د. سيد شعبان - حلم قرمزي

واجهة المدينة معتمة على غير العادة، حاول عم أيوب أن يتباسط معي؛ كثيرا ما يتحرك في شوارع مدينته التي بهتت معالمها، عاد يتذكر سنوات عمره حيث تسكع في الممرات الخلفية، تطارده شياطين ترتدي أقنعة مزيفة؛ الآن يأوي إلى طاولة الصحف الخشبية، بالقرب من الميدان الأبيض ،حيث يطالع وجوه العابرين صباحا، كتب من كل صنف وعلى الرصيف يحلو له أن يغري الزبائن بابتسامته المعهودة؛ شباب في عمر المستقبل يروادهم حلم ما؛ يعتقد الكثيرون أن عم أيوب أحد الذين يمتلكون أسرار المحروسة المطمورة في سجلات تشبه تلك الصحف اليومية؛ كل يوم يختلس قصاصة من باب الحوادث؛ إنها مثيرة لدرجة أن العدد الأسبوعي ينفد سريعا، من أغرب تلك القصاصة تلك التي أخفاها ليوم ينتظره هؤلاء العابرون إلى ذلك الفضاء الذي يوما سيتسع للواقفين عند بوابة الحلم القرمزي!
حاولت أن أكتشف بعض سره، تهرب مني؛ يظنتي أحد رجال السلطة السريين؛ يدسون أنوفهم في كل شيء؛ هل يبحثون عن تلك القصاصة القرمزية؟
عناوين صحف الصباح باتت مكررة، تمنى لو وجد من يتسلل إلى مكتب رئيس التحرير ساعتها ربما ارتفع توزيع الصحيفة.
لقد شاخت الشوارع والمباني كما تداعت جدرانها، الجميع ينتظر اليوم الذي تضيء واجهاتها باللون القرمزي.
من يا ترى يمتلك خزانة الأوراق المتساقطة ؟
لكن هؤلاء يمضون إلى غاية مجهولة؛ يتسلل عم أيوب إلى وسط الميدان؛ ينثر في عتمة الليل أحبار كلمات قصاصته التي أخفاها، من بين الصحف خايله ذلك العنوان: امتلأت الشوارع بهؤلاء الذين يحملون ضوء القمر، هذه المدينة مراقبة بكاميرات الكترونية؛ يصعب على الناس أن تتسلل إلى الشوارع؛ كل البوابات ممغنطة، ثياب النساء تظهر فتنة لا تقاوم؛ جرى خلفهن عم أيوب نسي اسمه، تشرد كما الكلاب البلدية، امتدت يداه إلى كل شيء؛ فالجوع يبرر لصاحب البطن الضامرة فعل أي شيء...








تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى