هذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها إلى هذا المطعم
لقد سمع عن وجباته اللذيذة والأهم خدمته التي أشاد بها كل من ارتاده من أصدقائه ومعارفه .. فعزم خوض التجربة بناءً على أرائهم وأعتمادًا على ثقته بهم
ولكنه الآن وجد ميزة جديدة فيه جعلته يتأكد في إنه لن يندم على اختياره ..
اللوحات المعلقة على الجدران البيضاء وأصص النباتات المختلفة التي زينتْ بها زوايا المكان والموسيقى الهادئة.. كل هذه الأشياء فجرتْ داخله إحساسًا مثيرًا ونادرًا للغاية
وقف وسط المطعم محتارًا كعادته في مثل هذه المواقف .. يبحثُ عن مكانٍ مناسبٍ
فكر في طلب مساعدة النادل .. إلا أن سماع اسمه جعله يتلفت ليرى مصدر الصوت
الصوت قادم من رجل يجلس على طاولة قرب النافذة .. لم يحتج سوى ثوانٍ ليلبي الندا.. فالرجل هو زميل له من أيام الجامعة ٠٠ لكن اخباره انقطعت بانتهاء الدراسة
شعرَ بلمسات برد لكنها لذيذة ومنعشة تسللت إليه من النافذة الكبيرة ٠٠ حلقت به لأيام الدراسة الرائعة حين تبادل هو وزميله ذكريات تلك الأيام
حسد في سره الصديق على حُسن اختياره وتمنى لو إن له تلك المقدرة على رصد الأشياء الجميلة دون الوقوع في الحيرة والتردد
تنفس الصعداء بعد أن ترك أمر اختيار وجبة الطعام لهذا الصديق عندما أبدى حيرته إزاء الأصناف الكثيرة التي وضعت أمامه في القائمة
- هل تزوجت ؟؟
سؤال الصديق غير ألوانه وجعله يبدو كحديقة متساقطة الأوراق وقت الخريف
بث في داخله رغبة للهرب لكنه لجم تلك الرغبة ليرسم ابتسامة تهكم وعيناه تقول ليتني لم أفعل
- نعم .. تزوجت
- وكيف هي زوجتك ؟ هل ما زالتْ جميلة كما كانت أيام الجامعة؟
السؤال الثاني كان كالرصاصة التي يتلقاها حصان هزيل .. يترنح بينما العالم ماثل أمامه
- لا !! تزوجتُ من إحدى قريبات أمي والتي نالتْ موافقة الجميع
استدار نحو النافذة .. تقافزت الذكريات أمامه واعتراه طوفان من الأفكار التي عادت من بعيد
الصمت الذي ساد بينهما منحه وقتًا لأسترداد أنفاسه وانتظامها داخله
ذكرى حبيبته تمنح الضباب سببًا ليهبط فيرى نفسه على حقيقتها .. أحرق بيده الحب داخل قلبه لكن البرد تمكن من عظامه .. فالحب المحترق لايدفأ بل يمنح مزيدًا من الرماد .. حانت منه إلتفاتة ثانية صوب النافذة
ثمة قطة مختبئة خلف شجرة
- لابأس
بهذه الكلمة ختم الصديق حديث الشجون قبل أن يضع في فمه قطعة لحم صغيرة ليعرض عليه أن يعملا معًا
ظل يحدق في طبق الطعام أمامه
- أنا لا أعمل في الهندسة !!
- وكيف ذلك ؟ ألم نتخرج معًا في نفس القسم على ما أتذكر ؟؟
شعر بالأسى ينبعث من صلب الكلمات المحترقة في جوفه ..
- نعم .. لكن والدي ارتأى العمل معه .. لم يترك لي خيارًا آخر
الصمت هذه المرة كان متفقًا عليه من الاثنين .. شعرا أن الأرض قد امتلئتْ بالكلمات المتساقطة الصفراء التي لا طائل منها
- كيف وجدتَ الطعام ؟؟
عرف أن هذا السؤال ما هو إلا محاولة من الصديق للخروج من هذا النفق الذي دخلا فيه دون رغبتهما .. وحين لم يجب على السؤال .. عاود الصديق سؤاله :
- كيف تمضي وقتك ؟
- أعصرهُ بين أسناني
قالها كأنه يحدث نفسه
نظر إلى أقفاص العصافير التي وضعت عند المدخل .. شعر كأنها مرآة تعكس حياته .. لاتستخدم إلا لتزيين المكان وإشاعة روح السلام والراحة لمن ينظر إليها وهذا هو أكبر إنجاز لها
- هل لازالتْ لوحاتك زاهية الألوان ؟؟ كنتَ رسامًا بارعًا .. كنت تحلم بإقامة معرض للوحاتك
- لم أعد أحلمُ بشيء
- الواقع يا صديقي يرسم لك الحدود أما الأحلام فتمنحك الحرية .. لقد أغلقتْ عليك بابًا من أبواب الحياة
شعر كأنه يلاحق القطارات .. وعند كل محطة يبدأ بالترنح حين يشعر بأن هذه المدينة ليست هي التي يروم المكوث فيها
- لم أكن أملك زمام الأمور .. كان عليّ اختيار ما يناسبني
- والحرية ياصديقي خيار من تلك الخيارات
بينما أخذ يفكر بكلمات الصديق
راحت عيناه تحدقان عبر النافذة
••••••• فوز حمزة ••••••••
لقد سمع عن وجباته اللذيذة والأهم خدمته التي أشاد بها كل من ارتاده من أصدقائه ومعارفه .. فعزم خوض التجربة بناءً على أرائهم وأعتمادًا على ثقته بهم
ولكنه الآن وجد ميزة جديدة فيه جعلته يتأكد في إنه لن يندم على اختياره ..
اللوحات المعلقة على الجدران البيضاء وأصص النباتات المختلفة التي زينتْ بها زوايا المكان والموسيقى الهادئة.. كل هذه الأشياء فجرتْ داخله إحساسًا مثيرًا ونادرًا للغاية
وقف وسط المطعم محتارًا كعادته في مثل هذه المواقف .. يبحثُ عن مكانٍ مناسبٍ
فكر في طلب مساعدة النادل .. إلا أن سماع اسمه جعله يتلفت ليرى مصدر الصوت
الصوت قادم من رجل يجلس على طاولة قرب النافذة .. لم يحتج سوى ثوانٍ ليلبي الندا.. فالرجل هو زميل له من أيام الجامعة ٠٠ لكن اخباره انقطعت بانتهاء الدراسة
شعرَ بلمسات برد لكنها لذيذة ومنعشة تسللت إليه من النافذة الكبيرة ٠٠ حلقت به لأيام الدراسة الرائعة حين تبادل هو وزميله ذكريات تلك الأيام
حسد في سره الصديق على حُسن اختياره وتمنى لو إن له تلك المقدرة على رصد الأشياء الجميلة دون الوقوع في الحيرة والتردد
تنفس الصعداء بعد أن ترك أمر اختيار وجبة الطعام لهذا الصديق عندما أبدى حيرته إزاء الأصناف الكثيرة التي وضعت أمامه في القائمة
- هل تزوجت ؟؟
سؤال الصديق غير ألوانه وجعله يبدو كحديقة متساقطة الأوراق وقت الخريف
بث في داخله رغبة للهرب لكنه لجم تلك الرغبة ليرسم ابتسامة تهكم وعيناه تقول ليتني لم أفعل
- نعم .. تزوجت
- وكيف هي زوجتك ؟ هل ما زالتْ جميلة كما كانت أيام الجامعة؟
السؤال الثاني كان كالرصاصة التي يتلقاها حصان هزيل .. يترنح بينما العالم ماثل أمامه
- لا !! تزوجتُ من إحدى قريبات أمي والتي نالتْ موافقة الجميع
استدار نحو النافذة .. تقافزت الذكريات أمامه واعتراه طوفان من الأفكار التي عادت من بعيد
الصمت الذي ساد بينهما منحه وقتًا لأسترداد أنفاسه وانتظامها داخله
ذكرى حبيبته تمنح الضباب سببًا ليهبط فيرى نفسه على حقيقتها .. أحرق بيده الحب داخل قلبه لكن البرد تمكن من عظامه .. فالحب المحترق لايدفأ بل يمنح مزيدًا من الرماد .. حانت منه إلتفاتة ثانية صوب النافذة
ثمة قطة مختبئة خلف شجرة
- لابأس
بهذه الكلمة ختم الصديق حديث الشجون قبل أن يضع في فمه قطعة لحم صغيرة ليعرض عليه أن يعملا معًا
ظل يحدق في طبق الطعام أمامه
- أنا لا أعمل في الهندسة !!
- وكيف ذلك ؟ ألم نتخرج معًا في نفس القسم على ما أتذكر ؟؟
شعر بالأسى ينبعث من صلب الكلمات المحترقة في جوفه ..
- نعم .. لكن والدي ارتأى العمل معه .. لم يترك لي خيارًا آخر
الصمت هذه المرة كان متفقًا عليه من الاثنين .. شعرا أن الأرض قد امتلئتْ بالكلمات المتساقطة الصفراء التي لا طائل منها
- كيف وجدتَ الطعام ؟؟
عرف أن هذا السؤال ما هو إلا محاولة من الصديق للخروج من هذا النفق الذي دخلا فيه دون رغبتهما .. وحين لم يجب على السؤال .. عاود الصديق سؤاله :
- كيف تمضي وقتك ؟
- أعصرهُ بين أسناني
قالها كأنه يحدث نفسه
نظر إلى أقفاص العصافير التي وضعت عند المدخل .. شعر كأنها مرآة تعكس حياته .. لاتستخدم إلا لتزيين المكان وإشاعة روح السلام والراحة لمن ينظر إليها وهذا هو أكبر إنجاز لها
- هل لازالتْ لوحاتك زاهية الألوان ؟؟ كنتَ رسامًا بارعًا .. كنت تحلم بإقامة معرض للوحاتك
- لم أعد أحلمُ بشيء
- الواقع يا صديقي يرسم لك الحدود أما الأحلام فتمنحك الحرية .. لقد أغلقتْ عليك بابًا من أبواب الحياة
شعر كأنه يلاحق القطارات .. وعند كل محطة يبدأ بالترنح حين يشعر بأن هذه المدينة ليست هي التي يروم المكوث فيها
- لم أكن أملك زمام الأمور .. كان عليّ اختيار ما يناسبني
- والحرية ياصديقي خيار من تلك الخيارات
بينما أخذ يفكر بكلمات الصديق
راحت عيناه تحدقان عبر النافذة
••••••• فوز حمزة ••••••••
فوز حمزة
فوز حمزة is on Facebook. Join Facebook to connect with فوز حمزة and others you may know. Facebook gives people the power to share and makes the world more open and connected.
www.facebook.com