عندما سمع الرئيس بأن أحد الجنود يرى عبر الجدران الإسمنتية ما يجري داخل الغرف، قال لهم أجلبوه فورا من الجبهة. في البدء لم يصدّق الرئيس أن يحقق إي أنسان في هذا العالم حلم طفولته بالنظر عبر الجدران ليرى ماذا يفعل الناس خلفها، ولاسيما في الليل، لذلك قال لهم أنه سيعدم الضابط الذي أبلغ عن الجندي مخترق الجدران إذا كان كاذبا. وتهامس رجال الحماية فيما بينهم، من هذا الذي يمكنه أن يكذب عليك سيادة الرئيس في هذه الايام المشتعلة بالحرب مع أيران.
جلبوا الجندي هليل، وأدخلوه الى القصر، كان طوال الطريق خائفا مرعوبا من البصرة حتى بغداد، لايتكلم ، لكن عينيه ترقبان كل شيء يمر عليهما، وبحدسه، عرف أن موهبته التي سمع بها قائد الفرقة، وتمكن من خلالها معرفة عدد جنود العدو بدقة والاليات والمدافع خلف السواتر، يمكن أن تصل الى الاعلى، ولكنه لم يكن يتوقع أن تصل حتى الى الرئيس، فأوقفوه عند الباب قبل أن يدخلوه عليه، مرت نصف ساعة، ثم أدخل، مسكه القائد من ذراعه وسار به الى باب غرفة ملحقة داخل غرفته، وسأله : أخبرني ماذا ترى وراء هذا الباب؟ فقال له الجندي وهو يرتجف من الخوف : سيدي ، خاف عيب ؟ زعق به الرئيس : هيا أخبرني ؟ فقال الجندي مرتجفا، خائفا من الاعدام، سيدي هناك سرير تنام عليه امرأة شقراء بيضاء عارية، نائمة على بطنها وليس عليها بطانية. أندهش الرئيس، عبر عن دهشته بالنظر الى وجوه رجاله المحيطين به نصف دائرة وهو يقهقه مع هزّ كتفيه، فقهقهوا مثله، بعضهم لايعرف لماذا قهقه الرئيس فتح فمه وأطلق مثل زملائه قهقهات، في تلك الإثناء التي أنشغل بها المقهقهون مع الرئيس، لمح هليل الفتاة البيضاء تمسح دموعها بيدها اليسرى، لاحظ بشرتها الناعمة تتطاير حولها فراشات من الضوء ، قمع هليل نفسه بألا يتمادى في حساسيته المفرطة، ذلك لأنه الان بالقرب من الموت، فإي خطأ منه ستفتح عليه بوابات الجحيم، ترك خيالاته وفراشات الضوء، وبقي ينتظر كلام القائد : "يا ول وين كنت أنت مضموم"، لم يستطع الإجابة بسبب توتر بالغ أحس به هليل يتسرب في أعضائه، قال لهم القائد " هذا الجندي، يصير ضابط برتبة .. وتوقف برهة عن الكلام، لكنه لما وقع بصره على نقيب متجهم، أكمل " برتبة نقيب .. يسكن هنا بجوارنا، يا ول أنت متزوج ؟" شل التوتر فمه ولم يجد اي كلمة في عقله ليجيب ، فقال مرتبكا وقد بلع ريقه عشر مرات " اي سيدي .. مزوج" فقهقه القائد، وقهقهت معه نصف الدائرة من الافواه مثل ضحكته ولكن بخفوت وخوف واضح، أردف القائد " تسكن جوارنا بدون زوجتك، خذوه الى أهله ليخبرهم ويجلب حاجياته الشخصية" .
أراد هليل أن يستثمر الفرصة ليخبره بأن ثلاجتهم في البيت عاطلة، وماطور المبردة، توقف فجأة خلال أجازته الاخيرة، وأن بيته متواضع يقع في منطقة شعبية، بحيث صارت الصالة المطلة على الشارع غرفة نومه، وأطفال الجيران يتصايحون في الظهيرة وقت منامه، لكنه أدرك، أن من السخف أن يطلب الآن وقد أصبح برتبة نقيب، وسيسكن بجوار القائد.
في الطريق الى بيت هليل وقد جلس في سيارة مارسيدس حديثة بجانب السائق، ويجلس في الخلف أثنان من الحماية، يلف الصمت أجواء السيارة . ولما وصل الى بيته، خرج جيرانه في الشارع كلهم ينظرون الى السيارة حيث يجلس هليل وبحضنه الملابس الجديدة والرتبة.
دخل الى البيت، وبعد ساعة خرج هليل، مرتديا الملابس العسكرية الزيوتني التي منحت له، واضعا الرتبة على كتفيه، جلس في المقدمة، فيما نظر الجيران، نساء وأطفال وكبار السن وعجائز الى هليل، وقد فتح له الباب أحد رجال الحماية ممن كان يجلس في الخلف، وقال له " تفضل سيدي "، ثم أنطلقت السيارة، وسط هلاهل أطلقتها نسوة يراقبن المشهد عن كثب.
وصلت سيارة المارسيدس بوقت قياسي الى القصر، وتم أستقباله من قبل رجال حماية آخرين، وبين حين وآخر يقرص هليل نفسه، هل هو في حلم ؟ سيق الى غرفة الرئيس الذي كان ينتظره واقفا، وبمجرد دخوله غرفته الواسعة، لمح من خلال الباب المغلق الفتاة البيضاء في الغرفة الداخلية جالسة على السرير ترتدي ثوبا ورديا يكشف جسدها، تضع يديها تحت فخذيها العاريتين، ظهرها الى الباب، فأخذه القائد من ذراعه ومشى به في ممر داخل القصر، وعندما يصل الى باب أحد الغرف، يسأله " صف لي ما موجود هنا ؟" فيخبره هليل، وبأسلوبه المفاجئ، يفتح الرئيس الباب ليجد كل ما وصفه هليل بدقة تامة. " لك انت وين كنت " ثم يضحك الرئيس، ولكن من دون حمايته يتجول في القصر، ثم صعد به الى الطابق الثاني، وفعل الشيء نفسه مع كل الغرف.
بعد مضي أسبوع، أشتاق هليل الى زوجته، أخبرهم أن عائلته ليس عندهم من المال ما يكفي، فأعطي مبلغا كبيرا دُس في جيبيه، ثم أخذته المرسيدس الى بيته. وبقيت تنتظره لمدة ساعتين، ولما خرج، جلس بجانب السائق، وأنطلقت به.
أنتهت الحرب، ولما دخلت قواتنا الى الكويت، بعد سنتين، بقي هليل يعمل مخترقا أسرار الغرف، في كل القصور، ولن ينسى أبدا يوم كشف للرئيس ما يجري بقصر أحد ولديه من مجون وعري وأفعال حيوانية داخل الصالة، وكيف نزع القائد نطاقه العسكري وأخذ يضرب الفتيات العاريات على مؤخراتهن ونهودهن وسط صراخهن الذي صم الاذان.
وفي يوم من أيام الحصار، طلب هليل أن يذهب الى زوجته، بعد فراق دام أشهر، قال له الرئيس، هذه المرة أنا الذي يأخذك الى البيت، ولما دخلت السيارة في الليل الى الشارع الذي يسكنه، توقف القائد عند أول بيت وقال له أخبرني ماذا يجري فيه، فقال هليل " هناك امرأة تقلي الطماطة وأطفالها ينظرون أليها، وزوجها يصيح بها " متنا من الجوع ولج ما خلص الزقنبوت" ، أنزعج القائد ، مشى قليلا بالسيارة الى البيت الثاني، وقال له أخبرني عن هذا البيت، فنظر هليل عبر الجدار فوجد الأب عصبيا وبين حين وأخر يبصق على صورة الرئيس فقال هليل " هذه العائلة سعيدة ويقبلون صورتك سيدي " ففرح القائد ، تقدم الى البيت الثالث، نظر هليل الى الداخل فوجد الام تلف البصل بالخبز لتوزعها على اولادها الجياع " فأخبره بذلك، أنزعج القائد أيضا... وعندما وصل هليل الى بيتهم، قال له " سيدي هذا بيتنا"، ولما أبصر هليل، عبر الجدار ما يجري داخل البيت، لم يخبر القائد، ترجل مسرعا، دخل بشكل متوتر وعصبي، بعد دقيقة خرج من البيت متعرقا، وهو بحالة التوتر نفسها، أستل المسدس من الحافظة الداخلية، سحب الإقسام ودخل الى البيت مرتعبا، بعد لحظات، سمع الرئيس وهو جالس وراء المقود ، صوت أطلاق النار داخل بيت هليل .
جلبوا الجندي هليل، وأدخلوه الى القصر، كان طوال الطريق خائفا مرعوبا من البصرة حتى بغداد، لايتكلم ، لكن عينيه ترقبان كل شيء يمر عليهما، وبحدسه، عرف أن موهبته التي سمع بها قائد الفرقة، وتمكن من خلالها معرفة عدد جنود العدو بدقة والاليات والمدافع خلف السواتر، يمكن أن تصل الى الاعلى، ولكنه لم يكن يتوقع أن تصل حتى الى الرئيس، فأوقفوه عند الباب قبل أن يدخلوه عليه، مرت نصف ساعة، ثم أدخل، مسكه القائد من ذراعه وسار به الى باب غرفة ملحقة داخل غرفته، وسأله : أخبرني ماذا ترى وراء هذا الباب؟ فقال له الجندي وهو يرتجف من الخوف : سيدي ، خاف عيب ؟ زعق به الرئيس : هيا أخبرني ؟ فقال الجندي مرتجفا، خائفا من الاعدام، سيدي هناك سرير تنام عليه امرأة شقراء بيضاء عارية، نائمة على بطنها وليس عليها بطانية. أندهش الرئيس، عبر عن دهشته بالنظر الى وجوه رجاله المحيطين به نصف دائرة وهو يقهقه مع هزّ كتفيه، فقهقهوا مثله، بعضهم لايعرف لماذا قهقه الرئيس فتح فمه وأطلق مثل زملائه قهقهات، في تلك الإثناء التي أنشغل بها المقهقهون مع الرئيس، لمح هليل الفتاة البيضاء تمسح دموعها بيدها اليسرى، لاحظ بشرتها الناعمة تتطاير حولها فراشات من الضوء ، قمع هليل نفسه بألا يتمادى في حساسيته المفرطة، ذلك لأنه الان بالقرب من الموت، فإي خطأ منه ستفتح عليه بوابات الجحيم، ترك خيالاته وفراشات الضوء، وبقي ينتظر كلام القائد : "يا ول وين كنت أنت مضموم"، لم يستطع الإجابة بسبب توتر بالغ أحس به هليل يتسرب في أعضائه، قال لهم القائد " هذا الجندي، يصير ضابط برتبة .. وتوقف برهة عن الكلام، لكنه لما وقع بصره على نقيب متجهم، أكمل " برتبة نقيب .. يسكن هنا بجوارنا، يا ول أنت متزوج ؟" شل التوتر فمه ولم يجد اي كلمة في عقله ليجيب ، فقال مرتبكا وقد بلع ريقه عشر مرات " اي سيدي .. مزوج" فقهقه القائد، وقهقهت معه نصف الدائرة من الافواه مثل ضحكته ولكن بخفوت وخوف واضح، أردف القائد " تسكن جوارنا بدون زوجتك، خذوه الى أهله ليخبرهم ويجلب حاجياته الشخصية" .
أراد هليل أن يستثمر الفرصة ليخبره بأن ثلاجتهم في البيت عاطلة، وماطور المبردة، توقف فجأة خلال أجازته الاخيرة، وأن بيته متواضع يقع في منطقة شعبية، بحيث صارت الصالة المطلة على الشارع غرفة نومه، وأطفال الجيران يتصايحون في الظهيرة وقت منامه، لكنه أدرك، أن من السخف أن يطلب الآن وقد أصبح برتبة نقيب، وسيسكن بجوار القائد.
في الطريق الى بيت هليل وقد جلس في سيارة مارسيدس حديثة بجانب السائق، ويجلس في الخلف أثنان من الحماية، يلف الصمت أجواء السيارة . ولما وصل الى بيته، خرج جيرانه في الشارع كلهم ينظرون الى السيارة حيث يجلس هليل وبحضنه الملابس الجديدة والرتبة.
دخل الى البيت، وبعد ساعة خرج هليل، مرتديا الملابس العسكرية الزيوتني التي منحت له، واضعا الرتبة على كتفيه، جلس في المقدمة، فيما نظر الجيران، نساء وأطفال وكبار السن وعجائز الى هليل، وقد فتح له الباب أحد رجال الحماية ممن كان يجلس في الخلف، وقال له " تفضل سيدي "، ثم أنطلقت السيارة، وسط هلاهل أطلقتها نسوة يراقبن المشهد عن كثب.
وصلت سيارة المارسيدس بوقت قياسي الى القصر، وتم أستقباله من قبل رجال حماية آخرين، وبين حين وآخر يقرص هليل نفسه، هل هو في حلم ؟ سيق الى غرفة الرئيس الذي كان ينتظره واقفا، وبمجرد دخوله غرفته الواسعة، لمح من خلال الباب المغلق الفتاة البيضاء في الغرفة الداخلية جالسة على السرير ترتدي ثوبا ورديا يكشف جسدها، تضع يديها تحت فخذيها العاريتين، ظهرها الى الباب، فأخذه القائد من ذراعه ومشى به في ممر داخل القصر، وعندما يصل الى باب أحد الغرف، يسأله " صف لي ما موجود هنا ؟" فيخبره هليل، وبأسلوبه المفاجئ، يفتح الرئيس الباب ليجد كل ما وصفه هليل بدقة تامة. " لك انت وين كنت " ثم يضحك الرئيس، ولكن من دون حمايته يتجول في القصر، ثم صعد به الى الطابق الثاني، وفعل الشيء نفسه مع كل الغرف.
بعد مضي أسبوع، أشتاق هليل الى زوجته، أخبرهم أن عائلته ليس عندهم من المال ما يكفي، فأعطي مبلغا كبيرا دُس في جيبيه، ثم أخذته المرسيدس الى بيته. وبقيت تنتظره لمدة ساعتين، ولما خرج، جلس بجانب السائق، وأنطلقت به.
أنتهت الحرب، ولما دخلت قواتنا الى الكويت، بعد سنتين، بقي هليل يعمل مخترقا أسرار الغرف، في كل القصور، ولن ينسى أبدا يوم كشف للرئيس ما يجري بقصر أحد ولديه من مجون وعري وأفعال حيوانية داخل الصالة، وكيف نزع القائد نطاقه العسكري وأخذ يضرب الفتيات العاريات على مؤخراتهن ونهودهن وسط صراخهن الذي صم الاذان.
وفي يوم من أيام الحصار، طلب هليل أن يذهب الى زوجته، بعد فراق دام أشهر، قال له الرئيس، هذه المرة أنا الذي يأخذك الى البيت، ولما دخلت السيارة في الليل الى الشارع الذي يسكنه، توقف القائد عند أول بيت وقال له أخبرني ماذا يجري فيه، فقال هليل " هناك امرأة تقلي الطماطة وأطفالها ينظرون أليها، وزوجها يصيح بها " متنا من الجوع ولج ما خلص الزقنبوت" ، أنزعج القائد ، مشى قليلا بالسيارة الى البيت الثاني، وقال له أخبرني عن هذا البيت، فنظر هليل عبر الجدار فوجد الأب عصبيا وبين حين وأخر يبصق على صورة الرئيس فقال هليل " هذه العائلة سعيدة ويقبلون صورتك سيدي " ففرح القائد ، تقدم الى البيت الثالث، نظر هليل الى الداخل فوجد الام تلف البصل بالخبز لتوزعها على اولادها الجياع " فأخبره بذلك، أنزعج القائد أيضا... وعندما وصل هليل الى بيتهم، قال له " سيدي هذا بيتنا"، ولما أبصر هليل، عبر الجدار ما يجري داخل البيت، لم يخبر القائد، ترجل مسرعا، دخل بشكل متوتر وعصبي، بعد دقيقة خرج من البيت متعرقا، وهو بحالة التوتر نفسها، أستل المسدس من الحافظة الداخلية، سحب الإقسام ودخل الى البيت مرتعبا، بعد لحظات، سمع الرئيس وهو جالس وراء المقود ، صوت أطلاق النار داخل بيت هليل .