغيون تفسير ذلك بالمجاز المرسل ، ويقولون بأنهم أطلقوا الكل وأرادوا الجزء .
تخيل كيف يخرج الإنسان إلى الزنقة بلا فم !؟ بدا مثل الأحمق ، يضحك مع نفسه ، ولا أحد من المارة يعلم السبب . يضحك لكن دون أن يفتح فمه ، فيظهر خاليا من الأسنان .
مراكش 25 / 09 / 2021