أبووردة السعدني - بربروسا

... لقب كانت ترتعد -- لمجرد ذكره -- فرائص أباطرة أوربا وملوكها في النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي ....
...وهو لقب أطلقه الأوربيون -- بمعنى أصحاب اللحى الحمراء --على أخوين مسلمين مجاهدين بحريين من جزيرة ميديللي Midilli اليونانية - كانت تابعة للدولة العثمانية -- ، الأكبر يدعى : عروج ، والأصغر يدعى : خضر ويكنى : خير الدين .
... كانا مولعين بركوب البحر ، سيطرا على مياه البحر الأبيض المتوسط أربعة عقود تقريبا ، قيضهما الله لإنقاذ عشرات الآلاف من الأندلسيين من المحارق والمجازر والإبادة التي اشتط حكام اسبانيا في ارتكابها ضد المسلمين ، كما تمكنا من تحرير الجزائر - ثم تونس - من الاحتلال الأسباني وضمهما إلى حكم الدولة العثمانية ...
... كان الأخ الأكبر " عروج " يستعد للزواج ، إذ به يرى - في نومه - شيخا ذا لحية بيضاء يقول له : توجه إلى الغرب فإن الله قد كتب لك هناك كثيرا من العز والغزو والشرف ، فآثر الجهاد البحري على الزواج ، وركب البحر - يرافقه أخوه خير الدين -- يجاهدان في سبيل الله ، فينقذان آلافا لا تحصى من مسلمي الأندلس ، ينقلونهم -- في سفنهم -- إلى السواحل الجزائرية ، ويخوضان المعارك البحرية الشديدة الضراوة ضد مدن وأساطيل الدول الأوبية التى كان أقوى أباطرتها - في تلك الآونة -- " شارل الخامس " ملك أسبانيا وإمبراطور الدولة الرومانية المقدسة - ت1558 م - ...
... أقض جهاد "عروج" وأخيه مضاجع شارل الخامس لدرجة أنه كان يتمني أن تتمكن أساطيله من أسر عروج ليقتله بيديه ، على الرغم من أن عروج كان يجاهد بذراع واحدة ، إذ فقد يسراه في إحدى المعارك ، وقد تحقق لشارل الخامس بعض ما تمنى ' حيث ظفر " عروج " بالشهادة أمام مدينة تلمسان الجزائرية -- سنة 1518 م -- بعد أن أبلى بلاء حسنا لتحريرها من الاحتلال الأسباني ، فقطعوا رأسه وأرسلوها إلى الإمبراطور كي يشفي غيظه !!
..... لكن أنى له ذلك !!...
فلقد تولى القيادة خير الدين ، وأنزل بشارل الخامس وغيره من ملوك أوربا هزائم متلاحقة حتى تخضبت مياه البحر المتوسط بدمائهم ، كانت صيحات بحارته وقت احتدام القتال "... الله... الله... " تنخلع --لقوتها -- قلوب الأوروبيين ، وواصل إنقاذ المسلمين الأندلسيين ونقلهم إلى الساحل الإفريقي ، فصار جهاده " أسطورة " تثير الرعب والفزع في قلوب الأوربيين ، ووصموه ب " القرصان " و " الشيطان الضارب " و " الكافر الضارب " !!
... توجه خير الدين إلى العاصمة العثمانية -- تلبية لاستدعاء السلطان سليمان القانوني -- ، أبحر إليها بسفن محملة بالتحف والهدايا والغنائم التي تجل عن الحصر ، فعينه القانوني " بايلرباي الجزائر " - أي حاكما على الجزائر - ، كما عينه قائدا عاما للأسطول العثماني في البحر المتوسط برتبة " قبطان داريا " ...
.... واصل خير الدين بربروسا جهاده البحري حتي تحول بحر الروم إلى " بحيرة إسلامية " بعد أن ألحق بتحالف صليبي هزيمة مدوية في معركة دارت رحاها في خليج " بروزة " سنة 1538 م ، فعقد العزم على مواصلة الجهاد ومطاردة الأسبان في العالم الجديد -- الأمريكيتين - لكن الصدر الأعظم رفض الإذن له بذلك !!
.... تحلى الأخوان بربروسا بحب الخير ، فكانا ينفقان معظم غنائمهم في وجوه الخير والبر ، ونعمت الجزائر في عهد خير الدين بالأمن والرخاء ، وكان يردد : أنه شهد ثلاثة من إخوته يحظون بالشهادة ، وأنهم أفضل منه عند الله !! ....
.... ظل خير الدين سيدا على مياه البحر الأبيض المتوسط ، إلى أن لقي ربه راضيا مرضيا سنة 953 /1546. ...



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى