لم تقززني رائحتها حين أحملها وأحل جديلتها على كرسي الاستحمام اليومي، لكن تيه نظراتها الشاردة يلسعني: "مين أنت..."، وقد كنت كل سنين عمري أسألها "مين أنا"، ويجيب الصمت القاهر.
الريح في الخارج تعوي وقلبي في الأسى يهوي،
غسلتها وطهرتها ودثرتها بالقماش الأخضر المعطر بماء الزهر والكافور:"مسامحتك... لولاك ما تطهرت أبدا"، نساء البلدة يهمسن حولي "مسكينة... تبكي عليها من كل قلبها".
قبلت يديها التي رسمت تجاعيدهما أجمل قصة وفاء بيننا، وطبعت قبلة طويلة على وسم احتراق يدها حين صنعت لي كعكة ميلادي السابع، التي طلبتها منها كما تفعل أمهات زميلاتي في المدرسة، وقتها تلبستها الحيرة وهي تبحث عن تاريخ ميلاد وهمي، ثم ابتسمت :"لما ينور زهر الليمون رح نحتفل بميلادك كل سنة".
ربطت ساقيها وعرجها الذي تسببت به ظاهر، وكان ذلك حين طلبت منها قطف تفاحة من مزرعة البيك، نظرت إلى التفاحة:"هاي التفاحة سبب كل المصايب، أخرجت آدم من الجنة لكنها اليوم سبب سعادتي"، كنا نجمع زهر الليمون ونصنع منه ال "مازهر"، ونبيعه في المدينة، وما زال فوح ثوبك بيدي حين أمسك به، وأتعثر معك بحصى الطرقات وصوتك الحنون ينادي: "مين يشتري مني مازهر اللي بيخفف القهر".
كلتانا وقعتا في الجب وغمرنا التيه، أنت تركت كل أهلك هناك في الأرض السليبة، لترافقي زوجك إلى هنا، وكلما مروا بخاطرك تبكين حسرة على فرقتهم، وأغرقك التيه حين لم يطرح جذعك فرعا.
حين كنت أتكاسل عن الدراسة تقفين بوجهي بكل حزم: "العلم سلاح"، وكانت فرحتك عارمة حين صدحت بالزغاريد يوم تخرجي من الجامعة، والعبارة التي غدت شعارا لي بين جدران المدرسة:
"حافظي على شرفك وعرضك حتى لا تكون هناك ضحية"
أول صفعة تلقيتها حين تنمرت علي ابنة الجيران
:"أنت أنجبتك حاوية قمامة"، جئتك والدمع يغرقني:"لازم اتحمم حتى تروح ريحة الزبالة عن جلدي"، غسلتيني بدمعك:"أنت ابنتي الجميلة".
وحين اختفي، تبحثين عني والقلق يعصف بك فتجدينني في"العرزال"في جلسة تأمل القطة وهي ترضع صغارها فتمسحين دمعي وتضمينني إلى حضنك: "الأم اللي بتربي"، وكنت أتمنى أن يقف الزمن عند هذه اللحظة، لأغوص في حنان عينيك الذي أعاد لي إنسانيتي التي قتلتها أمي البيولوجية، بعد لحظة شهوة ثم رمتني في الزبالة والحبل السري يلوح بين فخذي ... أفقت من شرودي حين هزتني ابنتي:"أمي وصلت سيارة دفن الموتى لتحمل جدتي إلى مستقرها الأخير".
فاطمة يوسف موسى عبد الرحيم
- أحرزت على المركز الرابع فيموقع "زمرة الأدب الملكية"
الريح في الخارج تعوي وقلبي في الأسى يهوي،
غسلتها وطهرتها ودثرتها بالقماش الأخضر المعطر بماء الزهر والكافور:"مسامحتك... لولاك ما تطهرت أبدا"، نساء البلدة يهمسن حولي "مسكينة... تبكي عليها من كل قلبها".
قبلت يديها التي رسمت تجاعيدهما أجمل قصة وفاء بيننا، وطبعت قبلة طويلة على وسم احتراق يدها حين صنعت لي كعكة ميلادي السابع، التي طلبتها منها كما تفعل أمهات زميلاتي في المدرسة، وقتها تلبستها الحيرة وهي تبحث عن تاريخ ميلاد وهمي، ثم ابتسمت :"لما ينور زهر الليمون رح نحتفل بميلادك كل سنة".
ربطت ساقيها وعرجها الذي تسببت به ظاهر، وكان ذلك حين طلبت منها قطف تفاحة من مزرعة البيك، نظرت إلى التفاحة:"هاي التفاحة سبب كل المصايب، أخرجت آدم من الجنة لكنها اليوم سبب سعادتي"، كنا نجمع زهر الليمون ونصنع منه ال "مازهر"، ونبيعه في المدينة، وما زال فوح ثوبك بيدي حين أمسك به، وأتعثر معك بحصى الطرقات وصوتك الحنون ينادي: "مين يشتري مني مازهر اللي بيخفف القهر".
كلتانا وقعتا في الجب وغمرنا التيه، أنت تركت كل أهلك هناك في الأرض السليبة، لترافقي زوجك إلى هنا، وكلما مروا بخاطرك تبكين حسرة على فرقتهم، وأغرقك التيه حين لم يطرح جذعك فرعا.
حين كنت أتكاسل عن الدراسة تقفين بوجهي بكل حزم: "العلم سلاح"، وكانت فرحتك عارمة حين صدحت بالزغاريد يوم تخرجي من الجامعة، والعبارة التي غدت شعارا لي بين جدران المدرسة:
"حافظي على شرفك وعرضك حتى لا تكون هناك ضحية"
أول صفعة تلقيتها حين تنمرت علي ابنة الجيران
:"أنت أنجبتك حاوية قمامة"، جئتك والدمع يغرقني:"لازم اتحمم حتى تروح ريحة الزبالة عن جلدي"، غسلتيني بدمعك:"أنت ابنتي الجميلة".
وحين اختفي، تبحثين عني والقلق يعصف بك فتجدينني في"العرزال"في جلسة تأمل القطة وهي ترضع صغارها فتمسحين دمعي وتضمينني إلى حضنك: "الأم اللي بتربي"، وكنت أتمنى أن يقف الزمن عند هذه اللحظة، لأغوص في حنان عينيك الذي أعاد لي إنسانيتي التي قتلتها أمي البيولوجية، بعد لحظة شهوة ثم رمتني في الزبالة والحبل السري يلوح بين فخذي ... أفقت من شرودي حين هزتني ابنتي:"أمي وصلت سيارة دفن الموتى لتحمل جدتي إلى مستقرها الأخير".
فاطمة يوسف موسى عبد الرحيم
- أحرزت على المركز الرابع فيموقع "زمرة الأدب الملكية"
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.
www.facebook.com