د. عبدالله عوبل منذوق - المنطقة العربية بين التبعية والإحتلال الداخلي

كان سقوط المنظومة الإشتراكية في بداية التسعينيات من القرن الماضي ايذانا بدخول الانسانية الى عصر مرحلة جديدة اصطلح على تسميتها بالعولمة.
وفي الواقع فقد بدأت هيمنة الرأسمالية المتوحشة، أي ان الرأسمالية الإمبريالية خلعت لبوسها الليبرالية، وبدأ الاستغلال البشع للموارد، وفتح الحدود امام السلع ورأس المال، ولكنه بدأ متحفظا على تدفق العمالة.وبدأت محاولات فرض أسلوب حياتها على العالم، وبدأ الفلاسفه الغربيون يحدثوننا عن " المجانسة الثقافية" أي ان يصير ماكدونالدس والكوكاكولا نمطا مشتركا لجميع دول العالم وان يتبادل الناس في العالم منظومة القيم الرأسمالية الغربية والغاء الخصوصيات المحليةوالثقافات الوطنية لكي تسود العالم حضارة انسانية واحدة هي الحضارة الغربية.
والواقع ان هذه كانت مجرد افكار يراد فرضها على العالم بفعل نشوة الانتصار على النظام الاشتراكي وإسقاطه.
وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود يتضح ان الشعوب ليست لقمة سائقة تستطيع الدول الغربية ان تبتلعها متى شاءت. كانت ردات الفعل قوية في أمريكا اللاتينية حيث جاء الى السلطة اشتراكيون في عديد من الدول وبدأوا يطبقون إجراءات لتحقيق العدالة الإجتماعية الفكرة الرئيسية للأشتراكية، ورغم معاداة الغرب ودعم القوى الطفيلية والرأسمالية لإسقاط هذه الانظمة الا ان روح المقاومة مازالت قائمة لمشروع الهيمنة الامبريالية على العالم. اما المجانسة الثقافية فلم يتحقق منها شيئا.
ماذا جرى في منطقتنا العربية؟
كانت المنطقة العربية هي الأكثر تأثرا بنظام الأحادية القطبية ، فقد كانت وجود نظامين في العالم يمنح الدول هامش للمناورة ويحافظ على التوازن في العلاقات الدولية. وكان الاتحاد السوفياتي حليفا قويا لبعض الانظمة العربية ، على الرغم من ابتعاد النظم العربية عن التوجهات الاشتراكية ، باستثناء اليمن الحنوبي.
تضررت منطقتنا العربية وتم الاستفراد بالمنطقة وإدخالها في دوامة من التناقضات والصراعات والتوترات ومنها حرب الخليج الاولى وحرب الخليج الثانية والحروب الداخلية، بعد ان بشرتنا كوندليزا رايس بنظرية الفوضى الخلاقة التي صممت لمنطقتنا فقط.ولا داعي للخوض في لماذا منطقتنا، فهنا توجد معظم مصالح العالم الغربي وهذا كاف لتوجيه السياسات الامبريالية نحو اعادة هندسة المنطقة اجتماعيا وتقاسم مناطق النفوذ كما يحدث اليوم.
من الواضح ان المدى الزمني لاتفاقية سايس بيكو قد انتهى، وان دولا جديدة قد انضمت الى نادي الكبار وان مصالح جديدة قد نشأت
وان الصراع على الطاقة وشبكات نقلها والمياه هي من القضايا التي يجري حولها صراع، وان القطبية الثنائية "الغرب من ناحية وروسيا والصين من ناحية أخرى" تتبلور تدريجيا وان لم تكن قد وصلت الى مرحلة التوازن الاستراتيجي
لقد شاخت النظم العربية وحكامها ألدين تولوا الحكم بعد التحرر من الاستعمار في الستينيات من القرن العشرين والذين حولوا الحكم الى ملك عضوض وسلطات مطلقة للحاكم ، في ظل تدهور الحياة المعيشية والخدمات واستقطاب اجتماعي حاد وزيادة الفقر والبطالة ، وكلها عوامل قادت الى الثورة ابتداء من البوعزيزي في تونس حتى ثورات الجزائر والسودان.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى