عمر حمداوي - قراءة مقتضبة : شعر : عبد الرحيم المعيتيق

عبد الرحيم المعيتيق

النص : ( معشوقتي )
*******************

وحيدا
منزو
ممدد
على بساط الكلمات
ملتحف حروفها
دافئ بروعة المعنى
وأسلوب الحياة.
فاضت جوارحي
تفجرت نثرا
اتسعت صدرا
غافلا ما بحولي
تائها بين السطور.
تأخذني
تنقلني
إلى أول مسكة للقلم
إلى أول الفصول.
إلى رحلتي عبرها
إلى لحظات منهل الأبجدية
وأخذ الكلم
هي المعاني وحدها مؤنستي
هي المشاعر برقتها
تملأ مكاني
تنسيني زماني
فالكلمات معشوقتي
والحروف ملامحها
صورتها
زينتها
حقيقتها
بلا زيف
بلا ألوان.
حديثي معها
طويل.
لا مراوغة فيه
أو تضليل.
هي صادقة في كل بوح
فأنا أعلمها وأعلم سرها
ومعا
نسلك السبيل.
وجهتي وجهتها
مهما اختلفنا
أو طال بنا المسير.
لن أفارقها
وإن كان طريقها
من أشواك
أو حرير.

قراءة :
********

موضوع القصيدة شيق وثري فيه حب كبير للكتابة والقراءة ولكن بعض الأحيان يشعر الإنسان بالتعب و بنفاذ الصبر لأن المجتمع لم يعد مهتما بالفكر فقد اهمل الحياة الثقافية وزهد فيها إلى أن بدت كشيء تافه لاقيمة له وانت تعلم ان الجمهور هو الذي يمد الكاتب بالطاقة التي تلزمه ليتمكن من اداء مهامه في ظرف جيد و يشجعه على تحمل المعاناة ومشقة الطريق الطويل الذي يقطعه المتعلم حتى يصير بإمكانه ان يؤدي الرسالة ويبلغ الأمانة ولكن كما قلت لك الإعتراضات على العمل تبطل وتفشل المحاولة وتقلص من هذا الدور البناء في الحياة فترى كثير من البدعين يسقطون في خضم الصحراء ولا يتمكنون من الإستمرار في الميدان الممتلئ ألغاما ومفاجآة من كل نوع إن هي إلا القطيعة بين الثقافة والعلم دورها أن تمنعه وتحد من النور الذي يحب ان يشرق على الناس بهدايتهم إلى الجمال من كل شيئ ويبقى العالم العربي متخلف إلى أبعد الحدود لم يخرج من دائرة الجهل بعد فهو يعيش التخلف بكل أشكاله حتى انك لا تجد من يقرأ وإذا قرأ لايفهم وإذا فهم لايطبق التخلف يقتل روح الإبداع ولا يسمح بالنمو والتوسع هوايته التضييق أكثر على العلوم حتى يخنقها بالتجاهل ظنا منه أن مايقوم به يوافقه الصواب ولا يدري أنه يجانبه وهذا الحال صعب التعايش معه أكبر فساد في الأرض الجهل والله لا يحب الفساد و لا المفسدين .
ولكن تبقى هذه الرغبة التي ذكرتها في قصيدتك حق لا جدال عليه او معارضة من طرفنا إنما اردت أن أعير ما قلته بصدد الموضوع وهو كائن في الواقع نحن نعايشه ولا نستطيع أن نغيره ولا نرى بادرة تستطيع ان تفعل شيئا الدور في مجال التوعية لم يعد
يحرك ساكن لم يعد يقوى لم يعد له أنصار صار يواجه العدمية والغباء المطبق وجميع المحاولات فشلت في تقريب و تحبيب الثقافة إلى القلوب وإلى نفسية الجمهور الذي فقد معنى وجوده و صار يستطيع أن يعيش من دون قراءة بل ويفتخر بذلك على العلن دون شعور بالخجل من نفسه رؤوس فارغة لاتحمل من العلم ذرة رؤوس لا يستفيد منها إلا الحلاق خالية على عروشها خالية من الحكمة رؤوس فقيرة إشباع البطن غايتها ولذلك ساهمت في الوضع المزري الذي نتذمر منه أيما تذمر ونرفضه أيما رفض ونلح على تغييره ولكن الضلال مايزال يسيطر على الوضع كله .
وتبقى محاولة بعث الروح في الجسد الميت من المعجزات التي لا قدرة للإنسان العادي عليها فمهما كتبت بأسلوب جميل مشوق فلن تجد المتذوق الذي يقرأ لك أو لغيرك بعشق وتعطش ونهم الجفاء والإعراض و ما أدراك ما هما فاعلان
حتى المتفوق يقتله النقد الهدام أو الحسد او الكسل الفكري الذي يتصدى له دون دراية ولا إلمام وتكال التهم الجائرة الباطلة حتى للحرية التي بها يحرز التقدم تجد من يتهكم بها ويتهجم عليها منفرا منها غير مرغب فيها وكما هو معلوم من دونها لاقيمة للوجود فبالأحرى صحة الإبداع وومد مساحته المبهرة والمزدهية المزهرة التي يتنافس فيهاالمتنافسون ليظهروا ذكاءهم الحاد و نشاطهم العقلي المتميز وخبرتهم وتجاربهم الحياتية الهادفة إلى تقدم الحياة ورقيها كل هذا الفضل يعود للقراءة التي أشدت وبينت قيمتها وحبك وأعجابك بها وإن لزم الأمر إلى تقديم التضحيات من أجلها
وما شد إنتباهي وأسرني وجعلني أركز وأمعن النظر والتدقيق جيدا في النص هو أن كل سطر في قصيدة منحه الشاعر دورا متعلقا بالقراءة والكتابة استحضر طقسها ولم يفته ولم ينسى منها شيئا ونرى كذلك تعلقه و إرتباطه و امتزاجه الروحي والجسدي بالقراءة والكتابة كانها سارية في دماءه مخالطة له
هذا كله تعبير عن الحب للعلم والواجب المبذول إتجاهه والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك والشاعر أعطى ذاته كلها وما استبقى منها شيئا لذلك جاءت قصيدته متحلية بالجمال الذي يسلب الألباب ويسحر الأبصار وأراه وكأنه يسير فوق بحر من اللغة معتد بإيمانه الراسخ الشامخ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى